“المصلح الاجتماعي” يوحّد المعارضة السورية… رولا خلف – مراكش

أشاح معاذ الخطيب بوجهه ليقاوم دموعه كلما تذكّر رؤيته للفتاة التي كانت تتظاهر أمام السفارة الليبية بدمشق في شباط – فبراير 2011 قبل اندلاع الثورة السورية مباشرة.

يقول الخطيب: “لا أعرف تلك الفتاة ولكنني أتذكرها دائماً لأنها أثّرت بي كثيراً، لقد بقيَت تهتف لمدة ساعة كاملة و لم تتوقف خلالها عن البكاء”.


بينما كان السوريون يبذلون جهودهم لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد خلال العامين الماضيين, قام المهندس الجيوفيزيائي والداعية ذو الـ 52 عاماً بالمشاركة في العديد من التظاهرات التي تخللت فترات اعتقاله.
يترأس السيد الخطيب الآن التجمّع الأكبر للمعارضة السورية كإحدى الشخصيات القليلة التي يمكن لمناهضي الأسد التوافق عليها.
أثناء فترة اعتقاله الأخيرة وقبل أن يفر من دمشق إلى القاهرة في تموز\حزيران، حُرم الخطيب من النوم وألقي في زنزانة صغيرة كُدّس فيها 25 سجيناً آخراً، حيث يذكُر في مقابلة مع صحيفة الفايننشال تايمز أنها “كانت أشبه بشعور الموت”.
وبالرّغم من أنه ليس سياسياً ولم يكن يوماً جزءاً من أي تجمّع سياسيٍ – يصف السيد الخطيب نفسه بأنه “مصلح اجتماعي” – كما كان دائماً شوكة في خاصرة عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ عقود.

الخطيب، ابن أسرة دمشقية سنّية أفرادها علماء دين، كان قد مُنع من الخطابة في المساجد للسنوات الـ 17 الماضية، يقول الخطيب ” كنت أقول دائماً إن الدين من دون عدالة ولا حريّة هو دين مزيّف”.
ظهر الخطيب في الشهر الماضي كإحدى الشخصيات النادرة والتي يمكن للمعارضة المنقسمة أن توحد كلمتها بوجوده، ومنذ ذلك الحين نجح الائتلاف الوطني بتقديم نفسه ممثلاً شرعياً للشعب السوري وذلك باعتراف أكثر من 100 دولة بما فيهم الولايات المتحدة خلال مؤتمر مراكش الذي انعقد يوم الأربعاء.

يقول السيد الخطيب أن مؤتمر أصدقاء سوريا يمثل “انتصاراً سياسياً كبيراً” إذ يقوّض شرعية النظام (نظام الأسد) أكثر. ولكن أشار متحدث من غرفته في الفندق بمراكش بعد ساعات من الاجتماع إلى أن المساهمة الخارجية في سوريا قد جاءت متأخرة. ” لقد كان المجتمع الدولي غافلاً عما يحدث، لقد التزم الصمت واستجاب متأخراً بينما كان يشاهد دماء الناس تنزف وأطفالهم يُقتّلون خلال الـ 20 شهراً المنصرمة.” يقول الخطيب أنه قُتل أكثر من 40 ألفاً في الصراع الممتد من آذار\مارس 2011.
انتقد الخطيب علناً قرار الولايات المتحدة بإدراج إحدى المجموعات الثورية الجهادية والتي تدعى بـ (جبهة النصرة) كمنظمة ارهابية مما يشير إلى أن هذه الخطوة قد يكون لها تداعيات سلبية، حيث يقول إن المجتمع الدولي يتحمل جزء من مسؤولية ظهور جماعات متشددة في سوريا.

يبدو أن الخطيب ليس مستعجلاً لقبول دعوة الإدارة الأميركية له من أجل زيارة واشنطن, حيث يقول أنه لا يعارض الزيارة من حيث المبدأ ولكن لديه التزامات أخرى في المستقبل القريب.
“عندما يتدخّل المجتمع الدولي في الوقت المناسب و يتحرّك لحماية الناس في الوقت المناسب فإن ذلك سيحقق الاستقرار للمجتمعات” ويقول الخطيب “إن السياسات الدولية الخاطئة أدّت إلى ظهور التشدد”
وقد قال الخطيب “لقد قاتل السوريون بأنفسهم واقتربوا من الإطاحة بالنظام وذلك بانتقال المعارك إلى قلب دمشق، لذلك فإنهم لا يتطلعون حالياً إلى تدخّل عسكري دولي أو قوات حفظ سلام أممية”.
“إن المعارضة تطلب تزويدها بالسلاح حتى دون الحصول على إمدادات اضافية “، “إن الشعب السوري سيقتلع هذا النظام حتى باستخدام أظافره” يقول الخطيب.

يقول منتقدو الخطيب أنه كان يحمل نظرة معادية للغرب فيما مضى في إشارة إلى بعض خُطبه السابقة، كما أن هناك أفراداً في المعارضة من انتقده أيضاً لافتقاره إلى الخبرة السياسية وأنهم غير مرتاحين لتوجهاته الاسلامية.
بينما يقول آخرون أن الخطيب هو شخصية وطنية ورجل توافقي وإسلامي معتدل وخطيب حماسي وبمقدوره التواصل مع الجماعات المسلحة التي يزداد تشددها، والأهم من ذلك مع الأقليات السورية التي لايزال بعضها موالياً للنظام.
ليس هناك أدنى شك في أن الخطيب يتكلم بلغة الثورة حتى عندما تتصادم مع السياسة الغربية.
في الوقت الذي كان يتحدث فيه الأخضر الابراهيمي مبعوث الأمم المتحدة عن قيامه بمحادثات مع الولايات المتحدة وروسيا عن خطة انتقال سياسي يسلّم خلالها الأسد السلطات التنفيذية لإدارة انتقالية, أصرّ رئيس المعارضة على أنه لا يمكن لأي عملية انتقالية أن تحصل طالما الأسد موجود في السلطة.

يقول الخطيب “وفي حال قرر النظام الرحيل، عندها يمكن مناقشة آلية المرحلة الانتقالية وذلك يحتاج إلى ضمانات دولية”.
ويحتفظ الخطيب بأقسى انتقاداته لروسيا حيث يقول أنهم سيكونون “مسؤولين بشكل خاص” في حال لجأ الأسد إلى استخدام الأسلحة الكيميائية.
“أعتقد أن الروس قد استفاقوا و استشعروا أنهم قد ورطوا أنفسهم مع هذا النظام و لكنهم لا يعرفون كيف يخرجون منها.”
بينما يُحكم الثوار الخناق حول النظام فإن أجهزته الأمنية تصعّد الصراع بإطلاقها صواريخ سكود للمرة الأولى هذا الأسبوع من دمشق إلى شمال سوريا، ويقول الخطيب هنالك ثلاثة سيناريوهات لنهاية حقبة الأسد:
السيناريو الأول والأكثر كلفة هو أن يحارب الأسد حتى النهاية وهذا سيطيل أمد الصراع. السيناريو الثاني هو انهيار النظام بحكم تغيّر من داخله والذي سيوفر على سوريا مزيداً من إراقة الدماء، والثالث هو رحيل النظام ضمن حل سياسي.
فهل تقبل المعارضة، والتي تريد محاكمة الأسد في محكمة الجنايات الدولية، بأن يتم خروج الرئيس السوري إلى المنفى؟
“لو أراد بشار (الرحيل) فبإمكانه إرسال رسائل واضحة من خلال بعض القنوات أنه يريد انهاء تدمير البلد، يمكن لبعض الوسطاء الدوليين من الأمم المتحدة وآخرين الاستماع له ولكننا لن نلتزم بأي شيء حتى نقوم بدراسته (للاقتراح).

 

رولا خلف – مراكش, 13 كانون الأول 2012

 http://www.ft.com/cms/s/0/3671a322-4519-11e2-858f-00144feabdc0.html#axzz2FI5HQIWk
هذه التدوينة كُتبت في التصنيف مختلفة, منائر. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.