نص لقاء أحمد معاذ الخطيب على الجزيرة الإنكليزية مع تعقيب

بعد لقاء أحمد معاذ الخطيب في قناة الجزيرة الإنكليزية الذي بُثَّ السبت رأينا أن بعض المعلقين والناشطين أخذ يجتزئ من المقابلة ويعمم بحسن نية ويصور أن الائتلاف وما يجري فيه صناعة إقليمية وعربية وغربية ، وليس فيه أي شيء يخدم الثورة … ومن عادة كثيرين وعلى رأسهم إعلام النظام أن يصطاد في الماء العكر لينشر هذه الصورة .
لذلك رأينا أن ننشر المقابلة كاملة مكتوبة بالعربية بالأسئلة والأجوبة ليراها أولا الإخوة الناشطون والثوار … ويراها ثانية من يحب أو يدعي الموضوعية.

نص المقابلة:

– شكراً سيد معاذ على التكلم لبرنامجنا على الجزيرة..

– أهلا وسهلا بكم

– سمعنا كلامك عندما استقلت، عندما قلت إنك كنت كالطائر في القفص الذهبي، وكنت محبوساً فيه وغير قادر على المساعدة في الائتلاف، أنا أتفهم ذلك، ولكنك أيضاً تكلمت عن رفضك لأن تكون شاهد زور، وتكلمت عن خطوط حمراء بالنسبة لك لا يمكنك تجاوزها، ماذا عن شهادة الزور وما تلك الخطوط الحمراء؟

– أشكركم جدا .. في الحقيقة الائتلاف السوري هو للسوريين وعندما تصبح هناك أيدٍ إقليمية داخله تلعب وتتخذ قرارات فمعنى ذلك أن الشخص في الداخل سيكون فقط جسراً لتمرير بعض القرارات التي قد لا تتوافق مع مصلحة السوريين وصل الأمر إلى درجة بالنسبة لي لم تعد مقبولة .. صرت فقط مثل جسر للتوقيع على بعض الأوراق بينما هناك أيدٍ تلعب وتريد أن تقرر عن السوريين من عدة أطراف فوجدت أن من المصلحة مغادرة هذا الجسم وخدمة الشعب السوري من خارج الائتلاف.

– إذاً فأنت لم توافق على بعض القرارات التي تم اتخاذها، والتي كان من المقرر أن تضطلع بها أنت وتخرجها للسوريين، كصاحب لهذه القرارات. هل هذا ما تريد أن تنوه له؟

– تماما .. أمور عديدة أنا لا أوافق عليها ، وهناك اتفاقات غامضة بالنسبة لي وأظنها ليست مناسبة للشعب السوري.

– ما تلك القرارات؟ ما الأشياء التي ترفضها وترفض أن تتبناها؟ وما الأشياء التي أردت الابتعاد عنها؟

– يعني على سبيل المثال سأذكر مثالين :
المجلس العسكري أنشئ ، لم يُدعَ أبدا أحد من قيادة الائتلاف لحضور اجتماعاته ، بينما كان بعض الأشخاص المرتبطين ببعض الدول الإقليمية يحضرون هذه الاجتماعات ونحن لا ندري ماذا يجري .. هذه نقطة لا أريد أن أدخل في تفاصيل أكثر .
الموضوع الآخر موضوع إنشاء حكومة .. هذا الأمر صار فيه سجال وخصومة كبيرة بين دولتين إقليميتين أو أكثر، كل واحدة تريد الأمر بطريقة معينة .. كل واحدة عندها مرشح .. والائتلاف كاد ينقسم من وراء هذا الأمر في تحديد الشخص .
إضافة إلى أمر مهم: نحن لا نريد وزارة الآن.. برأيي الشخصي طبعا ومع بعض الزملاء لا نريد رئاسة وزارة ، نريد هيئة تنفيذية ؛ خشية أن يكون إيجاد رئاسة وزارة من دون دعم مالي كافٍ ومن دون وجود بنية مناسبة لهذا الأمر مقدمة لتقسيم سورية.

– ما الدول التي لم توافق على الطريقة التي ينبغي أن يسير وفقها الائتلاف؟ أريدك أن تسمي هذه الدول، ولا تكتفي بالدوران حول الموضوع، يجب أن نكون أكثر تحديداً، الناس يحتاجون أن يفهموا ما الضغوط التي تمارس على الائتلاف وتعيق أداء عمله؛ لأنه في الواقع لا يعمل كما ينبغي عليه أن يعمل؟

– الآن لا أريد أن أسمي الدول لأسباب خاصة تتعلق بالائتلاف ، وعدم إيجاد مشاكل أكثر في داخله .. المختصون المتابعون يعرفون.

– هذه الدول (التي تتدخل) هي السعودية وقطر، هذا سرّ مفضوح،

– طيب .. لماذا تسألين عن أمر معروف ؟ ما دام معروفا بالنسبة إليك لماذا تسألين عنه؟

– الناس تريد أن تسمع ذلك منك لأنهم يثقون بك، أنت الرجل المفوض (صاحب القرار) بالنسبة لهم.

– كل الناس الذين يتابعون الأمور يعرفون.. ليس الهدف تسمية أسماء .. الهدف هو أن نحل المشكلة هذا هو المهم

– ولكنك لم تستطع أن تحل المشكلة، وغادرت، وبذلك لم يعد بإمكانك أن تحلها

– صحيح ولكن هناك مجموعة داخل الاتلاف تعمل على حل المشكلة وأنا أساعدهم، ولكن لا أريد أن يُستخدم اسمي جسراً لأي طرف .. سأساعدهم بشكل حيادي من دون أن يستطيع أي طرف أن يضغط علي.

– أنت أقدمت بجرأة كبيرة، وبثقة كبيرة أيضاً، كرجل مستقل (غير تابع لأحد)، وبقيت فقط خمسة أشهر، بماذا كنت موعودا، ومن خذلك؟ ومن خانك وطعنك من الخلف؟

– أنا لا أقول خيانة وأظن أن موضوع استقالتي كله ليس مهماً .. المهم أن ننقذ البلد من المصير الذي تتجه له بغض النظر عمِلْنا داخل الائتلاف أم خارج الائتلاف.

– دعني أقل لك ماذا قال اللواء سليم إدريس رئيس هيئة الأركان عنك، قال : إنك رجل ودود جداً، ولكن توقيت استقالتك كان خاطئاً جداً. وأيضاً لدي صديق من سراقب قلت له إنني سأقابلك وسألته إن كان لديه شيء يريد أن أوجهه لك، فطلب مني أن أسألك: لماذا تتركنا الآن أيها الشيخ؟ لماذا الآن تتخلى عنا وتتركنا لمن يتعطش للقوة. فماذا تقول له؟

– أنا تخليت عن العمل داخل الائتلاف ولم أتخلَّ عن نصيحة ومساعدة الائتلاف.. سأكون حراً من الخارج أكثر وفي نفس الوقت الشعب السوري يمكن مساعدته بطرق أفضل بالنسبة لي من خارج الائتلاف.

– كيف ستقوم بذلك (بحل المشكلة)؟ إن كانت المشكلة من الخارج (حسب وصفك) وأنها تدخلات إقليمية ودولية، كيف ستستطيع حلها؟ كيف يستطيع أي سوري أن يحلها إن كانت مجرد لعبة نرد للاعبين دوليين؟

– طيب سأقول لك اقتراحاً طبعا بحاجة للمناقشة داخل الائتلاف .. أول شيء هناك توسعة معينة .. بعض الناس يضع أسماء من عنده.. بعض الدول الإقليمية تضع أسماء من عندها الآن ، وهذا الأمر أنا لا أرضاه .. أن يضع أي شخص خارجي أسماء ولو كان شكلها الظاهري أنها موضوعة مقترحة من قبل سوريين ولكن هناك ضغوطاً إقليمية لوضعها.. أقول يجب أن يكون هناك توافق سوري حقيقي في داخل الائتلاف عليها .. هذه الأسماء بعد أن توضع يصبح عندنا دم جديد داخل الائتلاف..
الائتلاف الآن يختار قيادة جديدة .. سأقترح هذا الأمر وأكتبه اليوم.. ألا يكون أحد أعضاء مجلس الرئاسة موجوداً ، يعني نحن خمسة أشخاص في مجلس الرئاسة: أنا والأستاذ جورج صبرا، والأستاذ رياض سيف ، والسيدة سهير الأتاسي، والأستاذ مصطفى الصباغ .. أنا أقول: هؤلاء الخمسة يجب أن يستقيلوا .. إن كانوا يرغبون بالعمل فليعملوا بالائتلاف في لجانه الأخرى.

– دعنا ننظر للأمر من وجهة نظر إقليمية، ما أجندة قطر داخل سوريا؟ وعلى ماذا تتنافس مع المملكة العربية السعودية، ماذا تريد أن تحقق؟

– هذا الأمر لا يتعلق بي.. اسأليهم هم كيف يتصرفون..أنا الذي يهمني أن يكون القرار خارجاً عن الضغوط.. هذا الذي يهمني، يعني تريدين مثالاً طبعا ستجادلين لتطلبي مثالا: حصلت خلافات شديدة في تشكيل المجالس العسكرية.. هذا الأمر أضعف الثورة جدا.. أنا أقول يجب لهذا الأمر أن يتخذ داخليا إذا أراد أحد أن يساعد السوريين فليساعدهم كما هو وضعهم وليس وفق رؤيته الخاصة.

– يمكنني أن أفهم لماذا لا تريد التكلم بالأمر، ولكن الناس بحاجة إلى أن تفهم تلك القوى التي تعمل خلف كواليس الائتلاف، وحتى في داخل سوريا.. من أجل إدراك الوضع السوري.. أنت لا تريد أن تتكلم عن ذلك ولكن المفروض أنك تعرفه جيداً لأنك غارق في هذا الوضع يومياً..

– أختي، هذه الأمور كل المختصين يعرفونها أكثر مني ومنك .. الأمر لم يعد يتحمل هذا الجدال السياسي وهذا النقاش على وسائل الإعلام.. كل الذين يعملون في الساحة يعرفون هذه الخلافات بين الدول الإقليمية.. يعني سأقول لك مثالاً أكبر من ذلك : بعض القوى حتى العسكرية ربما تذبح قرية مجاورة لها ولا تتدخل لأن الجهة التي تتبع لها لم تُعطها أوامر أو صلاحية للتدخل.. هذا لا يمكن قبوله.

– دعنا ننظر للوضع من منظور أكبر،- من خلال خبرتك- إلى أي درجة يمكن أن تكون قطر والسعودية مفوضتين من قبل السياسة الأمريكية بفعل ما لا تود أمريكا أن تظهر بأنها هي التي تقوم به؟

– الولايات المتحدة ليست عندها فكرة تفصيلية عن الأفضل لهذه المنطقة؛ لهذا يكون دور الدول الإقليمية ليس قليلاً، ويكون هناك مساحة من الصلاحية والحركة ليست الولايات المتحدة لها علاقة بها.

– هل تريد القول أن السعودية وقطر هما عملياً من يصنعون القرار الأمريكي في المنطقة، لأن أمريكا لا تعرف ما تفعل؟

– هم ربما يشرحون وجهة نظرهم وكل طرف له رؤيته.. وكيف يتقاطعون أو يتفاهمون مع الولايات المتحدة والله ما عندي فكرة لأن هذا له علاقة بالاجتماعات التي تجري بينهم ولا تصلني المحاضر للجلسات بينهم.

– من خلال خمسة أشهر كرئيس للائتلاف الوطني السوري، أليس لديك أي نافذة على هذا الواقع؟ حتى ولو كانت هذه هي أهم قوة فاعلة في القضية السورية،

– أنا قلت لك إن الولايات المتحدة ليست عندها رؤية واضحة ماذا تفعل وهذا يعطي مجالاً أوسع للدول الاقليمية.

– هل أخبرت أمريكا أنك تشعر بأنهم ليس لديهم فكرة كافية عما يجري في القضية السورية وليس لديهم خطة واضحة لما ينبغي عليهم فعله؟

– لم أقل لهم ولكني استمعت لهم طويلا وأعتقد أن الدول الكبرى ليست لها رؤية واضحة.

– ألم تخبرهم؟ استمر عملك خمسة أشهر، ألم تخبرهم بأن على أمريكا أن يكون لديها سياسة أفضل تجاه الوضع السوري؟ ألم تتواصل معهم حول ذلك ويكن ذلك من صميم عملك؟

– أختي، قلت هذا الكلام مراراً.. وآخر مرة في اجتماع اسطنبول قبل أقل من أسبوعين أمام عشرة وزراء خارجية لدول أصدقاء دمشق.. قلت: كل الذي فعلتموه ليس كافياً .. نعم نحن نعترف.. قدمتم مساعدات إنسانية ولكن هذا ليس كافياً..
أضيف لكِ أيضاً: قالوا هناك مشاكل معينة حتى نستطيع أن نساعدكم ومنها توحد المعارضة لأن المعارضة غير متفقة…
فقلت: هل الشعب السوري شعب مسموح له أن يُذبَح!! أن يموت!! الشعب السوري ثلاثة وعشرون مليون إنسان ألا يستحقون أن يُنظر لهم كبشر! كناس يموتون في كل يوم!! أنا لا أهتم بالمعارضة.. أهتم بهذا الشعب الذي يموت ، وهذه مسؤوليتكم الدولية..
وإذا تريدين سأقول لك أكثر: قالوا: ماذا نستطيع أن نفعل؟
فقلت: أخبروا رؤساءكم أنهم إذا كانوا صادقين ويُحسون بآلام ودماء الشعب السوري ألا يناموا في الليل، وأن يعقدوا كل يوم اجتماعات حتى ينتهوا من هذه القصة.. ليس كل عدة أشهر تعملون لنا اجتماعا معينا ونخرج بنتائج ليس فيها شيء جديد.. فقط نوع من الوعود ثم المماطلة ثم كسب الوقت ثم الكلام.. هذا الأمر غير مقبول.. وأنا لن أتعامل مرة ثانية مع مثل هذه الأمور.. ولن أحضر اجتماعات بمثل هذه الطريقة..
أنا أخدم شعبي كما أريد .. أموت معهم .. أعيش معهم .. هذا قراري.. لن أكون بعد اليوم حاضراً في مثل هذه المؤتمرات إلا إذا قرروا مساعدة حقيقية.
أنا لا أحب الطريقة الدبلوماسية، ما جرى قبل أيام في بانياس وفي حمص وقبل ذلك في معضمية الفضل مجازر يندى لها جبين التاريخ.. كل الدول مسؤولة إذا كانت تستطيع أن تقدم شيئاً للشعب السوري.. وتغير هذا الطريق الذي صارت الدماء تملؤه ..فهذا الأمر صار يجري تحت سمع وبصر الحكومات كلها ويجب أن تتخذوا قراراً واضحاً فيه.

– ما تشخيصك تجاه صمت المجتمع الدولي وعدم قدرته على التصرف بشكل بناء؟ بالشكل الذي ترى أن عليهم أن يتصرفوا وفقاً له تجاه المسألة السورية؟

– أعتقد أن المجتمع الدولي لا يعرف ماذا يريد أن يفعل.. هو عنده مشاكل خاصة.. لم يتصرف بشكل جاد للإدراك الإنساني للمشكلة.. كل بلد مشغول بمشاكله الداخلية.. لا تعطى سورية حقها الكافي من متابعة الأمور التي تجري فيها.. تُترك فترة طويلة ثم بعد ذلك يبدؤون يصيحون ويتكلمون عن بعض المشاكل الأخرى .. يعني صاروا الآن يتكلمون أن المشكلة الأساسية هي الإرهاب.. المشكلة الأساسية هي الأسلحة الكيميائية.. المشكلة الأساسية هي الأقليات.. لم يكن هناك أي شخص راديكالي في سورية ، ولم يكن هناك خطر أسلحة كيميائية، ولم يكن هناك خطر الأقليات على الإطلاق .. تتركوننا سنتين ونحن نذبح ، ونحن نموت ، ثم بعد ذلك تتحدثون وإذا كنتم الآن أيضا ستتابعون النوم فثقوا تماما أنه ستظهر مشاكل أكبر بكثير وسيندم العالم كله.

– لا أريد أن أتطرق لأمر السعودية وقطر كثيراً مرة أخرى، ولكن هل يتفهون وجهة نظرك بشكل أفضل من أمريكا مثلاً وبعض القوى الغربية؟

– أعتقد أن هناك محاولة للفهم ولكن ليست كافية.

– تعني لأنها مقترنة بمحاولة للسيطرة والنفوذ

– سأذكر لك عن مثال مؤلم بالنسبة لي.. اكتشفت أن إحدى الدول التي لها علاقة بالمسألة السورية دولة إقليمية، والجهات العليا في هذه الدولة لها رؤية أقرب إلى الإنسانية ولكن هناك أجهزة تحتها عقلُها عسكري تماما وتريد إنهاء الأزمة بشكل حربي ويوجد بداخل الدولة نفسها جناحان حزبان هذه مشكلة.

– قمت بتوجيه خطاب رائع جداً لحسن نصر الله.. طلبتَ منه سحب كل مقاتليه خارج سوريا، ووجّهت نداء لحزب الله لرؤية واقع الأزمة السورية..
كان رده بتجاهل كل ما قلته له، هو أكّد أن حزب الله سيدعم النظام حتى النهاية، ولن يسمح بسقوطه.. إذاً لم يكن لخطابك أي أثر على حسن نصر الله! أليس كذلك؟

– أختي، الرسالة كانت لنصر الله، ولكن هي رسالة للشعب السوري والشعب اللبناني.. نحن مللنا من السياسيين الذين يقودون الناس إلى المذابح.. هناك دائما انتصارات وهمية ونوع من الأفكار التاريخية الذي يتوهم كل طرف أنه من ورائها سيقيم الحق باسم الله وباسم الأديان ذبحت شعوب كثيرة وهذا أمر لا يرضى عنه الله ولا ترضى عنه الأديان.. هناك تزييف للوعي الديني واستثمار لمشاعر الناس الدينية الفطرية الطيبة.. الدين هو أرقى ما يحمل الإنسان من مشاعر.. دائما تستثار المشاعر الدينية من أجل أن يذبح الناس بعضهم بعضاً.. هذه رسالة لكل الناس لعدم توريط المنطقة كلها وليست فقط رسالة شخصية موجهة إلى حسن نصر الله.

– أنا أفهمك..

– شكرا.

– إذاً..ماذا عن محاولاتك للتحاور مع النظام أو أعضاء منه ؟ بالطبع عندما اقتحمتَ المشهد من خلال الائتلاف، طرحتَ هذا من خلال إعلانك أنك جاهز للتحدث مع أحد من النظام، الآن مرت خمسة أشهر على ذلك، أين وصلت في هذا الأمر؟ هل أحرزت أي تقدم وهل كان لديك أي قنوات للتواصل؟ هل تعتقد الآن أنه كان من الصواب فعل ذلك؟ لأن هذا الأمر كان مزعجاً فعلياً بالنسبة لبعض زملائك في الائتلاف، وربما هذا جعل مهمتك أصعب قليلاً منذ البداية.

– أول شيء لا يوجد أي تواصل مباشر مع النظام السوري.. هذا أول أمر.
الأمر الثاني من الناحية العقلية والسياسية إذا كان هناك شيء يحل أزمة الشعب السوري – وهذا أمر كررته مراراً- كل الأعداء في العالم كانوا يلتقون .. كل الخصوم يلتقون.. نحن الشعب السوري نريد إنهاء المشكلة وأن نوقف سيلان الدماء..
خرجت مرة بمبادرة إنسانية.. هي كانت فكرة بصراحة ليست بمبادرة ناضجة.. فكرة.. ولكن حوربت من بعض الأطراف التي تريد أن يستمر الشعب السوري في القتال.. وتريد إضعاف الدولة وإضعاف الثورة معاً..
المطلوب الآن هو رحيل النظام بشكل يوفر الدماء..
كثير من الناس استغلوا الموضوع ليقولوا هو يريد أن يسمح للنظام بأن يعيد إنتاج نفسه ، ويتابع دورة القمع والدكتاتورية.. هذا الأمر غير صحيح.. نحن نريد الحل حتى مع النظام من أجل رحيله بشكل يخفف الدماء علينا وعليه..
وقلت مرة إن بعض الناس قالوا نحن لا نجتمع مع أحد في النظام السوري.. قلت من باب الطرفة ولكن من الممكن أن تحصل.. يعني إذا كنتم لا تريدوننا أن نجلس مع الناس على طاولة واحدة فنحن نعمل حوارا مع رئيس النظام عبر الفضائيات.. وممكن أن نتحدث عبر شاشة ولكن يراها كل الشعب السوري.. نوع من النقاش والمفاوضات من أجل إنهاء أزمة السوريين جميعاً.

– إذاً هل تعتقد أنه بإمكانك التحدث عبر تخطي رؤوس النظام نفسه (ربما) وإلى من؟ إلى القيادات العسكرية لنظام الأسد داخل سوريا؟

– لا نتحدث مع القيادات العسكرية.. نتحدث مع جهات سياسية مفوضة من النظام بشكل كامل لحل المشكلة.. ولا تكون هذه القيادات هي القيادات التي شاركت في قتل الشعب السوري.

– هل حدث أن تكلمت مع الجانب الروسي أخيراً؟

– لم أتحدث معهم.. فقط اجتمعت مرة مع بعض المسؤولين الروس هنا في القاهرة، وقلت لهم : إذا كنتم تتحدثون طوال الوقت عن حل سياسي فقدموا رؤيتكم.. هذه هي المشكلة، الروس يتحدثون عن الحل السياسي ولا يقدمون رؤية.. يعني يقولون مؤتمر جنيف واتفاق جنيف.. هذا الاتفاق هو كلام عام جداً ليس له تفصيلات.. قدموا رؤية حتى تناقَش، وحتى ينظر فيها الشعب السوري ويرى أهي مناسبة أم غير مناسبة…

– هل تعتقد أن قضايا كالأسلحة الكيماوية أو الادعاء بالأسلحة الكيماوية يزيد من الفوضى العارمة بين مقاتلي المعارضة، والقلق في الغرب وداخل سوريا حول الإسلاميين المتطرفين، وازدياد العنف الهائل من كل الأطراف، هل تعتقد أن ذلك أو أي شيء من هذه الأمور سيقلب اللعبة؟ هل تعتقد أننا الآن أقرب لنوع من أنواع التحول في الموقف الدولي تجاه القضية السورية؟

– أنا بصراحة أستغرب جداً من الموقف الدولي.. قتل واستباحة وقصف للشعب السوري بالطائرات الحربية!! هذا كله لم يستدعِ منهم الاهتمام والاستنفار!! والآن ما بقي غير موضوع الأسلحة الكيميائية والإرهاب يتحدثون عنه..
قلنا مراراً وتكراراً: الشعب السوري شعب عريق.. شعب حضاري يبحث عن الاستقرار في حياته ، فما الذي حصل الآن فجأة حتى تتجه كل الأنظار لهذه المواضيع..
أختي، هذه المواضيع نحن لا تهمنا.. يهمنا إنقاذ الشعب السوري من الدماء.

– ما تخوفك مما يمكن أن يحدث في سوريا إن لم يوجد نوع من الانفراج سواء من خلال الحوار أو في تغير الموقف الدولي؟

– يعني أكثر شيء خطير هو استمرار المذابح للشعب السوري.. يأتي بعد ذلك الخشية من تقسيم سورية فهذا هاجس كبير جدا.. الأمر الثالث هو أن تطول الأزمة.

– أسألك هذا السؤال بالرغم من أنه ليس من سهلاً على السوريين سماعه، ما المشكلة في تقسيم سوريا إن اضطررنا للتفكير بما لم يكن ممكناً التفكير به من قبل، في حالة يوغسلافيا مثلاً تم تقسيمها من أجل إحلال السلام، والآن في العراق يوجد بداية حديث حول التقسيم، إذاً في النهاية المجموعات المختلفة عليها أن تجد موطناً لها من أجل إيقاف القتل، ما الخطأ في ذلك؟

– الخطأ في ذلك أن هذا ليس قرار الناس، هذا قرار مجموعات سياسية ودول إقليمية وإرادات أكبر أو أصغر.. هي تفرض على الشعوب هذه الوقائع، ثم بعد ذلك تحاصر الشعوب ضمن منظومات تاريخية وسياسية وعرقية، ويكون هناك دائما فتيل فتن واشتعال للحروب والمشاكل..
وكل الدول التي بنيت على أساس عرقي وطائفي تكون بؤراً للفتن والحروب الدائمة .. والمنطقة لا يلزمها المزيد من التقسيم.. تكفينا الإرادات الاستعمارية التي قسمت هذه البلاد خلال بدايات القرن العشرين، سايكس يبكو وغير ذلك.. الآن يعيدون سايكس بيكو بطريقة أكثر أجزاء وتعدادا للدول.. تعرفين قبل مئات السنين كل دولة كبرى كانت تحاول أن ترعى أقلية داخل بلاد الشام، وأنشؤوا كيانات صغيرة هي كانت كيانات هزيلة فقط تتقاتل مع بعضها، وتوجد بعض النخب السياسية التي تسرب المواقع والمناصب والإمارات المزيفة.. والتي أدت إلى آلام كثيرة.. الشعوب يجب أن تتوجه إلى نوع من التوحد والتعاضد مع بعضها وليس إلى مزيد من الانقسام الذي يلبي مطامح السياسيين الطامحين بالمواقع ولا يلبي إرادات الشعوب الحقيقية.. هذا رأيي طبعا.

– شكراً لك.

– أهلا وسهلا .

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف مختلفة, منائر. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.