الشهداء القادمون هم الضمان – 2007-03-03

ليسوا قلة أولئك الإخوة الذين يضعونك أمام أسئلة صعبة الجواب، مشافهة أو مراسلة، والحرج في الإجابة عنها ليس فقط بسبب خصوصيتها بل لكثرة الحدود في معادلاتها، ومن ذلك ما سُئلته عن الرأي في حركة الإخوان المسلمين وخصوصاً السورية، والموقف من المد الشيعي في سورية، وحقيقة الاضطهاد الديني لكل من هوسلفي أو إخواني التوجه بل حتى الأنفاس! وهل حقيقة أن وزارة الأوقاف صار دورها هو غسيل عقول المشايخ من أجل غسيل عقول الناس وهل صحيح أن الأبواب تفتح للضيوف الكرام من أمثال الأساتذة: عمر عبد الكافي والحبيب علي الجفري ، بينما يمنع أهل البيت وآخرهم الداعية الدكتور تيسير العمر الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة دمشق ، والذي تم عزله عن الخطابة منذ أسبوعين! بحيث صنع ذلك ندبة في القلوب ليس الآن وقتها! وماهي ضراوة العلمانيين وحدود مكرهم، وأسئلة عن بعض الجمعيات النسوية وصلتها بالصهيونية!! وعن التسلل التجسسي تحت ذريعة الحوار الديني! وكيف هي النظرة إلى الحزب الإسلامي العراقي وزعيمه طارق الهاشمي، وهل أسامة بن لادن وطالبان على هدى أم ضلال؟ وهل حزب الله عملاء أم أبطال؟، وما الموقف من المحكمة الدولة التي تملأ الأخبار ليل نهار! وهل حقيقة لايجوز للمسلمين الموجودين في ديار الغرب البقاء فيها وعليهم الهجرة منها! وعشرات الأمور التي هي أكبر من أن يزعم أحد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة حولها!
إن هذه الأمور تؤرقني مثل غيري فهل نبقى حيارى تجاهها؟ إن ذلك هو مصير بائس لأمة تتناوشها العلل! ولكن المسارعة إلى كوة ضيقة لنرى العالم كله من خلالها هو أمر لا تقل فداحة آثاره عن الحيرة والضياع.
لدي فكرة وسأضعها تحت أنظار الجميع وأرجو أن يكون فيها بداية تلمس للصواب! والأساس فيها هو قوله تعالى: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (الشعراء- 183) .
إن النظرة الأحادية تؤدي بنا إلى اتخاذ قرارات حدية فيما يواجهنا ، لأن حل معادلة رياضية من الدرجة الأولى أسهل بكثير من معادلات فيها مجاهيل كثيرة! وقد سمعت مفتياً في إذاعة إسلامية يجيب سائلاً يحاول دعوة أخيه إلى الصلاة فيستجيب أحياناً وينكص أحياناً ويسأل عن حكم أخيه؟ فيقول المفتي: هو كافر ولله الحمد!! (انتهى الجواب) … وهذا الجواب السهل هو عين مانفعله في قضايا تحتاج إلى بسط وربط وفقه وإدراك ….. فنختصر الطريق بجواب كارثي النتيجة.
إن أمام المد الإسلامي ثلاثة تحديات رئيسة تواجهه وعليه أن يحسن التعامل معها، وبطريقة (ولا تبخسوا الناس أشيائهم) بحيث لا يكون التصرف معها بطريقة البعد الواحد ، وتلك التحديات أولها: مشروع الهيمنة الغربية ، وثانيها: المشروع الاستبدادي، وثالثها: التآكل الداخلي (وهو الأخطر على الإطلاق برأيي).
التحدي الأول: لقد ورثنا نحن الإسلاميون أحد طباع الأنظمة الثورية من تأجيل كل الأمور بحجة الخطر الصهيوني أوالغربي، و فهمنا للأمور بالطريقة الحادة، رغم أننا ندرِّس للناس سورة العصر وأنه لو لم ينزل للناس إلا هذه السورة لكفتهم ، ونذكر لهم قولة ابن عطاء الله : إحالتك الأعمال على وجود الوقت من رعونات النفس، وننتشي بقولة الإمام البنا : الواجبات أكثر من الأوقات ….
إنني أزعم أن أحد المقاتل الإستراتيجية للعمل الإسلامي انهماكه في محور واحد استهلكه بل غرق في مستنقعه وعندما خرج من تلك المعركة في ذلك المحور خاسراً وجد أنه صار في صحراء مقفرة لأنه لم يبن في المحاور الأخرى شيئاً فصار في العراء … وقد تمر ظروف صعبة حقيقة تجمد كل شيء ولكن الأخطر هو تجمد العقل بحيث لا يقدر على إدراك التوافيق والمتغيرات عندما تتغير الظروف ، وما أسميه التآكل الداخلي هو الذي يفتح الأبواب للمشروع الاستبدادي، وهو بالتالي يؤدي إلى قبول الهيمنة الخارجية! وهي لوحدها لا تؤدي إلا إلى استنهاض طاقة الأمة للتحرير إذا لم يكن هناك استبداد ولا تآكل داخلي، ولكنها كارثة مرعبة إذا توفرت مقدماتها من الاستبداد والتآكل ، وكمثال على ذلك حالة العراق فالاستبداد الطويل هو المقدمة للغزو ، ولكن الأخطر أن التآكل الداخلي لم يتضح لأحد إلا عندما انفجرت المساجد والحسينيات بل المخابز ومجالس العزاء وأسواق الخضار بأشلاء الأبرياء ، ولا أعلم إن كان أحد خلال العقود الأخيرة قد حاول أن يجري دراسة موضوعية حول نقاط الالتقاء والاختلاف بين السنة والشيعة وماهي الأمور التي تعتبر كفراً أو إيماناً لدى الطرفين ، وماهي الأمور التي يمكن أن يكون لها تأويل وتدخل في الاجتهاد والأمور القطعية ، وماهو الخط الفاصل بين الشرعي والسياسي ، وماهي الظروف التاريخية المؤثرة والعوامل النفسية .. وماهي النقاط التي يمكن التلاقي فيها والنقاط التي لا يمكن قبولها بحال! إذاً لوفرت تلك الدراسة في حال اعتمادها كوابح هائلة في وجه أنهار الدماء والدندنات الطائفية (مهما كان مصدرها)! ويمكن ضرب مثال مغاير بالشعب الفيتنامي الذي لم يكن يعاني من تفكك داخلي بل اتسم بتلاحم هائل ، ولم تكن مؤسساته ديكتاتورية، فلم تستطع الآلة الأميركية اجتثاثه، بل تكسر كبرياؤها بشكل غير مسبوق.
إذاً فالهيمنة الخارجية لا تستمر إلا على أنقاض الاستبداد وتتغذى بتآكلنا الداخلي ، ومن المؤسف أنها عندما تتمكن فإنها تعيد تصنيع فيروسات الاستبداد والتآكل الداخلي بشكل أشد هولاً بحيث يصبح المخرج منه شيئاً في غاية الصعوبة.
تُفكك الهيمنة الخارجية (وأكرر: المعتمدة على الاستبداد والتآكل الداخلي) البنية السياسية ثم الاجتماعية ثم النفسية للشعوب، وبعدها تستخدم مكوناتها في نحرها، ومن المؤلم جداً أن البعض من السنة أوالبعض الشيعة في العراق قد صار همهم الأول هو الإجهاز على الطرف الآخر ، ونسوا المحتل الأميركي، وأنهم عاشوا قروناً طويلة وحلوا مشاكلهم بأنفسهم، وأن هذه هي المرة الأولى الذي يصل بينهم الصراع إلى هذه الدرجة من الدموية، ولسبب واحد هو عدو خارجي اتكأ على استبداد سابق ونخر قديم لم يصلحه أحد ..واليوم تداعت كل مقدماته في نتائج مرعبة.
قد يكون خبث التدخل الخارجي شمولياً بحيث يصيب بآثاره كل مرفق، وأوضح مثال لذلك ماحصل مع حركة طالبان، فقد صارت صورتها في عقول الناس من أردأ مايمكن تصوره، والحق يقال: مادمنا نطالب بعدم البخس، فعلينا أن نعطي هذه الصلاحية للمؤمنين ابتداء وأقول: إن التصنيف الأميركي مغاير تماماً للتصنيف الإسلامي ، فأميركة تراها أم الإرهاب والحركة لم تقم بشيء خارج بلادها وذنبها الظاهر أنها لم تسمح بتسليم أحد مواطنيها (ابن لادن) وهو مبدأ لاتقوم به إلا الدول القوية وذات السيادة ومهما كان الثمن، وأستطيع كمسلم أن أقول عن حركة طالبان أنها مغلقة ، وبدائية ، ومتخلفة .. و غير ذلك لكنها في النهاية حركة إسلامية لها إيجابيات وسلبيات ، وقد حولها الغرب في عقول المسلمين (التي احتلها) إلى شيء لا يمكن تصوره بحال! وكأنها الجحيم بعينه! وقد تألمت مرة لصاحب منبر معروف بانتهازيته يقول في إحدى الفضائيات بأنها إرهابية مثل أميركة! وأنا متأكد أنها عندما تنتصر وتفتح سفارة لها فإن ذلك المتحدث سيسبق رأسه رجليه للتقرب منها والإشادة بمناقبها! مع كل بدائيتها!
إن النظام الأميركي له إيجابيات كبيرة ، وفيه من كوامن العدل (حقيقة) ما لايتوفر في أكثر دول العالم ، ولكن ذلك الأمر محصور ويا للأسف في الداخل … أما في الخارج فما يفعله النظام الأميركي أغنى عن كل بيان!
في كل الحالات فإن طالبان (مع كل تخلفها) مقارنة بما يفعله النظام الأميركي من الخير!! حتى داخل بلاده ومع الأخذ بعين الاعتبار الفرق الواسع في الإمكانيات المادية والتنقنية ، ولو ركزنا على الجوانب الإنسانية والمعنوية فإن دولة طالبان أرقى بكثير من دولة بوش المسكين ، فدولة طالبان هي الوحيدة التي دمرت زراعة المخدرات تدميراً (فليخبرنا النظام الأميركي وأصدقاؤه عن قدراتهم في حماية أبنائهم من المخدرات والمسكرات)، وطالبان هي الدولة الأولى منذ قرون التي صار الناس فيها يشعرون بالأمن التام على دمائهم وأموالهم (فليخبرنا النظام الأميركي عما حصل عندما انقطعت الكهرباء في نيويورك يوماً … وليخبرنا عن السرقات والنهب الذي حصل في فلوريدا في العام الماضي إثر الأعاصير) … وطالبان هي الدولة الأولى في العالم التي كان فيها رجال الحكومة متطوعين وليس لهم رواتب بسبب فقر الدولة الشديد … (فليحدثنا النظام الغربي عن الرفاهية المنتزعة من دماء وعرق ودموع مئات الملايين من شعوب الأرض ، وليحدثنا الرئيس بوش عن السبعمائة والستين مليار دولار التي طلبتها إدارته للحروب القادمة!!) .. وهناك انغلاق وتعصب ديني في أفغانستان ، ولكنه بكل المقاييس أقل شراً على أمم الأرض من تعصب الإدارة الأميركية وإصرارها على دمار هذه الحياة!
لم تفتح طالبان الكثير من المدارس للبنات لأنها بالكاد تعلم بعض الصبيان، وعند العديد من المتدينين شطط في التعامل مع المرأة، وتزمت لا مبرر شرعي ولا عقلي له ، وأساسه نظرة فقهية جامدة أوطباع ذكورية طاغية أوغيرة ماحقة، ومن الحب ماقتل! ، ولكنه بالتأكيد لا يقارن في الضرر مع المنظومات الأخلاقية الفاسدة والعدوان على الأعراض والاغتصاب حتى للأطفال والعرض الفاجر لأجساد النساء بل حتى الرجال بطريقة تدعو إلى الغثيان كما يفعل هؤلاء المحتلون في بلادهم أو في بلاد المسلمين! وسل سجون أبي غريب تنبؤك بما تجمد معه الدماء في العروق.
لست أدافع عن أغلاط طالبان ولا أراها النموذج الإسلامي الأفضل للأمة المسلمة ولكني أضرب المثل بها فيما يقع من الإجحاف والظلم، ومن اللافت للنظر أن العديد من الأفغان قد كسروا أجهزة التلفزيون عندما انتصرت طالبان لأنها كانت تمثل لديهم رموزاً للفساد وأبواباً للشر والمحتل والدخيل والغريب، وقد كنت أظن نفسي ذا دراية وبعد نظر فقلت لبعض الإخوة: لعلهم لو أبقوها للاستخدام في إعلام نظيف لكان أفضل، ثم أدركت أنني إنسان وقع في المكر الإعلامي والفخ الغربي [الذي يهوش دائماً] عندما قال أحد الناطقين باسم الأفغان أن أكثر أراضي أفغانستان ليس فيها كهرباء!! وتأكدت أن في هولاندا منطقة فيها مئات الآلاف من المتدينين الذين يرفضون اقتناء التلفزيونات!! لأنها باب شر وفساد! نعم يا أخواننا وأخواتنا في هولاندا إن لم تعجبك تصرفات الأفغان! وهم يعيشون ضمن نطاق يسمى (حزام الإنجيل) وهذه عدة مواقع تتحدث عن ذلك لمن أراد الازدياد:
و بعض القرى في ذلك الحزام يرمى فيها بالأحجار على الطالبات اللواتي يقدرن دراجاتهن وهن يلبسن البناطيل القصيرة (الشورتات)! ….
إنني بتلك المقارنات لا أريد أن أقرر خطأ صغيراً في مواجهة خطأ أعظم ، ولا دعوة الناس للقبول بالبدائية رداً على ظلم الغرب، بل أريد أن تستيقظ هوية الأمة مستقلة واعية عصية على الافتتان والغسيل والاستيعاب، وأن لا تتحول نصالها إلى صدور أبنائها مهما كبرت أخطاؤهم بل تتجه إلى المحتلين والغاصبين والطامعين , وأن تعطي الأمور حقها دون إجحاف ولا بخس .
أطلت في المسألة لبيان المكر السافر وغسيل العقول والذي مازال غالباً يخضع له، رغم أن الأيام تدفع إلينا بالمزيد من الأدلة الدامغة على الخطر المبين، وأخشى أن الناس بدأت تنسى في حمى الأخبار كيف تحايلت الإدارة الأميركية والبريطانية بموضوع أسلحة الدمار الشامل فحاصروا العراق وأفنوا مليوناً من أطفاله ، وعلوا فيه فراعنة متجبرين وما تركوا مكاناً في أرض الأحرار إلا ودخلوه ثم نقبوا العراق شبراً شبراً حتى فتشوا غرف نوم صدام حسين واستنفروا حكومات العالم لإسقاط النظام في العراق [انظر الرأي في النظام العراقي ورئيسه في مقالة بعنوان: غفرانك اللهم فالحسين لايشرب الدماء ، وتجدها في الأرشيف قسم المقالات الشهرية] فلما سقط انكشف الكذب الكبير المخجل فإذا بمن يطرح نفسه مصلحاً في الأرض هو أكبر الكاذبين!
الآن يوجد لعبة خطيرة تشابه ذلك، وهي قضية المحكمة الدولية لقتلة الرئيس رفيق الحريري، ومن العجيب أن الوسائل الإعلامية تكرر على الناس ليل نهار وبسابقة غير قانونية أن سورية هي المسؤولة عن الموضوع! إذاً فلماذا المحكمة وكل ذلك التعب! إن القاضي لا يحكم بعلمه بل بالبينات التي تقوم عنده من الأدلة القطعية! ولكن النظام الأميركي وجوقة من العازفين يرددون معزوفة واحدة حتى تصبح الشبهات حقائق والظنون قطعيات!
إننا نفهم تماماً اللوعة بمقتل رفيق الحريري وغيره ، ومهما كان عليه من ملاحظات فقد كان اغتياله حقيقة خسارة كبيرة، ولكننا نقول أنه لا يوجد نظام إقليمي قادر على القيام بتلك الخطوة من دون موافقة دولة كبرى، فليُبحث عن المجرم الأساسي! والأمر الثاني أن ذلك التهويش على سورية ينبغي أن توصد في وجهه قلوب الأحرار، فقد رأينا صدق الإدارة الأميركية التي هيأت الأمور حتى احتلت أفغانستان ثم طبخت العالم عشر سنوات حتى أقنعته بغزو العراق وهيأت الدول والشعوب لذلك نفسياً ومعنوياً ثم سياسياً وعسكرياً … ثم بان الكذب المبين … ونقول بأنه مهما تكن النتائج فليست الإدارة الأميركية وحلفاؤها بالقاضي النزيه ولا المستشار المؤتمن … بعد أن استباح دماء الأفغان ثم شرب دم مليون طفل عراقي برئ …. وعندما ستصدر لجنة التحقيق قرارها فهو مرفوض ابتداء للشك في نزاهة الجهات التي وراءه! وإذا ثبت بطريقة لا ترقى إلى الشك بأن شخصاً سورياً معيناً له ضلع في الموضوع أو أنه منفذ أو مخطط حقيقي أو ثانوي فيه فإن الواجب الشرعي ثم الوطني يستدعي الرفض القطعي الخضوع لذلك القرار ، وندعو الناس إلى مؤازرة الدولة في هذه النقطة والالتحام معها تفويتاً لخطر هائل هو أعظم بكثير وسيصيب جميع السوريين، ومهما كان الحريري غالياً وعزيزاً فإن السوريين بمجموعهم أغلى.
إن السيادة الوطنية شيء لاتفرط به إلا الحكومات الخائنة، وبالتالي فإنه لا يجوز تسليم أي مواطن سوري إلى جهة خارجية مهما كان السبب وإذا كان لدى البعض شكوك أو تساؤلات حول القضاء السوري فإنه وبالتأكيد أشد نزاهة من الإدارة الأميركية.
أما ما يستخدمه البعض في اللقاءات الفضائية والخطب الرنانة من عبارات مقذعة فهو بلاشك جزء من حرب نفسية، و إفلاس أخلاقي لأن من يعتبرون أنفسهم زعماء ينبغي أن تكون لهم بعض الأخلاقيات حتى في الخصومة، ونعوذ بالله ممن إذا خاصم فجر، وكل ينفق مما عنده.
التحدي الثاني: الاستبداد : منذ أسبوعين حذر رئيس دولة إسلامية أفريقية كبرى من تحول بلاده إلى دولة إسلامية! [ترى هل يريد أن يخبر الناس أنه غير مسلم] ، وأبشر ذلك الرئيس أن الإسلام الصافي، ورغم كل مايحيط به من ضعف داخلي وكيد خارجي فهو قادم شاء الرئيس أم أبى!، وسواء دعمته الإدارة الأميركية أو لم تفعل.
إنني لا أفهم لماذا يكره حكام المسلمين دين شعوبهم إلى هذه الدرجة؟ وللحقيقة نقول أن الفكر الاستبدادي لم يبدأ اليوم بل هو قديم منذ قتل ابن آدم أخاه ومنذ دمرت الخلافة الراشدة، ومنذ أكره الناس على مذهب واحد في السياسة أو الدين.
يقول الكواكبي أن الاستبداد لا يحارب بالقوة بل بالذكاء! وهذه نقطة مهمة فكثير من الجماعات الإسلامية نحرت نفسها عندما اندفعت تحارب الاستبداد دون أن تدرك قوته ، وإزالة الأنظمة الشمولية شيء أوسع من ثلة من الشباب تخترع تنظيماً سرياً تقدمه هدية للمستبدين كل فترة بل تعطيهم المزيد من المبررات للقمع وإحكام القبضة … وصحيح أنه يحصل إجحاف بحق المتدينين ولكنه لا ينبغي أن يقابل بطرق غير سليمة أيضاً، ومن أعظم ماقرأته في تهذيب المدارج ، ص424، أن (من قام لله حتى أوذي في الله : حرم الله عليه الانتقام، كما قال لقمان لابنه : (يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (لقمان- 17) ) ، لذا فإن طريق مقاومة الظلم تبدأ بالمناصحة والصبر لحصول النتائج ، في عام 1994م شرحت هذا المنهج على المنابر من خلال مثال عملي هو الحركة التي قام بها مجدد الألف الثاني الإمام السرهندي رحمه الله (وقد خصه العلامة أبو الحسن الندوي بمجلد كامل في رجال الفكر والدعوة في الإسلام) ، ولكن عندما لا تحصل المناصحة فما هو العمل؟ إنه بصراحة الصبر ثم الصبر ثم الصبر .. وبالتعبير المعاصر: المقاومة السلمية أو المدنية ….
إن المقاومة السلمية أقل أنواع المقاومة خسائر وأكثرها ربحاً وأقربها إلى المنطلقات الشرعية في الحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم، وهي تحتاج إلى بضعة شهداء كلمة، وشرط نجاحهم هو مؤازرة الناس لهم ، ولو قلبياً! وهذا الأمر تقوم به الشعوب تلقائياً من دون توجيه فإذا اجتمع معه الترشيد أصبح قوة كبيرة لا تستطيع دولة أن تأكلها، وهذه الطريقة لاتعرِّض أمن أي دولة إلى الخطر لأنها زحف بطئ وهادئ ومسالم لاحتلال المواقع لا بالإكراه بل بالضرورة العملية والقناعة الراسخة ، والخاسر الوحيد فيها هم الظالمون لا الدولة (التي هي ملك الشعب) … وكمثال على ذلك الانتخابات التي تشاهد أن كل شعب يتعرض للإجحاف أو التضييق يحجم عن المشاركة فيها، ويقدم رسائل صامته وحزينة إلى ظالميه ، وهذا الأمر له دلالات عظيمة وآثار ليس هنا مجال شرحها.
من أخطر أنواع الاستبداد مايستند إلى مبررات دينية، أو يقوم بمصادرة الدين! وكمثال عن ذلك أحد المفتين الذين عينتهم دولتهم بقرار سياسي (فتبهدلت) الدولة كلها به، وفقد مرجعيته بين الناس، فقد غير فتواه حول العمليات الاستشهادية بضع مرات! مما جعل الناس تنفر من كل فتوى لاحقة له ولو كانت صواباً، وكما قال فضيلة الدكتور عماد الدين الرشيد (رئيس قسم علوم القرآن في كلية الشريعة بجامعة دمشق) في مقابلة له على الجزيرة بما معناه: أن المرجعية هي موقف وليست تعييناً أو قراراً سياسياً! وأتساءل أحياناً عما تفعله بعض العمائم التي تتسلق على الأكتاف وتدافع عن سياسة الدولة التي وظفتها ، وتحاول أن تكون إنسانية وواسعة الأفق ومنفتحة مع كل عباد الله مسيحيين أو بوذيين وحتى يهوداً … ولكنه ليس لها موقف واحد تقدمه للدفاع عن المسلمين الذين تنطق باسمهم وتدافع به عنهم.
لست أحب التنظير ولو دخلت فيه وسأنتقل إلى مثال عملي في غاية الصراحة آمل قراءته بتمعن حتى نهايته لشرح كيف تتداخل الأمور مع بعضها!
منذ أشهر عقد بإشراف أحد المعاهد الشرعية مؤتمر للحوار الإسلامي المسيحي، وقال لي أخ أحضر لي دعوة هل ستأتي؟ فقلت له: لا ، قال لماذا؟ فقلت له أولاً : العلامة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أصدر قراراً بإيقاف الاتصالات مع هؤلاء كموقف من الإساءات التي تفوه بها بابا الفاتيكان بحق القرآن والإسلام ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا ملتزم بهذا القرار. (والجهة المدعوة بالمناسبة هي جامعة تنصيرية أميركية تحولت إلى جامعة للحوار بين الأديان).
السبب الثاني: إنني لا أستطيع أن أجلس معهم وأنا أرى أن كثيراً من الإسلاميين لا يستطيعون التلاقي ولا الحوار ولا التناصح!
إنني أريد أن أزيل كثيراً من الأفكار المغلوطة التي نحملها نحن الإسلاميون ، وقد يكون عندي وعند غيري من العيوب الفكرية والسلوكية الشيء الكثير والمؤمن مرآة المؤمن، وإنني بصراحة أرغب في أن تفتح طاولة مستديرة للتناصح الصريح والتقويم المفتوح بين الجماعات الإسلامية تضم الصوفي والسلفي والإخواني والتحريري والتبليغي … وتستفيد من مدرسة البوطي وكفتارو والفتح .. ويحضرها أساتذة كلية الشريعة والعلماء والدعاة والوعاظ والخطباء … فهل هذا ممكن؟ إن لم يكن ممكناً فإنني نفسياً لا أستطيع الحضور!
من المؤلم أن يفرض الدين أو المذهب على الناس وفق مقاييس غير منطقية، وقد دخل داعية في نقاش مع صاحب منصب! زعم بأن أبواب الدين مفتوحة دون ضغط أو إكراه ماعدا : الإخوان المسلمين فهم عنيفو المنهج ماكرو الأهداف ، وأما السلفيون فأكثرهم أصحاب فتنة ورغم مسالمة أكثرهم إلا أنه يخشى أن تكون لبعضهم ارتباطات بالقاعدة، قال الداعية: فهمت عذركم [ولو لم أقتنع به] و لوسلمنا جدلاً بذلك فما قصة جماعة الدعوة والتبليغ؟ وهم يفصلون من شبابهم من يشتغل بالسياسة، ففكر صاحب المنصب ثم قال: نعم هم والله أكثر صفاء من اللبن الأبيض … وليس في قلوبهم سوى هم الدعوة! ولكن … ولكن … نعم … يخشى من تسلل الإخوان أو السلفيين الخطرين بين صفوفهم!!! فابتسم الداعية وانقطع الكلام المباح لأنه لم يفهم لماذا تستطيع جماعة الدعوة والتبليغ ضبط عناصرها في كل الكرة الأرضية ولا تستطيع فقط في هذه البلاد أن تضبطهم!! إلعب غيرها يرحمك الله… ولكن ….
إنني لن أوجه النقد إلى الناس وأنسى نفسي فحقيقة هناك إعاقات نقوم بها نحن الإسلاميون ونفعل أحياناً حماقات ، ولكن سببها الاستبداد والإجحاف والظلم … وهناك أمور خطيرة لا يجوز أن ندفع عجلتها باتجاه سلبي .. وقد أعياني مرة بعض طلابي في معهد شرعي عندما قالوا أن ملصقاً لوزارة الزراعة! فيه إهانة للمسلمين! ونظرت فإذا بصورة قسيس وشيخ يزرعان شجرة! فقلت ما المشكلة؟ قالوا القسيس أقرب إلى المشاهد وهو أعلى جسماً من الشيخ بقليل مما يعني إبرازاً أكثر للنصارى!!! قلت سبحان الله على هذه العقول الضيقة! ألم تجدوا معركة مظفرة غير هذه! قبل أن تبنوا في عقولكم الأوهام حدثوني كم شجرة زرعتم، وكلكم يحفظ ويدرس حديث الإمام أحمد (إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها) … وربما وكل إلى أحدكم خطبة جمعة فيكاد ينفتق وهو يصرخ عن عظمة الإسلام في رعاية البيئة وغرس الأشجار ثم يمضي بعضكم إلى الحج فيكسر من الأشجار لتزيين مدخل بيته مالا يقره عقل ولا نقل!
ازرعوا الأشجار أيها الناس، وسابقوا إلى ذلك أيها العلماء وطلاب العلم، ولايضركم أن يكون ذلك مع مسلم أو مسيحي، بل ليكن مع فرع الشبيبة أو الحزب … لعل ذلك احد القنوات القليلة الباقية والممكنة والتي نستطيع من خلالها أن نفهم بعضنا ونمتص الاحتقان الذي سيستثمره الماكرون!
إن الحوار ممكن مع أي طرف ضمن ثلاثة شروط: أن لا يتعرض إلى ثوابت الأمة وعقيدتها في محاولة لتمييع الدين بحجة الحوار وإدخال الشرك بالإيمان والكفر بالعقيدة ، فلهم دينهم ولنا ديننا ، ويجري البحث فيما يمكن التعاون فيه لمصلحة العباد والبلاد ، ثم أن لا يوظف الدين في اتجاه سياسي خاص، وأن لا أُمنع من لقاء الأقرب ليقال لي حاور من هم أوسع دائرة ..
إذاً فالأمر ليس رفضاً لأصل الحوار (كما يعتقد العديد من المتدينين، ويصب بعض الشيوخ الزيت على تلك النار) فنحن نفهم تماماً أن هناك ضغوطاً شديدة على الدولة تتحرك في كل اتجاه ، ومن أخطرها تحريك موضوع الأقليات، وهي لعبة استعمارية قديمة شرخت الدولة العثمانية في عهودها الأخيرة، وتحدث احتقاناً طائفياً له آثار مدمرة وتستنفر الناس في اتجاه بعضهم … وماتفعله المرجعيات العليا في الدولة يصب في هذا الإطار (أي تفويت الفرصة على المخطط الغربي) ، وحقيقة هناك تحريض غربي للأقليات وإيقاظ لخوف في نفوسها من مد إسلامي عارم يجتثها من أصولها، وعلينا أن نبعث لها برسائل مطمئنة، وأن نذكر لها جهاراً نهاراً أننا لانضيق بهم فهم جزء هام من مكوناتنا الثقافية والحضارية ، ولكن أعود لأقول أنني (كمجتمع أوتيار …) لا أستطيع أن أطالب بالحرية والعدل وأنا محروم منها، ولا أستطيع الحوار وأنا مكموم الأفواه حتى في أقل المستويات ، أذهب إلى مكتبة عامة فأجد كتاب مقدمات للنهوض الدعوي ممنوع الإعارة، ويفتش ركاب الباصات في محافظة … بحثاً عن كتب الدكتور القرضاوي!!! … ويمنع كتاب الجهاد بالمال الذي كتبه أخونا الدكتور نواف التكروري وقدم له الأستاذ خالد مشعل!!! … ويُسأل الإنسان كيف يصلي وكيف يؤذن وما طول ثوبه …وهل يحتفل بالمولد أولا …. إنني أقول أن هذا الأمر يولد في النفوس مرارة بحيث يؤدي إلى نتائج سلبية جداً في نفوس الناس.
إن الاستبداد والظلم على أي مستوى كان يؤدي إلى دورة عجيبة تفتت أعظم دولة، فحيث يكثر الظلم يبحث الناس عن آليات لدفعه ومن أهمها الرشوة والواسطة، وتبدأ قوانين أي دولة بالتحلل والتفسخ ثم يصبح الفساد هو القانون ثم يصبح المجتمع كله فاسداً وكل سمكة تأكل الأصغر منها، ثم يعم الفساد والتبلد … وعدم الإحساس بالمسؤولية … والهرب من القرار .. ثم لا يبقى لمرجعية سياسية ولا دينية ولا اجتماعية هيبة ولا احترام … ويفقد القائمون على الأمور الحجة والقوة … تماماً مثل الرجل الصالح الذي ارتكب ذنباً بين يدي الله فلن يجد القوة ليطالب الناس بالطاعة، وإن حصل أنه كان فاجراً وتكلم فسيذهب كلامه هباء منثوراً ويكون عاملاً في زيادة سقوطه.
وقد ساهم الإعلام العالمي رغم كل سلبياته في تغيير قناعات الناس حتى الذين يعملون تحت أيدي المستبدين فأراهم طرقاً في التعامل والحياة كانوا محرومين منها ففتح غرائزهم بسرعة لم يعد أحد قادراً على لجمها… وهذا يؤدي إلى التحلل الذاتي .. فقط الأمر يحتاج إلى الوقت …
عندما تتقاطع المصالح فإننا نقدم المصلحة العامة ولو أجحف بحقنا، ولكن هناك أموراً لابد لها من جواب بل حل عاجل ليس لمصلحة ضيقة بل لمصلحة الدولة والمجتمع والناس أجمعين …
لاشك أن الدولة يهمهما استقرار الناس ، وربما نُقلت إليها الأمور بطريقة واحدة قائمة على الإرضاء والتملق وربما النفاق ..
وسورية هي بلدي و لا أستطيع أن أسكت عن أذى يلحقها ….. ومن أجل ذلك ألفت الأنظار إلى أمر شديد الخطورة وللناس فيه موقفان ولي رأي ثالث:
إن المد الشيعي في سورية يجب أن ينظر فيه إلى جانبين : الجانب الديني ، والتجيير السياسي ..
أما الجانب الديني … فوالله لو أن كل أهل سورية صاروا شيعة بل حتى كفاراً بالحجة والإقناع لما كان لنا أن نقابل ذلك إلا بالحجة والإقناع ليس خوفاً من أية جهة ولا كسباً لرضاها بل التزاما بقوله تعالى : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة 256) ، وهناك عائلات شيعية الأصل تنشطت بما يجري حولها فأعادت تشيعها عن اقتناع ، أو أفراد اقتنعوا بالتشيع كمذهب ديني .. وليس لنا أن نتكلم حول ذلك فهو حق ليس معه سوى الحجة والإقناع.
أما إن كان يحصل ذلك عن طريق الرشوة (أي دفع المال للتحويل المذهبي) ففي ذلك خطر على الدولة كلها، والإنسان الذي يقوم
دينه على المال فيخشى من تحول ولاءه لمن يدفع أكثر …. وسأتوقف هنا ولن أتكلم أكثر …
لأنتقل إلى جانب آخر فيه ظلم أقل… حركه في نفسي استضافة الداعية الموفق الدكتور عمر عبد الكافي، وشكراً لمن دعاه .. ولكن الملاحظ أنه لم يلتزم في محاضرة واحدة بالعنوان الذي قدم لأجله لا في الزيارة الماضية ولا اللاحقة … فهو واعظ ممتاز في الرقائق
و متكلم موفق إذا تحدث في الإيمانيات، ولكنه ليس بشيءإذا تكلم عن الوحدة الإسلامية أو دور رجال الدين في التنمية [مع كامل الاحترام له ، وهو قريبي بالمناسبة فزوجته من آل الخطيب وجدها هو العلامة السيد محب الدين الخطيب خال الشيخ علي الطنطاوي وابن عم جدي رحمهم الله جميعاً] وبصراحة فقد صار هناك توجه وتفكير (ونأمل أن لايكون صحيحاً) أن هناك شيئاً ما لإلهاء الناس بمرجعيات تفريغية! تملأ الساحة، وأسفت جداً لأن أمثال فضيلة الدكتور تسير العمر لم يدع إلى إلقاء محاضرة عن الوحدة الإسلامية والتي لا شك أنه أبرع بمرات كثيرة من الدكتور عمر عبد الكافي في إلقائها ، بل كوفئ بعزله من الخطابة في مسجده المتواضع في قرية دير ماكر ، ونأمل أن يعود قريباً ، وأن يبقى ضيفنا الكريم متحدثاً في اختصاصه ومايبرع فيه.
وضيف آخر للناس فيه مذاهب ، وهو الداعية البارع أيضاً الحبيب علي الجفري هيأ الله له كل خير ، وقد سألني مرة عنه محب له فقلت له : أين تجد قلبك فارحل … إلا أن هناك ملاحظات بدأت تتراكم حول الرجل … ومن أهمهما الرحلات المكوكية له إلى سورية وفتح الأبواب له وبطريقة لم تفتح لأحد من قبله لا ضيفاً ولا مقيماً حتى صار في اعتقاد كثيرين من الناس أنه المستشار غير المعلن والموجه الأساسي للأوقاف والإفتاء وحتى المعاهد الشرعية ..
ومرة أخرى أهلاً بكل ضيف .. ومن الكرم استقباله وإحسان ضيافته ولكن لماذا يُمنع رجال الدعوة والتبليغ من العمل وهم أبرع منه بكثير في الدعوة، هل لأنه يطرح منهجاً روحياً فقط ، وهم يطرحون التزاماً عملياً بالإسلام! هل لأنه يدخل الناس في دوامات ما أنزل الله بها من سلطان، ورجال الدعوة رغم كل ضعفهم العلمي يحيون الدين في النفوس … ومهما بلغ بهم الضعف فلا يفعلون مثله مما صار حديث كل لسان ، عندما زار الثانوية الشرعية في داريا وجلس في الإدارة وبناتنا مصفوفات في الباحة ، وصار يشرب من كأس ماء ثم تعطى للطالبات لتشرب كل واحدة منها سؤر الشيخ المبارك!!!
[بالمناسبة طلبت جهات في الأوقاف شطب اسم العبد الفقير كاتب هذه السطور من أسماء المحاضرين في دورة لموجهي المعاهد الشرعية في ثانوية المعضمية، وشكراً جزيلاً على هذا التكريم وأعتذر لأنني لا أستطيع أن أقدم سؤري لأحد]
أين وزير الأوقاف وأين وزير التربية وأين العلماء …. ليقولوا كلمة حول هذا التخلف … ولو أنه حصل في مجلس خاص لقلنا مزاج خاص ورؤية لصاحبها أما أن تربى بناتنا في المدارس الشرعية على ذلك فأمر مرفوض ولا يقبل بحال.
هناك تركيز على نشر التفكير الخرافي والتهويمي ، وعلى سبيل المثال فقد كانت هناك توصيات بدعم الطريقة النقشبندية، ثم قدمت دراسة تظهر أن الحركة النقشبندية ترجع في جذورها إلى مربين كان الجهاد سارياً في دمائهم ، لذا فقد أوصت بعض الدوائر الاستخباراتية صانعة القرار بتحويل الدعم عنها، خشية أن تنبعث الروح الجهادية من المريدين الذين لابد من أن يتأثروا بطريقة أو أخرى بسيرة أسلافهم المجاهدين!
وأوصت الدراسة بأن يتم توجيه الأنظار إلى الطريقة المولوية (مؤسسها مولانا جلال الدين الرومي وهو مرب بارع وفيلسوف من طراز نادر) ولكن أتباعه حولوا الطريقة إلى فولكلور شعبي وحركات راقصة خالية المعنى ، وفلسفة هائمة كل وظيفتها إضفاء روحانيات بلا عمل إلى السادة الغربيين ، لأن رغباتهم شيء ينبغي أن يستجاب له مهما لُوي في سبيله من الحقائق والأفكار ، وقد قررت هيئة الأمم المتحدة اعتماد عام 2007 عاماً للمولوية! [انظر المقالة المرفقة عن المولوية].
إنه لا يجوز لنا الجزم بنية أحد ولكنه من السذاجة أيضاً إغماض العيون عن بعض الأمور! ومن ذلك أن الحبيب علي ألهمه الله الصواب من القول والعمل ، يرى أن ما قام به أو نسب إلى ابن لادن إنما هو شيء مرفوض (ونوافقه على ذلك تماماً و نعتقد بحرمة ماحصل من الهجوم على برجي مركز التجارة الدولي وغير ذلك مما سبق الكلام عنه في عدة مقالات) ولكن الداعية الفاضل لم يذكر عن بوش أميركة كلمة واحدة ، بل قال أنه بشر يخطئ ويصيب ولا بد أن نخاطبه برفق!! وقلت لنفسي: ابن لادن أحق بالرفق في النصيحة وهو في النهاية مسلم شديد الغيرة على الإسلام (وأكرر أنني لا أعتقد الصواب في منهجه) ومن الحب ما قتل كما ذكرنا ، ولكن البوش الأميركي رجل قد ضجت الأرض مما فعل وشهدت الأرض والسماء جرائمه لا بحق شعوب المسلمين كلها وعلى الأخص فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال بل قد أجرم بحق بلاده فأورثها من العداوات والبغضاء ونهب من اقتصادها لنزواته المجنونة مالا يعلمه إلا الله! ، وفوقها هو يحتاج إلى الرفق! (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ* مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (القلم35-36). ومضت أيام فإذا بالحبيب علي يقول في إحدى الفضائيات للمذيع: أخي الكريم ، هذه القكبضات! المرفوعة في المظاهرات تؤذي مشاعر الغربيين!! ، تعقيباً على المظاهرات التي قامت في بعض بلاد المسلمين احتجاجاً على إهانات البابا بحق الإسلام والقرآن والنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم! هل مشاعر مئات ملايين المسلمين وعقيدتهم ودينهم هدر ولا قيمة لها أمام الأذى بل الخبث والمكر الذي تطاول به البابا على الإسلام … وهل من أجل إرضاء الغربيين نخلع ديننا وإيماننا بل حتى ثيابنا! فحتى (القكبضات) المرفوعة (والتي لم يعد المسلمون يملكون غيرها) صار من العار رفعها! سبحانك اللهم …هذا بهتان عظيم.
لذا نقول لكل طرف يهمه استقرار الأمة أننا لانريد منه سوى العدل والعدل فقط فالمصرع وخيم ومن نسي فليذكر صداماً فبعد كل ما عمل رأى كل الناس كيف أهانوه وقتلوا أولاده أمام عينيه ثم صرعوه بطريقة لا تليق حتى بالخراف….
نريد العدل ومن أبى فلن ندخل معه في صراع ، ولكننا سنقاومه بالكلمة الحرة والصدور العارية والأيدي المفتوحه ، وسنطوق ظلمه بهموم الأمة وعنائها وصبرها .. وشعارنا عمل بلا تنظيم … وأفكار بلا أسرار … ودعوة بلا عنف … واجتماع على الحق … وانطلاق من الأمة وعيش معها .. وشهداء للكلمة قادمون في اللحظات المناسبة ..
أيها المستبدون توبوا وارجعوا إلى شعوبكم … واكسبونا قبل أن تخسرونا وتضيع البلاد والعباد …. لستم أنتم الذين تحموننا بل نحن الذين نحميكم … ولن نفرط فيكم أيها الظالمون ولو ظلمتم ، ولن ندع البلاد تضيع ولو غفلتم … وسنسامحكم ولو أخطأتم وسنعفو عنكم ولو على أجسادنا تسلقتم ودمائنا شربتم …. سنحميكم فنحن الضمان ….
سنتابع في المقالة القادمة الحديث عن التآكل الداخلي …

من موادنا الجديدة :
– العلامة الدكتور صبحي الصالح ، وواحد وعشرون عاماً على استشهاده (قسم منائر- لم يحمل بعد) ( وصورته في حديث الصور)
– ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأوربية (ركن الدعوة)
– دراسة عن المسلمين في الولايات المتحدة (منائر : كتب).
-دمعة محب: منائر : تذكره
– مقال عن المولوية وانتشارها (مناهج)ا
– ياقبور بلادي ضميني (حديث الصور) … مقبرة الباب الصغير بدمشق
– نشيد إسلامي: what did i do today
إضافة إلى الأسئلة والأجوبة (وبقيت عدة أسئلة سيجاب عنها قريباً جداً)

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف كلمة الشهر. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.