العلاقات السورية الأميركية حتى بداية الحرب الباردة (الجزء الأول)

كانت سورية ولا تزال أشبه بمفتاح للعالم “وقد كان فضلها على رقي البشرية من الناحيتين الفكرية والروحية أجَلَّ شأناً من فضل أي بلد آخر…. وربما كانت سورية أكبرَ بلد صغير على الخريطة، فهي صغيرة جداً في حجمها ولكنها عالمية في تأثيرها…. وازدحمت في أرضهم الضيقة [أي السوريين] أحداث تاريخية وثقافية تتسم بزهوها وفعاليتها أكثر مما ازدحمت به أي أرض أخرى بنفس المساحة”[1]، كما أن موقعها الجغرافي جعلها قلباً حياً يتدفق منه العطاء والتواصل بين قارات العالم، وإذا أضفنا إلى ذلك إمكانياتها الذاتية ونسيجها السكاني المدهش وتنوعه اللامحدود أدركنا لماذا صارت محط أنظار أمم الأرض في كل زمان. لذا فإن دراسة علاقاتها مع مختلف الدول أمرٌ مهم، وخصوصاً عندما يتعلق بدولة عظمى مثل الولايات المتحدة، أي العلاقة بين أهم  أرض وأعظم دولة، وخلال فترة خاصة تبدأ من نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية الحرب الباردة[2]،  وهو ما سيطرح في هذا المبحث المختصر، مع مقدمة بسيطة للعلاقات التاريخية السابقة.

بداية التسلل الأميركي إلى سورية كان عبر البعثات البروتستانتية طليعة الاهتمام الأميركي[3] ببلاد الشام ، ففي عام 1866 افتُتِحَ المعهد السوري البروتستنتي في بيروت، والذي أطلق عليه فيما بعد اسم: الجامعة الأميركية[4]، وقد تميزت سياسة الولايات المتحدة في المنطقة بثلاثة عناصر[5]: العنصر الثقافي والاستراتيجي والاقتصادي، وعندما عقد في شباط 1919 مؤتمر لمناقشة قضية الممتلكات العثمانية السابقة ومصيرها؛ أدى ذلك إلى خلاف شديد بين بريطانية وفرنسة حول السلطات التي ستتولى إدارة الوضع الجديد، وقد تدخل الرئيس الأميركي ويلسن لإيفاد لجنة تحقيق دولية[6] للتعرف على مطالب السوريين ورغباتهم في ممارسة حق تقرير المصير[7].

بعد بيان الجنرال كاترو بإعلان استقلال سورية بتاريخ 28 أيلول 1941 أصدرت الولايات المتحدة بتاريخ 29 تشرين الثاني 1941 بياناً جاء فيه أن “الحكومة الأميركية ترحب بأية خطوة من شأنها تحقيق تلك الأماني، وأهمها بلا شك هو ممارسة الاستقلال ممارسة تامة”[8]، وقد أتت فرصة مناسبة لإبداء العواطف الأميركية عقب أحداث التاسع والعشرين من آيار 1945 حيث تسبب الفرنسيون بحمام من الدم في دمشق، عندما هاجموا بوحشية مجلس النواب واحتلوه بعد قتل حماته من الشرطة والدرك في مجزرة جماعية، ورافق ذلك قصف بري وجوي عنيف قتل الكثيرين من الأبرياء، واشتعلت الحرائق في مباني المؤسسات الرسمية والأسواق التجارية، ودُمِّرَ عدد من الأحياء الآمنة، ووقعت مصادمات بين الفرنسيين والناس في حلب وحمص واللاذقية ودير الزور وجبل العرب، وإثر ذلك استَدعَى وزير الخارجية السوري جميل مردم كلاً من الوزيرين المفوضين للولايات المتحدة وبريطانية، وقدم إليهما مذكرتي احتجاج ضد الاعتداء الفرنسي، طالباً رفعهما إلى الحكومتين[9]، وبناء عليه “قام معاون وزير الخارجية الأميركية غرو  Mr Grew بتحديد موقف حكومة واشنطن من الأزمة السورية، معلناً في مؤتمر صحفي عقده في 31 أيار 1945 بأن الحوادث التي وقعت في الشرق الأوسط قد أحدثت قلقاً كبيراً لدى حكومة الولايات المتحدة التي أُخطرت بتدخل القوات البريطانية، ووافقت عليه، منعاً لسفك مزيد من الدماء في المشرق[10].

كل الرصيد الذي أوجده التفهم الأميركي تبدد خلال عرض القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة[11] عام 1947، وكانت إحدى نتائج الدعم الأميركي لليهود هو إصرار المجلس النيابي السوري على رفض التصديق على اتفاقية التابلاين طوال عامين[12]، أما النتيجة الأشد تأثيراً فقد كانت انتشار الشعور بالكراهية للولايات المتحدة الأميركية بين العرب، وقام متظاهرون “برجم دور البعثات الدبلوماسية والقنصلية الأميركية بالحجارة في دمشق وحلب وبيروت ومحاولة حرقها وإلقاء القنابل عليها”[13]، بل إن العديد من علماء الشريعة الإسلامية وعلى رأسهم الدكتور مصطفى السباعي أعلن “أن العرب يجب أن يتجهوا بعد الآن إلى الإتحاد السوفييتي للحصول على تأييده السياسي في المحافل الدولية ضد الولايات المتحدة وبريطانيا الضالعتين في نصرة إسرائيل وترسيخ وجودها في وسط العالم العربي والإسلامي”[14].

تدخلت الولايات المتحدة وبشكل أقرب إلى الفجاجة في انتخابات عام 1947 “ولقد فوتنا الفرصة على الحكام السوريين بخصوص توجيه انتقادات لتدخلنا هنا وهناك عن طريق قيام القائم بالأعمال الأميركي بزيارة إلى وزارة الخارجية السورية، ولفت النظر إلى اعتقادنا أن الانتخابات السورية المقبلة ستكون محط أنظار جميع الأقطار المستقلة حديثاً، ولهذا فإننا لا نتوقع وجود أي مانع من مراقبتنا لها”[15]، والمدهش في الأمر أنه لم يكن مجرد مراقبة بحال، فقد “قامت الشركات الأميركية الخاصة، بالتعاون مع أفراد الجالية الأميركية وبعض الإرساليات التبشيرية هناك، بتوجيه تحذير لأولئك السياسيين الذين اعتادوا اللجوء إلى الضغط والإكراه لحمل المواطنين على الإدلاء بأصواتهم لصالحهم…. كما وجهت تحذيرات مباشرة وغير مباشرة إلى كل من الإقطاعيين وأصحاب المعامل وزعماء الأحياء، وحتى رؤساء مخافر الشرطة، من إعاقة الشعب عن الإدلاء بأصواتهم بحرية تامة…. وتمكن رئيس إرساليات طائفة الكنيسة الإصلاحية (الميثودية)[16] أن ينتزع وعداً من أكبر اتحاد للمثقفين الأكراد بأنهم وزملاءهم لن يقوموا باستغلال أصوات الأميين الأكراد ويكتبوا لهم على أوراق الاقتراع أسماء مرشحي الاتحاد”[17] .

إن إنشاء أنظمة سياسية موالية تؤمن المصالح السياسية المتنامية للولايات المتحدة، والقلق من النفوذ السوفيتي المتعاظم، ومحاولتها التوسع في المنطقة، ورغبتها في تأمين طفلها المدلل (إسرائيل) هو التفسير المنطقي لما تبين لاحقاً من دورها في إنجاح انقلاب حسني الزعيم، والذي كان مقدمة التداعي للنظام البرلماني والحريات العامة في سورية.

يلفت النظر موضوع خطير[18]، وتم بتوجيه من وزير أميركا المفوض حول مفاوضات جرت بين حسني الزعيم والصهاينة في فلسطين[19]: “وكان للولايات المتحدة هدفان ترمي إلى تنفيذهما وهما: تصديق اتفاقية التابلاين[20] وفق شروط الشركة وليس وفق الشروط التي فرضها الرئيس شكري القوتلي واللجنة السورية المشكلة للتفاوض مع الشركة…. وتوقيع اتفاقية الهدنة مع إسرائيل بشروط إسرائيل لا بشروطنا”[21].

هناك سجلات “تؤكد أن [الميجر] ميد اجتمع سراً، اعتباراً من 30 تشرين الثاني 1948 مع الزعيم حسني الزعيم ست مرات على الأقل لبحث إمكانية قيام ديكتاتورية يدعمها الجيش… [و] أتم ميد وحسني الزعيم التخطيط لانقلاب في أوائل عام 1949 وفي 14 آذار طلب حسني الزعيم من عملاء الولايات المتحدة أن يشجعوا على قيام اضطرابات داخلية باعتبارها جوهرية لقيام انقلاب، أو أن تزوده الولايات المتحدة بأموال لهذه الغاية في أقرب وقت ممكن…. ومع تزايد الشائعات عن انقلاب عسكري، وصل جورج ماكفي، مساعد وزير الخارجية الأميركي إلى دمشق… ربما لإعطاء الإذن أيضاً بدعم الولايات المتحدة لحسني الزعيم”[22]، ويبدو أن فترة الانقلابات قد نشطت زيارات الأميركيين لسورية وفعالياتهم، ففي آذار 1953 زارت دمشق السيدة إليانور روزفلت[23] (زوجة الرئيس الأميركي السابق) ، وبعدها قام وزير خارجية الولايات المتحدة فوستر دالاس بزيارة سورية في آيار 1953[24]، وكذلك عضو مجلس الشيوخ الأميركي أديلاي ستيفنسون في نفس الشهر[25]، أما في آب من نفس العام فقد أعلن مشروع جونستون لاستثمار مياه وادي الأردن[26]، والذي أفشله وقوف سورية الحاسم في وجهه، ومن جهة ثانية يوضح محضر جلسة لإدارة جمعية التمدن الإسلامي[27]، أحد محاور التسلل الأميركي حيث جرى “بحث في كتاب للغة الإنكليزية يُدرَّس في ثانوية دمشق الأميركية، فتقرر استنكار تدريسه ومنعه لوجود طعن نبوي فيه”[28] .

 

شهد معرض دمشق الدولي في افتتاحه عام 1954مشاركة الولايات المتحدة “بالسينيراما [29] والتي كانت حدثاً جديداً”[30]، أما دورة المعرض لعام 1956 فقد عرضت الولايات المتحدة فيها طائرة مروحية صغيرة، وتم من خلالها التقاط صور جميلة لمدينة دمشق، ووزعت على السفارات السورية[31]، ولكن يبدو أن استقرار سورية لم يكن مرغوباً بعيداً عن القبضة الأميركية، والتي ثبت لاحقاً أنها كانت تعمل بشكل حثيث لتقويض ذلك الاستقرار، والذي كان رائداً في الحياة البرلمانية والحريات العامة إضافة إلى التسامح الديني المميز الذي عاشه المجتمع السوري.

كانت الولايات المتحدة تتخوف جدياً من تعاظم التعاون السوري- السوفييتي[32]، وتعتقد أن ذلك مقدمة لمد شيوعي في المنطقة، لذا فقد دعمت علناً الاتفاق التركي- العراقي كخطوة من “الدفاع الفعال عن الشرق الأوسط ضد التوسع الشيوعي”[33]، وقد زار السفير الأميركي في سورية جيمس موس رئيس الوزراء السوري صبري العسلي مقدماً له مذكرة حول الموضوع[34].

أدى تأميم قناة السويس في تموز 1956إلى هزة عالمية وضعت سورية في مواجهة غير معلنة مع الغرب،  فبينما صرح الرئيس الأميركي أيزنهاور في بداية الأزمة[35] بأن “القناة يجب أن تبقى ممراً مائياً دولياً حراً تستعمله سائر الدول سواء في حالة الحرب أو السلم… وأن أهمية القناة لاتنحصر في نطاق الدول الأوربية والدول المجاورة فحسب، بل هي أمر حيوي كذلك بالنسبة إلى اقتصاد الولايات المتحدة”[36] كان الرئيس شكري القوتلي، ورئيس وزراءه صبري العسلي[37] يبرقان إلى

الرئيس جمال عبد الناصر “يهنئانه بحرارة على عمله التاريخي العظيم”[38].

سراً كانت هناك مؤامرة تقوم على الدسائس[39] بلغت أوجها في تشرين الأول 1956، “وكانت بريطانية والولايات المتحدة في هذا الوقت على اطلاع تام على كل ما يحدث…. وفي منتصف الصيف ألفت لجنة إنكليزية-أميركية- عراقية في بيروت لتبادل المعلومات ومناقشة الوجوه الدولية للمؤامرة… [و] تم إدخال بريطانية والولايات المتحدة لكي تمدا أيديهما فيما لو اتخذت الأمور أبعاداً دولية… [و] قد قامتا بتوزيع المال والسلاح أيضاً”[40]، ويعتقد أنه “كانت المكتسبات الشيوعية في سورية هي التي أدت إلى توريط الولايات المتحدة في التآمر”[41].

بحث كتبه : أحمد معاذ الخطيب الحسني/دمشق الشام

11  شوال 1431هـ/ 20 أيلول 2010


[1] – فيليب حتي، تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، ترجم: جورج حداد-عبد المنعم رافق، بيروت، دار الثقافة، 1958، 3-4.

[2] – الحرب الباردة Cold War  :  “يستخدم هذا التعبير لوصف التنافر بين الولايات المتحدة والغرب من ناحية والاتحاد السوفييتي وأوربا الشرقية من الناحية الثانية …. بين سنتي 1945 و 1991” وانظر لذلك : آلان تيد ، ديمقراطيات وديكتاتوريات سادت أوربة والعالم 1919-1989، Democracies and Dictatorships ، تعريب: مروان أبوجيب ، بيروت ، الحوار الثقافي ،2004، 237.

[3] – أول الإنجيليين في بلاد الشام كانا : جونس كنج ، وإيلي سميث والذي قدم إلى بيروت عام 1827 م وتوفي فيها عام 1857 ، وكان يتكلم العربية بطلاقة ، ويلم باللغات القديمة وبعض اللغات الحديثة ، وأسس مع زوجته أول مدرسة للبنات في بيروت عام 1834 ، وهي السنة التي نقل فيها البروتستانت مطبعتهم من مالطة إلى بيروت ، كما باشر سميث ترجمة التوراة والإنجيل من العبرية واليونانية سنة 1849 بمساعدة المعلم بطرس البستاني ، وبعد وفاته أتم زميله كورونيليوس فان ديك العمل بمساعدة البستاني لينجز العمل عام 1860؛ وانظر:أوراق فارس الخوري ، تنسيق وتحقيق وتعليق: كوليت خوري، دمشق، دار طلاس،1989، 1،29.

[4] – نزار كيالي ، دراسة في تاريخ سورية السياسي المعاصر (1920-1950) ، دمشق ، دار طلاس ، 1997، 274.

[5] – المرجع نفسه ، 273- 274.

[6] – المرجع نفسه، 35. وفيه أنه قدمت لجنة الاستفتاء الأميركية كينغ – كرين عام 1919، وجاء في تقريرها المفصل “أن الشعب السوري يطالب بالاستقلال الناجز ويرفض أي انتداب ، كما أنه يعارض المشروع الصهيوني معارضة شديدة ، أما إذا لم يكن بدٌّ من فرض انتداب محدد الأجل لإرضاء الدول الكبرى ، فإن الشعب السوري يفضل الولايات المتحدة الأميركية كدولة منتدبة بالدرجة الأولى ، وبريطانية العظمى بالدرجة الثانية ، ولكنه يرفض قبول فرنسة كدولة منتدبة على سورية”.

[7] – المرجع نفسه، 34.

[8] – نزار كيالي، دراسة في تاريخ سورية، مرجع سابق ، 122 ، وجاء في نفس البيان أن الولايات المتحدة تتمسك بالنصوص التي قبلت بها عام 1924 التي تضمن حقوقها ورعاياها في المنطقة!!

[9] – المرجع نفسه ، 175-195.

[10] – في المرجع نفسه، 178، نقلاً عن نشرة وزارة الخارجية الأميركية، المجلد 12، رقم 310 تاريخ 3/6/1945، ص1013-1014. (the U.S. Department of state Bulletin)  أنه قد قدمت حكومة الولايات المتحدة الأميركية إلى الحكومة الفرنسية مذكرة مؤرخة في 28 آيار 1945 تتضمن مايلي: “إن ثمة شعوراً لدى الولايات المتحدة وغيرها من الدول بأن ممثلي فرنسة يقومون بالتهديد باستعمال القوة لحمل حكومتي سورية ولبنان على منحها امتيازات ذات طابع سياسي وثقافي وعسكري. إن سورية ولبنان هما باعتراف كل من فرنسة والولايات المتحدة دولتان مستقلتان، كما أنهما أيضاً عضوان في منظمة الأمم المتحدة، حيث يقوم ممثلوهما بالاشتراك حالياً في سان فرانسيسكو مع ممثلي فرنسة والولايات المتحدة بمناقشة وسائل ضمان الأمن العالمي ومقاومة العدوان ….  لذلك فإن حكومة الولايات المتحدة، بكل شعور أخوي، تهيب بحكومة فرنسة أن تعيد النظر بدقة في سياستها تجاه سورية ولبنان، بغية العثور على طريقة تبين للبلدين المذكورين وللعالم أجمع أن فرنسة، في تعاملها مع دول المشرق، ترغب في معاملة سورية ولبنان كدولتين مستقلتين تتمتعان بسيادة تامة كعضوين في الأسرة الدولية”.

[11] –  نزار كيالي، دراسة في تاريخ سورية، مرجع سابق ،277،وجاء فيه: “تبارت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في المساعدة على إنشاء الدولة اليهودية في فلسطين”.

[12] – المرجع نفسه، 278.

[13] – المرجع نفسه ، 278.

[14] – المرجع نفسه 278-279.

[15] – مايلز كوبلاند، لعبة الأمم، تعريب: مروان خير، لبنان، مكتبة الزيتونة، 1970، 67.

[16] – الكنيسة الميثودية Methodists  أو المنهجية : هي حركة إصلاحية نشأت في أوكسفورد (إنكلترا) عام 1729 على يد الأخوين جون وتشارلز ويزلي ، ثم انفصلت عن الكنيسة الإنكليزية ، وكانت تشدد على الديانة الداخلية (الخلاص ممكن لكل إنسان) ، وتعتبر من أوائل الكنائس التي يعبر أتباعها عن إيمانهم من خلال الغناء ، وتؤكد على الأخلاقية الفردية والاجتماعية والمسؤولية الشخصية ، وانتشرت بشكل كبير في إنكلترا والولايات المتحدة ، بسبب نشاط وعاظها ، ثم انقسمت إلى فروع كثيرة ، ولكن عادت للتوحد بتأسيس الكنيسة الميثوديستية الموحدة عام 1968 ، وانظر للتوسع :- سعد رستم ، الفرق والمذاهب المسيحية منذ ظهور الإسلام حتى اليوم ، دمشق، الأوائل للنشر والتوزيع، ط2، 2005، 178- 182.

[17] – مايلز كوبلاند، لعبة الأمم، مرجع سابق، 67-68. ويذكر المؤلف في الصفحة 68 أن التحركات قد تضمنت القيام بإعلانات دعائية ضخمة لينعم السوريون بالحرية بعد بضعة قرون!! من السيطرة الأجنبية ، وترتيب النقل المجاني للناخبين بالاتفاق مع مكاتب للتكسيات ، وتزويد مراكز الاقتراع بالآت أوتوماتيكية لتسجيل الأصوات بحياد تام.

[18] – فخري البارودي ، أوراق ومذكرات (خمسون عاماً من حياة الوطن) ، 1887-1966، إعداد وتحقيق : دعد الحكيم، دمشق، منشورات وزارة الثقافة، 1999، 2، 323.

[19] – نص ما كتبه البارودي في الصفحة 323 من مذكراته بعنوان : من أسرار الهدنة بين سورية وإسرائيل: “بعد الانقلاب الذي قام به حسني الزعيم كانت البلاد الشامية في حالة مضطربة لعدم استقرار الحال في فلسطين بعد عقد تلك الهدنة المشؤومة، وقد جرت أشياء بقيت في الكتمان، رأيت من الواجب تدوينها ليطلع عليها الرأي العام العربي. أرسل حسني الزعيم، رئيس الجمهورية، بطلب أحد موظفي الخارجية السيد صلاح الدين الطرزي، وهو شاب نشيط ذكي مقتدر، من ألمع شبان العرب، وطلب منه أن يذهب سراً إلى تل أبيب للمذاكرة مع الصهيونيين ويتفق معهم على الشروط التي طلبوها من حسني الزعيم ولم يقبلها، وتعديلها بما يريده حسني الزعيم.

والشروط المعروضة هي : أن تقبل سورية إسكان اللاجئين الفلسطينيين في جزيرة ابن عمرو مقابل ثلاثمائة مليون دولار : مائة مليون هي خاصة بحسني الزعيم، ومائتا مليون دولار تصرف على اللاجئين وإسكانهم في الجزيرة. والتكليف كان من وزير أميركا المفوض. وقد رفض حسني الزعيم المبلغ وطلب مائتي مليون دولار لنفسه ومائتي مليون دولار لإسكان اللاجئين، وذهب السيد صلاح بصحبة العقيد أركان حرب محمد ناصر. ولكن اليهود رفضوا الطلب، وجرت مفاوضات بين الطرفين، ولولا أن يقتل حسني الزعيم لتمت الصفقة” .   وتعلق محققة الكتاب في نفس الصفحة بما يلي: “لم يذكر أعداء حسني الزعيم، وهم كثر شيئاً عن اتفاق كهذا، ولذلك نشك بصحة هذه الوثيقة”.

[20] – طلبت حكومتا لبنان وسورية من شركات استثمار البترول الأميركي دفع عائدات سنوية مقابل السماح بتمرير أنابيب البترول في أراضيها، وتم التوقيع على اتفاقيات بهذا الشأن، وتم افتتاح الخط بتاريخ 2 شباط 1950، وانظر: نزار الكيالي، دراسة في تاريخ سورية، مرجع سابق 275.

[21] – عبد الله الخاني، سورية بين الديمقراطية والحكم الفردي (عشر سنوات في الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية: 1948-1958) ، بيروت، دار النفائس، 1425هـ/2004م، 87.

[22] – المرجع نفسه، 85-86 نقلاً عن : Middle east journal العدد رقم (1) ، 1990 ، المجلد (44) والمقال بقلم: دوغلاس ليتل ، وبعنوان : (العمل السري في الحرب الباردة) – الولايات المتحدة وسورية 1945-1958.

ونسوق باختصار ما ذكره ليتل في نفس المقال من أنه “قد تجاوز أداء الزعيم، خلال الأشهر الثلاثة التالية، كل توقعات واشنطن. فمنذ 28 نيسان أبلغ الزعيم السفير كيلي أن سورية ستستأنف محادثات السلام مع إسرائيل، وأنها تدرس إعادة توطين 250000 لاجئ فلسطيني في وادي الجزيرة…. وفي 16 آيار وافق الزعيم على امتياز التابلاين…. فأزال بذلك العقبة النهائية عن طريق مشروع شركة أرامكو… وقد توج الزعيم أداءه الرائع بسحب جميع مطالب سورية من تركية بشأن إسكندرون، ثم بتوقيع اتفاقية الهدنة السورية الإسرائيلية التي طال انتظارها…. “. ويلاحظ أن هذا الكلام يدعم ما ساقه البارودي في مذكراته ونفته محققة الكتاب، ولكن يبقى الجدال قائماً حول الثمن الذي عُرض على الزعيم.

[23] – عبد الله الخاني ، سورية بين الديمقراطية والحكم الفردي ، مرجع سابق، 384.

[24] – المرجع نفسه، 381.

[25] – المرجع نفسه، 383.

[26] – المرجع نفسه،260-272.

[27] – من أعرق الجمعيات الإسلامية في سورية ، وقد أسست عام 1932 على يد نخبة من العلماء الإصلاحيين ، وكانت رائدة في عملها. وانظر للاستزادة : – أحمد معاذ الخطيب الحسني ، محاضرة مطبوعة بتاريخ 2 حزيران 2007 بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعون لتأسيس الجمعية ، وقد نشرت في موقع :   www.darbuna.com

[28] – سجل القرارات لجمعية التمدن الإسلامي ، الجلسة 39 ، (15ربيع الأول 1373هـ/22 تشرين الثاني 1953م).

[29] – في نيويورك سنة 1952 ظهر نظام السينيراما  Cinerama ، وفيه يتم تقسيم عرض مجال التصوير إلى ثلاث أجزاء ، ويتم التصوير بثلاث كاميرات مركب على كل منها نفس نوع العدسة . ويخصص لكل كاميرا ثلث المساحة المصورة ، ويتم عرض الثلاث أفلام  من ثلاث آلات عرض مختلفة في وقت واحد ، لتملأ شاشة مقوسة عريضة ، يبلغ نسبة ارتفاعها 8 أمتار وعرضها  20 مترا ،  ولتجنب عدم الوضوح بين الصور الثلاث ، والتقائهم مع بعضهم على الشاشة ، تستعمل عدسات من نفس النوع في الثلاث آلات عرض ، للإيحاء بأنها صورة واحدة تعرض من آلة واحدة .. ويسمع الصوت حينذاك وكأنه يتبع الحركة تماما التي على الشاشة من ناحية أخرى .. باختصار نقلاً عن: http://www.forums.topmaxtech.net/t2185.html.

[30] – عبد الله الخاني ، سورية بين الديمقراطية والحكم الفردي ، مرجع سابق، 223 ، وقد قدم من خلالها عدد من الأعمال العالمية كمقطوعة من أوبرا عائدة لفيردي ، وبالية البولشوي السوفيتية … وغيرها

[31] – المرجع نفسه، 181.

[32] – لقد قدم السوفييت عام 1955 تعهدات بدعم سورية في مواجهة حلف بغداد، وأتبع ذلك بعروض مساعدات اقتصادية وفنية، وفي شهر آب عين ملحق عسكري سوفييتي في دمشق، ورفعت درجة التمثيل الدبلوماسي إلى سفارة، وتم في نفس الشهر توقيع معاهدات تجارية مع روسية والصين، ثم عرضت تشيكوسلوفاكية بناء مصفاة للنفط، وقدمت مقاعد دراسية في جامعات أوربة الشرقية للطلاب السوريين، ومنح الشيخ محمد الأشمر[من كبار المجاهدين ضد الاستعمار الفرنسي] جائزة ستالين للسلام، ولكن الحدث الأهم كان تدفق السلاح السوفييتي بين أيلول 1955 وحزيران 1956 وتبعه دورات دراسية تدريبية، وانظر لذلك: – باتريك سيل ، الصراع على سورية (دراسة للسياسة العربية بعد الحرب 1945-1958) ، دمشق ، دار طلاس ، ط7 ، 1996، 335.

[33] – خالد العظم ، مذكرات خالد العظم، بيروت، الدار المتحدة للنشر، ط3، 2003، 2،339.

[34] – خلاصة المذكرة وفقاً لخالد العظم ، أن فيها “يبدو التدخل الأميركي المباشر لإيجاد منظمة للدفاع عن الشرق الأوسط تشترك بها (إسرائيل)، ودعوة للدول العربية للانضمام إلى حلف بغداد، ومحاولة دق إسفين بين الدول العربية، ودعوة صريحة إلى الصلح بين العرب واليهود، ومعارضة الولايات المتحدة لقيام منظمة دفاع[34] بين سورية ومصر والعربية السعودية”، والذي يمكن الاطلاع على تفاصيله في المجلد الثاني من مذكرات العظم ، 339-342. وقد قدمت المذكرة بتاريخ 26 شباط 1955، وقام العظم بإلقاء كلمة موسعة بتاريخ 8 حزيران 1955 في مجلس النواب قبل سفره إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، وقد أوضح وفند فيها السياسات الأميركية ، وبين فيها أن سورية تعمل لتجنب أي سيطرة أجنبية ، وأنها ستصادق أي دولة ترعى قضاياها ، وهي ترفض الأحلاف العسكرية الأجنبية. (2 ،346-355) وحاول العظم لقاء وزير الخارجية الأميركية؛ فاعتذر بحجج واهية (2،357).

[35] – للأمانة التاريخية نذكر أن موقف الولايات المتحدة اللاحق أصبح إيجابياً إلى حد ما بعد العدوان الثلاثي ، ومارست ضغوطاً مختلفة لسحب القوات المعتدية ، وانظر : نصوح بابيل ، صحافة وسياسة سورية في القرن العشرين، بيروت، رياض الريس للكتب والنشر، ط2، 2001، 580.

[36] – المرجع نفسه، 571.

[37] – بل إن العسلي أعلن في جلسة للبرلمان السوري بأننا “نريد أن يعلم كل إنسان في هذه الدنيا أننا سنقف إلى جانب شقيقتنا الكبرى في سرائها وضرائها وسنضع جميع إمكانياتنا في سبيل رد الأذى عنها”، وقد دفع الرئيس القوتلي رئيس الوزراء السوفييتي بولغانين إلى توجيه إنذار شديد إلى بريطانية وفرنسه، ويعتقد أحد المطلعين أن ذلك الإنذار جعل الرئيس دوايت أيزنهاور يوجه إنذاراً مشابهاً إلى الدولتين. وانظر: – عبد الله الخاني، سورية بين الديمقراطية  والحكم الفردي، مرجع سابق، 190.

[38] – نصوح بابيل ، صحافة وسياسة سورية ، مرجع سابق،570.

[39] – وكانت المؤامرة مشتركة بين العراقيين والإنكليز والأميركان، ورأس الحربة فيها الحزب القومي السوري، وقد سبب التحقيق مع اللواء غازي الداغستاني نائب رئيس أركان الجيش العراقي كشف تفاصيل كثيرة عن الموضوع بالإضافة إلى أن المكتب الثاني (المخابرات السورية) الذي يرأسه المقدم عبد الحميد السراج كان يتابع بصبر وأناة خيوط التأمر وتهريب السلاح ، ثم أعلن بتاريخ 23 تشرين الثاني 1956 عن اكتشاف المؤامرة ، وبتاريخ 22 كانون الأول 1956 نشرت لائحة الاتهام وتضمنت 47 متهماً من أبرزهم : أديب الشيشكلي ، محمد صفا ، غسان جديد ، حسن الأطرش ، ميخائيل إليان ، عدنان الأتاسي ، منير العجلاني .. وانظر: – باتريك سيل ، الصراع على سورية، مرجع سابق ، فصل : طريق سورية إلى السويس: 345- 370.

[40] – المرجع نفسه، 357.

[41] – المرجع نفسه ، 347.

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف كلمة الشهر. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.