لقاء الإعلامي سمير متيني مع أحمد معاذ الخطيب

1 – بداية شيخ معاذ، كما تعودنا، في كل مرة يصدر بيان عن معاذ الخطيب تبدأ حملة هجوم واتهامات وتخوين مكثف ضده، وتنسج السيناريوهات عن مؤامرات واتصالات وتنسيق وغرف سوداء ومبادرات استسلامية. هل من توضيح بهذا الخصوص؟
ج- المعارضة السياسية حتى الآن لم تصدر عنها رؤية واضحة لكيفية التعاطي مع ما يجري في بلدنا، كما أن بعض الإطلاقات في خطابها أدت إلى أنها خونت نفسها، واستخدمت خطاباً تحريضياً لكسب العامة، واستثمرت آلامهم، فأدى هذا إلى حالة تخوينية غير مسبوقة انعسكت على الجميع وزادت الأمور تعقيداً، ونحن ندفع ثمناً فادحاً لذلك كل لحظة.

2 – استوحى البعض من بيانك الأخير أنك ترغب بإعادة إحياء مبادرتكم السابقة حين كنت رئيسا للإئتلاف الوطني. ماذا تقولون في هذا السياق وهل هناك فعلا مبادرة من قبلكم للحل في سوريا؟
ج- أرغب بشيء واحد هو إيقاف ما يجري ولم تطرح أي مبادرة جديدة، والشيء الذي ننادي به هو مفاوضات مباشرة مع النظام لإيقاف سيل الدماء، وحل العديد من الإشكالات بعيداً عن ركود المجتمع الدولي، وقد كان في الخمسينيات لجان عسكرية سورية وكانت تجتمع مع ضباط يهود في طبرية لحل مشاكل المياه والري وانتقال المزارعين، ولم يقل أحد إنها خيانة، والتفاوض المباشر يحل العديد من الإشكالات رغم كل مكر النظام والتفافاته المعروفة.

3 – بصراحة، ما موقفك من ترشح بشار الاسد لولاية رئاسية ثالثة؟
ج- أنا من الداعين الى المقاطعة، وممن يسميها انتخابات الدم، وهذا رأي كثير من السوريين حتى ممن هم تحت يد السلطة.

4 – ما شكل الحل الذي يدور في ذهن معاذ الخطيب لإخراج البلاد من حالة الاستعصاء التي تعرقل كل حل تفاوضي؟
ج- قد يكون العمل السياسي أطول مساراً ولكنه أقل كلفة بكثير، وأعتقد أن التفاوض المباشر يحل الكثير من العقد السياسية، ونحن العرب أثّر فينا بعض الأدب بشكل سلبي، فصار من شعاراتنا:
ونحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر
هذه العقلية يحملها النظام بتوحشه، وتحملها المعارضة بصلفها، والشعب هو الذي يدفع الثمن، وتجزئة المشاكل يسهم في حل أكثر الاشكالات صعوبة، وقد يكون الحل بحاجة إلى تدرجات، ولكن ضمن تفاهمات والتزامات، ولكن الأمر ليس بالسباب، وقد كنا نستمع الى معارضين يوحون انهم على ابواب القصر الجمهوري، وكأننا نحن الذين نوقفهم.
ما أريد قوله أنه لم تجر أية مفاوضات سياسية حقيقية للبحث عن حل ما، وهي إن قامت فلا تعيق الثورة، وقد تفشل، ولكنها إن نجحت فستوفر دماءً كثيرة، وقد تسألني عن جنيف، وأقول لك إن الطرفين ذهبا إليها بالضغط الدولي، وليس برضى أي منهما.

5 – لمّحت الى وقوف بعض الدول وشخصيات من المعارضة وراء عرقلة إيجاد حل ينقذ ما تبقى من سوريا، فما تلك الدول وتلك الشخصيات وما أهدافهم؟
ج- لن أذكر أسماء، وكل متابع لن تخفى عليه أسماء دول، ثم توابعها، والذي يجب الانتباه اليه أن بعض الدول تصفي حساباتها مع دول اخرى في بلادنا، وتحاول ايقاظ كل كوامن الصراع لاستمرار الوضع بما يخدم مخططاتها، وهذه الدول لا يهمها نجاح اي عملية تفاوضية لذا فهي تعرقلها، وتركز على التسليح نظرياً لتخرب اي مسار سياسي ( سينجح او يفشل ) وفي الحقيقة فانها تخرب من هنا ولا تقدم شيئا من هناك إلا (جَزَراً) إعلامياً يقوم بدور (كورتيزون سياسي) للمعارضة الحالمة بوعود الأصدقاء الكاذبين.

6 – (معاذ الخطيب. عارف دليلة. هيثم مناع. وليد البني. جمال سليمان) شخصيات معارضة اجتمعت مع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي مؤخرا في القاهرة. ما الذي عرضه عليكم السيد نبيل فهمي؟ وحول ماذا تمحور الاجتماع؟
ج- اللقاء كان للحديث عن ضرورة سعي حاضنة عربية تتألف من السعودية وقطر ومصر بالإضافة إلى تركية لبحث صيغة توقف سيول الدماء في سورية، ورحبت الخارجية المصرية بذلك وقالت بصراحة إنها تؤيد أي حل ينقذ سورية مما تتجه إليه من زيادة القتل والدماء، وإنهم ليسوا طرفاً مع أحد ويرحبون بتوحد المعارضة، كما أن هناك أمراً مهما تم ذكره عرضاً في الصحافة، وهو موضوع الإخوة السوريين في مصر وما قد يعانونه، وجرى الحديث فيه بصراحة مع وزير الخارجية ووعد خيراً.

7 – هل سبق الاجتماع مع وزير الخارجية المصري تواصل وتنسيق بينكم انتم الخمسة، وهل هناك مشروع سياسي تحضرون له كما يتناقل البعض؟
ج- هذا أول اجتماع لي مع وزير الخارجية الحالي، وليس هناك مشروع سياسي مع أحد، ونتواصل مع كل أطراف المعارضة لتدارس الوضع السوري، وما ذكر عن تشكيل كيان سياسي جديد غير صحيح.

8 – ورد في بيانكم العبارة التالية: ما مفاده أن كل ما طرحتموه سابقاً يتجه الجميع اليه اليوم، وقد كان بالإمكان تجنب سقوط مئة وخمسين ألف شهيد وخراب أكثر من نصف سورية.. قد يفهم البعض أنه وكأنك تحمل المعارضة السياسية الجزء الاكبر مما وصلت اليه الأمور؟
ج- لا أحد يخفى عليه توحش النظام ودمويته ومسؤوليته الأولى عن دماء الشهداء، بل عن كل من سقط من السوريين، ولكن من غير المفهوم أن تكون بعض أطراف المعارضة تتمتع ببرودة غير مألوفة أمام ما يجري، وهي لم تحاول ولا مجرد محاولة تقديم حتى رؤية سياسية عملية للحل.

9 – ما القوى التي تعمل في الكواليس على مفاوضات مع النظام حسب معلوماتكم ولاسيما انه سُرب مؤخرا ما مفاده عن رغبة اسماء من المعارضة بالعودة الى سورية والقيام بحوار مباشر مع النظام، ما معلوماتكم حول ذلك.؟
ج- أعتقد أن كل الجهات قد اتخذت مواقفها، ولا يهمني من يبقى أو من يعود فهذا يعود إلى قناعات الناس، وكلا الأمرين لا يزكيان أحداً، ولا يخرجانه من وطنيته.

10 – نتكلم عن القوى المقاتلة على الأرض.
كما هو معروف ان اي مبادرة سياسية ما لم يكن وراءها دعم عسكري من القوى المقاتلة على الارض لن يكتب لها النجاح وتبقى حبرا على ورق.. السؤال هنا: هل من تجمع عسكري فاعل يدعم توجهكم في ايجاد حل (سوري – سوري)؟
ج- لدي شهود على أن بعض القادة العسكريين لآلاف المقاتلين قالوا لي بعد المبادرة الأولى: نحن مقتنعون بما تقول تماماً، وان أردت أصدرنا بيانات بذلك، ولكن سنبقى من دون خبز إن أيدناك، لأن بعض الداعمين يريدون إنهاء الامور بالصراع المسلح، والذي كما قلت يقتل أي حل سياسي، بينما الداعمون يعِدون ويكذبون.
نعم هناك جهات عسكرية تتفاعل وتؤيد ما أقول، وأعتذر عن تسميتها، وهناك قوى أخرى هائلة، وقد لا تظهر آثارها مباشرة، ولكنها أعمق القوى جذوراً، وهي الحواضن الشعبية، والتي في النهاية سيكون لها دور حاسم في أي توجه.

11- يتهمكم البعض بان لديكم قنوات تواصل مشتركة مع النظام السوري ” اي عبر وسطاء”. وإن كانت الإجابة نعم فما تلك القنوات؟ وكيف يرى النظام شكل الحل في سوريا؟
ج- لا يوجد لدي أي قنوات تواصل، ولست أخشى من اعلان ذلك إن وجد، وقد زارني العشرات من الأشخاص الذين قد يكونون قريبين من النظام بطريقة ما، وهذا شيء لا ادريه عن كل شخص اقابله، ولكن لم يحمل أحد إلي أي وساطة، وزياراتهم زيارات تمت بصفتهم الشخصية.

12- هل بقاء بشار الأسد على رأس السلطة الحاكمة أو حتى التمديد له “لفترة مؤقتة” مبدأ مقبول في المفاوضات بالنسبة لكم؟
ج- لا يمكن قبول بشار الاسد رأساً للسلطة، كما أن الحسم العسكري لإنهاء الامور ليس سهلاً، وقد يحصل بمدة قد تطول سنوات، وبعد دماء هائلة وزيادة في الخراب، لذا فالتفاوض السياسي هو أفضل الطرق، وفي ضوء تفاهمات واسعة يمكن تقدير قابلية الاستمرار او التمديد، ضمن ترتيب شامل من اجل التغيير وانهاء النظام، بأقل قدر من الدماء والخراب.

13- هل حقا لديكم مبادرة تطرحونها للحل في سوريا؟
ج- طرحت مبادرتين ويا للأسف! تعالى النظام والمعارضة عليهما، بينما لقيتا تأييداً شعبياً كبيراً، وليس لدي شيء مخبأ الأن، وإن وجد شيء قريباً فلن نخبئه عن أحد.

14- هل صحيح إن هناك فكرة باستلامكم رئاسة الحكومة ضمن تفاهمات مع النظام؟
ج- ليس لهذا الأمر أي أساس، ولم نبحث عن المناصب سابقاً، ولن نبحث عنها لاحقاً.

15- هناك تسريبات اليوم عن مبادرة ايرانية تبقي على الجيش بيد الطائفة العلوية ويمكن مشاركة جزء من الاجهزة الامنية مع المعارضة وتكون الحكومة للمعارضة ايضا بالمشاركة مع النظام.. ما موقفكم من هذه المبادرة وتلك التسريبات؟
ج- سمعت هذا من الصحف وغيرها، والامر اكثر تعقيداً من هذه التبسيطات، ولست ارى في هذا حلاً حقيقياً، بل ربما يكون نواة انفجارات مستقبلية، وعموماً: ما لا يصدر عن جهة رسمية وبمستوى عال فإما أن يكون اجتهاداً شخصياً، أو مجرد اختبار.

16- ما موضوع التشارك بين المعارضة والنظام الذي دعيت إليه؟
ج- قلت إنني أدعو كل السوريين ممن هم مع النظام أو ضده، ومع الثورة أو ضدها إلى صد أي مشروع لتقسيم سورية، وكما أفشل السوريون المشروع الاستعماري الفرنسي في العشرينيات لتقسيم سورية، فكذلك السوريون سيُفشلون اليوم أي مشروع مماثل ؛ لأن آثاره ستكون كارثية على الجميع ولعشرات السنين.

17- هل صحيح أنكم ذكرتم بأن أميركا وروسية لديهما رؤية لتقسيم سورية؟
ج- لم أقل ذلك، ولكن قلت إن الاهمال الدولي قد يؤدي الى تقسيم سورية، وقد التقيت خلال الشهر الماضي بالمفوض الروسي بوغدانوف، والمفوض الأميركي روبشتاين، وأكدا بشكل جازم أن حكومتيهما ليستا مع أي مشروع للتقسيم، وأعتقد أن الضمانة الأساسية هي تكاتف كل السوريين من الموالاة والمعارضة لصد أي مشروع من هذا النوع، وأثمّن ميثاق الشرف للجبهات الإسلامية الذي أكد على هذه النقطة.

18- ختاما: ما رسالتك للشعب السوري؟
ج- أعتقد أن سورية أكبر من الثورة وأكبر من النظام، وأنك يا شعبنا العظيم بتكاتفك ستعود أقوى مما كنت.
رسالتك للقوى المقاتلة على الأرض؟
– قمتم لله ولإنقاذ شعبكم من الظلم، ولم يسبقكم أحد في البطولة والاستشهاد، فأبقوا عملكم لله.
– لقوى الثورة والمعارضة السياسية؟
– التفِتوا الى الشعب قليلاً، فأخشى أن يصبح أمامكم بكثير وعياً ووطنيةً وخُلقاً.

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف مختلفة, منائر. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.