حاجتنا إلى القيام بالواجب (القائد والمجاهد عارف التوام)

عظمة الأمة تقاس بقدر قيام أفرادها بالواجب

للأستاذ المقدام عارف التوام
أحد أعضاء جمعية التمدن الإسلامي وغيرها من الجمعيات العاملة
(نشرت هذه المقالة في السنة الأولى 1935م)

استعرض صحف التاريخ وارجع البصر إلى أعمال الرجال العظام ودقق في سبب تكوين الاختراعات العجيبة تجد ذلك ليس أثر حظ شخصي أو تصادف محض ، بل نتيجة إقدام وتمحيص نشأت عن تلبية نداء الشعور بالواجب . والواجب يشمل أبناء الأمة جميعها ويستصرخ كل إنسان كبيراً كان أم صغيراً قوياً كان أم ضعيفاً للدخول في المعترك كل على قدر القسط الذي يترتب عليه إيفاؤه في سبيل ذلك ، ومن الأمثلة التي يتجلى فيها هذا الشعور قوياً أن الشيخ الفندلاوي قاضي المالكية في دمشق والشيخ عبد القادر الحلحولي من علمائها بالرغم من كونهما طاعنين في السن خرجا لقتال الصليبين إبان مهاجمتهم دمشق ولما قيل للأول {يا شيخ أنت معذور بذلك ونحن نكفيكه} قال {قد بعت واشترى} يريد الإيماء إلى قوله تعالى {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} سورة التوبة ـ الآية 111 وتقدم الاثنان وحاربا حتى استشهدا عند النيرب في سبيل الله .
قام هذان وأمثالهما بواجبهما لا رغبة في حسن سمعة ولا حباً في مال أو جراً لنفع أو منصب بل ابتغاء مرضاة الله التي هي الحافز للشعور بالواجب .

وقد كنت ذهبت برفقة الأخوين المخلصين الأستاذ عمر الطيبي والسيد حسن رقية لتفقد قبريهما [أي الفندلاوي والحلحولي] منذ بضعة أشهر الواقعة في أرض النيرب في بساتين الربوة إلى شرقيها فطفنا تلك الوهاد نفتش عن أثر لقبر الشيخين فلم نجد لغير الفندلاوي مقاماً منفرداً في إحدى بساتين محلة الأكراد علمنا بعد سؤال وتدقيق أن العلامة المرحوم محمود باشا هو الذي أخرج هذا القبر الموجود بعد أن وقف على حكايتهما في بعض الكتب وقام بواجب ينم عن شعور يحمد عليه.
وهكذا الأمم تحتفظ بذكرى المبرزين في ميادين العمل وتقوم بواجبها نحوهم بإقامة “الركائز” والحفلات وتأليف الكتب عنهم والمقالات تأييداً لأعمالهم وحفظاً لذكراهم على مر الدهور.

لم يصل القائد العربي عقبة بن نافع في صدر الدولة الأموية إلى بحر الظلمات مجتازاً إفريقية الشمالية كلها إلا اعتقاداً منه أنه أمام واجب ديني حق عليه القيام به فتغلغل في تلك الأصقاع النائية حتى وصل مغرب الشمس على شاطئ البحر الخضم الزاخر الذي أوقفه مذهولاً مسلطاً سيفه في الآفاق قائلاً : أُشهدك اللهم لو لم يكن هذا البحر مانعاً لمضيت فيه رافعاً [اسمك الجليل] .

وألقى طارق بن زياد خطابه المعلوم على قبضة من المجاهدين الأبرار الذين أخلصوا لله الدين [ثم] للوطن الواجب مبيناً لهم أن الخير أمامهم والغرق وراءهم حتى نفذت كلماته إلى نفوسهم فاقتحموا الأندلس وكتبت على جباههم آيات ظفر سطره التاريخ في صحائفهم وما زال الواجب يحدوهم للسير في مضماره الأمين حتى نشروا في تلك الأصقاع المدنية الإسلامية بعد ما كانت تئن تحت كابوس حكامها الظالمين ، فانتقلت بهديهم من الظلمات إلى النور ونعمت في بحبوحة العدالة العربية النقية . ومما لا ريب فيه أنه لو لم يقم القائد العربي بالواجب لما وصلت تلك الدعوة السامية إلى ما وراء البحار ولما أُنقذت تلك البلاد من براثن الاستبداد وقامت فيها مدنية زاهرة مضت عليها عصور وما زالت ماثلة للتاريخ نشاهد آثار عظمتها إلى يومنا هذا وقد اعترف المدققون المنصفون من العلماء الغربيين أن هذه الفتوحات لو دامت دون أن يقف في سبيلها جهل القرون الوسطى وظلماتها لكانت أوربا اليوم أرسخ قدماً في طريق المدنية وأروع أثراً ونفعاً في مؤسساتها النافعة من حالتها الحاضرة ، ولكانت أسلم عاقبة من الوجهة الأخلاقية التي تنقذها من نيران الأحقاد المحرقة التي تتأجج في أحشائها تلك الأحقاد التي صرفت جهود البشر إلى التفنن في التسليح واختراع أساليب الإفناء فكانت نتائجها شؤماً على الإنسانية البريئة وخطراً دائماً في طريق السلم العام الذي يحاول محبو السلام عبثاً الوصول إليه بوضع قواعد يسير عليها البشر مِن إنشاء جمعيات أممية ومؤتمرات دولية تسعى لتخفيف ويلاته بتحديد التسليحات ومنع استعمال الغازات السامة وإلقاء المدمرات على المساكن إلى غير ذلك من تحديد أضرارها في المجتمع المعذب .

وفي الغرب كما في الشرق رجال عرفوا قدر الواجب [لبلادهم] فقاموا بنصرته؛ من هؤلاء نلسن الرجل الإنكليزي العظيم الذي قال مخاطباً جنود الأساطيل التي كان يقودها في الموقعة البحرية التي التهمت معظمها أو كادت وهي : {إن الأمة الإنكليزية اليوم تتطلب إلى كل فرد من أفرادها أن يقوم بواجبه نحوها} .

كان لهذه الكلمات التي تكلم بها نلسن حينما خرج جريحاً وهو يلفظ آخر نفس من حياته وقع عجيب في نفس كل فرد من أفراد الأسطول استفزه وجعله يزأر كالأسد بوغت في عرينه غير مبال بما اعتراه من الكلل والملل من حرب طاحنة كان لا يرى فيها بصيص نجاح ولا وميض خلاص ، السماء من فوقه والماء من تحته ، تتقاذفه النيران عن يمينه وعن شماله ، لا ملجأ يأوي إليه ولا مفر ، فإذا لم يقتحم الخصم فمصيره حتماً إلى الغرق والاضمحلال .

في تلك الساعة الرهيبة التي أدى بها كل فرد واجبه الوطني نحو أمته متأثراً بكلمة قائده الأعلى ، كان الظفر محل الفشل وحل الخلاص مكان الغرق والهلاك .

إن هذه الجملة التي ألقاها نلسن في الساعة الأخيرة مركبة من كلمات محدودة لكنها زفرات صعدت من القلب فأثرت في القلوب ، وهيجت دماً فار فائره في العروق ، وكذلك الأعمال التي قامت بها الجنود هي أعمال بسيطة أيضاً ليس فيها ما يستوجب التعمق بالتفكير والتعب الشديد ، ولكن ما نجم عن تلك الأعمال البسيطة من النتائج الكبرى جعل دولة بريطانيا العظمى صاحبة الأملاك الشاسعة وسيدة البحار اليوم .

مات نلسن بعيد النتيجة الحاسمة لتلك الحرب الضروس ، ولكنه مات مستريح الضمير بعد أن قام بالواجب المتحتم عليه ، وشاهد نور الظفر يتلألأ فوق رأس أمته فراح إلى مقره الأخير مخلداً صحائف ذهبية في تاريخ أمته ، وذكريات كبيرة في قلوب أبنائها لا يمحيها كر العصور .

وإني لأذكر أن قائد الدانمرك على ما أظن صاح بجنوده قائلاً أن لدي رسالة خطيرة قد تودي بحياة حاملها فمن يوصلها إلى حيث أريد في سبيل الوطن وسأصرف عنكم وجهي كي لا يستحيي أحدكم فيتقدم لذلك خجلاً ، ولما عاد إليهم بوجهه وجد الصف كله تقدم خطوة إلى الأمام .. هذه هي نتيجة التضحية الصحيحة في ساعات الخطر بدون رياء أو نفاق .

ما الذي حمل الفتاة جان دارك على إنقاذ وطنها غير التفاني في سبيل الواجب ؟ أليس ذلك الصوت البليغ صوت الواجب الذي استفزها فأوحى لها التسابق إلى حب الموت مع الفوارق التي بينها وبين كثير من الرجال الذين يحملون معرة هذا الواجب وكأن هذا الشعور المفاجئ هتف بها قائلاً : أدركي شعبك من يد العسف والغدر ، وأنقذي بلادك من حروب متوالية لا تقف إلا لتستعيد شدتها وتجدد أوراها ، خربت البلاد وقطعت أوصال الأمة وكادت تقضي على البقية الباقية منها .

أجل بتأثير الواجب فقط وما يتولد عنه من قوى جبارة تمثلت في تلك الروح الرقيقة قامت هذه الفتاة فناضلت وجاهدت حتى أنقذت بلادها من هوة الهلاك بعد أن استولى العدو على قسم كبير منها خلال حروب المئة عام فكان يوم إحراقها يوماً مذكوراً ، يوماً تحتفل به الأمة الفرنسية بذكرى خلاصها وتقدير شعوب الواجب الذي حدا بالفتاة للتضحية في سبيله وستحتفل بذكراها ما دام فيها عروض تنبض ودماء تجول .

وقد تختلف حدود الواجب عند بعض الأمم تبعاً للتقاليد ففي الشرق البعيد أمة عظيمة تبلغ نحو سبعين مليوناً من الأفراد سبقت الأمم الشرقية بإدراك كُنْهِ الواجب الوطني وحب الموت في سبيله ؛ ومعلوم أن الأميرال الياباني توغو الذي دمر الأسطول الروسي حتى لم يبق له أثر وفتح أمام الجيش الياباني طريق الظفر النهائي دعاه هذا الواجب الوطني الخالص إلى واجب تقليدي قومي وهو الموت في حب عاهله الكبير !؟ فانتحر بعد مدة من انتصاره حينما مات الميكادو ليبين لأمته وللملأ أجمع مقدار تقديره الواجب .

وليس ذلك بمستبعد على الأمة اليابانية المملوء تاريخها الحديث بمثل هذه التضحيات التي يتسابق إليها كل ياباني ذكراً كان أم أنثى ، يسمعها المرء بكل إعجاب فتعلمه التفاني وتدربه على الموت الشريف في سبيل الواجب مصداقاً لقول الشاعر عنها :
هكذا الميكادو قد علمنا أن نرى الأوطان أماً وأباً.

فإذا سمعنا مآثر هذه الأمة الشرقية تنتشر أخبارها في ربوع العالم أجمع بما فيه دول الغرب العظيمة فيجب أن لا نستعظم ذلك لأن كل فرد من أفراد هذه الأمة يتفانى في سبيل الواجب ويرى نفسه سعيداً إذا مات من أجل القيام به .
فإذا انتحر القائد الياباني في حب الإمبراطور فخليق بالمسلم أن يضحي بنفسه ونفيسه في سبيل نصرة الله سبحانه .

يظهر مما بيناه أن حب الواجب فضيلة تنشأ في الإنسان وللبيئة تأثير قوي في إنمائها وإضعافها حسب ما فيها من عوامل الحياة أو دواعي الفناء .

فالأمم التي ضعف تقديرها للواجب يعسر عليها النهوض من كبوتها فلا تتمكن من الذود عن كيانها إذ ليس لها من أفرادها من يرد الضيم عنها لتتحرر وتتقدم التقدم المنشود بل ربما قضي عليها إذا كانت تمشي الهوينى إلى غايتها في هذا العصر عصر الكهرباء والطيارة والمذياع .. الذي يستلزم النهوض السريع بخطى ثابتة جريئة . ومن أعظم الأمثلة على ذلك أمم البلقان الصغيرة التي بنت نهضتها على اقتباس النافع بالسير السريع حتى توصلت إلى غايتها القومية وهذا ما يثبت لنا جلياً أن الأمة الناهضة من سباتها إذا سارت نحو ضالتها المرسومة بخطى سريعة وخطة حكيمة وصلت إلى بغيتها .

يضيق علينا المقام في هذه العجالة عن ذكر أمثلة كثيرة تتعلق بالواجب المفروض على كل فرد والتاريخ مملوء بمثل هذه الحوادث التي ذكرناها والتي هيأت الجماعات البشرية للتقدم والرقي المنشودين في ميادين السباق وقد اقتصرنا على ما ذكرناه منها وفيه كفاية لمحبي النهوض وإن القيام بالواجب أمرٌ سهلٌ جداً إذا أعد له المرء عدته من حزم وإقدام وعدَّه أمراً محتماً لا مفر منه .

وواجب الأمة مشاع فليقم كل منها بما وجب عليه سواء قام بذلك الآخرون أو تقاعدوا وهكذا فقد تتألف من أعمال الأفراد مجموعة قوة جليلة تدفع سفينة الأمة لتوصلها إلى ساحل الحياة السعيدة .

شيء واحد يضمن للمرء التوفيق أثناء القيام بالواجب هو الإرادة الحازمة مع النظام الذي يقتحم كل عثرة تعترض سبيل العاملين .

وقد آن أن نجد هذه الإرادة الصلدة في أبناء هذا الشرق البائس الذي توالت عليه خطوب في كل منها دروس وعظات جليلة تحرك الهمم وتدفع كل من له لب وقلب إلى العمل الجسدي والسعي الحثيث في سبيل المصالح العامة ، نعم إننا نجد في الشرق شيئاً من هذا ولكنه غير كاف ، ولا نزال نَحِنُّ لرؤية العاملين مجتمعين لا منفردين ومثقفين لا متخلفين وآملين لا قانطين .

ألا وإن للجمعيات الإصلاحية كجمعية التمدن الإسلامي التي من غايتها السعي للإصلاح بالإسلام الحنيف بعيداً عن كل ما نسب إليه وهو منه بريء أثراً كبيراً في تقوية الشعور بالواجب الذي ضعف في أفراد الناس فضعفوا في الحياة وخذلوا أمام أمم الحياة فلنساعد الجمعيات الإصلاحية المخلصة مادة ومعنى فهي من أَجلِّ ما يدعو إلى الوصول للحياة الحرة المنشودة .

ليحرص كل فرد منا على إنماء الشعور بالواجب في رعيته ، فعلى الأب تقويته في أبنائه ، وعلى الأستاذ تنشيطه في تلاميذه ، وعلى قادة الأمة أن يحببوه إلى أفرادها فإن في هذا كله دواء ناجعاً تحرص جمعية التمدن الإسلامي ومجلتها على بيانه بحقيقته قياماً بالواجب .

ملاحظة من مشرف الموقع : إن كاتب هذه المقالة هو القائد والمفكر والسياسي والمجاهد الكبير عارف التوام عليه رحمة الله، وقد يكون للبعض ملاحظات على بعض عباراتها، ولكن القصد من وراءها واضح وقد وضعناها هنا للتذكير بالمعنى العظيم الذي قصده الكاتب، وماأراده من حث الناس على الأعمال الصالحة، ولكن ليحذر الإنسان من الخروج عن الضوابط الشرعية.
وكما أن الحكمة هي ضالة المؤمن فالإخلاص لله تعالى عمود أعماله، وسبب نجاته، والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، وفيما يلي ترجمة يسيرة للكاتب عارف التوام رحمه الله.

جاء في كتاب معالم وأعلام في بلاد العرب لأحمد قدامة ، القسم الأول (القطر السوري) ، الجزء الأول، ص 206:
عارف بن محمود التوام : ولد في دمشق سنة 1279هـ/1878م، وتلقى العلم في دمشق واستانبول، وتخرج برتبة ملازم أول في المدفعية، وتولى عدة مناصب في الجيش التركي في سورية واليمن وأرنجان والبلقان، وساهم في الحركات السرية الاستقلالية، وكان من مؤسسي (جمعية العهد السرية).
خاض معارك الحرب العالمية الأولى وجرح مرتين في فلسطين ورفع إلى قائم مقام مدفعية.
في العهد الفيصلي عين قائداً عاماً للمدفعية ورئيساً لإدارة التسليح ، وعضواً في المجلس الحربي، وبعد دخول الفرنسيين انصرف إلى العمل في الحقول العلمية والاجتماعية، فعمل في التعليم في المدارس الرسمية، إلى جانب المشاركة في الأعمال الوطنية والنشاط العلمي والاجتماعي، وقد ساهم في تأسيس جمعية النداء الخيري ، وجمعية التمدن الإسلامي وغيرهما.
عرف في جميع المناصب التي تولاها بالأمانة والنزاهة والجرأة والاستقامة.
وضع عدة مؤلفات مدرسية في التاريخ والجغرافية وأصول مسك الدفاتر.

وجاء في مجلة التمدن الإسلامي ج3:س 12 ربيع أول 1365/ شباط 1946م.
– ص /40 -39 ماننقله بتصرف يسير:
كلمة تأبين لعارف التوام : عضو المجمع العلمي العربي والتمدن الإسلامي بقلم بديع حقي (عضو الرابطة الأخوية) حيث يتحدث عن(سنة قاسية مرت قبل ستة أعوام [1940] وفي غرفة متواضعة في جمعية التمدن الإسلامي اجتمع مع نفر من رفاقه من مدرسة التجهيز ، وفي تلك السنة العصيبة توقفت أيدي المعطين وفرغ صندوق الرابطة وكانت الدموع تملأ مآقيهم فأطل رجل فارع الطول وبسمة حلوة على شفتيه وقيل لهم أنه : عارف التوام وقد كانوا يسمعون به فسألوه النصح فبث فيهم من روحه وبين لهم كيف يعملون ويكافحون ، فطلبوا منه أن يكون رئيسهم ففعل وطبعوا أوراقاً بذلك فكان اسمه يبعث العطاء والجود في النفوس .. ثم رحل الرجل وبقي اسمه محفوراً في نفوس الشباب.
– وفي ص40 من نفس العدد يقول صهر التوام : ممدوح حقي في قصيدة بعنوان: دمعة غريب ، وجاء فيها:
سرى نعشه والناس كالبحر خلفه يموجون حيرى تائهين على الاثر
يرى نفسه دون الرفاق تواضعاً ولكنه عند الملمات كالنسر
يحلق جباراً وينقض صاعقاً ويسلمه نصر نبيل إلى نصر

ونشرت مجلة التمدن الإسلامي في الصفحة 50، ج4 س12 ربيع2-1365هـ/ آذار 1946م
مقالة للأستاذ محمد كرد علي بعنوان: رفيق صباي ، وخلاصتها أن الفقيد رحمه الله:

درس في المدرسة الرشيدية وكان شديد الاهتمام بدروسه ولم يكن يفخر على رفاقه بتفوقه ، وكان ماهراً بالرياضيات ، وكان جاداً في أموره ،ثم تطوع في الجيش وكان ضابطاً ممتازاً ونقل إلى اليمن فتفوق في إدارته ثم ترك الجيش واشتغل بالأعمال الخيرية فأعاد النظام إلى ميتم الإناث وفي جمعية النداء الخيري ساهم بمحو أمية الآلاف ثم ترأس الرابطة الأخوية في جمعية التمدن الإسلامي .. ومضى وراء نعشه الألوف من محبيه ..
كما ذكر القائد المتقاعد شريف الحجار في الصفحة 51 من نفس العدد في مقالة بعنوان: كيف بدأت المقاومة الوطنية منذ احتلال العدو ربوع سورية.(وهي الكلمة التي ألقاها في الاجتماع التأبيني الذي أقامه مجمع اللغة العربية لرحيل عضو المجمع عارف التوام):
أن الفقيد التوام كان من أركان حزب العهد الذي مني بضربة قاسية إثر موقعة ميسلون، وبعد مقتل كراين بدأ التوام مع بعض العسكريين بلم الشعث وتأسيس هيئات إدارية ونشأت هيئتان:
1- حزب الميثاق: للمقاومة الداخلية للمستعمر كنشر المنشورات وفضح الممارسات الاستعمارية وإغلاق المحلات والإضرابات ضمن نظام محكم ، وتعرض البعض إلى العذاب والنفي والسجن حتى عشرين عاماً.
من أهم أفرادها: نسيب البكري، عارف التوام، شريف الحجار، عمر الطيبي، منير المحايري، سعيد المخيش، ومن التجار: زكي الطرابيشي، شفيق العطري، محيي الدين الحصني، توفيق القيسي ..
2- هيئة هدفها إيقاد نار الثورة العسكرية في وجه جيوش الفرنسيين ، ومن أهم أعضائها: ياسين باشا الهاشمي ، عبد الحميد باشا القلطقجي، نسيب بك الحمزاوي
عارف التوام، شريف الحجار .. وقد وضعت الهيئة خطة ثورة عامة بعد مشاورات استمرت لأشهر مع زعماء عديدين ..
وقامت تلك الهيئة الإدارية في مطلع عام 1924 م بقدح زناد الثورة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، مبتدئة من جبال القلمون بالاتفاق مع قائد الثورة فيها ملحم قاسم، ثم استجاب جبل العرب بعد حوالي سنة… و تأخرت المناطق الأخرى ..
أمدت الهيئة ثورة القلمون بالمال والسلاح كما كانت تقدم الدعم اللازم لأسر المجاهدين في دمشق وتقوم بتسفير من يخشى عليه من بطش الفرنسيين.

هذه سيرة علم من أعلام التمدن الإسلامي مطوية عن كثير من الناس، لعل فيها إيقاظاً للنفوس وحادياً نحو النهضة التي ينتظرها أبناء الإسلام

تشكر إدارة الموقع الأخ الفاضل الذي تطوع بنقل هذه المقالة وغيرها ونسأل الله أن يجزيه عنا كل خير

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف من كنوز التمدن الإسلامي, منائر. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.