بيان حول جواب رئيس الائتلاف على أسئلة تتعلق بالقضية الكردية

الأخ الكريم الأستاذ دلخار بهلوي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فأشكر جهودكم في توضيح المواقف ونقل الحقائق إلى الناس وبخصوص الأسئلة التي وجهتموها لي فأفيدكم بما يلي:
الإخوة الأكراد في قلبي منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، وكان إبراهيم صديق الدراسة في الجامعة أول من فتح عيني على القضية الكردية، وكان من أخرهم حسين ومصطفى وقد تشاركنا في زنزانة باردة، لننام على بطانية واحدة ونتغطى بالأخرى، وطيلة الليل لم أستطع النوم من البرد ومن أصوات آهات حسين ومصطفى وهما نائمان من الإرهاق والتعذيب، فقد حفرت السياط أخاديد في ظهورهم التي كانت تنزف منها الدماء.
سألتني عن مطالب الإخوة الأكراد وما نسب إلي من أقوال، وأنا أقول لك: لعل الترجمة والنقل قد غيرا دقة الكلام، فقد قلت للجميع بأن الإئتلاف قد شكل لإدارة الثورة ودعمها بكل الأشكال، وليس من صلاحياته تحديد مستقبل سورية لأن هذا الشيء يقرره السوريون مع بعضهم، ومن الطبيعي أن من حق الإخوة الأكراد طرح رؤيتهم لمستقبل سورية وأن يتناقشوا بها مع الجميع لبناء الوطن الذي نحبه جميعا.

موقفي من حقوق الإخوة الأكراد ليس سراً، فقد تعرضوا إلى ظلم غير مسبوق، وحقوقهم يجب أن تعطى لهم في إطار وحدة وطنية تضم كل أبناء سورية.
ماحصل في رأس العين مؤلم جدا، وأدين كل أعمال القتل والتهجير ونهب أوسرقة أو إحراق البيوت من أي طرف كان، ليست هذه أخلاقنا وقد كنا وسنبقى جسداً واحداً.

هناك أطراف تسعى لخلق الفتن في كل مكان ، وللنظام يد في هذا فهو معروف بمكره وتوحشه، ولن ينسى أحد انتفاضة 2003 والقمع المروع الذي تعرض له إخوتنا، والشيء الذي يتجاهله البعض أن الناس عاشت طوال حياتها بشكل أخوي، والعلاقات الاجتماعية والإنسانية أقوى من كل الأصابع التي تريد أن تفرق بين الإخوة والأقارب والجيران، ومنطقة الجزيرة من المناطق المدهشة بتآلف الناس مع بعضهم، ولم يحصل أي خلافات بمثل الحدة المؤسفة التي حصلت منذ أسابيع، وقد تواصلت مع العديد من الإخوة من أطراف عديدة لأني أثق أن الحكماء من كل الأطراف لن يسمحوا للفتن أن تتغلغل بين الناس.
النظام ساهم في دفع الأمور إلى الفوضى، فهو نظام دكتاتوري قمع العرب والأكراد، بل كل سوري، وتلاعب بالدين وسخره للتسلط على الناس، وهو وضع مكونات الشعب السوري في مواجهة بعضها، دعونا نبعد أصابع السياسات الماكرة وسنرى أننا سنتفاهم في حل أمورنا، ويمكننا أن ترتب الأمور مع بعضنا، أما استخدام السلاح فهو مرفوض شرعيا وأخلاقيا ووطنياً.
بالحقيقة أدت الإدارة الفاشلة من قبل النظام المتوحش إلى حالات من الفوضى، وبدأت الثورة سلمية ثم اضطر الشعب إلى حمل السلاح للدفاع عن نفسه، وسبب قمع النظام وجود إشكالات وتصرفات لا نقبل بها، واي اقتتال فالمستفيد الوحيد منه هو النظام.

ما تم الحديث عنه في اجتماع (هولير) أمر يجب نقاشه في جلسات مصارحة ومناقشة مفتوحة، وكما قلت أن الائتلاف هو مكون ثوري لإنقاذ البلاد من الاستبداد، وليس مقرراً عن أحد في رؤيته للمستقبل، ومن حق الإخوة الأكراد أو غيرهم أن يطرحوا ما يرونه الأفضل لوضع سورية المستقبلي، وأعتقد أن وجود ممثلين عنهم في اي اجتماع سيوضح وجهة نظرهم بشكل جيد، ويقدم ظروفا مناسبة لإيصال رؤيتهم إلى إخوانهم.

حزب الاتحاد الديمقراطي (حسب معلوماتي) عضو في هيئة التنسيق، وملتزم برؤيته، وليست عندي فكره دقيقة تتعلق بموقفهم من الثورة السورية، كما أني لا أرغب بالتعرف عليهم من خلال أي أفكار مسبقة، وآمل أن يكون هناك تواصل ما، لتوضيح كثير من النقاط التي تحتاج إلى بيان، وكذلك لكل الإخوة الآخرين .. وباختصار: نحن قريبون إلى كل ثائر ضد الظلم، ورافضون لكل من يزيد عناء الشعوب.

موقف تركيا داعم للثورة السورية بشكل واضح، وليس لدي اي معلومات بنية تركيا الدخول إلى المناطق الكردية، والذي أعرفه أن الإخوة الأتراك حريصون على استقرار المنطقة ويحاولون منع جرها إلى التصادم والاقتتال، أنا كسوري لا أرضى بأي تدخل عسكري يخالف مصالح سورية ووحدة أرضها وشعبها.

أتألم كثيرا من موقف السيد المالكي فهو عاش في سورية سنوات طويلة ويعرف معاناة الشعب السوري عربا وأكرادا، وتألمت أكثر عندما قرأت تصريحه بأنه عاجز عن تفتيش الطائرات المتجهة إلى سورية! فهل يعني هذا أنه يوافق على السماح بمرور السلاح لقتل الشعب السوري؟ إن موقفه من الثورة السورية غير مقبول بحال.

السيد مسعود البرزاني يحاول بكل الطرق أن يُبقي المنطقة في حال استقرار، وقد ابدى موقفاً واضحاً وشجاعاً تجاه الثورة السورية، ويتفهم رغبة السوريين بالحرية والعدالة، وأود توجيه شكر خاص له ولإخواننا في اقليم كوردستان حكومة وشعبا على موقفهم الأخوي باستقبال أكثر من خمسن ألف سوري بينهم، ومعاملتهم الأخوية لهم، وآمل أن يتاح وقت قريب لزيارتهم.
بالنسبة للعلاقات مع المجتمع الدولي فهي تزداد قوة، وأول البارحة انضمت إسبانية إلى الدول المعترفة بالائتلاف، أما بالنسبة للسلاح فأقول لك بكل صدق: أتمنى أن يتصرف النظام ولو لمرة واحدة بشكل حكيم، ولا يضطر الشعب السوري إلى المزيد من القتال والبحث عن السلاح لنيل حريته.

الحكومة المؤقته قد تظهر قريبا، وستقوم على الكفاءة، وعلى أكتاف من هم أهل للمسؤولية ويحملون همَّ الحرية، كما لا بد أن تحظى برضى السوريين واقتناعهم بها. كل من لديه كفاءة في مجال ما فهو الأفضل بعيداً عن اي صفة أخرى.
نريد إسقاط النظام ونرفض تفكيك الدولة كبنية خدمية للمجتمع، فالدولة ومؤسساتها ملك للشعب وليست صدقة من النظام، ورعونته وحدها تسبب دمار بنية الدولة، أما وقت سقوط النظام فإنه قد سقط سياسيا وشعبيا، ووحدها بعض الدول تنفخ في رئتيه الحياة وهو ميت.

أخي الكريم بالنسبة للجماعات السلفية والجهادية هناك لبس شديد حولها، فهناك اشخاص لهم أفكار ما كمنهج في فهم الإسلام وهذا حقهم، وهناك أشخاص جاءوا من بلاد أخرى لأن ضمائرهم لم تتعد تتحمل أن يروا إخوانهم في الدين يقتلون، ومن العجيب أن يعتبر الأخ التركي أوالكردي العراقي مثلا عنصرا اجنبياً ولا يتحدث أحد عن الإيرانيين والروس الذين يدعمون النظام بكل الأنواع .. هناك خط أحمر واحد لا يمكن قبوله: الفكر الذي يستبيح الدماء أو يعمم الكفر على الناس، فهو مرفوض مطلقا ولا نرحب به.

آلية انتخاب الرئيس [في الائتلاف] بسيطة تماما: انتخاب حر يحظى بموافقة ثلثي الأعضاء، ومدة الرئاسة ستة اشهر قابلة للتمديد مرة واحدة فقط، ويتشرف الائتلاف بأي أخ كردي أو غير كردي يحمل هم الثورة ويسعى لبناء وطن كريم.
كلمتي الأخيرة للشعب الكردي: قد يكون كلامي الآن أكثر دفئاً من الأجوبة السياسية ولكني أقول بما أحس به في قلبي:
إن الشعب الكردي ظلم طويلاً، ومعاناته هائلة، ولكن مَن من شعوب المنطقة لم تمر بمراحل العناء، نحن في النهاية جسم واحد، روح واحدة، قلب واحد، ويجب أن يكون تنوعنا عامل قوة لا ضعف، دول العالم تتجمع وتتحد في كيانات اقوى، ولا يجوز ابدا أن نزداد تشرذما وتفتتاً، شعوب المنطقة ومنها إخواننا الأكراد من أقدم شعوب العالم وأعرقها ويجب أن يكون لهم دور رئيس في بناء المستقبل.

ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا بكثير، دعونا نبعد أصابع السياسة في التاريخ والحاضر، والتي تحاول اللعب بكل شيء، ولننظر إلى مستقبل مشرق، ولقد جمعتنا الآلام والعذابات والسجون، وجمعنا كشعوب دين عظيم، وجمعنا كبشر إنسانية مرفرفة، وجمعنا عشق شديد لبلادنا فلنكن يداً واحدة في صناعة أمل جديد ولنجعل أطفالنا ينامون وعلى شفاههم ابتسامة رضا من أجل مستقبل واعد ووطن حر كريم.
أخوكم: أحمد معاذ الخطيب
رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
3 كانون الثاني 2012 القاهرة.‬

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف مختلفة, منائر. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.