تاريخ ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية

تحقيقات :الوعي الإسلامي :الثلاثاء 15رجب 1425هـ – 31 أغسطس 2004
الموضوع منشور على الموقع التالي : www.moroccanmp3.com/modules.php
ترجمة القرآن الكريم إلى اللاتينية فيها من الحذف والإضافة والتصرف بحرية ما جعل هذه الترجمة لا تشتمل على أي تشابه مع الأصل.
جذب القرآن الكريم بطريقته المثلى في عرض عقيدته وشريعته، وبأسلوبه المتفرد في صياغة أفكاره ومبادئه، اهتمام كثير من الأوروبيين وبخاصة القساوسة والرهبان، فدعوا إلى ترجمته أولاً قبل دراسته ومنافحته بعد ذلك، والذي يفسر لنا ذلك كله، أن أول من دعا إلى ترجمة القرآن الكريم هو الراهب \’بيتر المحترم\’ رئيس دير \’كولني\’ في فرنسا سنة 1143م، وأن اللذين قاما بهذه الترجمة هما الراهبان \’روبرت\’ و\’هرمان\’.
يقول \’محمد صالح البنداق\’: \’أول ترجمة للقرآن الكريم باللغات الأوروبية كانت باللاتينية، وقد تمت بإيعاز وإشراف رئيس دير \’كلوني\’ في جنوب فرنسا الراهب \’بطرس المبجل\’، وهذا اسمه وكان ذلك سنة 1143م، وعلى يد راهب إنجليزي يدعى \’روبرت الرتيني\’ وراهب ألماني يدعى \’هرمان\’.
جاء في خطاب \’بيتر المحترم\’ إلى القديس \’برنار\’، ما يلي: \’قابلت روبرت وصديقه هرمان الدلماطي العام 1141م، بالقرب من \’الأبر\’ في إسبانيا وقد صرفتهما عن علم الفلك إلى ترجمة ا لقرآن باللاتينية، فأتماها سنة 1143م، وكانت أو ل ترجمة للقرآن استعانا فيها باثنين من العرب\’.

والمثير للاستغراب، أن الدوائر الكنسية منعت طبع هذه الترجمة وإخراجها إلى الوجود، لأن إخراجها من شأنه أن يساعد على انتشار الإسلام بدلاً من أن يخدم الهدف الذي سعت إليه الكنيسة أصلاً وهو محاربة الإسلام، يقول G.H Bousquet: \’منذ سنة 1141م، اجتمع رجال الدين بإيعاز من \’بيتر المحترم\’ رئيس \’دير كلوني\’ لترجمة القرآن إلى اللاتينية، بقصد محاربة الإسلام\’.
وظلت هذه الترجمة مخطوطة في نسخ عدة، تتداول في الأديرة مدة أربعة قرون فقط إلى أن قام \’ثيودور بيبلياندر\’ بطبعها في مدينة \’بال\’ في سويسرا في 11 يناير سنة 1543م، وسميت هذه الترجمة ترجمة \’بيبلياندر\’ وتميزت بمقدمة لـ\’مارتن لوثر\’ و\’فيليب ميلانختون\’، تحدث عنها \’جورج سال\’ قائلاً: \’إن ما نشره \’بيبلياندر\’ في اللاتينية زاعمًا بأنها ترجمة للقرآن الكريم لا تستحق اسم ترجمة ، فالأخطاء اللانهائية والحذف والإضافة والتصرف بحرية شديدة في مواضع عدة يصعب حصرها يجعل هذه الترجمة لا تشتمل على أي تشابه مع الأصل\’.
وهذه شهادة أخرى على فساد هذه الترجمة ننقلها عن أحد المستشرقين البارزين في مجال الدراسات القرآنية، هو المستشرق الفرنسي \’بلاشير\’، الذي يقول: \’لا تبدو الترجمة الطليطلية للقرآن بوجه من الوجوه ترجمة أمينة وكاملة للنص\’. ومع ذلك، شكلت هذه الترجمة النواة الأولى لباقي الترجمات الأوروبية الأخرى للقرآن الكريم. بل مارست عليها تأثيرًا قويًا إلى درجة الاقتباس منها والسير على منهجها.

ثم توالت الترجمات القرآنية إلى اللغات الأوروبية بعد ذلك في الظهور:
حيث ظهرت أول ترجمة للقرآن الكريم باللغة الفرنسية سنة 1647م، على يد \’أندري دي ريور\’ وقد كان لهذه الترجمة صدى كبيرًا لفترة طويلة من الزمن، حيث أعيد طبعها مرات عدة وترجمت إلى مختلف اللغات الأوروبية، يقول J.D Pearson: \’إن الترجمة الفرنسية القديمة جدًا، هي ترجمة \’أندري دي ريور\’، طبعت كثيرًا بين الأعوام 1647م،و 1775م، وكانت كلها تحتوي على مختصر لديانة الأتراك!! وبعض المستندات، وقد نتج من هذا العمل أول ترجمة للقرآن إلى الإنجليزية بوساطة \’ألكسندر روس\’ وكانت أيضًا للأب Le Pere ترجمات أخرى إلى الهولندية بوساطة \’جلازماخر\’ وإلى الألمانية بوساطة \’لانج\’، وإلى الروسية بوساطة \’بستنكوف\’ و\’فريفكين\’. وفي القرن السابع عشر، عملت ترجمة من العربية مباشرة إلى اللاتينية للإيطالي \’مركي\’ سنة 1698م، وتعتبر هذه الترجمة عمدة كثير من الترجمات الحالية، في كتاب lslamologie وكانت كما يلي: \’في العام 1698نشر \’لودفيك مركي\’. بعد أكثر من أربعين سنة من دراسته للقرآن، ولمختلف المفسرين المسلمين ـ النص العربي للقرآن مصحوبًا بترجمة لاتينية وجيزة جدًا وبنقط وردود، وقد كان هذا المؤلف مصدرًا لكثير من المترجمين الحاليين الذين أخذوا منه أهم المواد\’.
واعتبر \’هنري لامنز\’ هذه الترجمة أكثر الترجمات إنصافًا للقرآن الكريم، ومرجع كثير من المترجمين الأوروبيين، غير أنهم لا يشيرون إليها في معظم الأحيان، والنتيجة كما يقول \’لا مينز\’: \’إننا لا نملك ترجمة وحيدة للقرآن لا عيب فيها وأكثرها إنصافًا هي الترجمة اللاتينية القديمة لـ\’مركي\’ \’1691 ـ1698م\’ والتي تستند إليها جميع التراجم اللاحقة، من غير اعتراف في أكثر الأحيان\’. وفي القرن الثامن عشر، ظهرت ترجمات أنجزت أيضًا على أصل عربي، حيث نشر الإنجليزي \’جورج سال\’، ترجمة مباشرة من العربية إلى الإنجليزية سنة 1734م زعم في مقدمتها أن القرآن إنما هو من اختراع \’محمد\’ [صلى الله عليه وآله وسلم] ومن تأليفه وأن ذلك أمر لا يقبل الجدل، ونشر الفرنسي \’سافاري\’ ترجمة مباشرة إلى الفرنسية سنة 1751م \’حظيت بشرف نشرها في مكة سنة 1165هـ\’، وإن كان \’إدوارد مونتيه\’ E.montet يقول: \’إنه رغم أن ترجمة \’سافاري\’ طبعت مرات عدة، وأنيقة جدًا، لكن دقتها نسبية\’.
وفي سنة 1840م ظهرت إلى الوجود ترجمة \’كزيمرسكي\’، التي تعتبر ـ مقارنة مع ترجمة \’سافاري\’ أكثر عراقة واستعمالاً. رغم عوزها بعض الأمانة العلمية وفهم البلاغة العربية يقول \’مونتيه\’ عن هذه الترجمة: \’لا يسعنا إلا الثناء عليها، فهي منتشرة كثيرًا في الدول الناطقة بالفرنسية\’.
وفي سنة 1925م ظهرت ترجمة \’إدوارد مونتيه\’ التي امتازت بالضبط والدقة، والتي تحدث عنها الأستاذ \’محمد فؤاد عبد الباقي\’ بما نصه \’كنت طالعت في مجلة المنار مقالاً للأمير \’شكيب أرسلان\’ عن ترجمة فرنسية حديثة للقرآن الكريم وضعها الأستاذ: \’إدوارد مونتيه\’ ـ وقد قال عنها: إنها أدق الترجمات التي ظهرت حتى الآن وقد نقل عنها إلى العربية مقدمة هذه الترجمة، وهي في تاريخ القرآن وتاريخ سيدنا رسول الله، وقد نشرت في المنار، فاقتنيت هذه الترجمة فوجدتها قد أوفت على الغاية في الدقة والعناية وقد ذيلها المترجم بفهرس لمواد القرآن المفصل أتم تفصيل.
وفي العام 1949م، ظهرت ترجمة \’بلاشير\’، التي توجد السور فيها مرتبة حسب التسلسل التاريخي، يقول الدكتور صبحي الصالح\’ يرحمه الله: \’تظل ترجمة \’بلاشير\’ للقرآن في نظرنا أدق الترجمات، للروح العلمية التي تسودها لا يغض من قيمتها إلا الترتيب الزمني للسور القرآنية.

وأهم ما يميز هذه الترجمة استعمال \’بلاشير\’ أساليب مطبعية مناسبة، وإرفاق نص الترجمة ببعض التعاليق والبيانات، وكثيرًا ما يورد للآية الواحدة ترجمتين يبين في إحداهن المعنى الرمزي، وفي الثانية المعنى الإيحائي، وغالبًا ما يميل إلى المعنى الإيحائي، وهذا ما جعلها أكثر الترجمات الفرنسية انتشارًا وطلبًا، جاء في كتاب lslamologie: إن المطلوب \’من مجموع هذه الترجمات، ما هو لـ\’بيل\’ الإنجليزي، ولـ\’بلاشير\’ الفرنسي ولـ\’بوسني\’ الإيطالي\’.

ويبدو أن لـ\’جاك بيرك\’ رأيًا مخالفًا حول هذه الترجمة، إذ يقول : ترجمة \’بلاشير\’ لها مزاياها، فهو رجل من أفضل المستشرقين الأوربيين إطلاعًا وضلاعة في قواعد اللغة العربية وآدابها، ولكن من نواقصه أنه كان علمانيًا. أي أنه لم يكن قادرًا على تذوق المضمون الروحي للقرآن وأبعاده الصوفية، ولا شك أن \’بلاشير\’ هو أستاذ عظيم فذ، فقد كان أستاذًا لي وصديقًا كبيرًا، ولكننا لو تكلمنا كعلماء بعيدًا عن العلاقات الخاصة، فإنني أقول: \’إن ترجمته للقرآن ـ على الرغم من مزاياها ـ فإن لها نواقصها، ولكنها تبقى من أفضل الترجمات الفرنسية للقرآن\’.

ومع مرور الوقت ـ كما يقول Bousquet ـ لم تلق الترجمات الجديدة للقرآن الكريم في فرنسا الاهتمام بنفسه. رغم ظهور ترجمات كثيرة غمرت السوق الفرنسية في السنوات الأخيرة. إلى أن صدرت في العالم 1990م ترجمة \’جاك بيرك\’ التي استغرق في إنجازها ثمان سنوات من العمل المتواصل، استعان فيها بعشرة تفاسير أولها تفسير \’الطبري\’، وتفسير \’الزمخشري\’ من التفاسير القديمة، وتفسير \’محمد جمال الدين القاسمي\’ من التفاسير الحديثة، وأهم ما ميز هذه الترجمة تلك المقدمة التي خصها \’بيرك\’ لتحليل النص القرآني ومميزاته ومضامينه والخصوصيات التي يتمتع بها، لكن بالرغم مما أحدثته هذه الترجمة من ضجة كبيرة في الأوساط الفرنسية، واعتبرت حينها حدثًا ثقافيًا بارزًا، فإن صاحبها يرى أن عمله الترجمي لن يصل إلى مرحلة الكمال، وإنما سيكون موجهًا إلى المسلمين الذين لا يحسنون اللغة العربية، ويحسنون اللغة الفرنسية.
وبالرجوع إلى تاريخ الترجمات الفرنسية للقرآن الكريم، يتضح لنا أنها مرت بثلاث مراحل رئيسة هي:
1ـ مرحلة الترجمة من اللاتينية إلى اللغة الفرنسية.
2ـ مرحلة الترجمة من اللغة العربية مباشرة إلى اللغة الفرنسية، وهذا مسلك نهجه كثير من المستشرقين الفرنسيين في ترجماتهم للقرآن في القرن العشرين أمثال \’بلاشير\’ و\’بيرك\’.
3ـ مرحلة دخول المسلمين ميدان الترجمة إلى اللغة الفرنسية، مثل ترجمة الجزائريين \’لايمش\’ و\’ابن داود\’، والتي كانت ـ كما يقول BousQuet ـ بأسلوب بليغ وعجيب. وترجمة \’أحمد يتحاني\’ العام 1936م، وترجمة \’حميد الله\’ سنة 1959م، وترجمة الدكتور صبحي الصالح يرحمه الله سنة 1979م. وفي سنة 1966م، ظهرت ترجمة المستشرق الألماني \’رودي بارت\’، وتعتبر أحسن ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الألمانية، بل باللغات الأوروبية عمومًا، وقد حرص صاحبها على أن يكون عمله علميًا وأقرب ما يكون من الدقة والأمانة في نقل المعاني القرآني من العربية إلى الألمانية حتى إنه حينما تعترضه كلمة يشكل عليها فهمها على الوجه المقصود، أو لا يطمئن إلى قدرته على تحديد معناها باللغة الألمانية، فإنه يثبتها بنصها العربي كما وردت في الآية الكريمة، ولكن بالحروف اللاتينية ليفسح المجال أمام القارئ لأن يتوصل بنفسه إلى إعطائها المعنى الذي يراه ملائمًا لسياق الكلام دون أن يفرض عليه وجهة نظره الشخصية.
هذه أهم الترجمات القرآنية إلى اللغات الأوروبية المختلفة، وهناك ترجمات أخرى كثيرة لا يتسع لنا المقام لذكرها كلها، لكن للمزيد من التوسع في هذا المجال يستحسن الرجوع إلى كتاب \’شوفان\’.
ملاحظات عامة على الترجمات الأوروبية للقرآن الكريم
إن المطلع على قائمة الترجمات القرآنية إلى اللغات الأوروبية، يمكن أن يقف على ملاحظات عدة، نرى من الضروري أن نسجل بعضًا مما تبدى لنا منها:
الملاحظة الأولى: لقد كانت الترجمة اللاتينية الأولى للقرآن الكريم، الشرارة الأولى التي فجرت كمًا هائلاً من الترجمات بمختلف اللغات الأوروبية، حيث استمدت منها أصولها ونهجها، فظهرت الترجمة الإيطالية أولاً سنة 1547م أي بعد أربع سنوات فقط من ظهور الترجمة اللاتينية الأولى إلى الوجود، وبعدها بتسع وستين سنة ظهرت الترجمة الألمانية سنة 1616م وهلم جرا.
الملاحظة الثانية: أن المدارس الاستشراقية الكبرى التي كان لها الشأن الكبير في مجال الدراسات القرآنية, نجدها تبرز بشكل واضح في مجال الترجمة القرآنية, كالمدرسة الألمانية, والفرنسية، والإنكليزية، والإيطالية، والهولندية.
الملاحظة الثالثة: اختفاء أسماء كثير من المستشرقين من ذوي الحظ الوافر في الدراسات الموضوعية للقرآن، عن ترجمة القرآن الكريم إلى لغاتهم، كالمستشرق الألماني \’تيودور نولدكه\’ و\’فلوجل\’ و\’براجشترسر\’، مع احتفاظ مستشرقين آخرين بمكانتهم وحظهم الوافر في ميدان ترجمة القرآن مثل \’بلاشير\’، في حين برزت أسماء أخرى مثل الإيطالي \’جيوفاني بانزير\’، والألماني \’أولمان لودفيج\’، والهولندي \’جلازماخر\’، والفرنسي \’دي ريور\’ والإنجليزي \’جورج سال\’.
الملاحظة الرابعة: مشاركة بعض المسلمين في ترجمة القرآن إلى اللغات الأوروبية المختلفة، مثل \’حميد الله\’ الذي ترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية، و\’صدر الدين\’ الذي ترجم القرآن إلى الألمانية، و\’أحمد علي أمير\’ الذي ترجم القرآن إلى الإنكليزية.
الملاحظة الخامسة: هناك ترجمات أوروبية، اعتمد فيها أصحابها الترتيب الزمني للسور مثل ترجمة الفرنسي \’بلاشير\’ والإنجليزي \’روديل\’ سنة 1861م.
الملاحظة السادسة: عمد بعض المستشرقين في ترجماتهم للقرآن الكريم إلى وضع مقدمات منهجية لترجماتهم وتفسير بعض الألفاظ القرآنية، مثل ما فعل \’أربري\’ و\’بلاشير\’ و\’كزيمر سكي\’ و\’بيرك\’.
الملاحظة السابعة: تتناثر بعض الترجمات الجزئية إلى جانب الترجمات الكاملة للقرآن، مثل ترجمة المستشرق السويدي \’سترستين\’ الذي ترجم فصولاً عدة من القرآن إلى الإسبانية ونشرها في مجلة العالم الشرقي سنة 1911م، وترجمة المستشرق الدنماركي \’بول\’ الذي نقل أجزاء عدة من القرآن إلى الدنماركية أظهر فيها سعة وإطلاع على الإسلام.
الملاحظة الثامنة: صدور بعض الترجمات بأسماء مستعارة مثل الترجمة الإسبانية التي صدرت الطبعة الأولى منها بقلم OBB، وصدرت الطبعة الثانية بقلم JBB، وأخيرًا صدرت في الطبعتين الثالثة والرابعة بقلم JBBO.
الملاحظة العاشرة: أن الظاهرة الغالبة على الترجمات القرآنية، أن أصحابها كثيرًا ما يصدرونها بالكلام عن تاريخ القرآن، ومصادره وموضوعاته وأحيانًا بالكلام عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل ترجمة بلاشير\’ و\’إدوارد مونتيه\’.
الملاحظة الحادية عشر: أن الترجمات الأوروبية للقرآن الكريم، كانت من قبل مترجمين يحسنون اللغة التي ترجموا إليها أكثر من اللغة العربية، أو العكس، ولذلك كانت تلك الترجمات الأوروبية معرضة للخلل والنواقص الكثيرة.
الملاحظة الثانية عشرة: أن القرآن الكريم ترجم إلى أكثر من مائة [مرة] إلى لغة أوروبية تتوزع على الشكل التالي: 57 ترجمة إلى الإنكليزية و42 ترجمة إلى الألمانية، و33 ترجمة إلى الفرنسية.
الملاحظة الثالثة عشرة: [هناك] إعادة نشر وطبع ترجمات معينة طبعات عدة، خصوصًا تلك التي سادتها الضغينة وكثر فيها التحريف.
والنتيجة ـ كما قال \’لامينز\’ ـ \’إننا لا نملك ترجمة جيدة للقرآن لا عيب فيه.

 

(ملاحظة من أحمد معاذ الخطيب : زرت هولاندا عام 1992 ووجدت مسجداً بطراز عثماني جميل في مدينة لاهاي فدخلت لأصلي فيه ففوجئت بعشرات الصناديق الكرتونية وعليها لاصقات بأنها ترجمة لمعاني القرآن الكريم بلغات عديدة كان منها على ما أذكر لغة لبلاد التبت الواقعة في شمال الصين! وترجمة بالهولاندية وغيرها ، وعلمت أن ذلك المركز تابع للحركة القاديانية!! ثم أخبرني أحد الباحثين وقتها أنه لايوجد أي ترجمة إلى اللغة الهولندية عدا الترجمة القاديانية! والمسلمون مضطرون إليها! فتأمل يرحمك الله التقصير الشديد ، والآن ظهرت فيما أظن ترجمات أوثق ، ولكن يبقى الجميع مدعوون إلى البذل السخي بالمال والوقت من أجل شرح الإسلام!).

كُتب في ركن الدعوة | التعليقات على تاريخ ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية مغلقة

دمعة محب

أرسل لنا الأستاذ غزوان المصري حفظه الله تذكرة لطيفة تحرك القلوب :

 

تذكرة لطيفة :

قال أحد الحكماء:

ما رأيت أبخل من ثلاثة

ـ رجل ترك القُصور وسَكن العِشاش

ـ ورجل نَام على الأرض ولديه الفِراش

قِيل له ثم من ياحكيم رحمك الله ؟

فدمعت عيناه وقال: قوم لا يرسلون إيميل وهو ببلاش

كُتب في مقالات القراء, منائر | التعليقات على دمعة محب مغلقة

التوابون – 2007-02-01

المبالغة في الخطأ دواؤها المبالغة في التوبة كما يقول الحديث الشريف :” عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ” وهو حديث حسن أخرجه الترمذي وأحمد وغيرهما.

خطّاء أي كثير الخطأ ، والتوّاب أي الرجّاع إلى الله بالتوبة ، ومادام ابن آدم خطّاءً فعليه أن يكون تواباً يستغرق بتوبته كل خطأ ، وقد ظهر لي أن حس إدراك الخطأ يكاد يقتصر عند البعض على بعض المعاصي البسيطة التي تقلقل من توازن الإنسان المؤقت فتشعره بالبعد عن الله ، ولكنه لا يستغرق بالتوبة الذنب كله ، وقد يفعل فتكون توبته تتعلق بذنب فردي يؤرقه ، ولا تمتد لتجعل من صاحبها توّاباً ، والعديد من الأخطاء التاريخية إضافة إلى ما يلقى للناس بمكر على أيدي الوعاظ الرسميين قد ساهم بشكل مريع في تدهور معاني التوبة ، بل أزعم أنه بنى في بعض النفوس عزة بالإثم لا يكاد يحس صاحبها معها بخطأ ولا يستدرك معه بتوبة ، لأن بعض الذنوب العامة لم يرتكبها إنسان بعينه بل هي محصلة تراكم طويل من الأخطاء بحيث صار الإنسان يعفي نفسه من حصته الخاصة في ذلك الذنب الجماعي التاريخي الطويل.

أحد أفاضل العلماء هاجم بشكل كاسح بعض رموز النهضة الإسلامية في القرن الماضي لأنهم فتحوا الأبواب لبعض السلبيات وخصوصاً فيما يتعلق بالعلاقة بين المرأة والرجل ، ودور النساء في المجتمع ، وحتى الآن لا أفهم لماذا يسكت الإسلاميون وخصوصاً العلماء والدعاة منهم عن حال بائسة تعيشها كثيرات من النساء في بلاد العرب والمسلمين فإذا حاص بعض العلمانيين حول الأمر استنفرت الأمة للدفاع لا عن الإسلام ، فتلك فريضة ، ولكن عن أعراف جاهلية وفيروسات اجتماعية وأخلاقية تسللت في غيابنا ، وخذ مثلين أحدهما مايقال له : قانون الشرف الذي ليس له أساس شرعي ولا عقلي ، ويهاجمه بعض العلمانيين بنية صالحة أو ماكرة ، و بعضهم يحمل منهجاً من لوازمه دفع ذلك القانون الجائر ، وآخرون لا يهمهم القانون ولا الجرائم بل همهم فتح ثغرة وركوب منبر من أجل الوقيعة الخسيسة في الإسلام وأهله ، والحط من الدين ودوره في الحياة ، وإدعاء لزوم التغريب والخروج بالأمة من إيمانها واعتقادها …. وكل ذلك مفهوم ومعروف .. ولكن .. لماذا لا يصبح الدعاة والعلماء هم التوابون … الذين يقودون الأمة لا بردود أفعال بل بمنهج متوازن ، فيعلنون على الملأ جهاراً نهاراً التوبة مما قد خالط الإسلام من شوائب العصور ، ويقررون بشكل حاسم وصريح الموقف الشرعي من المسائل الأساسية ، وأننا ارتكبنا بالفعل أخطاء منهجية وتربوية أبعدتنا عن الصواب واليوم نحن توابون رجّاعون إلى الحق لا عن ذنوب فردية كل إنسان مسؤول فيها عن نفسه ، ولكننا توابون لذنوب عامة مازالت تقودنا من بؤس إلى شقاء.

المثال الثاني من الكويت حيث قاتلت الحركة الإسلامية قتالاً ضارياً من أجل منع النساء لا من الترشيح بل حتى من المشاركة في الانتخابات ، زاعمين أن الشريعة الإسلامية لا تسمح بذلك ، ولو قالوا أعرافنا وعقليتنا لا تسمح لنا لفهمنا ذلك ، ولما قال صحفي لأحد كبارهم ، ولكنكم تعتبرون العلامة القرضاوي (حفظه الله) من مراجعكم ، وهو يفتي بجواز ذلك ، قال الكبير : لكل رأيه!!

ليست المشكلة هنا بل إن الأمر ليس فيه دليل عقلي ولا نقلي قاطع ، ومعنى ذلك أن طبيعة الحياة ، وزيادة الوعي الشرعي والاجتماعي ستفرضه فرضاً فلماذا لم يتسابق الإسلاميون للريادة فيه والكسب للإسلام من خلاله ، لقد تركوا الفرصة لسفارة أميركة في الكويت والتي صارت النقطة المرجعية والقائد الموجه لأغلب الحركات النسائية ، وستنتقل بها من حق إلى باطل ، وعندما ستظهر آثار التغريب فلنثق أنها من صنع أيدينا نحن لأننا لم نكن توابين ابتداءً ولا أصحاب ريادة بل نلهث وراء الآخرين ولا نلحق ، ونقوم بردود أفعال ولا نقتحم .

هناك قضية فنية ولكنها خطيرة وحساسة بالفعل ، وهي أن ادعاء البعض أن الانتقال من العادة والعرف الفاسد لبناء المنهج الشرعي السليم أمر شديد الصعوبة ، ومانحمله من عادات سلبية إنما يكمن في داخله نوع من الوقاية العامة والحماية الضرورية لمكونات أخرى بحيث يصبح من الصعب جداً التخلي عنه رغم أضراره درءاً لأخطار أشد ، وهذا صحيح نظرياً ، ولكنه باطل ومرفوض عملياً … لأننا في أوقات عديدة كنا قادرين على البناء الطويل الذي لا يقلقل المجتمعات ولا يفتح الثغرات! كنا قادرين عل أن نستل من عقول الناس مايسمى جريمة الشرف دون أن يفتح ذلك الباب لا نتشار الزنا (المعطيات عن انتشاره مقلقة رغم وجود قانون الشرف) ، وكنا قادرين على استلال التعصب المذهبي دون أن يؤدي ذلك إلى خدش الإسلام ، وكنا قادرين على تفعيل دور النساء دون أن يخرج ذلك إلى شطط لانرضاه! وكنا قادرين (لولا التعصب) أن نزرع فقهاً للأسرة راشداً بحيث لايقع طلاق الثلاث إلا واحدة بشروط شديدة حفظاً لآلاف السر من التشرد والضياع … وكنا قادرين على الاجتماعات العلمية لنحدد نقاط الضعف التي تسللت إلى كتبنا في العقيدة والفقه والسلوك فنضع خطة لا جتثاثها من الجذور …وكنا قادرين على أن ندرس بشكل موضوعي عوامل ابتعاد الناس عن الدين الحق وماهي حصتنا من ذلك التقصير فنستدركه … وكنا قادرين على أن نجعل بدل كل وليمة ندعى إليها وطعام يختفي في أجوافنا ساحة هداية وخير وإيمان .. أما قال العلامة محمد الغزالي أن بعض الشيوخ يسمنون والإسلام ينحف!! ولكن … مضت أوقات يسر لم نفعل بها شيئاً …

عندما لا يكون هناك أزمة ننام ، وتنام معها منابرنا ومساجدنا ودعاتنا وعلماؤنا ، وعندما تنفجر الأمور نزعم أنه ليس بالإمكان أي تصرف الآن لأن الوضع لا يتحمل أي حركة فالظروف والكيد والتآمر على الأمة يجعل فتح الأوراق في غاية الخطورة!! أليس هذا هو منهج الحكومات الثورية التي حكمت الأمة العربية الخالدة العقود الطوال فأكلت فيها الأخضر واليابس بل أكلت الحياة نفسها والدين والكرامة بل البشرية في نفوس الناس ، أليست تلك الأنظمة هي التي دمرت حقوق الإنسان ومرغت كرامة البشر في الوحل ، أليست هي التي أعدمت واغتالت وشردت وهجرت ونهبت وقتلت وذبحت وصادرت وأممت وحاكمت وعندما ضاعت الأرض ولولت …. وأليست هي التي جعلت الأمة متخلفة وبدائية وساذجة .. وأليست هي التي بنت السجون والأجهزة وجعلت الناس عيوناً على بعضهم بالملايين .. أليست هي التي صادرت كل قرار ووضعت يدها في كل مفصل .. أليست هي التي سببت هجرة العقول والأدمغة .. وانتشار الرشوة والفساد ونهب المال العام … أليست هي التي أفسدت الضمائر والذمم والأخلاق … أليست هي التي بنت جهازاً دينياً منافقاً عمله التلاعب بعقول الناس وقلب الحق باطلاً والباطل حقاً ، والتركيز على الصغائر قريبة المغفرة والخرس الشيطاني عن الكبائر التي تمحق البلاد والعباد ، وهو الجهاز الذي يحث الناس على الصدقة وبذل المال وفتح المشاريع الخيرية لسد الثغرات التي تحصل من وراء النهب والنهم إلى المال مما لا يتوقف في ليل ولا نهار ولا يرحم بائساً ولا محروماً! …

أو ليست تلك الأنظمة العربية المظفرة هي من صارت الأمة في عهدها أضحوكة لشعوب الأرض … فهي الأكثر مالاً والأجهل علماً بل الأقل قراءة والأشل فعالية والأكسل إنتاجا .. بل الأكثر تدخيناً والأحلك تنمية اجتماعية ، والأكثر حرماناً من الحقوق الأساسية والأكثر تدهوراً في التعليم والصحة والتربية .. والأغيب عن الإعلام الفعال والقرار المستقل والكسب الحضاري … أليست هي التي تتمسح في ظاهراً بالدين لإفلاس القيم الأخرى ، وتكيد له كيداً عظيماً فتسجن وتنفي وتعدم وتشوه صورة أحرار الإسلام … وتزعم تحرير المرأة وهي التي لم يشاركها أحد في أي قرار العقود الطوال فقبرت المرأة والرجل معاً وأحالت الجميع عبيداً ونتفاً وبقايا بشرية شلاء … والقائمة لا يحصرها عد و لايحيط بها بين البشر حساب!!

لقد وجدت بعض الأنظمة الوقت لتفعل كل ذلك وغيره … ولكنها لم تجد أي وقت لتخطط من أجل حرية شعوبها ، ولا أي وقت لبناء كرامة الإنسان ، ولا أي وقت لفتح ملفات الفساد …. لأن العدو بالمرصاد !!

لا يهمني الطغاة ،فالأخطر من ذلك كله هو وضع الأمة … فأسوأ شيء تقع فيه أن تشرب نفسية الطغاة الذين يتحكمون بها وبالتالي تتصرف بوحيهم ومنطقهم ومنهجهم ، وهنا يكسب الطغاة مرتين ، مرة عندما دمروا الأمة من خارجها ، والمرة الأخطر عندما زرعوا فيروساتهم في أعماقها فصارت تفكر كما يريدون.

التوابون لا يتوقفون عند ظرف ، ولا يملون من الحركة الصواب ، والتوابون يخشون على الأمة من الانهيار بحيث يرون المصارع الحقيقية كامنة في الذنوب الكبيرة التي لم يصنعها فرد بمقدار ماهي تواطؤ وتراكم ممتد في الزمان والمكان ، وخذ مثلاً ماذكره المؤرخ الخزرجي وقال بمثله ابن تيمية رحمه الله مما تراه بعينيك من أن الله (ينصر الدولة الكافرة العادلة ولا ينصر الدولة المؤمنة الظالمة ) …

مفهوم الخطأ والتوبة يحتاج إلى مراجعة عميقة .. فنتوب من الجهل كما نتوب من الزنا ونبرأ إلى الله من التعصب مثل براءتنا من الشرك ، ونستغفر من الأنانية والذاتية كما نستغفر من الكفر الصراح ونندم على الجبن والبخل كما نندم لا رتكاب الكبائر المهلكات ونتوب من السكوت عن الظلم كما نتوب عن الفرار من الزحف ونفزع من السطحية في التفكير كفزعنا من فوات الأجر في الصلاة التي لا نعقلها! …. ولو فكرنا لعلمنا أن تلك الذنوب الفردية التي عددناها إنما بواباتها الأساسية هي الذنوب العظام التي نحذر منها …

كما أن هناك ذنوباً من نوع خاص التبس فيها الحق مع الباطل … وتسربت الطبيعة البشرية لتتلاقح مع دعوى الظالمين في الأرض ، من فعلهم كل قبيح وإيجاد الوقت له ثم الاعتذار عن القيام بأدنى الحقوق… فتجد من بين أهل العلم أو الدعاة من فارقه اللطف مع أهل بيته لأنه داعية! (وقد يكون في تفكيره أن من لوازم ذلك أن يكون فظاً غليظاً) .. وترى من نسي نسمات صلاة الفجر لأنه يسهر كل مساء في لغو فارغ مع صحب ليسوا دعاة عاملين بل هم على وصف الأستاذ الراشد (عاملين أنفسهم دعاة) ، وهناك من نابتة الدعاة وأهل العلم من يتسكع بين طاولات المطاعم و لم يبذل في حياته لدعوته نقيراً ولا قطميراً ولم يتفقد أخاً وصاحباً ، وآخر أكل أموال إخوانه وحياته كلها سرف وتبذير فإذا طالبه الغرماء بكى على الديون التي في رقبته ، وهناك من يتحدث عن الأخوة وهو كائن طفيلي ، الأخوة عند طريق عريض باتجاه واحد يضمن له أنانيته ، وهناك من يطيل لسانه على من ربوه ومامن مكرمة عنده يسابقهم بها في كثير ولا قليل … وهناك النقّاق الذي لا يتقن إلا الشكوى .. وهناك ذو الوجهين … والجبان .. ومن لا يتحدث إلا عن نفسه ومواهبه الجامعة المانعة … وزارع الخوف في نفوس إخوانه .. وهناك الإنسحابي والتسطيحي والوصولي والمكدود والمكيود .. وكلها ذنوب أولها فردي وآخرها ماتراه من حالة الأمة اليوم .. ويشترك المذنبون من ظالمي أنفسهم إلى ظلام الأمم بدعوى عدم مناسبة الوقت للتغيير .. وقد قال ابن عطاء لهم قديماً (إحالتك الأعمال على وجود الوقت من رعونات النفس) …

أما العلماء المخلصون فدورهم في التوابين عظيم ، لإعلان البراءة من ضعف السنين ، وتراكمات السياسة والتاريخ ، وأصابع الحكام ونزعة الاستبداد … ولن يخدش ذلك الدين ولا العظماء ولا التاريخ .. بل سنقول بأننا بشر نخطئ ونصيب ونتقدم وننكص … ولكننا في النهاية نبدل كل سيئاتنا بالحسنات .. وكلنا خطَاء ولكن خير الخطائين هم التوابون.
وللحديث بقية إن شاء الله .. أحمد معاذ الخطيب الحسني

14 محرم 1428هـ 1 شباط 2007م
– نرجو الله للأمة المسلمة وللبشرية جمعاء سنة مباركة مليئة بالخير والتوفيق والكرامة.

– انظر من موادنا الجديدة:

1- وفاة العالم الرباني الشيخ محمد الحجار في المدينة المنورة (لم ينزل في الموقع بعد وسيكون جاهزاً يوم الإثنين بإذن الله

2- أجوبة الأسئلة التي وردت في الشهر الماضي

3- نص المقابلة التي أجرتها قناة الجزيرة القطرية مع المشرف على الموقع وتجدها في الأرشيف : مقابلات

4-صوت المؤذن التركي حافظ مراد في قسم الأناشيد وعنوان موقع جميل للقرّاء والقرآن الكريم

إضافة إلى فقرات أخرى ….

كُتب في كلمة الشهر | التعليقات على التوابون – 2007-02-01 مغلقة

نجم الدين أربكان – أمة في رجل

نجم الدين أربكان :أبرز زعماء تيار الإسلام السياسي في تركيا وأخطر من تحدى قواعد العلمانية الكمالية المتشددة التي حكمت بلاده ومازالت منذ أواسط عشرينيات القرن الماضي.

نشأ أربكان الذي يبلغ اليوم ثمانين عاما في كنف الطريقة النقشبندية برعاية شيخها محمد زاهد كوتكو، وأنشأ عام 1970 بدعم من تحالف طريقته مع الحركة النورسية حزب النظام الوطني الذي كان أول تنظيم سياسي ذا هوية إسلامية تعرفه الدولة التركية الحديثة منذ زوال الخلافة عام 1924.

أكمل قراءة التدوينة

كُتب في المعاصرون | التعليقات على نجم الدين أربكان – أمة في رجل مغلقة

عدنان مندريس – شهيد الأمة المسلمة

عدنان مندريس : رئيس وزراء تركيا طوال عقد الخمسينيات، خرج من تحت معطف أتاتورك ليتحدى تشريعاته العلمانية، وعلى الرغم من أنه أدخل تركيا في حلف شمال الأطلسي وجعلها رأس حربة الغرب في مواجهة الاتحاد السوفياتي، فإن ذلك لم يشفع له حينما تحرك الجيش ضده في أول انقلاب في تاريخ تركيا المعاصر ليحكم عليه بالموت مع عدد من رفاقه بعد عشر سنوات قضاها في الحكم.

لم يكن مندريس إسلاميا، بل كان عضوا في حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ونائبا عن الحزب المذكور في البرلمان، لكنه اتخذ في عام 1945 إلى جانب ثلاثة نواب آخرين موقفا معارضا لزعيم حزبهم ورئيس الوزراء عصمت إينونو خليفة أتاتورك وحامي ميراثه العلماني، انفصل النواب الأربعة ليشكلوا حزبا جديدا هو الحزب الديمقراطي بزعامة مندريس متحدين إجراءات منع الأحزاب آنذاك.

في عام 1946 شارك الحزب الجديد في الانتخابات العامة، لكنه لم يحصل إلا على 62 مقعدا، ثم عاد ليشارك في انتخابات عام 1950 ليفوز بأغلبية ساحقة شكل مندريس إثرها حكومة جديدة وضعت حدا لهيمنة حزب الشعب الجمهوري الذي حكم تركيا منذ إعلان الجمهورية عام 1923.

كان مندريس قد خاض حملته الانتخابية على أساس وعود بإلغاء الإجراءات العلمانية الصارمة التي اتخذها سلفه إينونو وكان من بينها جعل الأذان بالتركية وكذلك قراءة القرآن وإغلاق المدارس الدينية، وحينما فاز، قام مندريس بإلغاء هذه الإجراءات حيث أعاد الآذان إلى العربية وأدخل الدروس الدينية إلى المدارس العامة وفتح أول معهد ديني عال إلى جانب مراكز تعليم القرآن الكريم، كما قام بحملة تنمية شاملة في تركيا شملت تطوير الزراعة وافتتاح المصانع وتشييد الطرقات والجسور والمدارس والجامعات.

أسهمت إصلاحات مندريس في تطوير الحياة الاقتصادية في تركيا حيث تقلصت البطالة وتحررت التجارة وعاش الناس فترة استقرار سياسي إلى جانب تراجع حدة التوتر الذي كان سائدا بين السكان والدولة بسبب الإجراءات المناهضة للإسلام ومظاهر التدين والعبادات.

ولم يعلن مندريس في أي من هذه الإجراءات أنه كان إسلاميا أو مؤيدا للإسلاميين، بل على العكس من ذلك وضع تركيا في قلب العالم الغربي حينما انضمت تركيا في عهده إلى حلف شمالي الأطلسي وأصبحت المتراس المتقدم للغرب خلال الحرب الباردة، وأقام علاقات قوية مع الولايات المتحدة وساند مخططاتها في المنطقة وخارجها بما في ذلك إرسال قوات تركية إلى كوريا ووضع تركيا في مواجهة حركة القومية العربية الصاعدة آنذاك بزعامة عبد الناصر.

في انتخابات عام 1954 فاز الحزب الديمقراطي بالأغلبية المطلقة واستمر مندريس في رئاسة الحكومة، لكنه لم ينجح في إنقاذ الاقتصاد التركي من التدهور فخسر جزءا من مقاعده في انتخابات عام 1957.

مع نهاية عقد الخمسينيات كانت إجراءات مندريس الداخلية قد استفزت القوى العلمانية التي تمكنت من حشد قوى اجتماعية لاسيما داخل الجامعات والجيش لمعارضة سياسات الحكومة، فوقعت أحداث شغب ومظاهرات كبيرة في شوارع إسطنبول وأنقرة، وقام طلاب مدرسة القوات البرية بمسيرة صامتة إلى مجلس الشعب في أنقرة احتجاجا على سياسات مندريس.

في صباح 27 مايو/أيار عام 1960 تحرك الجيش التركي ليقوم بأول انقلاب عسكري خلال العهد الجمهوري، حيث سيطر على الحكم 38 ضابطا برئاسة الجنرال جمال جورسيل، وأحال الانقلابيون 235 جنرالا وخمسة آلاف ضابط بينهم رئيس هيئة الأركان إلى التقاعد، وتم وقف نشاط الحزب الديمقراطي واعتقل رئيس الوزراء عدنان مندريس ورئيس الجمهورية جلال بايار مع عدد من الوزراء وأرسلوا إلى سجن في جزيرة يصي أدا.

بعد محاكمة صورية تم سجن رئيس الجمهورية مدى الحياة فيما حكم بالإعدام على مندريس ووزير خارجيته فطين رشدي زورلو ووزير ماليته حسن بلاتقان، وكانت التهمة هي اعتزامهم قلب النظام العلماني وتأسيس دولة دينية.

في اليوم التالي لصدور الحكم في أواسط سبتمبر/أيلول عام 1960 تم تنفيذ حكم الإعدام بمندريس ليكون أول ضحايا العلمانيين في الصراع الداخلي بتركيا. وبعد أيام نفذ حكم الإعدام بوزيريه، ودفنت جثامين الثلاثة في الجزيرة ذاتها حتى التسعينيات حينما جرى نقلها إلى إسطنبول حيث دفنت هناك وأعيد الاعتبار لأصحابها بجهود من الرئيس الأسبق تورغوت أوزال.

كُتب في الأعلام, الراحلون, منائر | التعليقات على عدنان مندريس – شهيد الأمة المسلمة مغلقة

نجم الدين أربكان – أمة في رجل

نجم الدين أربكان :أبرز زعماء تيار الإسلام السياسي في تركيا وأخطر من تحدى قواعد العلمانية الكمالية المتشددة التي حكمت بلاده ومازالت منذ أواسط عشرينيات القرن الماضي.

نشأ أربكان الذي يبلغ اليوم ثمانين عاما في كنف الطريقة النقشبندية برعاية شيخها محمد زاهد كوتكو، وأنشأ عام 1970 بدعم من تحالف طريقته مع الحركة النورسية حزب النظام الوطني الذي كان أول تنظيم سياسي ذا هوية إسلامية تعرفه الدولة التركية الحديثة منذ زوال الخلافة عام 1924.

بدأ أربكان حياته السياسية بعد تخرجه من كلية الهندسة، وأصبح رئيسا لاتحاد النقابات التجارية ثم انتخب عضوا في مجلس النواب عن مدينة قوينة، لكنه منع من المشاركة في الحكومات المختلفة بسبب نشاطه المعادي للعلمانية، وكان تأسيس حزبه أول اختراق جدي لرفض القوى العلمانية المهيمنة له.

لم يصمد حزبه (النظام الوطني) سوى تسعة أشهر حتى تم حله بقرار قضائي من المحكمة الدستورية بعد إنذار من قائد الجيش محسن باتور، فقام أربكان بدعم من التحالف ذاته بتأسيس حزب السلامة الوطني عام 1972، وأفلت هذه المرة من غضب الجيش ليشارك بالانتخابات العامة ويفوز بخمسين مقعدا كانت كافية له ليشارك في مطلع عام 1974 في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ليرعى المبادئ العلمانية.

تولى أربكان منصب نائب رئيس الوزراء وشارك رئيس الحكومة بولند أجاويد في اتخاذ قرار التدخل في قبرص في نفس العام، واعتبر من دافع عن مشاركة أربكان في الائتلاف أنه حقق مكاسب كبيرة لتيار الإسلام السياسي من أهمها الاعتراف بهذا التيار وأهميته في الساحة السياسية إلى جانب مكاسب اعتبرت تنازلات مؤثرة من قبل حزب الشعب.

خلال وجوده في حكومة أجاويد، حاول أربكان فرض بعض قناعاته على القرار السياسي التركي، وحاول ضرب بعض من أخطر مراكز النفوذ الداعمة للنهج العلماني، فقدم بعد تشكيل الحكومة بقليل مشروع قرار للبرلمان بتحريم الماسونية في تركيا وإغلاق محافلها، وأسهم في تطوير العلاقات مع العالم العربي، وأظهر أكثر من موقف مؤيد صراحة للشعب الفلسطيني ومعاد لإسرائيل، ونجح في حجب الثقة عن وزير الخارجية آنذاك خير الدين أركمان بسبب ما اعتبر سياسته المؤيدة لإسرائيل.

وحتى بعد خروجه من الحكومة فقد قدم حزب أربكان مشروع قانون إلى مجلس النواب في صيف عام 1980 يدعو الحكومة التركية إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل، وأتبع ذلك مباشرة بتنظيم مظاهرة ضخمة ضد القرار الإسرائيلي بضم مدينة القدس، كانت المظاهرة من أضخم ما شهدته تركيا في تاريخها المعاصر، الأمر الذي اعتبر استفتاء على شعبية الإسلام السياسي بزعامة أربكان.

بعد بضعة أيام تزعم قائد الجيش كنعان إيفرين انقلابا عسكريا أطاح بالائتلاف الحاكم، وبدأ سلسلة إجراءات كان من بينها إعادة القوة للتيار العلماني ومن ذلك تشكيل مجلس الأمن القومي وتعطيل الدستور وحل الأحزاب واعتقال الناشطين الإسلاميين إلى جانب اليساريين.

كان أربكان من بين من دخلوا السجن آنذاك، وبعد ثلاث سنوات خرج في إطار موجة انفتاح على الحريات في عهد حكومة أوزال، فأسس في العام 1983 حزب الرفاه الوطني، الذي شارك في انتخابات نفس العام لكنه لم يحصل سوى على 1.5% من الأصوات، لكنه لم ييأس إذ واصل جهوده السياسية حتى أفلح في الفوز بالأغلبية في انتخابات عام 1996 ليترأس أربكان حكومة ائتلافية مع حزب الطريق القويم برئاسة تانسو تشيللر.

خلال أقل من عام قضاه رئيسا للحكومة التركية، سعى أربكان إلى الانفتاح بقوة على العالم الإسلامي، حتى بدا وكأنه يريد استعادة دور تركيا الإسلامي القيادي، فبدأ ولايته بزيارة إلى كل من ليبيا وإيران، وأعلن عن تشكيل مجموعة الثماني الإسلامية التي تضم إلى جانب تركيا أكبر سبع دول إسلامية: إيران وباكستان وإندونيسيا ومصر ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا. ولم يكتف أربكان بذلك، بل نشط عبر العالم الإسلامي، وحدد موعدا لمؤتمر عالمي يضم قيادات العمل الإسلامي، وباتت تركيا تتدخل بثقلها لحل مشكلات داخلية في دول إسلامية كما حدث حينما أرسل وفودا لحل خلافات المجاهدين في أفغانستان.

لكن أربكان حرص رغم ذلك على عدم استفزاز الجيش، وحاول تكريس انطباع بأنه لا يريد المساس بالنظام العلماني، فنفذ الاتفاقيات السابقة مع إسرائيل دون تردد، وزاد بأن زار إسرائيل لدعم التعاون العسكري، وسمح للطيارين الإسرائيليين بالتدرب في الأجواء التركية.

ولم يكن هذا التقارب مع إسرائيل كافيا لإقناع الجيش بالقبول، فقام الجنرالات بانقلاب من نوع جديد إذ قدموا إلى أربكان مجموعة طلبات لغرض تنفيذها على الفور تتضمن ما وصفوه بمكافحة الرجعية وتستهدف وقف كل مظاهر النشاط الإسلامي في البلاد سياسيا كان أم تعليميا أم متعلقا بالعبادات، فكان أن اضطر أربكان إلى الاستقالة من منصبه لمنع تطور الأحداث إلى انقلاب عسكري فعلي.

في عام 1998 تم حظر حزب الرفاه وأحيل أربكان إلى القضاء بتهم مختلفة منها انتهاك مواثيق علمانية الدولة، ومنع من مزاولة النشاط السياسي لخمس سنوات، لكن أربكان لم يغادر الساحة السياسية فلجأ إلى المخرج التركي التقليدي ليؤسس حزبا جديدا باسم الفضيلة بزعامة أحد معاونيه وبدأ يديره من خلف الكواليس، لكن هذا الحزب تعرض للحظر أيضا في عام 2000.

ومن جديد يعود أربكان ليؤسس بعد انتهاء مدة الحظر في عام 2003 حزب السعادة، لكن خصومه من العلمانيين، تربصوا به ليجري اعتقاله ومحاكمته في نفس العام بتهمة اختلاس أموال من حزب الرفاه المنحل، وحكم على الرجل بسنتين سجنا وكان يبلغ من العمر وقتها 77 عاما.

أربكان اليوم خارج العمل السياسي الفعلي، وربما يكون تقدم العمر أحد الأسباب، لكن الزعيم الإسلامي كان يمكن أن يستمر في العمل السياسي إلى النهاية لولا الضغوط الشديدة والمتكررة التي تعرض لها من قبل التيار العلماني واتخذت أشكالا مختلفة من الانقلابات العسكرية إلى استخدام القضاء والصحافة وشق صفوف أتباعه الذين لم يجرؤ أحد منهم على تكرار ما قام به زعيمهم العجوز

كُتب في الأعلام, الراحلون, منائر | التعليقات على نجم الدين أربكان – أمة في رجل مغلقة

من ألوان الحب

عطش أبو بكر الصديق : يقول سيدنا أبو بكر: كنا في الهجرة وأنا عطشان جدا ، فجئت بمذقة لبن فناولتها للرسول صلى الله عليه وسلم، وقلت له :اشرب يا رسول الله، يقول أبو بكر: فشرب النبي صلى الله عليه وسلم حتى ارتويت !!
لا تكذّب عينيك!! فالكلمة صحيحة ومقصودة، فهكذا قالها أبو بكر الصديق .. هل ذقت جمال هذا الحب؟انه حب من نوع خاص ..!!أين نحن من هذا الحب!؟
واليك هذه ولا تتعجب، انه الحب.. حب النبي أكثر من النفس ..
يوم فتح مكة أسلم أبو قحافة [ أبو سيدنا أبي بكر ]، وكان إسلامه متأخرا جدا وكان قد عمي، فأخذه سيدنا أبو بكر وذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعلن إسلامه ويبايع النبي صلى الله عليه وسلم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‘ يا أبا بكر هلا تركت الشيخ في بيته، فذهبنا نحن إليه ‘ فقال أبو بكر: لأنت أحق أن يؤتى إليك يا رسول الله .. وأسلم أبو قحافة.. فبكى سيدنا أبو بكر الصديق، فقالوا له : هذا يوم فرحة، فأبوك أسلم ونجا من النار فما الذي يبكيك؟تخيّل .. ماذا قال أبو بكر..؟قال: لأني كنت أحب أن الذي بايع النبي الآن ليس أبي ولكن أبو طالب، لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر ..
سبحان الله ، فرحته لفرح النبي أكبر من فرحته لأبيه أين نحن من هذا؟
ثوبان رضي الله عنه :غاب النبي صلى الله عليه وسلم طوال اليوم عن سيدنا ثوبان خادمه وحينما جاء قال له ثوبان: أوحشتني يا رسول الله وبكى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ‘ اهذا يبكيك ؟ ‘ قال ثوبان: لا يا رسول الله ولكن تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة فنزل قول الله تعالى {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [69] سورة النساء
سواد رضي الله عنه : سواد بن عزيّة يوم غزوة أحد واقف في وسط الجيش فقال النبي صلى الله عليه وسلم للجيش :’ استووا.. استقيموا ‘. فينظر النبي فيرى سوادا لم ينضبط فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ‘ استو يا سواد’ فقال سواد: نعم يا رسول الله ووقف ولكنه لم ينضبط، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم بسواكه ونغز سوادا في بطنه قال:’ استو يا سواد ‘، فقال سواد: أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق فأقدني !فكشف النبي عن بطنه الشريفة وقال:’ اقتص يا سواد’. فانكب سواد على بطن النبي يقبلها .يقول: هذا ما أردت وقال: يا رسول الله أظن أن هذا اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر العهد بك أن تمس جلدي جلدك

…ما رأيك في هذا الحب؟

كُتب في تذكرة, منائر | التعليقات على من ألوان الحب مغلقة

غفرانك اللهم فالحسين لا يشرب الدماء – 2007-01-03

كبرت بين يدي والد عالم واسع الأفق جرئ في قولة الحق ، قضى على منبر الأموي أكثر من أربعين عاماً مالوث عمامته بنفاق لأحد! وعندما قامت فتنة الثمانينات رفض الوالد أن يكون هناك صف إسلامي يحمل السلاح في الأمة ، وانتقد هذا الأمر على المنابر ، وفي نفس الوقت [وبعد ضغط شديد من وزير الأوقاف وقتها ، وجهات أخرى] شارك في احتفال المولد النبوي الذي حضره الرئيس الراحل حافظ الأسد! وقد سمعت سيدي الوالد مرات في بعض مجالسه الخاصة يسأل الله البطانة الصالحة له ، ولكن في ذكرى المولد كان له موقف آخر تماماً فرفض الدعاء لأحد [وحافظ الأسد في مواجهته] وحتى لفظ [الراعي والرعية] ضن به في الدعاء ، محافظاً على ما ارتضاه لنفسه من خط طيلة حياته بأن لا يضع عمامته سلماً لأحد ، ولا يستجيب لترغيب أو ترهيب [مهما كان الثمن] ، وقال وزير الأوقاف [متنصلاً من جناية! عدم الدعاء وقد أصبح وجهه بلون التوت]: يظهر يا شيخ أبو الفرج أنك نسيت أن تدعو للسيد الرئيس! ، فقال الرئيس الذكي الذي فهم الرسالة: اترك الشيخ أبو الفرج! وبعدها لم يضغط عليه أحد في أمثال تلك المواقف ..

مضى سيدي الوالد إلى لقاء ربه وقد خط في الشام درباً صعباً كثير محبوه ، قليل سالكوه ، ويكاد يكون الشيخ رحمه الله أحد القلائل الذين أجمعت كل التيارات الإسلامية في الشام على تقديرهم واحترامهم، وبقي المنهج الذي زرعه [والذي سيأتيك شرحه] ذا بصمة عميقة في أعماق الروح [وسل بقية الصالحين في أرض الشام عن ذلك].

في أثناء حرب الخليج التي هاجم فيها العراق جارته الكويت كان للعبد الفقير كاتب هذه السطور [ومن وحي ذلك المنهج] موقف صارم ورافض تماماً لما فعله صدام حسين ، عكس أغلب التيارات الإسلامية التي ظنت أن في هجوم صدام فتحاً مبيناً . بينما اعتقدتُ أن تلك لعبة أميركية ورطت صدام من أجل قدوم القوات الأميركية إلى المنطقة ، وقد فضحتُ ذلك [وذلك أقصى ماكنت أستطيع] بخطبة كاملة على منبر الأموي!

وعندما سقطت بغداد على يد الجيوش الهمجية ، كان هناك من يظن أن صداماً بطل من أبطال الإسلام الكبار الفاتحين الذين يتصدون للغارات على الأمة! ولم يعلموا أن كل النتائج المخيفة إنما سببها تلك المقدمات الاستبدادية التي زرعها صدام وأمثاله في الأمة ، وقد حضرت مناسبة قام فيها أحد العلماء من المدافعين عن الحكام ليل نهار والذين يبيحون نحر الشباب المسلم! فزعم أن صدام صار لا يُدخل في حزب البعث إلا من يحفظ بضعة أجزاء من القرآن الكريم ويقرأ كتاباً في الفقه! والتي [إن صحت القصة] لا أعتقد فيها إلا أنها لعبة فرعونية قديمة أرجو أن تستفيق الأمة المسلمة منها ، فلا يضحك عليها فرعون صغير يستعبدها ويذلها في دينها وعقيدتها بل إنسانيتها وكرامتها فإذا كاد الغرق يدركه قال : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل! فبعدما أحرق البعثيون الأخضر واليابس من المحيط إلى المحيط وعندما أفلسوا استيقظ الإسلام في نفوسهم فجأة! ليس ولاء وبراء صافياً للإسلام بل نمطاً هجيناً يريد أن يجد له منفذاً ليتسلق على أكتاف هذا الدين الذي أنهكه المتسلقون الكثر عليه!.

هناك من يعتقدأنه قد ولد حزب البعث وينقصه أمران حضاريان هامين جداً: البعد الأخلاقي والبعد الجمالي ، [و لسبب موضوعي هو الانهماك في النضال السياسي ثم إدارة الدولة…دون التفرغ للأمور الأخرى] ويقول : انظر بعمق إلى آثار البعثيين في الأرض لترى مصداق ذلك الأمر وآثاره !!

لم أحب يوماً صدام ولا أمثاله وأدعو الله كل يوم أن يخلص الأمة من كل طاغوت تسلط عليها ، وقد ارتجفت يوماً ثم انتقدت على المنابر كلمة لأحد كبار الدعاة شارك في مؤتمر للعلماء عقده البعثيون في العراق ، ولم يجد تعقيباً على كلمة صدام حسين إلا أن يقول: لقد اهتز عرش الرحمن [أستغفر الله ثم أستغفر الله …] لكلمة الرئيس القائد صدام حسين …

آلاف الأسئلة تنهمر علي وعلى غيري ، وتمتلئ بها الصحف والفضائيات ، واستفسارات وحيرة ، بل أمواج تسونامي اعتقادية وفكرية وسياسية تجتاح العالم الإسلامي بعد إعدام صدام حسين ، فما المنهج والمعيار..

صدام ظالم وعملية محاكمته ظالمة وإعدامه بتلك الطريقة الهمجية شيء لم يخطر ببال أحد ، والأمة تزداد تمزقاً وحيرة وضياعاً! فأين الصواب؟
لا يستطيع أحد أن يدعي احتكاراً للحق ، ولا يكاد يوجد طرف إلا له وعليه ، وما ساذكره إنما هو مقدمة لمنهج ربيت عليه ويزداد مع الأيام تبلوراً ووضوحاً! هذا المنهج أزعم أنه بقية منهج أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أهل السنة والجماعة! وهو ماكان عليه علماء الأمة وفي مقدمتهم أئمة المذاهب الأربعة!

لقد دمر الحكام الظالمون قواعد أهل البيت (أهل السنة والجماعة) ، فافترقت الأمة من دونهم إلى فئتين تزدادان تجذراً وكلاهما مائل عن الصواب!

الفئة الأولى : هي الفئة التي تتبع منهج النواصب الذين بذلوا لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العداء ، واستجابوا لتخريصات الحكام الطغاة ، وسكتوا عن ذبح سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين الشهيد السعيد وأهل بيته الكرام ، وفلسفوا ذلك بطريقة لا يقبلها كريم ولا لئيم فزعموا أن يزيد لم يأمر ولم يرض ، وأسف لما حصل! [نفس منطق أذناب الباطل اليوم ، فكل أمر فيه مصيبة للأمة لا يعلم به الحاكم ، ويحيط به ألف مفت منافق يهرفون وراءه بالإفك المبين] ومازال فقهاء الباطل حتى الآن يندسون في الأمة ومراجعها الشرعية ، فنراهم في الاعتقاد يقررون المذهب الجبري والاستسلام ، وفي السياسة الشرعية يبيحون طاعة كل ظالم ويرونه ولي أمر شرعي ، وفي الفقه يصلون وراء كل منافق ، أما على صهوات المنابر فيتحدث بعضهم عن بعض [أوباش] الحكام السنين الطوال جازمين بصلاحه وتقواه غير متألين على الله كما يزعمون ، ولا يتكلف أحدهم أن يذكر للناس في درس أو خطبة أو مناسبة كيف تلاعب الحكام بالتاريخ فأظهروا آل بيت محمد مجرمين وهم الذين أتت نصوص الكتاب والسنة بفضلهم (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب (33) ، ولا يذكرون للناس الحديث الصحيح بأن كتاب الله وعترة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يفترقان!

والمنهج الآخر منهج الروافض الذين رأوا ماحل بآل البيت الكرام فادعوا النصرة لذلك ، فحمَّلوا على أئمة أهل البيت كلاماً لم يقولوا به قط ، فادعوا عصمة الأئمة وكفروا ببقية الأمة ، وعادوا بمفعول رجعي إلى الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فوقعوا فيهما ، ثم ماتركوا صحابياً (عدا بضعة نفر) إلا وأوجدوا له نقيصة ومثلبة ، وجيشوا الناس (مستغلين حبهم لآل البيت) بطريقة لا ترضى عنها شريعة ، ولا يقبلها عقل راشد! ونسوا أن أهل السنة اخذوا بمذهب الإمام الحسن رضي الله عنه الذي جاء الحديث بسيادته في الدنيا والآخرة ، وأنه وحد بين الأمة لا رضا بما فعل الحكام بل حقناً لدماء أمة لا إله إلا الله ، وهو من أهل البيت ، بل من ساداتهم بلا منازع ولا مدافع ، وأن الأئمة الأربعة جميعاً اضطهدوا ولم يرضوا بظلم ظالم ، فمات أبو حنيفة النعمان في السجن وعذب الإمام مالك وضرب الإمام أحمد ، وسيق الشافعي بالسلاسل لمحبته أهل البيت الكرام حتى سارت بشعره الركبان:

إن كان رفضاً حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي

واستشهد سعيد بن جبير وأئمة كرام وهم لا يرضون أن يضيع الحق ، وكان الإمام أبو حنيفة أكبر المؤيدين للإمام الجليل القائم بالحق زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم جميعاً ، وهو من أكبر أئمة أهل البيت ولا يمر بالسلسلة الإثنى عشرية التي يظن إخواننا الشيعة عصمة أصحابها فهل مات الإمام زيد على ضلال! [أستغفر الله].

لقد مضى الجميع إلى ربهم ، آل البيت الأطهار وعلى رأسهم الإمام الشهيد السعيد الحسين وعترته ، ومضى ركب يزيد الفاسق الظالم ومضى عمر بن سعد قاتل الحسين وكل رهط المجرمين بحق عترة أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله إلى يوم الدين ، وماذا بعد!

هل سنبقى نتذابح إلى يوم الدين وهل سيبقى النواصب والأرفاض يجرون الأمة إلى المصارع حتى لا تبقى لها باقية ، وهل من المقبول شرعاً والمفهوم عقلاً أن يبقى حزبان سياسيان يتناحران إلى يوم الدين والأمة تمحق تحت أقدامهما.

لقد ظهر الباغي وعرف المظلوم ، وعند الله تجتمع الخصوم … وليس اللعن والشتم هدفاً ولا وسيلة لإحقاق حق ولا رفع باطل!

كانت هناك اختلالات عديدة وقد قام النواصب والأرفاض معاً خلال التاريخ بتعميق الهوة ، وبقي علماء أفاضل يحاولون المقاربة منهم على سبيل المثال لا الحصر العلامة السيد محسن الأمين (الشيعي) والعلامة السيد جمال الدين القاسمي (السني) والذي امتلأت كتبه بحب آل البيت الكرام ونقل مذاهبهم وآرائهم ، وكلا الرجلين من بلاد الشام ، وقد رضعت منهج العلامة القاسمي منذ فتحت عيني في هذه الدنيا! وبعد سقوط الخلافة الإسلامية وهيمنة الدول الأوربية بدأ الإسلام يستيقظ لا بشكله المذهبي الضيق بل ببعده العالمي … ولم يكن من السهل انتزاع البقايا التاريخية من النفوس ، ولكن بدأت بعض التباشير ومنها على سبيل الإسلام نوع من الانفتاح من قبل التيارات الإسلامية السنية والشيعية على بعضها ، فقام نواب الصفوي بزيارة الشام ولقي ترحيباً كاسحاً ، وبدأت الشيعة الحركيون يقرؤون لسيد قطب ثم يقرأ الحركيون السنة كتب علي شريعتي ومطهري .. ومحمد باقر الصدر (والذي أعدمه صدام حسين هو وأخته والمئات ظلماً وعدواناً).

ثم جاءت الثورة الإيرانية فطربت لها قلوب المسلمين في الأرض جميعاً (إلا قلة من الناس) وتوقع الكل أن تكون ثورة للإسلام بمعناه الواسع المتمدن الحضاري العالمي ، ففوجئوا بدستور ضيق يذكر جهاراً نهاراً أنها دولة إسلامية شيعية وفق المذهب الاثنى عشري! (وكأنك تقول: دولة إسلامية سنية على مذهب الأحناف ، وبقي أن تقول على اختيارات أبي يوسف) … وابتلع الدعاة العاقلون السكين ليقولوا: إن إخواننا الشيعة العقلاء بحاجة إلى وقت لإصلاح وتغيير التعصب المذهبي المقيت! فصبراً .. وفوجئ الناس بالكوادر التي صنعت الثورة تُغتال واحداً بعد الآخر ثم تجري تفجيرات جماعية تُجهز على بقية الأدمغة التي غيرت تاريخ إيران! واضطر كثيرون للعزلة كأول رئيس وزراء لإيران المسلمة (مهدي بازركان) أو الهرب كأبي الحسن بني صدر (أول رئيس جمهورية لإيران المسلمة) ، وبينما كانت إيران تلملم جراح التفجيرات والاغتيالات قام صدام بمغامرته الرعناء بالهجوم عليها فاستنزفها وأنهكها وولد فيها من كوامن التاريخ شيئاً مرعباً ، كان ينبغي أن يوأد حتى يوم الحساب!

في مقابل القومية العربية البعثية استيقظت القومية الفارسية ، وفي مقابل مايظهر أنه مذهب أهل السنة استيقظ ما يظهر أنه مذهب الشيعة وأتباع آل البيت الكرام.

كان الخميني عندما تسأله الصحافة عن الخليج أهو عربي أم فارسي يقول أنه إسلامي! والذي يظهر لي أن الولايات المتحدة ترصد منذ القديم احتمال تحول الإسلام إلى قوة حضارية فعالة فعملت على تطهير الحركات الإسلامية السنية والشيعية من عقلائها (كي لا يحصل تقارب بحال) ومهدت لذلك بأمور لا يتسع لها المجال ، إلى أن أصبح في الساحة تياران يقودان الأمة كلها إلى الفناء والخراب!

ما أريد قوله أن صدام حسين ظالم ولا يجوز أن يصبح من أبطال الإسلام وحملة راية أهل السنة (وهو أمر منفصل تماماً عما يكون قد لقي الله تعالى به ، وفي عقيدة أهل السنة والجماعة فنحن لا نحكم لأحد بجنة أو نار إلا من شهد له الله أو رسوله بذلك) وإقامة القصاص عليه في الدنيا لما اقترفت يداه حق شرعي ينبغي أن لا يضيع ، وسيلقى الله تعالى في الآخرة بما اقترفت يداه وبالدماء التي سفكت بأمره وتحت سمعه وبصره ورضاه ، ولن ننسى أبداً أن زوال الدنيا عند الله أهون من قتل رجل مسلم!

لقد أدى التعصب القومي والتجيير البعثي للأمور إلى أن يغض (من هم محسوبون على أهل السنة) النظر عن جرائم النظام البعثي ، وليس أقلها حلبجة التي يذكر الأستاذ الراشد أن الدعاة السنة لم يهتموا بها ، وبأهلها السنة ؛ لأن مفعول الفكر البعثي القومي شرخ الأمة عن الدين فلم يفكر أحد بهم ، فقد كان عيبهم أنهم أكراد [سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم] ، كما تغافل السنة العرب عما أصابهم من ضغط شديد ، ومجلس الشورى لتنظيم الإخوان المسلمين العراقيين لم ينعقد لمدة ثلاثين عاماً متواصلة!! بسبب الضغط الأمني الهائل.

إذا أردنا المقياس النسبي ، ومن باب (ولا تبخسوا الناس أشيائهم) فسنقول أن صدام حسين له إيجابيات فقد بنى جيشاً جباراً ، وأرعب اليهود ، ونظاماً تعليمياً ممتازاً ، ودولة قادرة قوية ، وعاش الناس في أول عهده في رخاء مادي شديد ، كما أنه قد حارب الفساد والرشوة .. وكان في زمرته ووزراءه عرب وأكراد وسنة وشيعة … لكن عيبه الكبير أنه كان فرعوناً … نعم فرعوناً … وهنا هو المفصل مع كل من يحب صدام .. فقد كان ذلك الفرعون عميلاً بكل معنى الكلمة للولايات المتحدة فشن الحرب الظالمة ضد إيران بإيعاز وتشجيع منها ، ثم خرج جنون عظمته على الكويت ففعل بأهلها الأفاعيل (بعد إعلام السفير الأميركي ، ومباركة الإدارة الأميركية) والتي كانت تعد له فخاً مكسبها الأول فيه المبرر لدخول القوات الأميركية إلى المنطقة! والمكسب الثاني نوع من التأديب لعميل كبر أنفه وصار يظن أنه مساوٍ لأسياده … بل منافسهم …

استيقظ شعوره بالخطر فبدأ يحاول ترتيب أموره ولكن الوقت قد فات ، ومقدمات الظلم لابد أن تتحقق ، والولايات المتحدة ، وبتحريض شديد من إسرائيل كانت ولا تزال تحث على تفتيت العراق (ودول المنطقة) ، ليس كراهية خاصة لصدام حسين بمقدار ماهو الخوف من طاقات بلد عربي مسلم لا يدري أحد متى ينبعث فيه نظام صالح وقوي قادر على تقويض كل مشاريعها في المنطقة.

كل ذلك في كفة وعلينا أن ننظر إلى الكفة الأخرى! هل الانتقام والثأر والتشفي غاية وهدف في الحياة! إن القصاص العادل يكفي لراحة النفوس التي أصابها البغي والعدوان ، ولكن ماجرى في أرض العراق الحزين أظهر أن تحت الرماد أموراً مخيفة!

استمعت بألم إلى الكاتبة الدكتورة سميرة رجب (وهي شيعية بحرينية) وهي تقول على قناة الحوار اللندنية بأن الدولة لا تقوم على ثقافة الثأر والانتقام … الثأر من العرب بل من الإسلام نفسه انتقاماً للنزعة الفارسية! وقالت الدكتورة أن عبد العزيز الحكيم [رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق!!! الله أكبر] قد صرح بأن اليوم الذي نحر فيه صدام هو عيد السنة لا عيد الشيعة!! [عرفنا الآن معنى الفكر الرافضي] .. ولكن الأمور لم تتوقف هنا! فالقصاص العادل لا يحصل على يد قضاة من الأولاد ، وبشكل لم تشهد تواريخ المحاكمات أقمأ ولا أخس منه إلا في محاكمات محاكم التفتيش في القرون الوسطى ، وبطريقة في غاية الإرهاب! والإهانة والتحقير! وأية محاكمة تلك تحت سلطات احتلال وحكومة عميلة .. وأيدي جلادين أظهروا أنفسهم عصابة من قطاع الطرق الذين يمتصون دماء ضحاياهم في أقبية تشبه القبور!

إن ذبح الخراف له آداب وأخلاقيات تعبر عن منهج الرحمة الذي يحمله الإسلام ، وإعدام رؤساء الدول لا يجري بتلك الطريقة المهينة [مهما كانت الدوافع والسباب] ، وقد اخترع عملاء الاحتلال كذبة طريفة تزعم أن القوات الأميركية كانت تريد تهريب صدام فاضطروا إلى إعدامه ، أما الإدارة الأميركية فاخترعت كذبة أخرى وهي أنها حاولت تأخير حكم الإعدام ولكن الحكومة العراقية [الأبية والشهمة والوطنية والنظيفة والمستقلة] أصرت على الإعدام…ترى على من يكذبون…..

لقد ارتكب صدام أموراً كثيرة بحق السنة والشيعة والعرب والأكراد .. فلماذا كان ذبحه وإعدامه في يوم عيد الناس وبطريقة طائفية مقيته…. لا تفهم منها إلا همهمات ليس في نفوس اصحابها إلا شرب الدماء …

إن الفكر الشيعي كله على الميزان ويخشى أن تهيمن عليه أفكار في غاية التطرف ، أفكار دموية ثأرية ، وإدعاء التمسح بحب أهل البيت لا يجدي ، وسيكسب أصحاب الثأر والانتقام مرحلياً ولكنهم سيخسرون في النهاية.

إن منهج آل البيت الكرام هو الوقوف في وجه الظلم (أي ظلم كان) وبمعنى أنهم لا يمكن لهم أن يرفضوا ظلم طاغوت هنا ويقبلوا به هناك!

رأيت عبد العزيز الحكيم يجلس ذليلاً صاغراً بين يدي سيده وولي نعمته بوش ، ويقرأ رسالة باللغة العربية ، يطلب فيها بقاء القوات الأميركية في العراق … وتعجبت عندما توجه السيد حسن نصر الله (والذي ماتزال له في قلوبنا بقية احترام) بكلام مثل النار إلى فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني ، لأنه قابل توني بلير (والذي تسميه بعض الصحف البريطانية ولست أنا : بالجرو الصغير لبوش ، بل إنه رُسم عدة مرات جرواً صغيراً يجره بوش) ولكن السيد حسن نصر الله لم يتوجه بكلمة نقد مباشر إلى عبد العزيز الحكيم … فلماذا؟ هل منهج أهل البيت عشوائي ، وهل الظلم انتقائي ، إن كان صدام مجرماً ، وفؤاد السنيورة واجهة لألف عميل ، فبوش نفسه لا توجد كلمة في قاموس اللغة تصف فيها حقده وبغضه ومكره وحربه لأمة لا إله إلا الله!

وعندما قامت دولة الصهاينة بهجومها العدواني على لبنان وتصدت له المقاومة الإسلامية التي يقودها حزب الله كانت أكفنا مرفوعة بالدعاء للمجاهدين وكتبنا في وجوب نصرتهم ودعونا الناس إلى مؤازرتهم بالمال والدم ، حتى أن بعض [عتاة] أهل السنة الذين لا يطيقون سماع اسم الشيعة قد عرضوا أن يذهبوا للموت تحت راية حزب الله والقتال مع إخواننا الشيعة لأنهم يقومون بفرض لم يستطع كل حكام العرب الأشاوس القيام به! لقد كانوا يدافعون عن الوجود ، وليس فقط عن الحدود! وراية الشهادة ستضم الجميع في حنان تذوب معه فروق ما أفرزته السياسة وتلاعب به الحكام وغفل عنه التاريخ … سيموت الجميع لتحيا لاإله إلا الله..

ولكن مضت الأشهر فإذا بالسيد حسن نصر الله يتكلم بطريقة لم تعرف عنه ، وهو أجل في نفوسنا من أن يكون فكره وصائياً بحيث يريد أن يفرض على أهل السنة مرجعياتهم … وفي الحقيقة فقد زج حزب الله غالب أهل السنة في لبنان للتخندق مع جهات ماكرة لا نرتضيها بسبب طريقته [الضيقة] في التعامل مع الأمور والتي أدت إلى فقدانه رصيده بين كثيرين من الناس ، والقلائل من أهل السنة [الذين تحالفوا مع حزب الله] كالداعية الكبير فتحي يكن فقد أغلب رصيده في العالم الإسلامي بسبب دخوله في لعبة غير واضحة !

منهج أهل البيت منهج وقوف في وجه كل ظلم ، وحاشا لهم أن يحابوا أحداً ، فكيف ينتسب عبد العزيز الحكيم وأمثاله إلى مدرسة أهل البيت ، ولقد اعتذر [الورع التقي النقي] عن مصافحة كونداليزا رايس ، ورائحة عباءته تفوح بالدم العبيط الذي أخشى أن يكون قد أدمن على الطازج منه كل صباح ومساء ، وهو لم يكتف بشرب دم صدام وغير صدام بل انتقد حتى مجالس العزاء التي أقيمت لصدام في بعض الدول العربية ، أما نوري المالكي وزبانيته فهو يعرف أنه أقل أهمية من أن يتحدث أحد عنه ، مع أن فرق الموت تخرج من مظلة حكومة هو رئيسها ، وأما الزعيم السني طارق الهاشمي فكان عاراً عليه أن يذهب ليلقى بوش وأخشى أن يظن نفسه قد حقق شيئاً من النصر للأمة أو للإسلام أو حتى للحزب العراقي الإسلامي [الواقع بين المطرقة والسندان]. !

سبحان الله أبعد الموت شماتة ، وهل تضيق النفوس إلى هذا الحد! إنني لن أذهب إلى مجلس عزاء لصدام وقد اشتبكت بالكلام مع أخ كريم فاضل في بيتي عزى الحاضرين بصدام … فقلت لا تجعلوه لنا بطلاً … ولكن محبيه أحرار في أن يبكوا عليه وأن يقيموا له العزاء بحكم القرابة أو ما يظنونه من الوطنية أو الاشتراك في المصالح ، أو حتى في اعتباره عندهم شهيداً … وليكن رأينا أنه ليس كذلك أما أن نحمل الرائحة الطائفية والتشفي والانتقام في كل حركة لنا فهذا درب فناء عاجل للجميع ….

لا أستطيع أن أتوجه باللوم إلى أتباع مقتدى (الذين أعماهم حب الانتقام فقد يكون مقتل الإمام الصدر لم يدع لم فسحة في صدورهم- ويبدو أنهم مادة مناورات ستظهر الأيام أبعادها)) ولا إلى عبد العزيز الحكيم الذي زكمت رائحة الدم الذي يشربه الأنوف! ولكنني صدمت حقيقة من تصريحات هاشمي رفسنجاني (رئيس تشخيص مصلحة النظام) فهو رجل دولة بل منظر الدولة الأول ومقرر مصلحتها! فقد قرر الرجل أن العدالة الإلهية قد أخذت مجراها ، فتمنيت أن أسأله السؤال التالي: إن قضية الدجيل التي حكم على صدام بالإعدام فيها قضية ضئيلة أمام تاريخ الرجل! وهي أقرب إلى قضية هامة في مخفر مركزي منها إلى قضية توجه كل الأنظار إليها! فلماذا ياترى لم يبادر رئيس تشخيص مصلحة النظام إلى أن يضغط بكل مايقدر (ووراءه الحكومة الإيرانية كلها … وهي التي توجه المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي يقوده عبد العزيز الحكيم) من أجل أن يحاكم صدام على جرائم أكبر بكثير بكثير..

لماذا لم يطلب أن تفتح ملفات الحرب العراقية الإيرانية (التي هندستها الولايات المتحدة وأشعلت فتيلها) والتي كانت كارثية على المنطقة لقي فيها مليون شاب إيراني مسلم حتوفهم مقابل عدد أقل بقليل من الشباب العراقيين ، ودفعت فيها دول الخليج فاتورة باهظة جداً بلغت أربعمائة وخمسين مليار دولار .. إضافة إلى الخراب الشامل والدمار الاقتصادي والاجتماعي والآثار النفسية ، والآلام والأيتام والثكالى والمعوقين!! فهل كان هذا الأمر تافهاً بنظر الرفسنجاني! وهو رجل الدولة الكبير! أم أن هناك صفقة ما!

وهل صحيح أن الولايات المتحدة تواطأت على إبعاد كل الكوادر الأساسية في الثورة الإسلامية الإيرانية لتستبدلهم بمجموعات قصيرة النظر تلبس مسوح أهل البيت وتحركها طبيعة دموية وفكر وصائي جعلها تظن أنها ولية أمر كافة شؤون المسلمين في الأرض لتذبح منهم ماتشاء وتبقي ماتشاء ، وكل ماحصل في حرب الخليج أنه كان هناك عملاء في الجانب العراقي والإيراني أما أحدهما (وهو صدام) فتمرد بعدما سدت في وجهه الدروب وعوقب وشعبه معه ، وارتضى الآخرون بالسير ولم يكتشف أحد ارتباطهم حتى الآن!!! إنه سؤال مطلوب بإلحاح الجواب عليه ، وليس تقريراً. [يقال أيضاً ، ونرجو أن لايكون صحيحاً أن إيران بدات تتمرد بعدما أدت دورها في المنطقة وأشعلت الفتيل فيها وربما تشن القوات الأميركية هجوماً تأديبياً عليها بعدما خرجت عن الدور الإقليمي المتفق عليه].

وهناك سؤال محير أكثر! وهو كيف تجتمع الولايات المتحدة وإيران معاً على دعم عبد العزيز الحكيم! مهما كان تقاطع المصالح لأنه لايبدو عميلاً مزدوجاً بمقدار مايبدو أنه يحوز رضى الطرفين! وكيف يكون سرور إسرائيل وإيران والنظام الأميركي وبريطانية متوافقاً بشكل عجيب!
منذ كنت صغيراً كان سيدي الوالد رحمه الله ينبهني إلى بعض الكلمات التي اعتاد [الزعران والأوباش] ترديدها في الأعياد وهم يهزون أراجيح العيد للأطفال ، وأخبرني أنها من بقايا الإساءة التي كان يهان فيها أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!

ولقد تعلمت أن مذهب أهل البيت (عليهم السلام ، وهي عبارة طالما استعملها العديد من علماء أهل السنة قبل انفراد الشيعة بها) هو دفع الظلم أياً كان ، وحاشا للإمام علي وابنيه الشهيدين السعيدين (والذين قتل الحسن منهما بالسم والحسين بالسيف) أن يقبلوا بينهم أتباعاً وأذناباً للنظام الأميركي أو لغيره أو استبدال ظالم بظالم ، ولهذا السبب فقد كان هناك رفض تام لما طرحه الأستاذ عبد الحليم خدام (ومهما تكلم عن الخلاص فطرحه مرفوض قبل أن يعلن على رؤوس الأشهاد رده المظالم وبراءته من كل فكر لا يؤمن بيوم الحساب وتوبته إلى الله من كل ماسبق أن تورط فيه من المظالم) وحاشا أن يكون لأهل بيت رسول الله تشف من الناس ، فلقد قال الإمام علي قولته المشهورة عندما سئل عن الخوارج (والذين اغتالوه ونصبوا له الحروب) : أكفار هم؟ فقال: من الكفر فروا! فمن هم إذاً يا أمير المؤمنين؟ فقال: إخواننا بغوا علينا!

لم يكن فكر أهل السنة والجماعة وفكر أهل البيت ولا هدفهم الصدام مع الحكام بل رفع الظلم عن الناس ، وقد سكب أهل البيت دمائهم من أجل ذلك وهناك اليوم من يسفك الدماء بلا حساب يزعم أنه ينصر أهل البيت! وعندما كنت أشعر بالضيق أو الخوف بين أيدي بعض الظالمين كنت أتذكر قولة الإمام الحسين : (إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني) فينقلب حزني فرحاً وخوفي أمناً ، احتقاراً لنفسي من أن تزل عن منهج أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

لماذا لا يسأل محبو أهل البيت أنفسهم: لماذا وضع آية الله حسين منتظري (فرج الله عنه) تحت الإقامة الجبرية وأهين ورميت عمامته على الأرض وهو منظر الثورة الإيرانية الأول وباني فكرها! وأين ذهبت فتاوى الإمام السيد محسن الأمين … وأين فكر علي شريعتي الذي ينادي بفكر علوي (ينتسب الى الإمام علي كرم الله وجهه) مقابل فكر صفوي دموي حاقد بنته بريطانية ليكون نصلاً في خاصرة الدولة العثمانية (كما يقول شريعتي) … وأين طروحات رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في لبنان الشيخ مهدي شمس الدين .. الذي ذكر أمام كل الناس (ومن دون تقية ولا مواربة) أن الخلفاء الأربعة راشدون ، ورضي الله عنهم ورضوا عنه!

يضطرني هذا المقال لذكر أمر معروف ولكني لم أتفوه به أمام أحد من قبل ، وهو أنني أتشرف بالانتساب إلى دوحة المصطفى عليه الصلاة والسلام وأنحدر من أب والده حسني وأمه حسينية … وأحمل مذهب أهل السنة والجماعة (لا مذهب النواصب) ولن أدخل في سجال عقدي وفقهي مع إخواننا الشيعة ، واعتقد أن السنة والشيعة يمكن أن يعيشوا بألفة وسلام ، بل فرض عليهم أن يفعلوا ذلك قبل أن يلتهمهم جميعاً لا المشروع الأميركي الهادف إلى الهيمنة والوصاية بل المشروع الاسرائيلي الهادف إلى الطحن والتفتيت … وكل من يدمر مسجداً للسنة أو حسينية للشيعة وكل من يقتل إنساناً مهما كان دينه واعتقاده من أهل العراق فهو جندي لجيش صهيون وفكر التوراة الزاحف إلى الرافدين فالقتل والقتال للمحتلين والمحتلين فقط …[وقد تحدثنا مرات ورفضنا رفضاً قاطعاً كل مايحصل لسنة أو شيعة أو أكراد أو نصارى أوبشر .. فحاشا للإسلام إلا أن يكون قمة الرحمة والإنسانية] فليتدبر السنة والشيعة ماستأتي به الأيام الحبلى بالفتن ، وليبحثوا عن الحق بتجرد وصدق وإخلاص بعيداً عن التعصب الأعمى وفي منجاة عن فكر النواصب أو الروافض … وبعد ذلك سنقول لمن يحب صدام ويراه من أبطال أهل السنة والجماعة: لقد مضى صدام ليلقى الله بما عمل وعند الله لا يضيع شيء .. والظلم ظلمات يوم القيامة وعند الله تجتمع الخصوم ، ولكنني سأقول أيضاً لإخواننا الشيعة: احذروا الانحراف عن منهج أهل البيت الأوائل وتذكروا أمراً مهماً جداً ، وهو أن الإمام الحسين لم يكن يشرب الدماء.

كتبه أحمد معاذ الخطيب الحسني

دمشق: 14 ذي الحجة 1427هـ الموافق 3 كانون الثاني 2007م.

 

– نسأل الله تعالى لكافة إخواننا وأخواتنا عيداً مباركاً وفرجاً قريباً وتقبل الله طاعتهم وصالح أعمالهم .. وغفر لحجاجهم وردهم سالمين غانمين مغفوراً لهم.

– بسبب الظروف الطارئة تم تغيير موضوع المقال الشهري ، وسبب هذا بعض التأخر…

– إذا كان المقال مناسباً برأيكم فآمل إرساله إلى من ترون أنه يجب أن يطلع عليه.

: من المواد الجديدة :

– أسئلة وأجوبة : لأسباب فنية وضعنا قسماً من الأسئلة والأجوبة في صفحة واحدة ، وعند ظهورها بطريقة غير مقروءة ،فيرجى الضغط 1-

uni code بزر الماوس الأيمن ووضع : ترميز وعذراً لتأخر البعض الآخر لوجود إشكالات فنية

نجم الدين أربكان : أمة في رجل : المنائر : أعلام : معاصرون

عدنان مندريس : منائر : أعلام : راحلون

ألوان من الحب : منائر : تذكرة

مواقع إسلامية سورية : الأرشيف

صورة مسجد جامعة دمشق : وصلات أخرى : حديث الصور

وهناك أمور أخرى نرجو أن تتحقق ، وأن نتمكن من الإجابة على باقي الأسئلة

كُتب في كلمة الشهر | التعليقات على غفرانك اللهم فالحسين لا يشرب الدماء – 2007-01-03 مغلقة

مقابلة مع قناة الجزيرة 29-12-2006

أجرت قناة الجزيرة مع مشرف الموقع أحمد معاذ الخطيب الحسني

مقابلة على الهواء في برنامج : مباشر مع ، وذلك في الساعة السابعة مساء بتوقيت دمشق وبتاريخ التاسع من شهر ذي الحجة لعام 1427 الموافق لـ 29/كانون الأول/2006

مقدمة الحلقة : المذيعة الأخت منى سلمان ، وفيما يلي النص الكتابي للمقابلة :

منى سلمان : أهلا بكم مشهد مهيب تقشعر له الأبدان إنه مشهد الملايين من حجاج بيت الله الحرام تعلو تكبيراتهم على صعيد عرفة ، لكن هذا المشهد الذي يوحي بتوحد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يكاد يكون عزيزاً في بقية أيام العام وعلى الأخص في هذا العام والذي كان عاماً صعباً بكل المقاييس على أمة المسلمين فهو عام تزايدت فيه الأخطار من تحديات خارجية واستفزاز لمشاعر المسلمين لم يكن أولها الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ولا آخرها استشهادات بابا الفاتيكان في محاضرته التي استدعت تراثاً طويلاً من الصراع بين الشرق والغرب باسم الدين ، وانقسامات أخرى داخلية إذ ربما لم يرتفع صوت الحديث عن الخلافات المذهبية وتختلط بالخلافات السياسية بالصورة التي شهدها هذا العام فكيف يمكن للمناسبة العظيمة التي تستدعي تراث التضحية والعطاء وتتجلى فيها الوحدة والمساواة بين مسلمي الأرض أن تكون مناسبة للتفكير في الخروج من هذه الأزمات ؛ تساؤلات نطرحها على مائدة الحوار مع ضيفنا لهذا المساء من دمشق الشيخ أحمد معاذ الخطيب الحسني خطيب الجامع الأموي سابقاً مساء الخير فضيلة الشيخ وكل عام وأنت والمسلمين جمعياً بألف خير .

معاذ الخطيب : السلام عليك أختي الكريمة بارك الله بك وكل عام وأنت بخير .

منى سلمان : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته بالطبع لا أنسى أن أدعو السادة المشاهدين للمشاركة معنا في هذا الحوار عبر البريد الإلكتروني وعبر الهاتف من خلال الأرقام والعنوان الإلكتروني المبينين على الشاشة ، أبدأ من ضيفي من دمشق بعد التهنئة بالعيد كيف يمكن للعيد وللوقوف بعرفة أن يكون مناسبة كما أرادها الله وكما جرت سنة نبينا أن تكون مناسبة لاستذكار الأخطار المحدقة بالأمة الإسلامية .

معاذ الخطيب : أختي الكريمة هناك أمر لا بد أن نقرره ابتداءً حتى نستطيع أن نتابع هل هذه الأمة تحمل الكثير من المكونات والخير أم أن الخير قد أصبح ضامراً فيها الذي نعتقده عقيدة أن الخير في هذه الأمة باق إلى يوم القيامة وكما ورد في الحديث الشريف { أمتي كالغيث لا يُدرى الخير في أوله أم في آخره } إذاً دعونا نتفق على هذا الأمر ، الأمر الآخر يعني لتسمحي لي أن أوجه بعض الرسائل الصغيرة جداً إلى من حولنا ، على سبيل المثال مثلاً أريد أن أوجه رسالة إلى إخواننا الدعاة في الأرض كلها وذلك من خلال قوله تعالى { وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين } ما دام هذا الدين ديناً عالمياً حقيقة صالحاً لكل زمان ومكان علينا أن نعيد مد بساط هذا الدين في كل مكان وأن نحاول مرة أخرى فهم آليات حركته بين الشعوب والأمم ابتداء من شعوبنا نحن وانتهاء بكل شعوب الأرض لأن الشعوب حقيقة بحاجة ماسة إلى من يرفع عنها هذا الظلم الذي صارت تعيش به بشكل هائل جداً فهذه أول رسالة إلى كل إخواننا الدعاة والعاملين في الحقل الإسلامي بارك الله فيهم وجميعهم على ثغور لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى . الرسالة الثانية رسالة إلى حكامنا جميعاً نحن لا نتبنى الفكر الصدامي أبداً وحقيقة لا نرغب إلا أن تكون بلادنا في غاية الأمن والاستقرار ولكن ليسمح لنا الحكام أن نقول أنهم قد ضيقوا علينا الدروب ويجب على هؤلاء الحكام كي تبقى هذه الأمة في خيرأ أويقودوها إلى كل خير لأننا لسنا طلاب كراسي أبداً نريد لهذه الأمة الاستقرار وبصراحة الإيمان لا يهترئ قد تهترئ الشعوب تحت وطأة الظلم والفساد والاستبداد ولكن الإيمان لا يهترئ فنحن ندعوهم مرة ثانية إلى إعادة قراءة الإسلام مرة ثانية وثالثة ورابعة من أجل نجاة شعوبهم ومن أجل زيادة الخير والاستقرار للأمة كلها . الرسالة الثالثة السريعة إلى عموم المسلمين جميعاً في الأرض المسلمون الآن حقيقة في ضيق في إشكالات لا يعلمها إلا الله يرى الناس ويسمع ، كأنه لجملة ظروف تاريخية واجتماعية وسياسية مختلفة أصبح الناس يفكرون بشكل فردي دائماً وبالتالي فإن القوة الفردية لا يمكن أن تأتي بنتيجة ويد الله مع الجماعة لا بد أن يعيد الناس التلاحم فيما بينهم وأن يرفعوا للخير راية وأن يتضامنوا إذا وقع الظلم بأحدهم سواء كان فرداً أم جماعة أو دولة ، من المؤسف أننا أصبحنا جميعاً شبه موثـقين لا نستطيع أن نتحرك فإذاً علينا أن نعيد اللحمة مرة ثانية . الرسالة الرابعة والأخيرة إلى وسائل الإعلام التي بعضها حقيقة لا يحمل رسالةً ولا هدفاً هناك قنوات قليلة حقيقةً أظنها تقوم بما لا تقوم به جيوش من الدعاة من حمل الناس على الخير نحن لا ننادي فقط بطرح الوضع الديني بشكله الحرفي وإنما نقول الفطرة البشرية فلتعد مرة ثانية على هذه الشاشات وليتق الله تعالى أصحاب وسائل الإعلام الذين لا هدف لهم ولا رسالة واضحة . فهذه رسائلي الأربعة الأساسية لأقول بعدها الخير الباقي فينا يكفينا بل يحينا وفي الأمة كمون هائل لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ينتظر رجالاً ، ينتظر قادةً حكاماً صالحين يأخذون بيد شعوبهم التي حقيقة ظمئت وتنتظر المنقذ .

منى سلمان : نعم ، فضيلة الشيخ سأعود ربما ببعض التفصيل لبعض ما ورد في رسائلك هذه والأشخاص الذين أو حتى الأشخاص الاعتبارين الذين وجهت إليهم هذه الرسائل لكن دعني أبدأ بتساؤل ربما يحتاج حتى إلى الكثير لكن دعنا نستمع إلى اجتهادك أنت كيف ترى كيفية التقريب بين المسلمين واللعب على المشتركات دون أن تدخل السياسة التي رأيناها أنها فرقتهم إلى مذاهب هل ترى أن هذا الخلاف هو خلاف ديني بالأساس أم أنه خلاف سياسي اكتسى بثياب الدين .

معاذ الخطيب : والله أختي الكريمة بعد تعبٍ شديد وأظن كثيرين من إخواننا وأساتذتنا تعبوا نفس التعب وأكثر أنا أعتقد أن أكثر المشاكل التي يعاني منها المسلمون الآن هي مشاكل تاريخية سياسية ويمكن بقليل من التروي والتدبر والبحث العميق أن نخرج من أكثرها لا أقول كلها لا أريد أن أكون مثالياً ولكن أقول نخرج من أكثرها وعندها فسيصبح مستوى الاختلاف بيننا عادياً وطبيعياً ويمكن تحمله من كل الأطراف ، أما الآن فالصراع يتجه إلى محاور خطيرة جداً وفي نفس الوقت أقول حبذا وآمل ممن بقي فيهم الصلاح والتقوى في هذه الأمة سواء كان حكاماً أم علماء أم أصحاب أموال أن ينشؤا مراكز للدراسات لإعادة يعني دراسة الأمور الحرجة والحساسة من جذورها من دون مراعاة لأحد أو نوع من المجاملات ، على سبيل الصراحة مثلاً الآن ويعني قبل قليل تفضلتم في عدة استضافات سابقة عن مسألة الصراع السني والشيعي أنا وبحمد الله ربما يعني أتبع مدرسة معينة وأرى الصواب في مذهب معين ولكن لا أرى هناك أي إشكال إذا يمكن لمركز دراسات إسلامي يحاول أن يعيد قراءة الأمور من البداية من دون محاباة لأحد حتى نخرج بصيغة لن تكون هي طبعاً الشيء الذي يرضاه هذا أو يرضاه هذا وإنما هو الشيء الذي يبحث عن الصواب باشتراك الجميع ، هناك وسائل كثيرة عند البحث سنجد أنها في غاية الضآلة ألبست ثياباً واسعة جداً وتجيش لها أموال ودول وأشخاص وتبذل الدماء من أجلها وهي قضايا غير صحيحة والله تعالى أعلم حبذا لو يحصل مثل هذا الأمر أظن أنه يحل كثير من المشاكل إن شاء الله .

منى سلمان : نعم لكن الأمر لا يحل فقط على موائد البحث ، مراكز البحث ربما تكون كثيرة ، ربما يدرك العلماء حتى هذه الخلافات التي تحدثت عنها …

معاذ الخطيب : لا أسمعك …

منى سلمان : ومدى عمقها سيدي الشيخ ، لكنني أنا أتحدث عن الشارع أصبح هناك فيه حالة من الاستقطاب السياسي

معاذ الخطيب : الصوت غير واضح أبداً …

منى سلمان : على خلفية دينية ، كيف يمكن رأب هذا الصدع إذا كانت الأبحاث تستغرق سنوات طويلة فما الذي يمكن لعلماء الدين وللدعاة مثل فضيلتكم أن تقولونه لهذا الشارع العربي ؟

معاذ الخطيب : الصوت غير واضح أبداً …

منى سلمان : عفواً سيدي هل تسمعني الآن بشكل أوضح ؟؟

معاذ الخطيب : لا لا بعيد جداً …

منى سلمان : حتى يبدو الصوت أو تحل مشكلة الصوت دعنا نذهب إلى بعض المكالمات الهاتفية معي من السعودية حسن عبد الله تفضل …

حسن عبد الله : السلام عليكم

منى سلمان : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

حسن عبد الله : كل عام وأنت بخير إن شاء الله .

منى سلمان : أهلاً وسهلاً وأنت بخير تفضل .

حسن عبد الله : بس يعني أريد أوجه نداء للأمة الإسلامية أن تجمع يعني تدعم أهل السنة في كل مكان خاصة هنا السعودية العقيدة صافية ، المفروض تتبع السنة هنا ، يصير لهم مرجعية ، هنا السعودية يعني مرجعية للسنة ، الآن إيران تثير القلاقل في اليمن وفي لبنان وفي كل مكان ، حتى السودان …

منى سلمان : سيد حسن برأيك أيهما أشد خطراً على الأمة ، أو هل الوقت مناسب الآن للتحدث عن مثل هذه الخلافات وخاصة أن الأمة الإسلامية بكاملها تواجه تحديات من خارجها .

حسن عبد الله : إن شاء الله ما ينخاف ، الدين واضح ، والعقيدة واضحة ، يعني العقيدة هي عقيدة أهل السنة والجماعة والتي تحتضنها السعودية عقيدة صافية لا لبس فيها ، يعني بعيدة عن البدع جميع البدع ، الآن الشيعة الآن الله يهديهم ، يعني بدع كلها ، شي الدين هذا ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، يعني هنا مفروض تدعم هذه الدولة اللي هي السعودية لأنها تحتضن السنة وبرده يعني ليس لأنها سعودية لاء لأنها يعني حتى علامتها النخلة ، ما هي النخلة ، نخلة مريم عليها السلام وعيسى ابن مريم والسيفين لحمايتها فإن شاء الله ….

منى سلمان : نعم شكراً لك حسن عبد الله من السعودية ، معي من بريطانيا أسامة منجد …. أسامة منجد من بريطانيا … نعم أسمعك تفضل .

أسامة المنجد : أيواه ، نعم ولضيفك الكريم وكل عام وأنت بخير .

منى سلمان : وأنت بألف خير .

أسامة المنجد : سؤالي يعني للأستاذ الشيخ هو هناك يعني مشروع أو مشروعين في المنطقة ، مشروع استعماري غازي ومشروع استبدادي ، السؤال الآن كيف يمكننا أن نزرع الوعي عند الناس بأن نرفض كلا هذين المشروعين المشروع الاستبدادي الذي يحجم قواعد ……

منى سلمان : سيد أسامة برأيك وأنت عربي تعيش في الخارج هل تبدو مثل هذه التحديات واضحة للمسلمين الذين يعيشون في خارج أوطانهم العربية .

أسامة المنجد : يعني المتابع لهذه الأمور ومن هو مهتم بالشأن العام طبعاً يتابع هذه الأمور ويعلم بأن … (انقطاع في الصوت)

منى سلمان : نعم واضحة هذه النقطة ، ولكن ماذا عن دوركم أنتم كمسلمين تعيشون في الخارج في ظل هذا لنقل سوء التفاهم الذي أصبح متفاقماً بين المسلمين وبين بقية العالم كما يبدو من وجهة نظر البعض ….. سيد أسامة هل تسمعني ؟؟

أسامة المنجد : نعم أسمعك .

منى سلمان : سألتك عن دور المسلمين الذي يعيشون في الخارج ، يعني نعرف أن الكثير من الأمم دخلت في الإسلام نتيجة معاملتهم مع المسلمين الذين كانوا يعيشون في مثل هذه البلدان ، هل تشعرون كمسلمين تعيشون في الخارج أن عليكم دوراً مثل هذا أو أنكم ربما تكونون الجسر الذي تنتقل إليه أو يلغي سوء الفهم هذا ؟

أسامة المنجد : طبعاً الأصل ….

منى سلمان : يبدو أن لديك مشكلة عائلية صغيرة …. نعم سيد أسامة نسمعك ….

أسامة المنجد : نعم المشكلة أعود (انقطاع في الصوت)

منى سلمان : شكراً جزيلاً لك حتى يتحسن الصوت ، أنتقل إلى مجيد من العراق ، أنت معنا على الهواء سيد مجيد تفضل ……… أشرف الربيعي من ليبيا تفضل … أشرف الربيعي هل تسمعني … نعم … يبدو أن هناك مشكلة في الاتصالات أرجو أن تعاودوا الاتصال مرة أخرى وحتى هذا الحين أعود إلى ضيفي من دمشق أتمنى أن تكون تسمعني بشكل أوضح الآن فضيلة الشيخ .

معاذ الخطيب : نعم الصوت ممتاز الآن .

منى سلمان : نعم قبل أن أعود إلى سؤالي قبل مداخلات المشاهدين لا أعرف إذا كنت استمعت إلى المكالمات بشكل جيد لكن دعني أنقل لك ….

معاذ الخطيب : آخر مكالمة ..

منى سلمان : سمعت مكالمة ، كان أحد المتصلين يتساءل على أن الأمة الإسلامية تواجه الآن تحديين كبيرين يتمثلان في مشروع استعماري غازي ومشروع استبدادي داخلي فكيف يمكن الخروج من هاتين أو من هذين التحديين الكبيرين وكيف نزرع الوعي لدى جموع المسلمين ؟

معاذ الخطيب : والله أعلم أختي الكريمة يعني الموضوع هو موضوع الأمة والشعب وتفعيل دورها ، الشعوب المسلمة دورها ضئيل جداً يسمح لها أحياناً بالتعبير المؤدب الصغير المناسب لوسائل الإعلام وليس أكثر ، القرارات الأساسية ليست بيدها ، على الأمة أن تسترجع القرار بيدها ، لا من أجل الحصول على مكسب سياسي كمنصب لا وإنما كإعادة هوية واعتقاد وخط للأمة والمهمة تصبح جسيمة جداً لأنها ستتصدى حقيقة لمحورين المحور الاستعماري والمحور الاستبدادي في المنطقة .

منى سلمان : كيف يمكن أن تستعيد الأمة قرارتها أنت ذكرت ذلك ولكن هل هناك آليات معينة يمكنك أن تقترحها بوصفك لست فقط داعية إسلامية لكنك كنت خطيباً لجامع كبير وعلى احتكاك واسع بعدد كبير من المسلمين ؟

معاذ الخطيب : هناك أمر مهم ولكن تعودنا دائماً أن نستخدمه في الجانب الغلط يعني مثلاً هل يمكن لتحقيق أي مبدأ في الحياة بدون تضحية ، نحن سنعيد تذكير الناس بأن التضحية أمر أساسي لتثبيت أي مشروع صحيح في الحياة ، ولا نريد أن ننطلق بالتضحية من أجل أن نصادم الحكام أو من أجل أعمال صبيانية ، سنقول سنضحي من أجل حمل الكلمة الحق أمام الناس كلهم وسنشجع الناس ولو دفعنا كل ثمن من أجل أن نقول لهم حقوقكم لا ينبغي أن تسكتوا عنها وهذه عملية طويلة وصحيح أن الشعوب مقموعة ولكن البذور أنا يعني آمل من الحكام أن يتفهموا الضغط الذي تعيشه الشعوب المسلمة وأن يفتحوا الأبواب قبل أن تنفجر الأمور بطريقة لا يحمدها أحد ولا يريدها أحد … فاستثمار ….

منى سلمان : نعم لكن ألا ترى فضيلة الشيخ أن الشعوب تعاني ربما حتى من أين تستقي دينها ، إلى من تستمع ، هناك حالة من الاستقطاب بين جهتين يبدوان متناقضتين ، شيوخ تابعين للدولة في أكثر من نموذج في الدول العربية يكرسون للحكام دون الإساءة لأحد لكن هذا هو الاتجاه الذي يبدوا للبعض منهم وشيوخ آخرين ربما يدعون لطريق قد يبدو أكثر تطرفاً ويدعوا إلى التغيير بالعنف وباستخدام ربما أساليب أكثر عنفاً وصدامية مع المجتمع فكيف يمكن للشباب المسلم أن يجد طريقه وسط هذين الاتجاهين .

معاذ الخطيب : صحيح وإذا تذكرنا أن الشريعة الإسلامية حقيقتها هي الفطرة ، الناس مهما تطرف الخطاب يمنة أو يسرة فأنا أقول أكثر من تسعين أو خمس وتسعين بالمئة من الناس هم مع الفطرة مع الحقوق الفطرية مع الدين الفطري الذي لا تعقيدات فيه والذي لا ينحاز يمنة ولا يسرة لا إلى الحكام ولا إلى الصدام فتفعيل هؤلاء الناس مهم جداً وعملية هي طويلة جداً ولذلك قلت رسالة إلى عامة المسلمين أن يتكافلوا مع بعضهم يعني على سبيل المثال وبكل صراحة الناس تعودوا إذا اعتقل إنسان مثلاً أن لا يتكلموا عن هذا الموضوع أنا أقول بالعكس انشره في كل مكان دع هذه الأمور تنتشر بين الناس إذا إنسان تعرض لأي مشكلة الناس تستطيع أن تقوم بدور كبير جداً فقط عن طريق المقاومة السلبية للظلم لا نحمل السلاح ونحن ضد حمل السلاح وضد العنف وضد الصدام في المجتمع ومع كل الأطراف في البلاد الإسلامية وفي غير البلاد الإسلامية ولكن لندع الناس تعرف حقوقها ، الحقوق الفطرية التي لا يختلف فيها أحد من البشر ، الحقوق مهضومة وكل الناس تريدها .

منى سلمان : نعم لكن ألا ترى سيدي أن هذه الفطرة تعرضت لبعض التشويش عليها ربما بحيث أصبح كل إنسان يعتقد أنه هو الذي على صواب وأن الآخرين هم على خطأ .

معاذ الخطيب : صحيح هذا الكلام أختي ، وأحد أسبابه الأساسية أن الناس صارت تنهمك في التنظير للموضوع والانتقاد للأطراف الأخرى بينما إذا تابع الناس هذا الطريق فكل الناس الذين يسيرون على خط واحد سيلتقون في النهاية قطعاً بغض النظر عن مشاربهم واختلافهم .

منى سلمان : نعم سأعود إلى المزيد في هذا السياق ولكن دعنا نستمع إلى بعض آراء وتساؤلات السادة المشاهدين معي من السعودية حسين محمد تفضل … انقطع الاتصال … انتقل إلى العراق ومعي وسام شعبان .

وسام شعبان : ألو .

منى سلمان : نعم تفضل سيدي .

وسام شعبان : كل عام وأنتم بخير .

منى سلمان : وأنت بألف خير .

وسام شعبان : أنا بس عندي شي صغير يعني ، بالنسبة يعني بالنسبة لفلسطينية العراق …. ألو …

منى سلمان : نعم نسمعك سيد وسام تفضل ..

وسام شعبان : بالنسبة لفلسطينية العراق يعني إحنا في العراق عم ننتهك من بعض الميليشيات في العراق يعني نحن وضعنا مو زين كتير كتير ، قاعدين ننضرب هون ، قاعدين يشردونا من بيوتنا ، يعني في شغلات الناس كلهم خلي تسمعنا والناس كلهم خلي يشوفنا وخلي يسوولنا حل لهذا الوضع ، سامعتيني … ألو … نحن نطالب شعوب العالم كلها يلاقولنا حل لهالموضوع ، يعني ناس عم تنطرد من بيوتها ، يعني نسوان عم تنتهك أعراضها ، يعني وضعية كلش مش زين بالعراق ، ونحن هلق بالشغل وبيهوشو علينا وبيضربونا ، يعني حالتنا كلو مش زين ، ونحن في خيم على الحدود ، خيم على الحدود ومات أطفال ثلاثة من البرد ، يعني إحنا بنطالب الشعوب العربية أنها كلها توقف معانا يعني .

منى سلمان : نعم شكراً لك سيد وسام أتمنى أن تصل دعوتك في هذه الأيام المباركة للمسلمين جميعاً ، وأنتقل إلى السويد ومعي محمد صديق .

محمد صديق : كل سنة وأنتو طيبين .

منى سلمان : أهلاً وسهلاً وأنت بخير .

محمد صديق : أنا بتصل بخصوص الموضوع ده وبقول لحضرتك حاجة ، بالنسبة للعنف يعني الحكومات العربية الموجودة هي حكومات هشة كلها ، ولو قام أي شعب من الشعوب هذه بالعصيان العام أو بالخروج إلى الشوارع ستسقط هذه الحكومات ، كلها ، ولن تكون لها وجود ، لكن هي الشعوب هي غلطة الشعوب العربية لأن الشعوب العربية لا تريد أن تضحي ولا تريد أن تدفع بدمائها في سبيل تحرير أنفسها فنسكت على الغلط فهو الغلط كله وشكراً .

منى سلمان : شكراً جزيلاً لك محمد صديق من السويد ، أعود مرة أخرى إلى ضيفي يعني قضيتين أثيرتا من خلال هذين الاتصالين الهاتفيين فضيلة الشيخ أولاً كيف يمكن استغلال هذه المناسبة الدينية التي أول ما تستدعيه هو مفهوم التضحية والفداء لمساعدة الشعوب الإسلامية التي تعاني من أوضاع صعبة كما يحدث لإخواننا في فلسطين والعراق .

معاذ الخطيب : نعم ، أختي الموضوع لا يتعلق بنوع من الاستفادة من مناسبة جزئية تمر ، عندنا مناسبات كثيرة تمر في كل سنة ، يحتاج إلى نوع من الفكر الصحيح السليم الذي يستمر في كل مناحي حياتنا والذي يتشعب فيشمل الحاكم والعالِم وكافة الفعاليات الاجتماعية والنفسية والثقافية في الأمة وهذا الأمر ثماره لا تأتي بين يوم وليلة ، ولعل الشعوب العربية بسبب الخطابات التاريخية التي كانت تلقى عليهم صاروا يتوقعون دائماً نوع من القفزات المفاجئة التي لا يمكن حقيقة أن تحقق أي شيء { أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل } وهذا الشيء الذي ندعو إليه الأمة ، في معاناة سيدفعها البعض بسبب الظروف التي وقعوا فيها ولكن الخروج منها إنما هو بعمل طويل ومؤسساتي ويتضامن فيه كل الناس لتحقيق النتائج المطلوبة .

منى سلمان : نعم ، إذا كان هذا العمل الطويل المؤسساتي يستغرق سنوات ربما عقود فضيلة الشيخ ماذا عن تقديم مساعدات حتى عاجلة ، كيف يمكن تكريس هذه الجهود وهذه التضحيات حتى لو على سبيل جهود الإغاثة وتوحيدها في إطار واحد بحيث تصل لمن يستحقها .

معاذ الخطيب : نعم ، هذا أمر آخر المساعدات العاجلة ، فالله يجزيكم الخير أنتم في قناة الجزيرة لا يكاد يوجد مشكلة في العالم العربي والإسلامي وفي كل العالم إلا وتلقون الأضواء عليها فيعني نوجه أيضاً طلب استغاثة لكل أهل المروءة من الحكام ومن أهل الجمعيات الخيرية والإسلامية والإنسانية لإغاثة إخوانهم الذين هم على شفا ظروف حادة جداً سواء في العراق أو في لبنان أو في فلسطين أو في دارفور يعني اتسع الخرق على الراقع وأخيراً إخواننا في الصومال وقبلها إخواننا في أفغانستان ، البشرية حقيقة تئن وتعاني فهذا أمر جزء آخر يتجاوب حقيقةً مع إنسانيتنا وما خلقنا له لم نخلق لهذه الدنيا ليأكل بعضنا بعضاً { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ، { يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا } فنوجه عن طريق هذه القناة الكريمة نداء فعلاً استغاثة لأن أحوال الأخوة لا تقتضي التأجيل أبداً .

منى سلمان : فضيلة الشيخ يعني في بعض جوانب الحج يرى البعض أنه استعراض لقوة المسلمين وأن الله يباهي بهم الملائكة بسبب هذه القوة وهذه الاتحاد وهذه المساواة ، في هذا العام الذي يعتبر من الأعوام التي ضُربت فيه الأمة ضربات موجعة وتعرضت للضعف في أكثر من مكان وأكثر من مجال كيف يمكن أن يباهي الله بنا أو بالحجاج على عرفات المسلمين وهذا حالهم ، هلا فسرت لنا هذه المفارقة .

معاذ الخطيب : كما قلت يا أختي الكريمة ، هذه الأمة فيها خير كثير ولا شك أن الله سبحانه وتعالى يباهي ملائكته بهذه الثلل والجماعات التي ترفع الخير في كل مكان الأمة هذه فيها رحمة كثيرة حتى الآن رغم كل ما أصبها يا أختي الكريمة ، أذكر لك على سبيل المثال مدينة دمشق يقول ابن بطوطة من زمان أنه لا يضيع فيها غريب ولا طالب علم ، وحتى الآن فهناك مئات الجمعيات الخيرية التي تسد الثغرات بين الناس هؤلاء الناس ألا تظنين أن لهم عند الله سبحانه وتعالى مكانة ، هناك أشخاص آخرون يسدون الثغرات الفكرية ، الثغرات العلمية ، الثغرات الجهادية ، الثغرات الفنية في الأمة ، مجموع هؤلاء إضافة إلى الناس الذين ذهبوا بأيدي مرفوعة إلى الله سبحانه تعالى يسألونه الخير والرحمة ، فهؤلاء يعني أهلٌ لأن يباهي الله بهم ملائكته ، أما الشيء الخطير أختي الذي أنت حقيقة وضعت اليد عليه ، هذه الأعداد الجمة والغفيرة وهذه المباهاة التي نقوم نحن بها من دون أن نرافقها بالعمل المناسب فهي شيء مخجل حقيقة ، الآن نحن نغرق في نوع من التسطيح للدين ، أعداد كبيرة ، مواسم كثيرة ، انهماك في الطاعات الظاهرية من دون مثلاً التعمق على سبيل المثال يقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح { إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم } نحن بحاجة إلى أخلاقيات كبيرة ، مستوى الدولة ومستوى المجتمع ومستوى الأفراد دعونا نعمل في هذا الجانب وليس فقط نجتمع ثم ننفض بشكل عددي هناك أخلاقيات في الصيام في الصلاة في العبادة { رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش } { رب تال للقرآن والقرآن يلعنه } هذه وظيفة الناس الذين في أيديهم القوة سواء كانوا سياسيين أم إعلاميين أم أصحاب منابر فإذاً نحتاج إلى الخروج من هذا التسطيح للدين والذي أظن أنه جزء من عملية غش وتمويه للمسلمين كي فقط يحافظوا على المظاهر وينسحبوا من الفعاليات الحقيقة .

منى سلمان : نعم سيدي استخدمت مصطلح ربما تم الحديث بشأنه كثيراً في السنوات الماضية وهو مصطلح تسطيح الدين ، الاهتمام بفقه العبادات على حساب فقه المعاملات ، كيف يمكنك أن تحل هذه المفارقة لدى الكثيرين ممن يشاهدوننا ، هل بالفعل تم جر المسلمين للحديث في أمور ربما خلافات فقهية أو أمور سطحية كما وصفتها للابتعاد بهم عن صحيح دينهم كما أراده الله دين الفطرة كما وصفته أنت .

معاذ الخطيب : سأذكر مثالين ، المثال الأول ما حصل في الدنمارك من إساءات للنبي عليه الصلاة والسلام ، هذا الأمر بغض النظر عن قوانين بلادهم وما يسمحون أو لا يسمحون به ؛ أختي في إحدى البلدان الأوربية من دون ذكر اسم يعني ستين بالمائة من السرقات التي تحصل يقوم بها أبناء الجالية المسلمة فقال لي أحد القضاة هناك : كيف تتوقعون أن يحترم الشعب دينكم وأبناؤكم يقومون بهذا الأمر ، لو كنتم أنتم حقيقة تحترمون دينكم ثم بعد ذلك طلبتم أي شيء لكان يعني من الصعوبة بمكان أن لا يستجاب له . إذاً تفعيل الجالية المسلمة هناك عن طريق الأئمة وعن طريق الدعاة وعن طريق الأشخاص أنفسهم إذا لم يكن هناك كفاية ضروري جداً للخروج من مأزق التسطيح قام العالم الإسلامي وقعد بينما هناك إهانات أعظم ، إهانة المصحف في غوانتانامو كانت أعظم بكثير لماذا غض النظر عنها ، وهناك إساءات أكبر عندما يذبح مليون إنسان في مكان ما فهذا مثال ؛ المثال الآخر الذي ضمنته يعني في رسالتي إلى العلماء والدعاة عندنا أمر سأضطر إلى شرحه قليلاً إذا سمحت لي ، المشهور في الفقه بين إخواننا وأخواتنا أن غير المسلم لا نرد عليه السلام ، هذا الأمر كانت له أسباب معينة كان بعض أهل الكتاب يقولون للمسلمين يا رسول الله هم يقولون كان أهل الكتاب يقولون : السام عليكم ، السام بمعنى الموت الهلاك ، فعليه الصلاة والسلام قال : قولوا وعليكم ، الآن هذا الأمر حمل بشكل سطحي في العالم الإسلامي كله ، كيف أستطيع أن أدعو إنساناً إلى الله وهو يقول لي السلام عليكم لا أرد عليه لا مرة ولا مرتين ولا ثلاثة ، يعني هو يجد حاجز من أول مرة ، إذا يعني طلبنا من إخواننا أن يراجعوا بعض المراجع الفقهية كزاد المعاد لابن القيم سيجدون أن المسألة فيها سعة كبيرة ومن آخر ما اطلعت عليه كلام للشيخ صالح بن عثيمين رحمه الله وقد سئل عن الأمر فقال بشكل صريح واضح : أن الأصل هو قوله تعالى { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } ؛ هذا هو التصرف الشرعي السليم مع المسيحي ومع اليهودي ومع الوثني ما دام هذا الشخص لا يحاربنا فنحن إذا سلم علينا نرد عليه بلفظ صريح فصيح ويذكر أحد العلماء أن الإمام الزهري كان جالساً فمر به جاره النصراني فقال : السلام عليكم يا إمام فقال : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، فاستغرب هؤلاء التلاميذ قالوا : وتقول له رحمة الله قال : أليس في رحمة الله يعيش ، هناك آفاق أوسع هناك فقه أوسع دعونا نخرج من الظروف التاريخية التي أملت بعض الأمور أو وجهتها باتجاه سياق معين مع الحفاظ لها ضمن ما تتحمله أو ما يناسبها ؛ عندنا تسطيح كبير في كل الأمور ولا يوجد مجال طبعاً لبسط هذه الأمور ، فقط أكتفي بهذين المثالين .

منى سلمان : نعم ، فضيلة الشيخ انطلاقاً من هذين المثالين البعض يتساءل لماذا أصبح الشارع العربي الإسلامي يميل أكثر إلى التزمت وإلى الأخذ بالآراء الأكثر تشدداً بحيث أنه يكاد يكون هناك حديث عن أن من يحاول الاجتهاد فهو يدخل في مغامرة ربما أو يسير على أرض مليئة بالأشواك .

معاذ الخطيب : أختي الكريمة ، أنا لا ألوم عامة الناس ، عامة الناس تريد الحفاظ على دينها بصراحة هناك اضطهاد ديني في العالم العربي والإسلامي ، يعني بلد على سبيل المثال تمنع المرأة المسلمة فيه من الحجاب بأي حق ، بلد آخر يسأل الإنسان ما هي طول غلابيته ، بلد آخر لا يسمح فيه بأي نشاط سياسي للناس كلهم ليس فقط الإسلاميين ماذا تتوقعين في مثل هذه الظروف ، الإنسان يلتفت إلى ما يعرف فهو يعرف بعض المسلمات التي لا يستطيع الآن أن ينشرها أو يضعها في ضوء الشمس خشية أن تختطف منه أو تسرق بعض أجزائها فإذاً هو يزداد تشدداً وتمسكاً بما يعرف حذراً من دخول أمور ماكرة وللأسف الشديد فإن أصحاب السلطة في كثير من البلدان الإسلامية لم يعتنوا بهذا الجانب أبداً مع أنه يغني بلدانهم بشكل هائل جداً ، فهم حافظوا أو أرادوا أن يوجد حولهم جسم ديني مسطح يعني آسف إذا قلت هذه الكلمة ولكن ليست كبيرة ولكن جسم منافق عمله الأساسي هو النفاق وتمرير كل شيء تقوم به الدول ، مع العلم أن الحكام لو وُجد بين أيديهم علماء يقولون لهم هذا صحيح وهذا غلط لاستفادوا كثيراً ولنجوا من كثير من الأمور ، إذاً هناك من يربي الجسم الديني الضحل ثم يقول هذا الدين ضحل فنحن لا نستطيع أن نحمله ونسي أنه هو الذي رباه وهو الذي يرعاه وبالتالي فالإنسان العادي لن يحمل الدين الضحل يريد الدين العميق وهو لا يحمل العلم الكافي والاجتهاد الكافي فيتمسك بما يعرف فهذه هي القضية .

منى سلمان : إذاً المسألة تحمل في جانب كبير منها جُزئية رد الفعل ، كيف يمكن للشباب التمييز بين الصواب والخطأ فيما يتعلق بكثير من المسائل دون الوقوع في فخ التشدد أو الكيانات المنافقة كما وصفتها أنت هذا ما أعرف إجابته منك فضيلة الشيخ لكن دعنا نستمع أولاً إلى صوت هناء من السعودية ، سيدة هناء تفضلي .

هناء : السلام عليكم

منى سلمان : وعليك السلام ورحمة الله .

هناء : لو سمحت يا أختي الفاضلة أحب أن أسلم على الشيخ وأحييكم وأهنئكم بالعيد وأحب أطرح فقط مسألة بسيطة هو أنني أتمنى على الشيخ أن يسهب أكثر في مسألة الفتنة الطائفية التي أصبحت الآن هي الهم الأول للمسلمين ، فما فعله أيضاً الصليبين والجيش الأمريكي في العراق لا يأتي ولا بعشر ما فعله الشيعة الآن أو الصفويين الموجودين في العراق من قتل وتدمير وتعذيب وأمور لم تعد خافية حتى في الغرب يعني أصبحوا يتحدثون عن هذا الشيء مع أني لاحظت أن الشيخ حتى حاول أنه يتحدث عن مذهبه بطريقة مبطنة ولم يستطع أن يفصح عن مذهبه وكأن يعني أصبحنا نخاف حتى أن نقول نحن من أهل السنة أو الجماعة رغم أني أعرف الشيخ لماذا حاول أنه ما يظهر حتى ما تكون هناك أي مشاعر عدائية أو مشاعر ؟؟؟؟

منى سلمان : نعم لندع فضيلة الشيخ ندع فضيلته يوضح لنا إن كان بالفعل قصد ما ذكرته .

هناء : لكن في هناك فقط فقرة أخيرة هو عتب أيضاً على قناة الجزيرة من ناحية موضوع الفتنة الطائفية لأنه على غير العادة أصبحت الجزيرة تتحاشى ربما بحجة عدم إشعال فتنة أو شيء ولكن يعني بغض النظر يعني قصدي استثناء المؤتمر المبارك الذي أقيم تغطيته في تركيا فلم يكن هناك للجزيرة تلك الوقفة القوية لتوضيح هذا الأمر وأيضاً الإعلانات التي تقدم عن إيران وما إيران فيها جرح كبيرة لمشاعر أهل السنة والجماعة ، إيران الآن أصبحت بالنسبة لنا مرادفة للجيش الأمريكي فأتمنى المحافظة أكثر على مشاعر المسلمين ، وشكراً .

منى سلمان : نعم لنعرف رأي فضيلة الشيخ فيما ذكرته من مسائل قد ربما تحتاج إلى مناقشة طويلة في بعضها ، لكن دعينا أخت هناء نستمع أيضاً لوجهة نظر علي الأحمد من بريطانيا .

علي الأحمد : السلام عليكم .

منى سلمان : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

علي الأحمد : شكراً ، يعطيك العافية يعني بس أحب من أقدر أنه فضيلة الشيخ لا يستطيع التكلم براحة تامة بسبب يعني بسبب الظرف في سورية فأحب منه بقدر ما أريد الإحراج له يعطينا فكرة موجزة عن وضع المسلمين في سورية وخاصة ما نسمعه عن اعتقالات كثيرة مستمرة يعني يخرج ناس من السجن ويدخل ناس إلى السجن وهكذا وحقيقة ما قيل وما أشيع يعني عن وجود حركة تشيع في سورية مؤخراً يعني بما لا يسبب له أي حرج وأرجو فقط أن يعني إذا استطاع أن ينبه يعني تعليق على الأخت التي تكلمت قبلي كيف أن المسلمون السنة في سورية وهي الأغلبية العظمى الساحقة في سورية مضطهدون منذ عشرون ثلاثين سنة محرومون من كثير من الحقوق هم مواطنون من الدرجة الثالثة يعني أصعب وضع صامت صمت يعني هناك صمت مطبق يعيشه المسلمون في سورية بسبب تحكم طائفة قليلة من الشعب تتفق مع إيران كلياً في معتقداتها فأرجو إذا كان بإمكان أن يوضح هذه النقطتين وشكراً جزيلاً .

منى سلمان : شكراً لك سيد علي الأحمد من بريطانيا وما زلت هناك ومعي من هناك محمد سليم .

محمد سليم : سلام عليكم .

منى سلمان : وعليكم السلام ورحمة الله .

محمد سليم : تسمعونني ؟؟؟

منى سلمان : نعم نسمعك بوضوح سيد عبد الرحمن تفضل …

محمد سليم : أنا الحقيقة أرغب أن أقدم خالص التهاني بعيد الأضحى إلى الأمة العربية والإسلامية ونحن يعني نشكر طاقم الجزيرة على هذا الجهد الجبار ونتقدم بالتحية لأستاذنا وشيخنا الأستاذ معاذ الخطيب وأود أن أركز على نقطة في غاية الأهمية والاختصار وهي أنه بالإضافة إلى البعد الإقليمي يجب أن لا يغيب عن أذهاننا البعد العالمي للأمة العربية والإسلامية ؛ نحن مشاكلنا ليست مقصورة على بلد بعينه وأنا شخصياً وأود من فضيلة الشيخ أن يعقب أرى بأنه واحدة من النقاط التي يجب أن ننتبه إليها هي أن مرجعية الأمة اليوم تكمن في الالتفاف على العلماء ، العلماء هم ورثة الأنبياء وهم الطبقة التي ستحمي هذه الأمة من النزعات الفكرية ، من الإحباط ، من التراكمات من السأم والملل والضياع .

منى سلمان : إذاً أنت ترى ضرورة التركيز على تأهيل ربما هؤلاء العلماء وضرورة أخذهم بزمام المبادرة ..

عبد الرحمن الزيد : تماماً نحن نشد على يد الشيخ وعلى يد كل العلماء المرابطين في بلاد الشام ونخاطب أبناء أمتنا في كل مكان وفي كل زاوية بأن المخرج الحقيقي للأزمة إنما هو بالعودة إلى العلم الشرعي والتسلح به والالتفاف حول العلماء وتاريخنا حافل بكل الأمثلة من 1948 ….

منى سلمان : نعم شكراً لك سيد عبد الرحمن الزيد من بريطانيا وضحت فكرتك السيد محمد سليم عفواً ومعي عبد الرحمن الزيد من السعودية .

عبد الرحمن الزيد : سلام عليكم

منى سلمان : وعليكم السلام ورحمة الله .

عبد الرحمن الزيد : تحية لك ولضيفك …

منى سلمان : شكراً لك تفضل .

عبد الرحمن الزيد : وكل عام وأنتم بخير .

منى سلمان : وأنت بألف خير تفضل .

عبد الرحمن الزيد : أقول عيد بأي حال عدت يا عيد ، حبيت أسأل الشيخ لو سمحت ، هل ممكن إيجاد فقه إسلامي موحد للمسلمين كلهم وهل في الإسلام سني وشيعي أم أن الدين عند الله الإسلام شكرا جزيلا ً .

منى سلمان : شكراً جزيلاً لك سيد عبد الرحمن الزيد وأعود إلى ضيفي من دمشق استمعت معنا إلى بعض هذه التساؤلات بعدها يتعلق أو الكثير منها يدور في فلك هذا التقسيم الطائفي الذي أصبحنا نتحدث عنه ربما بصوت لم يكن عالياً بقدر ما هو في هذه الأيام فكيف ترى أنت هذه الآراء فضيلة الشيخ .

معاذ الخطيب : صحيح صحيح ، أختنا الكريمة الحمد الله رب العالمين لست من الذين يستحون من إظهار عقيدتهم وأنا شخص في بلدي معروف ما هي عقيدتي وما هي توجهي وأنا من أهل السنة أرجو الله سبحانه وتعالى أن يتقبلني كذلك ولكن الذي أريده من خطابي أن لا يكون أيضاً مجيراً لطرف ضد طرف وسأذكر فكرة أرجو الانتباه الشديد لها أختي الكريمة أختنا التي ألقت مداخلة ، أختنا هناء ، الآن والله أعلم هذه رؤيتي والله أعلم الولايات المتحدة لا تريد تدمير حزب الله ولا تدمير سوريا ولا تدمير الأردن ولا تدمير مصر تريد السيطرة الشاملة على المنطقة حتى تضع تلك الأنظمة والقوى تحت يديها ، ولكن هناك منظومة أخرى أخطر بكثير ومشروع أخطر هو المشروع الإسرائيلي الذي يتلاقى مع المشروع الأمريكي ويفترق عنه في بعض المفاصل هذا المشروع الإسرائيلي هدفه الأساسي هو التفتيت ، المشروع الأمريكي هدفه الهيمنة ، يعني إذا كانت الولايات المتحدة تريد النزول في العراق لماذا تريد النفط تحتاج إلى استقرار ، ولكن المشروع الإسرائيلي يزج بالولايات المتحدة ويريد التفتيت إذاً هو لا يريد إنهاء حزب الله ولا يريد إنهاء أي قوى يريد إبقاء كل القوى في المنطقة ضعيفة من أجل أن تتناحر ، ومعنى ذلك فأي كلمة نضيفها نحن فإنما نصب الزيت على النار ونزيدها اشتعالاً ، أختي الكريمة هناء الله سبحانه وتعالى عندما حرم الدماء حرم دماء الكل فدماء أهل السنة حرام ودماء إخواننا الشيعة حرام ودماء حتى الكافر الذي ليس بيننا وبينه مشكلة حرام قطعاً { دماؤكم وأموالكم [كلها] حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا } فنحن لا نريد أن نساند هذا الطرف ضد هذا الطرف بل سنصرخ بأعلى أصواتنا وسنقول هناك فتنة قادمة إلى المنطقة وعلى العقلاء أن يشدو كل الأطراف كي لا تقع هذه الفتنة وليس إذا كنت من أهل السنة والجماعة مثلاً فأنا سأشارك في نحر الشيعي حتى في الكلام وأرفض أيضاً إذا أخ من إخواننا الشيعة سيشارك في نحر أهل السنة حتى بالكلام إذاً الأمر خطير جداً وسيزحف إلى الكل ونحن حقيقة نشعر بخطر شديد على المنطقة ليس من حزب الله ليس من القوى الأخرى وإنما من القوى التي ستتلاعب بالكل وتوجه الكل لينحر البعض بعضاً انظري إلى ما يجري في العراق يعني هل تظنين أن أحداً سينتصر كل شيء له استحقاقات تاريخية والذي يذبح في النهاية سيأخذ رصيداً في غاية السوء معه ، فهذه فكرة فنحن لا نستحي بديننا إن شاء الله تعالى ، الأمر الآخر بما يتعلق بسورية عندي فكرة ربما لا تعجب الكثيرين ولكن سأتكلم بها وأرجو الله أن يمنحني الشجاعة لذلك الآن يتحدثون عن نوع من ما نقول مثلاً الامتداد الشيعي في سورية أنا سأسأل إخواننا من أهل السنة والجماعة إخواننا العلويين الذين بقوا عشرات السنين من دون أن يهتم بهم أحد من المسؤول عنهم إذا بدؤوا الآن يتحولون إلى المذهب الشيعي ماذا أفعل أنا والله أتمنى أن يتحولوا إلى المذهب الشيعي بصراحة لأن هذا يبلور لهم كثير من الأفكار بشكل أكثر وضوحاً وأكثر منهجيةً وتقولين لي ولكن في نفس الوقت هناك ظلم لبعض الأطراف الأخرى نعم لا أريد أن أحابي طرفاً على حساب طرف عندنا مشاكل كثيرة ونحن نتوجه من على قناة الجزيرة إلى كل صاحب سلطة في هذا البلد أن يعني يبذل الجهد ويفتح الأبواب ويحاول قدر الإمكان حل المشاكل قبل أن يأتي الحريق الذي يحرقنا جميعاً سنة وشيعة وعلويين ومسيحيين في المنطقة هناك مخطط إسرائيلي للتفتيت فإذاً نحن ننادي بإطفاء النار على كل الجهات ونطالب أيضاً برفع بعض الحيف أو كل الحيف الذي يقع ببعض الإسلاميين في سورية يعني أطالب من على قناة الجزيرة بإلغاء القانون 49 ليس معقولاً أن يحكم بالإعدام على إنسان لأنه ينتمي إلى جماعة معينة مهما كانت ، يعني في لبنان ممكن يجلس الدكتور سمير جعجع والسيد حسن نصر الله مع بعض على طاولة واحدة وأنا لا أستطيع أن أتفاهم مع شخص آخر مهما كانت هذه الأطراف الإسلامية ارتكبت أغلاط ومهما كانت الدولة عندها تحفظات نريد أن نجد حلاً في النهاية وأنا أفكر أن الأمة يجب أن (مقاطعة من المذيعة)

منى سلمان : نعم عفواً فضيلة الشيخ لكن هل يتبدى من ضمن هذه الحلول ليس فقط للوضع الذي وصفته في سورية لكن الذي وصفته من قبل في الأمة العربية والإسلامية فكرة إيجاد فقه موحد ربما هل فقهياً أو دينياً تبدو هذه المسألة ممكنة وهو السؤال الذي طرحه السائل من السعودية .

معاذ الخطيب : يا أختي الكريمة التوحيد في كل الأمور ليس هو المطلوب لأن الاختلاف الفقهي والمذهبي يُولد في الأمة غنى شديد جداً ويعطيها حيوية وآفاق واسعة جداً المطلوب أن يكون هناك ناظم هذا الناظم هو الذي يضيع ، أحياناً يضيعه العلماء للأسف بكثرة جدالهم في أمور فرعية وإضاعة الناس وأحياناً يضيعه الحكام ، فنريد أن تتضافر جهود العلماء مع الحكام لإيجاد محور لهذه الأمة صار الأمر أكبر بكثير من قضية جماعة تتآمر على الدولة أو دولة تريد أن تحاول أن تسيطر وتهيمن على جماعة معينة ولا تسمح لها بالتنفس ، الأمر أكبر بكثير وليس التوحد في كل جزئية وكلية هو المطلوب ، المطلوب هو التفاهم ضمن محور جامع .

منى سلمان : نعم فضيلة الشيخ على مدى تاريخ الأمة الإسلامية هذه الفرق معظمها ليست جديدة لم تنشأ بالأمس أو في العام الماضي أو حتى قبل عشر سنوات كانت موجودة وكانت تتميز بهذا الغنى الذي تحدثت عنه والاختلافات المذهبية ودائماً كانت هناك هذا الاختلاف رحمة لماذا تحول في هذه السنوات الأخيرة إلى نقمة وإلى بذرة لاشتعال حروب ربما وللقتل على الهوية كما نرى في بعض بلداننا العربية .

معاذ الخطيب : أختي بالإضافة إلى الأيدي التي تمتد لا أريد أن أتحدث عنها لأنها دائمة الوجود أنا أُشبه الإسلام مثل مؤسسة عظيمة فيها ملايين الموظفين ، إدارة هذه المؤسسة تحتاج إلى كفاءات عالية ، زالت الكفاءات من يديرها ، أضعف الكفاءات ستحصل مشاكل كثيرة .

منى سلمان : ماذا تعنون بالكفاءات هل تعنون علماء الدين مثلاً ، هل تعني الحكام هل تعني ….

معاذ الخطيب : من كل التوجهات يا أختي

منى سلمان : نعم ، نعم

معاذ الخطيب : يعني على سبيل المثال الحكام ، إذا نظرنا مثلاً إلى البلاد العربية ما هو المشروع الحضاري الذي يمكن أن تقدمه في وجه أي منظومة حضارية على وجه الأرض ماذا نستطيع أن نقدم لأي دولة أخرى ؟ الدول العربية تعيش حقيقة في تخلف شديد جداً من الناحية الحضارية ليس لديها منهج حضاري معنى ذلك نريد من حكامنا أن يتفهموا هم الإسلام مرة أخرى أنا أعذُرُ بعضهم بالجهل الشديد بسبب أنهم أحاطوا أنفسهم أيضاً بكَوكبة من العلماء المنافقين أو الدجالين الذين صاروا يهونون لهم كل شيء ، فالمشروع …..

منى سلمان : وهذا يؤدي إلى السؤال الذي طرحته قبل قليل فضيلة الشيخ وربما لم يتح لنا الوقت للاستماع إلى أجابته وهو كيف يميز الشباب المسلم الذي يريد أن يتمسك بدينه بين هذه الآراء المتداخلة حتى لا يقع ضحية لتصفية حسابات سياسية أو لآراء دينية تصب في خانة التشدد أو تصب في خانة النفاق للدولة .

معاذ الخطيب : المسألة لا أريد تبسيطها ، المسألة شائكة حقيقة ولكن أقول لكل الشباب الإسلام بشكله الفطري لا يؤدي إلى هذه التعقيدات علينا كعلماء ودعاة وعلى الحكام أيضاً أن يزيلوا العوائق في الطريق أما إذا كان البعض سواءٌ من أهل العلم أو أهل الحكم من أجل مآربهم الخاصة سيضعون العراقيل ولا يبالون بأن ينتحر الشباب المسلم بين أيديهم من أجل بقائهم فسنقول لهم الأمة ستبقى وستتابع والكل سيزول لن يبقى أحد في وجه الفطرة ولا في وجه الحق ولا في وجه الاعتقاد السليم فنحن نريد أن نكسبهم ولا نريد أن نخسر أحداً فأنصح الشباب بزيادة التفقه الدائم وبالسير مع الإسلام كفطرة .

منى سلمان : الحقيقة أن هذا الشباب يتم توجيه الاتهامات له دائماً بأنه أصبح أكثر تشدداً ربما وأنه يسهل استغلاله من أي من الطرفين أنت تحدثت عن الفطرة سيدي لكن هل لك أن تشرح لنا بشكل ربما أكثر يستطيع الشباب أن يستوعبه بشكل أكثر ، يكون أكثر وضوحاً هذا الطريق .

معاذ الخطيب : نعم ، يعني على سبيل المثال يستخدم هذا الأمر في الخطاب الديني بشكل واسع جداً أنا سمعته عشرات المرات على الأقل عندما لا تنزل الأمطار يتوجه كثير من الخطباء باللوم على آسف يعني هذا الواقع للنساء ويقولون لولا النساء المُتبرِجات والسافِرات لمَا حصل ما حصل ولنزلت الأمطار طيب دعونا نرجع إلى هذا الأمر لنرى ماذا يقول الحديث الشريف النبي الهادي عليه الصلاة والسلام { وما منع القوم الزكاة إلا مُنعوا القطرَ من السماء } الموضوع إذاً يوجد اختلالات عند بعض النساء هداهُن الله فهذا الأمر له سياق آخر ومعالجة أخرى فالإنسان عندما يحاول أن يتبع فطرته الشرعية ، هل من المعقول مثلاً أن يأمرني الله سبحانه وتعالى بأن أكون عدواً لأمي وأبي داخل البيت يعني { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً } حتى قال علماؤنا أن الإنسان إذا كان والداه غير مسلمين لنفترض إنسان له والدة مسيحية طلبت منه أن يوصلها إلى الكنيسة فهذا حقها أن يوصلها ابنها من باب برها ، طيب كيف أنا من الممكن أن أتصرف بالبيت بفظاظة شديدة من أجل موقف أصغر بكثير ، وأنا لا ألوم الشباب حقيقة لأن ما يوضعون فيه من الظروف لا يؤدي بهم إلا إلى هذا المزلق ولكن عليهم أن يعني ينفذوا منه ولا يسمحوا لأحد بأن يسخرهم أو يجيرهم ويدفعهم إلى مصارعهم .

منى سلمان : نعم فضيلة الشيخ أنت ذكرت فكرة تحميل المرأة دائماً القدر الأكبر من المسؤولية والحقيقة أن المسألة أصبحت ربما مؤصل لها في التراث العربي بشكل كبير فهل يمكنك أن تستفيض قليلاً في هذه النقطة .

معاذ الخطيب : لأسباب كثيرة أيضاً أختي تاريخية سياسية على سبيل المثال أتاني سؤال من مركز إسلامي في الغرب يقول : هل يُسمح للمرأة المسلمة بالحصول على شهادة قيادة السيارة والسؤال الذي خلفه : إذا حصلت المرأة على شهادة القيادة هل يجوز لها أن تقود السيارة ؟ طيب هذا الأمر عجيب وقالوا مع الدليل أخذت أبحث وكنت أريد أن أقول أن الأصل في الأشياء الإباحة وليس المنع إلى أن وجدت حديثاً صحيحاً في صحيح البخاري يقول النبي الهادي عليه الصلاة السلام { خيرُ نساءٍ ركبنَ الإبل صالحُ نساء قريش } وفي حديث آخر { لو علمتُ أن مريم بنت عمران ركبت الإبل ما فضلتُ عليها أحداً } حتى أحد علماء دمشق الكبار جداً الشيخ أديب الكلاس أطال الله في عمره ذهبت عنده وسألته قال : أنا آمر كل شاب مسلم أن يعلم زوجته القيادة ، إذاً هناك تراكمت بعضها اجتماعي بعضها تاريخي بعضها سياسي وللأسف الشديد هذا الأمر لا يعني يحصل العمل عليه والدراسة العميقة لأن حتى الحكام بصراحة والأنظمة السياسية لا تبالي ، بالعكس تجدها فرصة لأن يشتبك هؤلاء المتدينون مع النساء في الليل والنهار وبدل أن يعني يحصل عمليات إصلاح يحصل عمليات بالعكس تضاد وتشابك شديد والظالمون يتفرجون ويفرحون .

منى سلمان : نعم شكراً جزيلاً لك فضيلة الشيخ أحمد معاذ الخطيب الحسني خطيب الجامع الأموي سابقاً أكرر التهنئة لفضيلتك وللأمة الإسلامية كلها وأوجه عناية مشاهدينا إلى أن هذه التغطية الخاصة ليوم عرفة والاحتفال بعيد الأضحى المبارك مازالت مستمرة معكم نعود إليكم من جديد على رأس الساعة القادمة إلى اللقاء .

– ملاحظة من مشرف الموقع : ماكان من خير في هذه المقابلة فهو من الله وماكان من شر فهو من نفسي وأستغفر الله ، إن أردت إلا الإصلاح ما استطعت ….

كُتب في صوتيات ومرئيات, مقابلات إعلامية | التعليقات على مقابلة مع قناة الجزيرة 29-12-2006 مغلقة

أيها المسرفون : إحذروا من سخط الله

هذه رسالة خطتها أخت كريمة فاضلة ، نشأت في بيئة لاينقصها من العراقة والجاه والمال والمكانة الاجتماعية شيء .. والتزمت الأخت بالإسلام لتبدأ رحلة معاناة بين المسلمين الذين تحول الإسلام عندهم إلى رسوم وأوهام …
رسالة الأخت صريحة جداً .. صادقة … عفوية .. لم نحذف منها إلا بعض الأسماء .. وعدلنا كلمات محددة وضعناها بين حاصرتين.
رغم أن من الخطأ التعميم والإطلاق إلا أن مرارة الواقع جعل الأخت تتكلم وتكتب عن واقع مر لن يجمله كل الطلاء .. مالم نعد إلى الحق
ندعوكم (ونحن معكم ومنكم) إلى القراءة المتأنية والاعتبار وإعادة التفكير والخروج من الغفلة …

بسم الله الرحمن الرحيم

أستاذنا الغالي ـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ترددت كثيراً قبل أن أكتب لك هذه الرسالة ، وانتابني شعور ثقيل يقول لي كفى الشيخ معاذ شر رسائلك ، وزوجته الطيبة وجع رأس أفكارك وإشكالاتك .. وقد كنت فيما سبق متأملة أن أجد مجتمعاً صغيراً أحلم به أنتمي إليه بعد طول عزبة ووحدة وعطش وقد بحثت عنه وطرقت أبواب علني أجد المجتمع الصغير الملتزم ولكن بعد فترة قصيرة من المحاولات اقتنعت بأن الأفضل أن أظل غريبة وتبنيت بيت للإمام الشافعي رحمه الله ..

فطوبى لنفس أُولعت مقر دارها مغلقة الأبواب مرخى حجابها

لأظفر بديني بين زوجي وأولادي .. ومع ذلك ظل عقلي يتعبني فلم أستطع إغلاقه .. واليوم أعود فأسمح لنفسي بأخذ بعض من وقتكم الغالي لاستفسر وأتعلم وأصل للحق وقد كرستم حياتكم من أجله وأبث لكم ما بنفسي لأنكم الوحيدين الذين أضمن معهم عدم الحدية والمبالغة وبالمقابل عدم التعايش مع الفساد والفسق واستساغته .. هدفي بالرسالة إعلامي بالخطأ إن كنت مخطئة .. أما إن كان هناك ما هو صحيح أو جديد باعتباري إنسانة عادية وليس شيخاً (فاضلاً) يتكلف الناس أمامه بارتداء ثوب التقوى فأرجو وقتها لفت النظر لهذه الأمور لأن ” البلل ” وصل إلى الجميع منذ بداية صيف هذه السنة وحتى الآن بشهادة كل من رأيت أو سمعت كانت هذه السنة سنة كارثية على البلد ، سرطانات ، أورام ، كتل ، سكتات ، غيبوبات ، أمراض عضوية ونفسية تطال الكبير والصغير ، سنة غير مسبوقة .. ولست أفضل من أحد فلم أنجو أنا أيضاً من الوعكات فقد شمل هذا الحال الجميع ـ ممن رأيت وسمعت .
وبعد تأمل توصلت لنتيجة أن بلدنا قد عم عليها ـ غضب ـ أدى لعقوبة جماعية شملت الجميع ورأيت لذلك ثلاثة أسباب خاصة عدا الأسباب التي نعرفها جميعاً التي تغضب الله …
وفيما يلي سيكون هذا رأي شخصي لي ولا يحمل التعميم وإنما الغالب من الأحوال :
الأسباب :

1. دعاء نساء وأمهات غزة وقانا …. على العرب بسبب عدم نصرتهم .
2. قنابل موقوتة في بلدنا وهي الخادمات .
3. الترف والإسراف وعدم لجم ذلك بالاستنكار .1. أثناء اجتياح غزة كنت أرى النساء يجلسن على ركام البيوت وينعين الشهداء وفي عيونهم وكلامهم دعاء على العرب والجيران المتقاعسين عن نصرتهم وكانوا يقولون لن نكون وحدنا ولن تنجوا بتخاذلكم وقد كان عتابهم ونقمهم علينا أكبر من نقمهم على إسرائيل وكذلك في قانا حينما كان يحمل الآباء أطفالهم الموتى ويقولون شوفوا يا عرب لم يقولوا شوفوا يا إسرائيل .. أعتقد أن دعاءهم مستجاب بسبب التخاذل ( مهما كانت درجاته ) مما جعل الغضب يعم علينا جميعاً بما فينا القلة التي حاولت المساعدة وكان ذلك بعقوبة جماعية جعلت مشافينا تعج بالمرضى مقابل المصابين لديهم وبالموتى فتعددت الأسباب والموت واحد هنا أما هناك فهم شهداء والفرق بين هنا وهناك الرسالة والهدف والظرف .. وكأن الله تعالى يقول لنا إن خفتم على أنفسكم وأردتم الأمان بتخاذلكم عن نصرة الجار فقد سلبتكم إياها وبدل صواريخ وقنابل إسرائيل هنا طير أبابيل ترمي بحجارة من سجيل غضب الله يرمي بالأمراض والسكتات والسرطانات والهم والغم والنكد وانعدام السكينة والأمان.. وقد قالها البارحة الأستاذ خالد مشعل حفظه الله ( والله إن جوع الأطفال والسناء والغلابة بفلسطين في أعناق العرب والمسلمين قبل أن يكون في أعناق إسرائيل وأمريكا .. وأن كسر الحصار ممكن من قبل العرب والمسلمين وهو أهم من التراويح وقيام الليل وكل النوافل …. ) وهذا تماماً ما أشعر به إحساس بالذنب يجب أن يشعره الجميع ولا يبرد قلبنا النوافل ولا حتى إنفاق بعض المال مما جاد الله علينا به… وحينما أتحدث بذلك يقولون ماذا نفعل ؟ الظرف خانق .. الإنسان مهزوم وأستغرب لماذا التاجر لدينا ومع احترامي لمن يخاف الله منهم ـ مثل الحية بسبعة رؤوس مهما ضيق عليه ( نبق ) له رأس ليربح ويحيا أما الضمير والإرادة فهي كنبتة ( الشمام ) التي عاشت لمرة واحدة ثم ماتت موتتها الأبدية !!
حتى حينما يخرجون بمظاهرة لنصرة إخوانهم تكون مظاهرتهم بين كل مظاهرات العرب ميتة بلا معنى وروح . وقد يكون في ذلك مبالغة والعيب في وبأزمة الثقة التي بيني وبين أهل بلدي وهذا يخجلني للأسف .
2. الخادمات : ( قصص واقعية صادمة )أسرنا الملتزمة تفضلهن اندونيسيات محجبات مسلمات ، ولكن أي معاملة لتلك المستضعفات ؟ نأتي بها من المكتب ويقول الكفيل إن تقهقرت اطلبوني ، وفي حال الطلب يأتي بعصا غليظة ويدخل الغرفة ويضربها ضرباً مبرحاً ـ تنعدل ـ بعدها وتعمل كالآلة .. تذهب الست إلى المطعم ومعها عائلتها الكبيرة تجلس والشحم يلف جوانبها من النعم والخير وزوجها بلا رجولة يترأسان الطاولة وعلى طرف المائدة وبعد آخر كرسي بكم كرسي تجلس الخادمة المنبوذة . يطلب الجميع أطباقهم المفضلة بأغلى الأسعار أما هي فيعجزون عن طلب طبق لها وهي تحمل أعباء هؤلاء ” المفاجيع ” جميعاً .. طبقها هو ما عافته صحونهم وليس ما جادت به نفوسهم .. صغيرة ، ضئيلة ، رفيعة هكذا ستكون قامتها غالباً ، تأكل بانكسار وإذا أراد أحد الأطفال السمان النوم ينام على كتفها الرقيق ليكسره ويكسر رقبتها معه ..
أما أمه فهي في عالم آخر تأكل بترفع وتختلق الأحاديث الفارغة لتلوح بخواتمها الألماس التي تزيدها مرضاً .. إذا حاولت التبسم في وجه الخادمة المسكينة لن تفهم ابتسامتك ـ في الغالب ـ إلا بأمرين :
1. تخاف [الخادمة] منك وكأنك تريد الشكوى عليها أو استغلالها بشيء فهي تعلم أنها تهون على الجميع .
2. تستهزئ بها .. وأحياناً قليلة تفهم أنك إنسان شارد بين الوحوش .
تعود للمنزل هذه الخادمة المسلمة إلى المنزل المسلم الملتزم وسيدتها المحجبة بالحجاب والمانطو ثم تخلع هذه الجميلة ثيابها وتظهر مفاتنها ، وباعتبار أن أحياء الشام كلما ازدادت ثراء كلما ارتفعت نسبة البياض والشقار والعيون الزرق فيها ( مع احترامي للجميع لكني أسجل واقع الكل يعلمه ) .. فليس أقل من أن يأخذ ابن الحسب والنسب هكذا مواصفات وهي المواصفات الوحيدة والحصرية للحُسن !! لدرجة أن معلمات المدارس يوصين بعضهن بعدم التعب على تلميذة بهذه المواصفات والإصرار على تعليمها لأنها ( ما بينخاف عليها ) ففي بلدنا بدلاً من أن تكبر هذه الفتاة ليكبر عقلها يكفي أن تكبر لتكبر فتحة عينها فتزداد زرقة ويطول شعرها فيزداد شقاراً وتسمن وترعرع لتزداد بياضاً .. وهكذا تستحق الانتماء للعائلات الغنية وتتسلط على الخادمات اللاتي يزداد سوادهن سواداً مقارنة ببياض الست وبشاعتهم بشاعة كلما قورنت بحسن الست وشعبنا يعشق التعليق على السواد بعباراته اللطيفة ( شوكولاته ، ميلو ، يع .. وسخة … ) وباعتبار أن الخادمة حائط من حيطان المنزل عليها تهيئة الجو لمساعدة الست بأخذ راحتها في منزلها والتزين لزوجها ثم …. ، وهي تسمع وترى وتفهم كل شيء ، هذه السيدة يحق لها كل شيء وهذه المسكينة محرومة من كل شيء … ثم تذهب للنوم في المطبخ ، كلما أراد أحداً شرب الماء اخترق خصوصيتها وعورة نومها وكل يأتيها بحاله … أو تنام بغرفة عجز أصحاب المنزل عن إمدادها بالمكيف الذي يبرد حتى الحمام في لهيب الصيف ، ولا يخلو الأمر من شاب مراهق يراهق عليها وأحياناً بعلم أهله الذين يفضلون أن يخرج طاقاته عليها أحسن ما يبليهم بزواج غير مناسب ، وطفل يمارس عدوانيته عليها .. وحينما يخطر على بال الست الخروج تخرج دون مراعاة من سيبقى معها وفي حال وجود تحرش هل تجرؤ أن تشتكي الخادمة على سيدها وهل يمكن أن تصدق الخادمة ويكذب فرعون الصغير … أو الكبير …
هذا عدا الأكل التالف ـ فهم لا يكبون الطعام لأنه نعمة ولأن نبيهم كان يأكل الفتات ولا يبقى في صحنه ولكن المشكلة أن التُقى ينصب على الجائعة التي تظل تعيد وتزيد بالأكل البائت أما هم فلا ـ والجلوس على الأرض والآخرين على الكراسي والدخول محنية الرأس بالصينية وراء السيدة التي تدخل لضيوفها مثل ديك الحبش ـ ولا يمنع أن تكون مدرسة لدرس دين والضيوف هم البنات اللواتي يحضرن الدرس .. فقد خلقنا الله طبقات فوق بعض !!
وأعرف أن امرأة رجل صالح مشهور يحب الخير كانت بسبب سوء معاملتها وأولادها للخادمة سبب هربها .. ورأيت في رمضان [ في منطقة ….] خادمة محجبة على بلكون ضيقة في طابق علوي تقف على سلم عالي تمسح سقف البلكون ولا بد أنها صائمة ..
هؤلاء الخادمات إذا رأيت نظرة الذل بأعينهم وحينما تحصي عددهم في البنايات والأحياء وحينما تذكر أن دعوة المظلوم مجابة ونحن نرى ذلك ونسكت أعتقد أن هؤلاء سبب لأن يحل غضب الله على جزء كبير من شعبنا هو في زيادة لا بد أن هؤلاء الخادمات يرون في مسلمي الشرق منافقين وميتي قلوب .
وأظن أنه يجب التوعية بشروط خدمتهم من كل النواحي وجعل مخالفة ذلك حرام ويجب استنكارنا للظلم جميعاً لأن هذه المشاهد تقتل النخوة في المجتمع ـ إن بقي فيها شيء ـ ومنظر مؤذي أن يربى الأطفال على استساغته مثلما يحصل في حالة الترف التي سأذكرها ..
كما أعتقد أنه يجب إعطاءهم بدلاً عادلاً عن خدمتهم دون التقيد بسعرهم الزهيد نظراً لأن اليد العاملة عندهم منخفضة .. المرأة لدينا تدفع على عيادات التنحيف والمساج ( التدليك ) امرأة تدلكها وتكشف جسمها !! ( لقولبة القوام ) أضعاف ما تدفعه للخادمة !! 3. الترف :
كلما رأيت مظاهر الترف على إنسان ملتزم وحاولت التكلم قيل لي لا أحد يعلم ربما ينفق الكثير في السر .. ولكن أين تحريم الإسراف ؟
ألا يرد الإسراف على قيمة السلعة أم يرد على رأس مال ورصيد الشخص ؟
مهما بلغ ثراء الرجل أليس من الإسراف أن يركب سيارة [ثمنها عدة ملايين ودون سبب مقنع سوى أنه يملك المال] أو يأكل طبق [طعام] بـ 1000 ليرة سورية مثلاً ومهما بلغ إنفاقه للمال هل يجوز له ذلك .. حينما أرى امرأة منقبة تركب سيارة بـ 8 – 10 مليون أشعر بأنها لا تخجل من الله ولا تخجل من الناس فهذه السيارة تزوج 16 شاب فلا زال هناك فقراء … حينما كنت صغيرة وكنا نذهب لقضاء الصيف بمنزل لأهل والدتي على [ في …..] كنا نمر بسيارة مرسيدس بالأحياء الفقيرة فيركض خلفنا الأطفال حفايا يحتلفون بمرور هذه السيارة [في] حيهم كنت أحتقر نفسي ـ ولا أمتدح نفسي فقد كنت صغيرة ـ وإنما أذكر الفطرة ونحن ـ على ما أعتقد ـ بسكوتنا عن هذه الوقاحات وعدم استنكار هذا التناقض واستهبال الناس وعدم النهي عن المنكر ولو بنظرة ألا نكون نغشهم وشركاء معهم … ألا يوجد طريقة لتحديد بعض الخطوط الحمراء للإسراف أمام الشباب الملتزمين ليعلموا إن تجاوزوها فهم يكونوا قد اختاروا طريق آخر فما خلق الله لامرئ من قلبين في جوفه … ألا يوجد معيار يحدد أن السيارة كوسيلة مواصلات يجب أن لا يدفع فيها أكثر من كذا ، وأن المجوهرات كوسيلة للزينة يجب أن لا يدفع بها التقي أكثر من كذا مليون مثلاً !! هذا الموضوع يجعل أغنياء المسلمين بلا مصداقية وبلا ذوق .. حينما استمع إلى عروس أحد الشباب الذين طالما تعبوا على إصلاح أنفسهم وحاولوا مقاومة ترف أهلهم وهي تقول لي خياطة فستاني كلفت 150 ألف ومكياج وجهي 8 آلاف من أجل ثلاث ساعات وتسريحة شعري بضعة آلاف وبالتأكيد الألماس قريباً من مليون ليرة أشعر أن هناك مصيبة وبالمقابل الجياع بالآلاف واليتامى والمشردين ـ المشاريع الخيرية التي لا تجد إلا أبواب مسدودة أمامها وتعابير توحي ( ما كنتوا تشبعوا شحادة … )
أستاذي ، أنا مرضت كذا مرة عضوياً ونفسياً مع أنني لست واحدة من الحالات السابقة وإنما قد رأيت خادمة مظلومة وخفت أن أدافع عنها فتعود بها سيدتها للمنزل وتعاقبها ظناً منها أنها استعطفتني وأظهرت الظلم الواقع عليها بينما السيدة تظهر التقى .
ولم أستطع أن أنظر نظرة قوة واستنكار لتلك التي تتباهى بهذه الأرقام التي صرفتها على وأقول لها ألا تعلمين أن ليلة عرسك تعيش عائلة لسنة ، ليتني استحييت من الله ولم أستحي منها .
لا أخفيك أنني اليوم لم أعد أطمح أن أدخل ابنتي [إحدى] المدارس التي يغلب عليها الطابع الديني والتي تعج بالتناقضات فتتخرج ابنتي منها وقد استساغت هذه التناقض الذي يجمع الناس فيه شخصيتهم ، أخشى أن يرتبط عندها مظهر الحجاب بالكذب والنميمة والبذخ وقلة الحياء بحجة ( لا حياء بالدين ) والشعور بالفوقية وأنهم قلة رضي الله عليهم فأعطاهم كل شيء … وإنما أفضل أن تدرس لتفتح عقلها وذهنها ومحاكماتها ويظل للحجاب وأصحاب الدين قدسيتهم وهيبتهم وهالتهم وبين مدرسة أحلم بها تركز على العلم وبين التزام أحلم لها به أطلب من الله أن يهديني لأزرع فيها قيم السمو الإسلامية الحقيقة التي لا يهزها منافق ولا حتى تيار اجتماعي تاه عن عنوانه وشكله ..
هذه المدارس حينما تفرض قسطها لا تضع ببالها بناء المسلم الفقير وإنما كل عينها على جيبة أهل المسلم الغني مع أن الخير ليس محصوراً عليه بل العكس وأنتم أعلم وقد نشأ كثيراً من أبناء وطننا فوق عمر 25 – 40 في مدارس حكومية ومادة الديانة مادة بسيطة والأستاذة من كل الأديان والفئات ولم يمنع ذلك أحداً من أن يعرف دينه .. أما هؤلاء [وفي مدرسة ما ..] فيعتبرون الدين أحد الشعارات التي تكسبهم المال ولذلك أجد أنني لا أعيرهم بالاً ويجب على الجميع البحث عن الأفضل والأجود بالعلم والمعرفة وليس بالشعارات التي إن كانت صادقة لكان قسطهم واستغلالهم المادي والمعنوي غير موجودين بهذه الفظاعة … فكل إناءٍ بما فيه ينضح .. والنتائج المرتجفة المهتزة هي خير دليل … ولكل قاعدة شواذ . هذا اجتهادي والله أعلم .
إني أخشى أن يخسف الله الأرض بهذا البلد الظالم القاسي الجبار أهله بدءاً من ………. ، وليس ……….. مروراً بكل الأحياء ولذلك أجد أن على الفئة القليلة التي لم تظلم أن تضاعف جهودها حتى يعاملنا الله بمعاملة القلة [الصالحة] لا الكثرة [التائهة] ونكون بمثابة مضاد صواعق وكُرمى للقلة الصالحة الله يستر الكثرة الفاسدة .. وليس أقل من البدء بحركة توعية واستنكار حقيقية وهذا ليس أمراً عجيباً فوسائل الإعلام تناولت كل ما قلت باستصغار وتحقير هذه الفئة من الملتزمين وفضحها مثال ( مسلسل …. الساعة 11 ليلاً على … ) وأنا أعلم أن عقوبة المنافقين أكبر عند الله من الكفر والشرك لأنهم علموا الحق وتحايلوا عليه ثم ضلوا الناس وفتنوهم …
فعلمني أستاذي الصادق مما علمك الله وأرجو أن تسامحني إن أخطأت وتلفت نظري لعيبي وخطأي فأنا لم أتجمل أمامك لأني أريد الحقيقة وأنتم منارتها عندي ……

كُتب في مقالات القراء, منائر | التعليقات على أيها المسرفون : إحذروا من سخط الله مغلقة