المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية – 4

الوضع السكاني (الديموغرافي):

كانت أعداد المسلمين قليلة جدا حتى بداية القرين العشرين، وفي النصف الأول منه بدأت تتزايد ببطء؛ أما الآن فهناك اعتقاد بأن الإسلام هو أسرع الأديان انتشارا في الولايات المتحدة الأمريكية، (انظر، ويليامز، 1994 م) ويتزايد عدد المسلمين من طرق ثلاث:
1-الزيادة الطبيعية عن طريق التوالد.
2-الزيادة عن طريق الهجرة، وتسمى في علم اجتماع السكان بالزيادة غير الطبيعية، ويمكن بواسطتها أن يتضاعف عدد السكان في وقت وجيز بينما لا يمكن أن يتضاعف العدد عن طريق الزيادة الطبيعية في أقل من عشرين سنه.
3-اعتناق الإسلام من قبل غير المسلمين، وهو أيضاً من عوامل الزيادة غير الطبيعية.

والصورة لا زالت غير واضحة حول عددهم في الربع الأخير من القرن العشرين، وفي بداية الثمانينات كانت التقديرات تتراوح ما بين واحد واثنين من العشرة مليون نسمة، إلى ثلاثة ملايين، والى الآن لم يتم مسح علمي للمسلمين في أمريكا، وذلك لعدم وجود معلومات يمكن الاعتماد عليها حول عددهم في تلك البلاد، والمعول عليه في هذا الجانب هو التقديرات المعتمدة على بعض المؤشرات المقبولة.
وتختلف التقديرات وتتباين كثيرا من شخص لآخر، فهناك من يبالغ كثيرا في عدد المسلمين، فيقدرهم بأحد عشر مليوناً، ويقدرهم عبد الرحمن عثمان، إمام المركز الإسلامي بمانهاتن في نيويورك، بعشرة ملايين نسمة، ومن جهة أخرى هناك من يبالغ في تقليل عددهم فلا يقدرهم بأكثر من مليوني نسمة، والفئة الأولى هم غالباً من المسلمين، أو من أصدقاء المسلمين الذين تغلب عليهم عواطفهم والذين يسرهم أن يشعروا أن عدد المسلمين كبير ولو عن طريق المبالغة، أما الفئة الثانية وهم الذين يبالغون في الإقلال من عدد المسلمين فهم غالباً من أعداء المسلمين الذين يسؤهم أن يروا عدد المسلمين كبيرا، لأنهم يعلمون أنه كلما زاد عددهم زاد نفوذهم وزاد ثقلهم في المجتمع الأمريكي، وهولاء غالباً صهاينة، أو أصدقاء للصهيونية.

ويذكر التقرير الإحصائي الذي صدر عن الأكاديمية الأمريكية للعلوم الدينية في مدينة (نيو أورليانز) بولاية ( لويزيانا) في أواخر ديسمبر من عام 1978م أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة بلغ ثلاثة ملايين نسمة، ويشكلون 5، 1% من مجموع سكان الولايات المتحدة، ويذكر التقرير أن المسلمين السود يشكلون ثلثي المجموعة الإسلامية، بينما يمثل المسلمون المهاجرون الثلث الأخر.. ويذكر أيضاً أن المسلمين في أمريكا أصبحوا يشكلون المجموعة الثالثة بين المجموعات الدينية الكبرى في أمريكا (أنظر: الداري، 1403).
ويشير (ويليامز) إلى أن الإسلام هو أسرع الأديان انتشاراً في أمريكا، ذلك أن عشرة في المائة على الأقل من الذين يهاجرون الآن إلى الولايات المتحدة مسلمون، وكما يقول فريد نعمان، من المجلس الإسلامي في واشنطن، ونسبة الولادة بين المسلمين عالية كنسبة الذين يعتنقون الإسلام، ونظرا للفصل الدستوري بين الدين والدولة في الولايات المتحدة فإن الإحصاءات السكانية لا تشمل الدين، مما يجعل معظم التقديرات تخميناً، فمعهد المعلومات الإسلامية في شيكاغو يقدر عدد المسلمين بثلاثة ملايين ونصف المليون (3.5) نسمة، أما صحيفة ( وول ستيريت) فذكرت عام 1990 م أن عددهم أربعة ملايين، بينما تحدد الموسوعة البريطانية العدد بـ (6، 5) ملايين نسمة، وتقدره صحيفة (نيويورك تايمز) بخمسة ملايين، بينما يقول وارث الدين محمد وهو الإمام الذي قاد حركة أمة الإسلام إلى المذهب السني، أن عددهم تسعة ملايين.. ولعل أفضل التقديرات هو الذي يضع العدد بين 4-6 أربعة وستة ملايين شخص، أي ما يماثل عدد اليهود في أمريكا (9. 5 ملايين نسمة) (ويليامز، 1994) .

وهناك من يشير إلى وجود مائة وستين 160 ألف مسلم في السجون الأمريكية، حيث اعتنق السود الإسلام، فيما تشير تقديرات إلى أن خمسة وعشرين 25 ألف شخص في الولايات الخمسين يعتنقون الدين الحنيف كل سنة (انظر: المصدر السابق)، ويقال أن أول رجل اعتنق الإسلام من الأمريكيين البيض هو (محمد اسكندر وب) وذلك في سنة 6 0 3 1 هـ 1887م وكان يعمل قنصلا لبلاده في الفلبين وهناك اطلع على بعض الكتب عن الإسلام فأسلم وعاد إلى بلاده عن طريق الهند بعد أن استقال من منصبه، واستقر في نيويورك، وفي سنة 1311 هـ، 1893 م، أي قبل أكثر من مائة سنة، أصدر العدد الأول من مجلة (العالم الإسلامي، Muslim World وتوفي في سنة 1314 هـ (انظر: الداري، 1403: 22، النمر، 07 14: 2).
ولقد قامت ( كارل ستون ، Carol Stone,1991) وهي باحثة أمريكية متخصصة في الدراسات السكانية (الديموجرافيا) بدراسة تقديرية لعدد المسلمين في أمريكا مبنية على تقديرات ترى هي أنها متحفظة جدا، وأشارت في تلك الدراسة إلى التركز الجغرافي لبعض الخلفيات العرقية في الولايات المتحدة، ومصادر الهجرة إليها، وقد اعتمدت في تقديرها عدد المسلمين في عام 1980م على ثلاثة مصادر :
1-إحصاء عام 1980 للولايات المتحدة الأمريكية، والذي يحوي إشارات إلى دولة الأجداد.
2-إحصاء الهجرة لعام 1980 والذي صنف حسب دولة الأصل.
3-تقدير نسبة المسلمين في كل دولة يوجد بها مسلمون.
والناتج الحسابي لهذه التقديرات يعطي التقدير العام للمسلمين في الولايات المتحدة لعام 1980 م.

هذا وقد قامت مصلحة الإحصاءات العامة في أمريكا بوضع أصول السكان الذين يعيشون في أمريكا في مجموعات حسب القارات وحسب المناطق مثل أوروبا الغربية، والصحراء الإفريقية، واسيا، والشرق الأوسط، ويضم شمال إفريقيا، ودول الكاريبي. وافترضت الباحثة أن نسبة المسلمين في أمريكا من المهاجرين من تلك البقاع تعادل نسبة المسلمين الموجودة في كل إقليم، واعترفت بأن ظروف الهجرة قد تزيد أو تنقص من النسبة، لاختلاف الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من إقليم لآخر، وبناءً عليه قدّرت عدد المسلمين في أمريكا في عام 1980م بثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف نسمة (000 ، 3.300) وهم يشكلون 5، 1% من سكان أمريكا، مقابل 3% لليهود. والجدول (رقم 2) يوضح تقدير (ستون Stone ) للمسلمين في أمريكا في عام 1980م م حسب مناطق الأصل. وعند تقدير الزيادة التراكمية للمسلمين ما بين عام 1980م وعام 1986م عن طريق تقدير المهاجرين والمواليد، يصبح عدد المسلمين حوالي 000،000، 4 أربعة ملايين نسمة، بزيادة مقدارها 21% في ست سنوات، وإذا افترضنا استمرار هذا المعدل بطريقة ثابته فإن عدد المسلمين سيتضاعف بحلول عام 2000 م ليزيد عن ثمانية ملايين نسمة تقريبا.

مناطق تركز المسلمين في الولايات المتحدة :
استخدمت (كارل ستون C.Stone) إحصاء عام 1980 م لتقدير كثافة المسلمين في المناطق المختلفة، وبناء عليه وجدت أن هناك ثلاث ولايات يتركز فيها المسلمون أكثر من غيرها وهي ولايات كاليفورنيا، ونيويورك، والينوي. وتشير الأرقام إلى أن أكبر عدد من المسلمين يوجد في كاليفورنيا، حيث يقدر عددهم في تلك الولاية في عام 1980م بخمسمائة وخمسين (550) ألف نسمة، ويشكلون حوالي 5. 2% من سكان الولاية، ومعظم أولئك المسلمين جاؤا من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقدر عدد المسلمين في نيويورك بأربعمائة (400) ألف نسمة، ويشكلون حوالي 3. 2% من سكان الولاية، ويتساوى في ذلك عدد من جاؤا من أوربا الشرقية، ومن الشرق الأوسط وشمال إفريقية، والمسلمون السود. وتضم ولاية (الينوي) حوالي مائة وسبعين (170) ألف نسمة من المسلمين، بنسبة متقاربة بين المهاجرين من أوربا الشرقية، والشرق الأوسط وشمال إفريقية، والسود، وبهذا يكون حوالي ثلث المسلمين في أمريكا يعيشون في تلك الولايات الثلاث.
وفي عام 1988م عقد مؤتمر إسلامي أكاديمي في جامعة (ما ساشو ستس) شارك فيه أكثر من 300 باحث، وكان حول الشؤون الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقدمت فــيه (كارل ستـون) تقـريرا يقول: (إن عـدد المسلمين في الولايات المتحـدة حـالياً يبلغ حوالي 7، 4 مليون مسلم يشكلون نسبة 6، 1 من مجموع عدد السكان الكلي. وأضافت السيدة ستون، التي استعانت دراستها بالإحصاء الأمريكي: (إن عدد المهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة في تزايد مستمر في الآونة الحالية، لا سيما من الدول الآسيوية، فقد دخل الولايات المتحدة في السنوات الست الماضية أكثر من نصف مليون مسلم، أي بمعدل يقل قليلا عن 000، 00 1 سنوياً (ضناوي،1413: 181).

أما عبد الرحمن عثمان وهو أزهري وإمام للمركز الإسلامي في (مانهاتن) بنيويورك فيؤكد أن غالبية المسلمين الذين يترددون على المركز الذي يؤمه هم أمريكيون، ويرى أن عددهم في نيويورك يقارب مليون شخص، بينما يقدر عدد المسلمين في أمريكا بعشرة ملايين شخص، وتشير التقديرات إلى أن عدد الذين يعتنقون الإسلام كل سنة يتراوح بين 25 و 50 ألف شخص، ويبدو أن إنتشار الدين الإسلامي والإقبال عليه يزدهر في البيئة المعادية، فهذا عبد الرحمن عثمان يقول: (إن أزمة سلمان رشدي اجتذبت إلينا كثيرين ممن اعتنقوا الإسلام) (انظر: ويليامز، 1994 : 18).

وفي سنة 1979م قدر المركز الإسلامي في واشنطن عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بمليون ومائة وستين ألف نسمة، وقدرهم أحد الباحثين في عام 1974م بمليوني نسمة، وفي عام 1978م قدرتهم مجلة ( هورايزن Horizon) التي تصدر عن اتحاد الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة وكندا بثلاثة ملايين نسمة، أما مجلة المؤتمر الإسلامي التي تصدر في كراتشي بباكستان فقدرت عدد المسلمين في أمريكا الشمالية بخمسة ملايين نسمه (بكر، 1412: 24). ونشرت مجلة (تايم Time Magazne) في عددها الصادر في 23/ 5/ 1988م تقريرا عن المسلمين في أمريكا بعنوان ( أمريكيون يستقبلون مكة المكرمة ) قدرت فيه عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بـ 4،644،000 نسمة .

أما ( فريد نعمان، Fareed H. Numan فقد أعد تقريرا موجزا ومركزا عن عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية نشره المجلس الإسلامي الأمريكي ( the American Muslim Council) يقول في مقدمته: (بذل علماء العلوم الاجتماعية المسلمون جهوداً كبيرة لتحديد عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، وأغلبهم يقبل التقدير الذي يضعهم ما بين خمسة ملايين إلى ثمانية ملايين، وهذا يعني أن خمسة ملايين شخص في أمريكا الشمالية ينتمون إلى الإسلام سواء طبقــوه في حـياتهم أم لم يطبقــوه) Numan,1992:11 ويذكر أنه اعتمد في تقريره على تقديرات عملت في عام 1991م وعلى المعلومات المتاحة، وخلص إلى تقدير عدد المسلمين بخمسة ملايين نسمة، كما هو موضح في الجدول رقم (4).
أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي بين الولايات فيرى (نعمان Numan) أن أعلى نسبة توجد في ولاية كاليفورنيا، وتأتي ولاية نيويورك في المقام الثاني، أما ألنويز فتأتي في المركز الثالث، ويوضح الجدول التالي أهم الولايات التي بها عدد كبير من المسلمين حسب تقدير فريد نعمان.

ويقـدر ( نعــمان، Numan) أن عـدد المسلمين في الجـيـش الأمريــكي وصـل في عام 1988م إلى ما يقارب 120 ألف شخص، وحوالي 0 6 ألفاً في القوات الجوية، وحوالي 95 ألفاً في سلاح البحرية Navy & Marines ، ومن كل ما تقدم يمكن أن نستخلص أن أعداد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية في تزايد سريع عن طريق الدخول في الإسلام من جميع فئات المجتمع وخاصة السود ، وعن طريق الهجرة ، فأكثر الذين يهاجرون إلى أمريكا في العقود الأخيرة يأتون إليها من البلدان الإسلامية . وأخيراً عن طريق التوالد ، فمعدل المواليد بين المسلمين يميل إلى الارتفاع ، ولا ننسى دور الطلاب الذين يأتون لمواصلة دراستهم في الولايات المتحدة في تدعيم الجماعات الإسلامية ، وتصحيح مفاهيمها ، وتعليمها عقيدة الإسلام وقيمة الصحيحة.

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف ركن الدعوة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.