الطريق إلى دمشق: نص لقاء أحمد معاذ الخطيب مع قناة أورينت

الطريق إلى دمشق

لقاء أحمد معاذ الخطيب مع قناة أورينت

16/11/2012

رابـط الـفــيــديــــو…

  • المذيع: أعزائي المشاهدين أهلاً وسهلاً بكم بحلقة جديدة من برنامج الطريق إلى دمشق. ضيفنا اليوم معاذ الخطيب الخطيب الذي برز اسمه في أوائل الثورة السورية كواحد من علماء الدين الذين انحازوا إلى الحراك السلمي ووقفوا موقفاً جذرياً من القمع الذي تعرض له الحراك السلمي واعتقل من أجل ذلك ثلاث مرات قبل أن يقرر مغادرة البلاد لدعم الثورة وإيصال صوتها إلى الخارج.

لكن معاذ الخطيب الخطيب ليس فقط صاحب موقف سياسي بل له آراء في الفقه والشرع تعد ثورية أيضاً. فهو تتلمذ على يد والده خطيب الشام وعالمها الشيخ محمد أبو الفرج الخطيب و علماء آخرين كالشيخ حمدي جويجاتي والشيخ عبد الغني الدقر والشيخ عبد القادر الأرنأووط. درس الجيوفيزياء التطبيقية وعمل مهندساً بتروفيزيائياً قريباً من ستة أعوام في شركة الفرات للنفط كما كان خطيباً للجامع الأموي قبل عشرين سنة ومارس الخطابة في مساجد أخرى.

  • المذيع: مرحباً شيخ معاذ.
  • معاذ الخطيب: أهلاً وسهلاً أستاذ أيمن الله يبارك فيكم.
  • المذيع: لماذا أنت في القاهرة و ما الذي دفعك للقدوم هنا ؟
  • معاذ الخطيب: يعني الظروف العامة لا تسمح ، أنت ترى البلد كيف صارت أحوالها ، وقد تلقيت رسائل بطريقة ما، أنه مادمت في البلد فإن هناك إشكالاً ما سوف يحدث، فآثرت الخروج ربما ذلك أفيد لي .. وأفيد للناس كلهم.
  • المذيع: ماذا تحدثنا عن النشاط والحراك الذي عملته ودعمك للّاعنف والحراك السلمي ومع ذلك اعتقلت ثلاث مرات.
  • معاذ الخطيب: يعني فعلاً  أنا حزين جداً على مايجري في سوريا ، وحزين على هذا النظام الذي يتخبط ولا يدرك حتى مصالحه. أنا لا أنتمي إلى أي جهة سياسية لا سابقاً ولا لاحقاً ، وأعتقد أن مظلتي الدينية، أو المظلة التي أشتغل من خلالها، تسع الناس كلهم ونحن نريد في النهاية مجتمع مستقر وآمن ومتآلف بكل أطيافه ومكوناته. طبعاً شعبنا السوري، وهذه عبارة أنا أكررها دائماً، هو نتيجة عشرة آلاف سنة من الحضارة وأنا أفتخر في هذا التوزع الشديد في نسيجه. نحن نقول هذا بستان، سبحان الله، زرع بأمر الله تعالى وفيه كل أنواع الورود. فكل شيء يسبب استقرار لهذا المجتمع فنحن نسعى له. وحقيقةً ما كان أحد يرغب في سورية أن يحصل أي إشكال مما يحصل الآن ،  والدولة هي المسؤول الأول و الأخير عن ذلك لأن حقوق الناس لا يمكن غض النظر عنها أو تجاوزها ، وبصراحة أنا أعتقد أن الدين الذي يوطد للظلم هو دين مزيّف كائناً ما كان اسمه ، فكنت دائماً أتقدم بالمبادرة تلو المبادرة من أجل إنهاء المشاكل بطريقة تسبب حقن الدماء وإنهاء الإشكالات للطرفين لأنه، يعني أنا من نظرة شرعية وإنسانية، أقول أن قطرة الدم حرام أن تسفك لأي طرف آخر (أقصد) لأي طرف كان. ولكن النظام يتصرف حقيقة برعونة وكل مبادرة كان يكون وراءها إعتقال .. الشيء عجيب جداً .. وللأسف الشديد..
  • المذيع: بدلاً من الحوار يتم الاعتقال.
  • معاذ الخطيب: تماماً. ومن أول لجنة حوار صارت في القطر  ومن أول شهر للثورة كانت اللجنة تتكون اثني عشر شخصاً كنت أحد أفرادها ، طبعاً لم نجتمع أبداً يعني بالهاتف (بهل كم يوم بهل كم يوم) بعدين قدمت أول مبادرة، طبعا اعتقلت وراءها، بعد سنة مبادرة ثانية اعتقال وراءها ولست حزيناً على الاعتقال. طبعاً شيء مخجل أن الانسان…
  • المذيع: طيب هلّا حدثتنا عن هذه المبادرات و وضعتنا في الصورة إن أمكن ؟؟.
  • معاذ الخطيب: يعني على سبيل المثال، طبعاً هم يتضايقون حتى من ذكر هذه الأمور، أخي المبادرة باختصار : سنقوم بكتابة مسودة تضمن حقوق الناس بطريقة مناسبة. ولترفع هذه المسودة إلى الجهات التي ترغب بالاطلاع عليها وأن تعدلها كما تشاء. ولكن سنحتفظ نحن طبعاً سنشكل لجنة صغيرة، تحتفظ لنفسها بحق التعديل أيضاً. وسنبقى نعدّل ونصبر على بعضنا حتى توجد صيغة يرضى عنها النظام ، ونريد بعد ذلك أن ترفع إلى القصر وتحصل على الموافقة. فإذا حصلت سنقول، يا جماعة يعني سورية بصراحة النظام تكلم عن كلمة أنا أوافق عليها، أن سورية تتعرض لمؤامرة كبيرة ، ولكن من الذي يمررها ؟؟ النظام هو الذي يمررها. فهل للشعب كي لا تمر المؤامرة عليه أن يتغاضى عن حقوقه خمسين سنة أخرى على حساب دمائه وأبنائه وكرامته … فالكرة في ملعب الدولة ، فنحن سنقول للدولة ما الصيغة التي تناسبك بعد ذلك بعلم، لن نشتغل شيئا في السر سنذهب إلى المعارضة النظيفة التي يهمها البلد ونقول أن الدولة في هذه المحددات لحل المشكلة ، فأنتم أيضاً تمثلون الناس فهناك حراك عسكري و حراك مدني ، ما دام هذا الرجل أو هذه الجهات تريد مصلحة البلد فلها حق التعديل والاعتراض على ما تحدده الدولة، و سنقوم نحن بدور وسيط، … يعني بصراحة في أخوة ما أعجبهم هذا المثال.. ، لكن لا بأس به قلنا في كل بيت يحصل خلاف فأحياناً يأتي وسيط شرعي، اجتماعي، يحل المشكلة. فنقول الخطر المحيط بالبلد أكبر مما يتصوره أحد ، ونريد أن نحل المشكلة فسنقوم بدور الوسيط بين الطرفين حتى نوجد صيغة وهذا كله يحصل بشكل بعيد عن الأضواء والاعلام. فإذا حصل لدينا الحد الأدنى من الأمور سندعو إلى اجتماع وطني ، تحضره كل الشخصيات المهتمة بالشأن العام وهذه الشخصيات، (هذا كلام ما ذكرته بالتفصيل)، هي التي تطلب من الدولة بعض الأمور. حتى الدولة دائما تتذرع بالسيادة الوطنية وتتذرع بالتدخل الخارجي .. والله أنا موافق .. أنا لا أرغب أن تمتد يد أي جهة إلى بلد،. فسنقول للدولة نحن نعطي فرصة ذهبية بأن يكون هناك حل للبلد من أبناء البلد.

مثلاً : إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وغير السياسيين إذا لم يكن عليهم حقيقة إثباتات. طيب أنتم (يقصد النظام) لا تقبلون بالضغوط الخارجية وأنت تقولون هناك إملاءات خارجية .. طيب هؤلاء هم أبناء البلد هؤلاء هم أبناؤنا وإخواننا.

الناس الذين اندفعوا إلى العمل العسكري، تريدون إنهاء المشكلة، لا يمكن أن تنتهي المشكلة على حساب طرف واحد يعني سوف أذكر لك إحدى المناقشات التي جرت:

 أحد الأشخاص القريبين من السلطة قال أن كل إنسان يلقي السلاح خلال ثلاثة أيام يصدر عفو عام عنه ،

 قلت: أنا أرفض هذا الكلام .. إذا كنت تريد أن تحل المشكلة عليك أن تقدم ضمانات لهذا الإنسان.

فقال: ما هو الاقتراح؟

قلت: هذا الذي يحمل السلاح وهو يدافع عن بلده ويدافع عن عرضه ويدافع عن ماله وهذا حق شرعي وقانوني، لا يقبل أي إنسان أن تنتهك حرماته وهو يبقى صامتا ، فأنا .. في الأصل.. لا أشجع العمل العسكري ولكن الدولة اضطرت الناس لحمل السلاح . هذا الرجل يصدر عفو عن كل من يحمل السلاح حتى نهاية العام بشرط أن لا يستخدم هذا الرجل سلاحه بعد صدور العفو. أخي سلاحك عندك عندما ترى أن الدولة تغش أو تتلاعب بهذه المفاوضات أخي سلاحك عندك وتابع طريقك. أنا لن آتي إلى مفاوضات لأضحك عليك أنا أريد مفاوضات لأضمن حقك وأنا لا أريد للدولة أن تنهار.

وأنا حقيقة أشكرك لأوجه رسالة للشعب السوري لأقول هناك خطر شديد يحيط بالبلد نحن لا نريد للدولة أن تنهار ، نحن نريد لهذا النظام الفاسد أن يرحل حقيقة ، ونحن حريصون على كل إنسان داخل البلد. فللأسف الشديد كل هذه المبادرات تلقيت بنوع من الاستعلاء أقول لك ونوع من .. أقول لك.. أن بعضهم قال يعني ما دخلك ولماذا تتدخل بهذه القصة..

  • المذيع: يعني من أنت حتى تحكي مين انتخبك أصلاً لتمثله..
  • معاذ الخطيب: تماماً. فهذا الأمر (أخي) مرفوض فأكبر مواطن وأصغر مواطن له الحق في أن يحافظ على بلاده. ونحن حتى الآن نضمن إن كان هناك حل يضمن للأمة أن تبقى بعيدة عن الأيادي الإقليمية والدولية التي تتلاعب بها فهذا (أخي) يجب أن نبحث عنه. وأكرر ما ذكرته أكثر من مرة (أخي) الحوار مع النظام توقف. الحوار هو في حالة البحبوحة الآن الأمّة تذبح. إذا كان يرغب النظام بمفاوضات جادة لإنهاء المشكلة فثق تماماً أن في الساحة من يقبلون بالمفاوضات ولكم بشروط (أخي). بضمانات دولية (أخي) أنا مستعد أفاوض أي شخص ولكن على الملأ. تعال أخي إلى ندوة تلفزيونية أهلا وسهلاً وليس على حساب حقوق الناس.
  • المذيع: بس شيخ معاذ أنت تمثل دائما التيار اللاعنفي التيار المسالم الذي يبحث عن مناطق مشتركة وسط. في ناس عُذّبت، قُتلت أطفالها، نساء اغتُصبت، أعراض انتُهكت، أموال نهبت. يعني الخطاب كما ذكرت وقت البحبوحة أما الآن فكما ذكرت النار عم تكوي، والمذابح التي ذكرت حضرتك، هل تتوقع أن هناك أناس تقبل أن تضع يدها بأيدي هالقتلة المجرمين الذين يديهم ملوثة بالدماء.
  • معاذ الخطيب: (أخي) المفاوضات لا تعني التنازل عن الحقوق، المفاوضات هي للخروج بالحد الأدنى من خراب البلد.
  • المذيع: سؤال لأحرجك. تتوقع أن من يقول انتم من؟ أنتم لا.. يعني بمسخرة … أنت رعيتنا ، رعيتنا يعني خرافنا.. أنت في مزرعتنا. لستم مواطنين. ويرفض أن يقول أنك مواطن أو شريف. فهل تتوقع أن هؤلاء يعني بعد ما جرى وبعد أن شاهدوا صمود الاشعب الاسطوري وأنهم قريباً منتهون وأنهم ساقطون باذن الله. هل تظن بأنهم بدأوا يراجعون معلوماتهم، طريقة تعاملهم مع الناس، ويقبلوا مثلاً أن يعملوا فترة انتقالية يخرج مثلاً بنهايتها رأس النظام بشار الأسد خارج سورية أو أنهم لازالوا متعنتين وفي المرض النفسي الذي مازالوا يعيشونه.
  • معاذ الخطيب: طيب (أخي) رغم أن السؤال محرج سأقول: له شقان. الشق الأول لا أظن أن النظام سيستجيب لأن الصَلف والغرور الموجود عنده غير مسبوق! ولكن، من الناحية السياسية والعقلية والشرعية…
    المذيع: لا يمكن إلغاء دور الدبلوماسية والحوار.
  • معاذ الخطيب: أخي نحن دائماً يجب أن نُبقي هذا الباب مفتوحاً. لعلها قد تأتي لحظة من اللحظات لا يكون هناك خياراً آخر حتى النظام، ليس لاستيقاظ عقله لأني لا أظن أن النظام يملك عقلاً سليماً وهو يدمر بلده بهذه الطريقة، ولكن لاستيقاظ مصلحته الأخيرة، أن يفاوض. وعندها فيجب أن يوجد من يفاوضه، ليس على بقائه وإنما على رحيله بأقل الأضرار والخسائر لأنه ترى ما حصل في البلد. فهو ليس أمراً لتوطيد شرعية النظام لأنه فقد شرعيته عند الجميع في الداخل والخارج. النظام انتحر بصراحة ونحن حزينون على ذلك لأن مطالب الشعب السوري كانت بسيطة جداً وكان النظام (سبحان الله) يستطيع أن يكسب الشعب بخطوات بسيطة. ولكن هذا الصلف والتكبر وأقول لك يعني مثل المخدرات، صار عندهم تأليه لأنفسهم (بصراحة). فهذا الذي ساق سوريا إلى هذا البلاء. وأنا لا ألوم أي شخص يتصرّف بأي تصرّف الآن. يعني الشعب يُدمَّر بالليل والنهار وأقول له (أخي) اصبر أكثر!!!
  • المذيع: صحيح. طيب حتى لا يصير هناك التباس، هل ممكن أن أطلق على الشيء الذي سميته حضرتك تفاوض… ترتيب على طريقة الخروج؟
  • معاذ الخطيب: ترتيب الرحيل.
  • المذيع: ترتيب الرحيل. لأن تفاوض تحتمل تنازلات وتحمل يعني تسويات بين الطرفين. فيعني إذا تسوية الرحيل.
  • معاذ الخطيب: نعم نعم.
  • المذيع: طيب هل فاوضوك وأنت في السجن لما كانوا ساجنينك؟
  • معاذ الخطيب: لا لا.
  • المذيع: هيك بس ؟!
  • معاذ الخطيب: حتى أنا بصراحة لا أعرف حتى الآن ما هو سبب اعتقالي.
  • المذيع: طيب وقت اعتقالك ، ما أحد من الضباط في الفرع الأمني ناقشك أو حاورك. بأنه ليش هيك عم تطرح؟ وشو كذا؟ أو ليش كنت بذاك المكان الذي اعتقلوك منه؟
  • معاذ الخطيب: لا لا. يعني كانت أسئلة عامة جدا جدا جدا. يعني ما علاقتك بفلان، ماذا تفكر عن فلان؟ أطلعت بالمظاهرة الفلانية. أسئلة يعني ما لها قيمة أبداً. لأنه أعتقد أن الجهات التي تعتقل أحياناً ليس لها علاقة أبداً بالقرار. هم مجرّد منفذين وقد يكون الكثيرون منهم حقيقة يتألمون لذلك. يعني اقول لك بكل صراحة. يعني سأذكر مثالا، أحياناً (سبحان الله) تدمع عيني له: كان هناك سجّان جلف غليظ، وطبيعتي (سبحان الله) ، هكذا تربينا في مجتمعنا أن هؤلاء بشر في النهاية وهم مسجونون أكثر منا، فانا سجين أتوق إلى الحرية وهم سجناء (سبحان الله) راضون بالعبودية لا يستطيعون الخروج منها. فكنت دائماً (سبحان الله) والله عندما يعطيني رغيف الخبز أقول له يسلّم دياتك. أحياناً أقول له ادعُ لي عمّو. فينظر إليّ بتهجّم. فبعد أيام كثيرة وهو يناولني زجاجة ماء على ما أذكر، أنا كنت حقيقة في كرب وفي ضيق، قلت له عمّي ادعُ لي الله يفرّج عنّي. فوالله مثل أعين الأطفال البريئة نظر إلىّ وقال: الله يفرّج عني وعنك وغض نظره ومشي.
  • المذيع: الله أكبر.
  • معاذ الخطيب: أخي شعبنا مقهور حقيقة الكبير والصغير مقهور. وأنا أتمنى وأرجوأن بقية العقلاء، أخي ما في شيء كله كتلة فساد أو كله كتلة صلاح، وأنا متيقن أن في داخل هذا النظام المتآكل المغرور أناس تعرف الصواب وهي تتوق إلى الحرية أكثر منا لأنها رأت ما لم أره لا أنا ولا أنت. فهؤلاء أنا أتمنى أن يبقوا ممسكين في داخل قلوبهم الحق ولا يتخلوا عنه وستأتي فرصة ليخدموا البلد. ولا يظن أحد أننا نعادي كل إنسان في سلك معين، نحن نعادي الظالم ونحن نعادي الفاسد ومن لم يتورط بدمنا فنحن نضعه على رأسنا وهو أخونا.
  • المذيع: إذاً رسالتك أن الانتقام أو العقاب الجماعي مرفوض؟ ما أحد يتحدث عن معاقبة مدينة أو وزارة لأنه فيها شخص فاسد. الأشخاص الأفراد فقط يطالهم القانون وفق تصرفاتهم كفرد وليس لإنتماءاتهم لأي مجموعة.
  • معاذ الخطيب: أخي الكريم، يعني أعظم من كلام الله لا يوجد. وبالقرآن الكريم “ألّا تزر وازرة وزر أخرى”  ليس ذنب الإنسان أن يكون أخوه مسؤولاً أمنياً. ما له علاقة. ليس ذنب الإنسان أنه ولد عربي أو شركسي أو يكون مسيحياً أو يكون مسلماً أو يكون علوي. هذه الأمور (سبحان الله) شاء الله أن تكون في الحياة فلا يجوز شرعاً ولا قانوناً ولا أخلاقياً هذه المعاقبة الجماعية. وأنا أنبّه كل من تحرك في الساحة: لا نريد أن نتمثّل وأن نتبلور ضمن أخلاق هؤلاء الناس. هم يقومون بعقوبة جماعية. وأنا أقول عن أمر مؤلم جداً وأطلب من كل من يشارك به ألا يشارك به كي لا يفتح أبواباً على نفسه وعلى غيره، فليس من المعقول عندما تدمر مدينة بطريقة وحشية أن تخرج من الحي المجاور له من مجموعة ثانية من الناس فيرقصون ويدبكون رجالاً ونساءأً. هذا أمر معيب. أنا أفهم كيف يدخل مثلاً جيش متعود على القسوة وعلى البطش نتيجة …
  • المذيع: ….نتيجة أوامر.
  • معاذ الخطيب: مع رفضي الكامل لذلك. أما أن يكون هناك احتفال إجتماعي فهذا يفتح باب شر كبير لا يمكن إغلاقه، والإنسان يُحاسب بفعله، ولا يحاسب بانتمائه والذي يجر الناس إلى هذا الموضوع هو المسؤول عنه. لا يوجد في الساحة أخي الكريم – وأنا أتكلم بكل ثقة – حتى الذين يحملون السلاح لا يفكرون بالانتقام الجماعي لأن هذا غلط أخلاقي وشرعي ولا يمكن قبوله ولكن أنتم الذين تقررون ذلك وليس أنا أقرر. لا توصلوا الناس إلى هذا السدّ.
  • المذيع: ما جرى في قدسيا وحرستا يعني يجب ألا يتكرر. العقلاء من كل مكونات المجتمع السوري قادرة على ضبط الأفراد وعناصر الناس الذين لهم احترام عندهم من أجل أن لا تتكرر مثل هذه الظواهر التي تثير كثيرا من الأحقاد والأمور الدفينة في المجتمع والتي لا يريد أحد لها أن تظهر. سوف نستمع من معاذ الخطيب بعد الفاصل كيف كان في فرع فلسطين عندما تم تفجير فرع فلسطين. فابقوا معنا.

====  فاصل عند الدقيقة 16:07   ====

  • المذيع: مرحباً من جديد يعني كيف كنت مسجوناً في غرفة مغلقة بفرع فلسطين وقت التفجير.
  • معاذ الخطيب: نعم
  • المذيع: كيف؟
  • معاذ الخطيب: يعني طبعا استدعيت في مقابلة ما ففوجئت بإدخالي إلى غرفة بيضاء فيها سقف مستعار و فيها بطانيتين، يوم … يومين… ثلاثة، فأنا حقيقة ضجرت فقلت (أخي) حققو معي!! فصار تحقيق بسيط جداً. يعني لم أتوقع أن تكون الأسئلة بسيطة. ولكن لا تبخسو الناس أشياءهم فقد كان التعامل الشخصي معي لطيف، وإن كانت طريقة العزل بصراحة ما كنت متوقعاً آثارها، يعني سببت لي فقدان للنوم لأنه (أخي) ما في غير ضوء وكاميرا فوق رأس الإنسان (غرفة عزل). باليوم الثالث عشر تقريباً كان هناك بطانية وبدي صلي ركعتين، فما وجدت غير أنه حصل صوت قوي جداً وانكسر قفل الباب وبدأ الغبار يملأ الغرفة فأنا بصراحة ترددت هل أخرج؟ لا أخرج؟…..
  • المذيع: بجوز ملعوب؟
  • معاذ الخطيب: ما بعرف بس يعني في لحظات تردد، وما مضى على ما أظن عشرين أو  ثلاثين أو خمسين ثانية فحصل الانفجار الأساسي. طبعاً رأيت هذا الأمر فقط في توم جيري وحصل معي. طرت أنا والباب الذي انقلع من جذوره ، واصطدمنا بالحائط المقابل. طرنا لنصطدم بالحائط المقابل. وانهار سقف الغرفة المستعار وانقطعت الكهرباء فصارت الغرفة حقيقة مثلما إذا الإنسان وضع رأسه في كيس من الطحين والصوت الذي حصل! لأنه (أخي) كانت الغرفة في الطابق الأول وبعيدة عن باب الفرع خمسين  لستين متر على ما أقدّر. أنا لم اتصور بحياتي أنه في الدنيا مثل هذا الصوت من القوة. يعني كما يقولون تشهدت وصليت صلاتي الأخيرة وتذكرت بعض أطفالي وأيقنت بالموت حقيقة. بعد ثوان وجدت أني لم أمت (سبحان الله) فوراء الغرفة كان هناك حمام صغير فتذكرت أنه بدي اتنفس، و تذكرت أنه في فتحة صغيرة فسارعت ووثبت إليها وصرت (ها….استنشق) آخذ الهواء واغسل رأسي بالماء قبل ان تنقطع لأنه انقطعت بعد دقائق. فوجئت أنا بهذا طبعاً شكلي صار كأني شبح مغطى…
  • المذيع: ببياض؟
  • معاذ الخطيب: لا ليس أبيض، رمادي. وفوجئت بشخصين موجودين. ففي الغرفة التي قبلي والتي قبلها كان في شخصين معناها معتقلين. والتي قبلها كان في سيدة فخرجوا الثلاثة ولولا (يعني) تحطم الأقفال بوضع الانفجار لمتنا اختناقاً. يعني أنا كنت أعرف أين كنت موجوداً ولكن الأشخاص الآخرين قالوا نحن أين. مختطفين من أمكنة ما وموجودين هنا. خرجنا فحتى بصراحة يعني صار يخرج الدم من كثرة الغبار فالتنفس كان مرهقاً جداً جداً. في غرفة تحقيق (بصراحة) انهار جزء من جدارها وجزء من حائطها السميك فجلسنا هناك وصار تغير في الهواء شيئا ما ودخل بعض الهواء والتقطنا أنفاسنا. فات الشباب، طبعاً يحملون الأسلحة، والله أنا أقول ذلك ما حصل وليس الآن شيء أضيفه، أخي نحن الثلاثة والله وقت دخل هؤلاء عناصر الأمن (أخي) قلنا لهم يا شباب لا تأكلوا همنا أرجوكم إذا في شيء نساعدكم (أخي) نحن إخوتكم لأنه الآن ليس موطن عداوة نعم نحن نعادي النظام لظلمه وفساده بس هؤلاء (أخي) شباب بسطاء مفروزين للعسكرية. فهذا ابن جيراننا، وهذا ابن حارتنا، وهذا أخونا وهذا من مدينة تعز علينا، كلهم من أبناء هذا البلد فنحن يعني لا نريد أنه (سبحان الله) نظهر توحشنا في تلك اللحظة لأن هذه أخلاقنا، وبعد ذلك سنتابع طريقنا ولنطالب برحيل هذا النظام بس هذه اللحظة هي لحظة مروءة. وحتى أزيد المشاهدين علما مرّ معي في السيرة النبوية أنه مرة النبي صلى الله عليه وسلّم في غزوة من الغزوات، في الصباح يتقاتلون وفي المساء يضيفون بعضهم بعضاً. لأنه سوف يعترض الآن بعض الأخوة. قال لك هذا نظام فاسد، لك شلون ترضى هيك واحد تعرض عليه مساعدة؟! أخي هذه أخلاقنا نحن حتى المسيح عليه السلام و ما ورد عنه إذا ضربك أخوك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر. هناك أخلاقيات معينة يجتمع عليها كل المكونات الصحيحة والأديان والأخلاق التي نحملها نحن بشكل عميق جداً في مجتمعاتنا. فنحن قلنا لهم يا شباب ما تاكلوا هم لأنهم (أخي) جايين حقيقة هالشباب الصغار فزعين، فالانفجار حقيقة مروّع -بغض النظر لا أعرف وما عندي معلومات من صنعه! ناس قالوا الدولة وناس قالوا الجهة الفلانية, لا أدري- بس كان (أخي) لحظة ألم شديد للكل. فقلنا لهم يعني يا جماعة في شي كذا لا تاكلوا همنا. طبعاً بعضهم قال يا جماعة أدعوا لنا الله يفرّج عنا وبعضهم (أخي) نظر إلينا ، يعني، باحتقار (بدكن حرية، بدكن حرية)…. طيب يا أخي هذا موطن كدنا نموت وفوقها بدك تزاود علينا في هذه اللحظات. بقينا حوالي الساعة ثم أنزلونا من الطابق الأول إلى الطابق التحتي. الغرف مفتوحة أبوابها والماء يغمر الأرض، والأسقف المستعارة منهارة، التكييف يعني سقط على الأرض. فعلمنا فيما بعد (يعني) فتح أبواب أحد الزنازين، فخرج السجناء وكسروا أقفال بعض الزنازين الأخرى وحاولوا الخروج إلا أنهم يعني حاوطوهم وأخذوهم مرة ثانية وأخذنا إلى فرع بعيد بضع مئات من الأمتار.
  • المذيع: نعم، طيب هذا موقفك هل يمكن أن ينسب لطريقة دراستك والإسلام الشامي المنفتح والمعتدل.
  • معاذ الخطيب: يعني (أخي) أنا لا أعتقد هو طريقة دراسة بمقدار ما هو مكوّن (أخي) ديني واجتماعي نحن نعيشه من زمان.
  • المذيع: إذاً زاوجت بين المكون الاجتماعي…
  • معاذ الخطيب: نعم هكذا نعيش نحن.
  • المذيع: بسبب تعدد مكونات المجتمع الذي عشت فيه والبعد الديني.
  • معاذ الخطيب: سأقول لكم عن أمر قرأته في كتاب ابن بطوطة. كان يقول منذ وقته “ودمشق لا يضيع فيها غريب ولا طالب علم” هي بلد دائما مفتوحة للناس (ويعني أهل الشام أو أهل دمشق) يحبون البشر كلهم، أهل سورية كلهم يحبون الناس. وحتى سأذكر لكم أمراً طريفاً: كان عندنا طالب في إحدى المعاهد مكث عندنا خمس سنوات، قال لي أنه ما من يوم من الأيام أكلت في بيتي، فأينما ذهبت أُدعَ إلى بيتٍ حتى ولو أن الناس لا يعرفونني، بعدها صار له مركز وحظوة في بلد آخر، قال لي خمس سنوات ولم أدع إلى بيت أحد وأنا ذو مكانة بينما كنت في الشام طالباً (درويش!). فمكوناتنا (أخي) عندما نرى قطة مريضة ونحن نمشي في الطريق نقول يا حرام وتتألم قلوبنا عليها. فكيف تألمنا على البشر وحتى (أخي الكريم) بالقرآن الكريم ” يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون”.

يعني نحن، الذي ينحرف على الباطل لا تظن أننا نشمت به فنحن نزعل عليه. والأنبياء كلهم جاءوا وضحّوا، فمنهم من قتل ومنهم من عذِّب، من أجل أن ينقذوا البشر. فهذا هو أصل ولب الدين فيما أعتقد وكل الأمور الفرعية هي أمور تتمم هذه الرسالة الأساسية وليس في الدين التشفي بالمعنى الموجود عند العوام.

لا وطبعاً أخي حتى العوام عندنا، والله يعني أنا أحمل هذا النظام مسؤولية تخريب أخلاق وبنية هذا الشعب، شعبنا طيب شعبنا متسامح شعبنا رحيم،  فمهما كان مكونه طوال عمره عايش مع بعض ماعنده مشكلة وحتى عندنا بالقرآن الكريم “فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون”

نحن في الحياة الدنيا مأمورون بالعدل والتسامح وعمل المعروف فيما بيننا، وهذا أمر أخروي أنا أتبع الإسلام وأعتقد الإسلام حق بس أنا لا آتي وأنصب نفسي قاضي على الناس فأرسل فلان إلى جهنم وفلان إلى الجنة أنا أقول ياجماعة رب العالمين قال لنا هذا الطريق صح وهذا الطريق غلط و الذي بيمشي غلط هو الذي يتحمل عاقبة أمره و الذي بيمشي صح يكافئ على ذلك، بس أنا واجبي في الدنيا الإحسان.

  • المذيع: دعاة المقاومة المدنية من شيوخ ورجال دين هل هم الأكثرية أم الأقلية؟
  • معاذ الخطيب: والله سأقول لك يا أخي أغلب الناس ما عادت تتحمل النظام ولكن أنت تعرف أكثر مني (أستاذ أيمن) أن الناس كلها مقموعة. صدقاً هناك أناس في داخل أجهزة الدولة تتكلم عن النظام في مجالسها الخاصة بأكثر مني ومنك لأنها تعيش المأساة أكثر مني ومنك فالناس كلها تريد التخلص من الفساد والظلم. والله ما عندنا مشكلة شخصية مع أحد في البداية هم الذين فتحوا الأبواب وهم الذين يبلورون الأمور بطريقة سيئة جداً. أنا ألومهم كيف يحرقون كل زوارق النجاة. هذا غير معقول أبداً … هل هناك دولة توفر العدو الذي تزعم التصدي والمقاومة له ! أنا ليس عندي اعتراض على السياسة الخارجية المعلنة لسوريا أبداً وأنا أراها عين الصواب ونحن معكم في أنكم محور ممانعة ونحن جنود في مسيرتكم ضد الامبريالية العالمية، وحق لكم بل واجب عليكم أن ترفضوا أي تدخل خارجي، لكن لو أنفقوا خمسة بالمئة مما بذلوه حتى الآن ضد الشعب لكانوا حرروا فلسطين بل الأندلس.
  • المذيع: أنا أعجبني تعبيرك: السياسة الخارجية المعلنة لأن ما يجري تحت الطاولة مختلف فاليوم كان هناك تسريب عن وثائق ومراسلات بين بشار الأسد ونتنياهو بخصوص مفاوضات السلام ومنها ما جرى في تركيا حيث كان ممكن التوصل لاتفاق سيوقع عام 2010 لولا الثورة السورية وبالتالي المعلن نؤيده كما قلت لكن الباطني هو مصيبتنا معهم.

هل استطاع هذا النظام الأخطبوطي أن يمد يديه وأصابعه للمؤسسة الدينية وأن يجعل موالين له ويستقطبهم من داخلها؟

  • معاذ الخطيب: يوجد أكيد فالمؤسسة الدينية يوجد منها من هو فاسد حقيقة فكما يوجد في جهاز الدولة من هم فاسدون بالرشوة وكل أنواع الفساد حقيقة وطبعاً هذا معيب أكثر لأن رجل الدين عندما يتورط بهكذا مسألة فهو أمر شنيع به أكثر من غيره، فهناك جزء معروفة أسماؤهم ولا نريد التعرض لهم بالاسم والجزء الأعظم هو جزء مغلوب على أمره حقيقة، يعني في داخل نفسه يعرف الحق والباطل ولكن من شدة بطش النظام يقول دعني أتعامل بهذه الطريقة أحسن من أن تصير مشاكل أكثر. النظام خلال أكثر من خمسين سنة أفقد الناس الشجاعة على التمرد بصراحة فجعلهم كلهم يتكيفوا. هناك الكثير من الناس يسألون لماذا أهل الشام يتعاملون بهذه الطريقة؟ لكن الشام ليست فقط في هذا الوقت فمنذ أكثر من ٢٠٠ سنة مر على الشام أحد الولاة حرم أكل القطايف يا أخي شيء عجيب… الرجل كان مجنوناً كما يوجد الآن كثير من المجانين. المشكلة أن الجسم الديني تكيس وتكيف حتى يسير أموره الإيجابية والسلبية ولكن هذا الأمر صار جزءاً من العادة. فأحدهم يكيف نفسه لمسجده لكن هناك حقوق للناس لكن حقوق الناس أكبر من مسجده فهو يكيف نفسه لضمان مصالح جماعته أو معهده لكن حق الأمة أكبر. ففي الحالات الفردية أعذره كما أعذر كل الناس لكن عندما يصبح الأمر قضية أمة بكاملها فلا ينبغي أبداً البحث عن الذات فالكل يجب أن يضحي من أجل مصلحة عامة، فهناك البعض من الإخوة يقول إذا تكلمت أصابني الضرر من الدولة، لكني لا أطالبهم بمهاجمة الدولة فقط أيقظ الخير والحق في نفوس الناس، فكان ردهم إذاً سيضعون علي ملاحظة ولربما أفقد المنبر، لكن ما أهمية المنبر دون ذلك؟ وبالناقص من بعض من يقبل الأيادي.
  • المذيع: ما الفائدة من المنبر إن لم يتكلم الخطيب بما يقتنع به؟!
  • معاذ الخطيب: ليس من المعقول أن يصعد أحدهم للمنبر ويثني على النظام فإن جلست معه كال لهم السباب وقال أنهم يضغطون عليه. لكن يا أخي أجدهم هو حبل النجاة إن ضاع الناس قال تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيِّنُّنه للناس ولا تكتمونه) آل عمران ١٨٧ـ  فهذا واجبهم وأنا أحترم الشخص الذي يستقيل ويجلس في بيته قال تعالى (لا يكلف الله نفسأً إلا وسعها) البقرة ٢٨٦ ـ  أما أن يقلبوا الباطل إلى حق والحق إلى باطل أو أن يسكتوا عن الحق فهذه مشكلة كبيرة وأنا لا أطالب بما هو فوق الطاقة. أحد إخواننا يتصور أنه إما أن يهاجم الدولة أو أن يسرف في الثناء عليها. لكن إن أبقى أحدهم الخير والاستقامة في نفوس الناس بشكل جيد فهذا عمل عظيم جداً ضمن ما تطيق، فمن استطاع أن يعلن الحق فأفضل، ومن استطاع فضح الباطل فأفضل، لكن على الأقل لا تغير الحقائق وهذا هو الحد الأدنى المطلوب.
  • المذيع: هل تعتقد أن النظام بدأ يعمل بشكل مكثف من أجل استقطاب رجال وعلماء الدين من بعد أحداث حماة عام ٨٢ لأنه شعر بأهمية استقطابهم أم ليس هناك ارتباط؟
  • معاذ الخطيب: من بعد الثمانين أصبحت الأمور أكثر تبلوراً لكن حزب البعث من أول أيامه يستخدم رجال الدين وكل طوائف المجتمع كالسياسي والاقتصادي والديني. فقد حدثني أحد المقربين من النظام أنهم لم يتركوا فيهم قائداً ولا أي كبير في المجتمع. أعجبني في نيجيريا أن رئيس الجمهورية يلقي خطاباً بمناسبة الاستقلال ومن ورائه عدة رؤساء جمهورية سابقين وأحدهم أخرجوه من السجن لـ (24) ساعة فقط احتراماً له ليحضر الاحتفال أمام الناس ثم أعادوه في اليوم التالي (هو أوباسانجو) كان هناك عدة رؤساء وزراء هناك. لبنان رغم وضعه المهلهل فيه عدة رؤساء وزراء بحيث لو حصل فراغ فهناك من يسد الفراغ بغض النظر عمن هو الأصلح الآن، أما نحن فليس عندنا أحد فلدينا نوع من الاستقطاب في كل الأمور بشكل غير معقول.
  • المذيع: سياسة النظام تقوم على أنه يوجد شخص واحد له هالة قدسية هو رئيس الجمهورية في حالتنا اليوم هو بشار الأسد، وفي الحالة السابقة كان حافظ الأسد وفي الدرجة الثانية لا يوجد أحد وفي الثالثة لا يوجد وفي العشرين يوجد أشخاص صغار. وكان هناك نكتة تقول أن رئيس الوزراء -كمثال الزعبي والعطري – اللذان كانا رئيسا مجلس شعب – لو رشح أحدهما نفسه لما حصل إلا على بضع الأصوات فكيف وصلا لمنصب رئيس الوزراء؟! بالتالي سنتكلم عن خطط النظام من أجل هذا الاستقطاب بعد الفاصل فابقوا معنا.

==== فاصل عند الدقيقة 31:00 ====

المذيع: مرحباً من جديد …. هل كان هناك خطط ممنهجة لعملية استقطاب رجال الدين سواء من الدين الإسلامي أو المسيحي بمختلف المذاهب، حيث أعطوهم مزايا كثيرة وتسهيلات عديدة لكي يتمكنوا من استقطابهم، فهل غير هذا من المناخ الديني الحقيقي في سوريا برأيك؟

  • معاذ الخطيب: سوريا كلها بجانبها الديني وغير الديني أصبحت في تخلف شديد. عندنا مثلاً تجار نشيطين جداً ولدينا طاقات دينية رائعة جداً جداً لكنها مكبوتة، ولدينا شبابً صغار يدهشني وعيهم السياسي لكن ليس لديهم فرصة. لكن بالتأكيد مع الوقت تغير المزاج الديني لمصلحة التسبيح بحمد النظام أو إرساء جذوره وقواعده، لكن الدين كل متكامل وهناك أجزاء منه لم تعد فاعلة وشرحها يتطلب حلقة كاملة منفصلة، فالدين له سلوكيات وأحكام معينة وله لب، وباعتقادنا جميعاً أن الكل يجب أن لا نقصر به، فمثلاً الصلاة يجب أن نحافظ عليها لكن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له) فالشخص المؤذي الذي يأكل المال الحرام ويسيء إلى الكل فما فائدة صلاته! وهذا كله وارد في آيات وأحاديث متواترة فمثلاً حديث (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (الراوي أبو هريرة ـ المحدث الألباني ـ حديث صحيح) ما فائدة صيام ظاهره فقط جفاف اللسان ؟؟ فللأسف تحولت الظاهرة الدينية إلى ظاهرة شكلية ، حتى بصراحة الدولة فتحت معاهد كثيرة لتحفيظ القرآن … شيء طيب .. ولكن هل المقصود منه فقط زيادة أعداد الحفّاظ .. هذا أمر طيب .. و لكن أنا أريد لُب في المجتمع، أنا أريد الإنسان المتدين  أن يكون ذو توازن في المجتمع لا عامل قلقلة ، فالدولة استخدمته بصراحة منظمة بعثية دينية، مثلما عندهم اتحاد شبيبة الثورة والطلائع و اتحاد الفلاحين في منظمة (أخي)….
  • المذيع: منظمة أوقاف الثورة ..
  • معاذ الخطيب: مثلاً .. منظمة تدعم توجهات الدولة ، هذا الأمر كل دولة تحاول أن تفعله لكن لو كانت الدولة أكثر عقلاً لشجعت المناخ الديني المتوازن حتى تستفيد منه و تتوطد الدولة كلها ، للأسف الشديد البلدان الراقية في تفكيرها تعتبر أن الشعب عندما يكون قوياً تكون الدولة قوية ، أما الأنظمة البدائية المتخلفة تعتبرأن جهازها الخاص عندما يكون قوي تكون البلد قوية ، يا أخي هذه الأجهزة تنتهي و أفرادها زائلون، أما الشعب فاتركه ، الدول القمعية و الدكتاتورية تعتبر أنه إذا كان جيب الحاكم مليء فإن الدولة قوية ، الدول القوية حقيقة إذا الشعب قوي. (أخي) الرئيس الجمهوري لا يحس أصلاً وليس له حاجة أن يمده يده ليأخذ درهم واحد، خلص شعبي بخير أنا بخير ، فهم استخدموا المؤسسة الدينية بهذا الشكل وعن طريق المقايضات و في ناس نفوسها ضعيفة و بصراحة طفى على السطح طبقة (يعني) ليست أهلاً ، يعني شيء مخجل أحياناً. أنا خطيب مسجد والله احياناً أخجل من بعض الخطب، مو معقول مثلاً مثلما حصل في أحد الأحياء في كفرسوسة عندما هدمت حارات بكاملها فيأتي خطيب أحد المساجد مثلاً ليقنع الناس بأن هذا امر .. و اصبروا و تصبروا .. ، أخي الصبر على الظلم في مثل هذه الحالة (أنا أعتبره) تمرد على الدين كله ، الدين ما أتى ليهادن الحكام ، الدين يأمر بالصبر من أجل المصلحة العامة ، حتى في أمور بدها حلقة دينية ،ففي حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام : (إذا الحاكم جلد ظهرك و أكل مالك فاصبر) أخي هذا يكون بحالة وحدة ، عندما يكون المجتمع فيه مؤسسات لضمان الحقوق ، فيقول لك الإسلام لا تساوي فتنة في هذه اللحظة لأن حقك ستاخده .. أما وقت يكون (أخي) …
  • المذيع: أما لما تكون المؤسسات مصادرة لمصلحة الحاكم
  • معاذ الخطيب : أما وكلها مصادرة (أخي) أما رفعك لصوتك بالحق .. فهذا سيد الشهداء الذي يتصدى لهذا الأمر ، و( من أعظم انواع القرب سيد الشهداء و رجل قام إلى إمام جائر فأمره فنهاه فقتله) ، أخي الأمة مستباحة حقيقة ، شيء محزن… أنا سأذكر لك حادثة حدثت كنت أخطب مرة في مسجد مواجه كنيسة ، فأنا قلت والله عيب أنا خطيب مسجد وكنيسة مقابله و منضوج عليهم و بضوجوا علينا (كناية عن طيب العشرة و الجوار) ، فعلى الأقل نعمل نوع من الصيغة الإجتماعة و هذا أمر (أخي) محمود شرعاً و عقلاً و وطنياً و… فيعني قلت لا أذهب بنفسي حتى يكون الأمر فيه مساحة أوسع من التعامل ، فقلت لأحد المشايخ ، يعني كان وقت الميلاد أو رأس السنة ، خلينا نروح نزور جيرانا هون و نهنئهم و كذا ، فقال لي: هل أخذت إذن من الأمن!! ولا أريد أن أذكر اسمه ، شخصية معروفة ، فقلت عجيب!! أنا خطيب مسجد أريد أن أزور شخص جار على الأقل ، يجب أن آخذ أذن من الأمن!! صار الجسم الديني مقموع لهذه الدرجة، حتى في مثل هكت أمر ليقوم مايعجبهم ، أخي عجبهم ولاّ ماعجبهم هذا حقي الشرعي والطبيعي ، لك شو بدك فيني!!
  • المذيع: ممسوحة دماغه…
  • معاذ الخطيب: مو معقول يعني .. مو معقول !!!! ، فكثير من الأشياء ،  و بصراحة صار تركيز شديد (أخي) على أشياء جزئية، يعني مو معقول مثلاً مئات آلاف الشباب ينفقون سنوات طويلة من أعمارهم في دراسة أشياء عفو الله واسع فيها، (يعني) في حديث حابب أذكره ، مرة الشيخ الغزالي رحمه الله سأل بمحاضرة : يا أخوانا العبادات مهمة جداً والأخلاق مهمة جداً ، بس اللب أين .. الأولوية أين ؟؟ فكل الناس العبادات ، فقال الأخلاق أهم من العبادات فضج الناس، فقال لهم هذا ليس كلامي ، هذا كلام النبي عليه الصلاة السلام: إذ يقول في حديث صحيح (آية المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، و إذا أؤتمن خان، و إن صام و صلى و زعم أنه مسلم ) يعني هذه الخلاصة في النهاية تغلف بعبادات تدعم هذا اللب العظيم مثلاً ، فنحن للأسف أخي ليس فقط في سورية ، في كثير من الأنظمة القمعية يجير الدين في شكله السطحي تقريباً ، لا بأس أن يتشاجر الناس مثلاً، والله تأتيني أسئلة أحيانا أستغرب!!! ، من بلدان غربية بسبب هذا التسطيح الذي منشأه من عندنا بالأساس .. أتاني مرة سؤال مركز إسلامي: قال هل يجوز للمرأة المسلمة أن تقود سيارة؟ أن تحصل على رخصة قيادة سيارة؟ .. السؤال الثاني : إذا حصلت على رخصة قيادة السيارة فهل يجوز لها أن تقود السيارة ، طب يا أخي هذا وين؟! قال مع الدليل… ! فأنا بصراحة تلبكت من أين أحضر لك دليل ، يا أخي الأصل في الأشياء الإباحة، مو الأصل في الأشياء المنع، إنت بدك تجبلي دليل أنو ممنوع! بعدين وجدت حديث صحيح ، في صحيح البخاري ، (خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ )، لك والله الدين واسع …. الدين لا يتصادم مع حياة الناس الفطرية والبشرية والإنسانية، الدين يعني يواجه الحياة. مثلما كأنا قاعدين هنا على طرف النيل يضع جدران كي لا يحصل طوفان و إغراق للناس، لا يوقف الفطرة .
  • المذيع : هل أنت خائف من اللون أو الطابع الديني الذي تأخذه الثورة السورية و تأثيره على الأقليات ؟ و لماذا ؟
  • معاذ الخطيب: لا أبداً … أخي موضوع الأقليات بصراحة أمر واسع ، أريد أن أسألك سؤال ، الجيوش العربية كلها ما هي مناهجها الداخلية؟ علمانية كانت أو غير علمانية؟ ما كان هناك جيش يقول عن نفسه إسلامي ، و مع هذا (أخي) ففي حرب أكتوبر أو تشرين التحريرية، كانت صرخات الجنود … الله أكبر .. لأن هذا في أمر لا يتعالى عنه أي شخص ، (أخي) أنا كمسلم يمثلي (نداء الله أكبر) قيمة عظمى، المسيحي نفس القصة، الإسماعيلي ، الدرزي ، العلوي ….  كلمة الله أكبر محترمة عند الجميع ، فأنا (أخي) إذا شاهدت بيتي مقصوف ما أقول مثلا؟ تشي جيفارا؟ أو فيدل كاسترو؟ أو هوشي منه؟ أو ماذا أقول؟!  أنا أريد أن أخرج لأتحدى الظلم و بعد دقائق قد ألقى الله سبحانه و تعالى بدمي ، طالع أنا من أجل ماذا؟ أنا طالع أعتقد واجبي الشرعي أن أدافع عن بلدي ، و أن أرفع راية العدل و أرفع راية الحق ، فهذه أمور عفوية فطرية حولوها كأنها جريمة عندنا، و بصراحة هم يزيدون استقطابها ، ولا أخفيكم وسائل الإعلام الغربية تزيد هذا الأمر ضراماً، الآن في حملات شديدة … يا أخي متطرفين !! أخي سأذكر لك درعا التي أول ما خرجت فيها الثورة ، النساء كانت تطبخ لجنود الجيش الذي يدمر المدينة ، فهؤلاء مثل أولادنا … جياع ، لأنه جيش جوعان، يدخل على كل مدينة وفقط يريد أن يأكل! فهذا أخي شعبنا، لنفرض مثلا أني شاهدت أخي استشهد ، بدي قول الله أكبر، اذا اعتقلت بدي قول الله اكبر، اذا طالع للموت بدي قول الله أكبر و هذا أمر طبيعي ، قال لماذا تسمون أسماء الفرق والكتائب و كذا بأسماء بعض الصحابة؟ أخي النسيج العام للبلد هكذا هويته، يعني ماذا نسمي مثلاً (نسمي كتيبة فيديل كاسترو مثلاً!)، يعني مين بتزبط معو؟! يعني حضرتك بتقبلها (مخاطباً المذيع)! ما العلاقة؟ ما المكون؟  ما الشيء الذي يعطيك رمز؟ لأن هذه الدولة المهلهلة -للأسف الشديد- ما أبقت احتراماً حتى لنفسها ،
  • المذيع: لأي  رمز حضاري حديث ، دمرتهم كلهم ، لم تسمح أن يُكبر … أن نعود إلى السلف
  • معاذ الخطيب: والله شيء طبيعي .. تماماُ … مثلاً أن تشكل الناس أسماءها بمعاصرين، حتى رجال الإستقلال ، بدي أسألك سؤال ، قرأت أنت  في كتب التاريخ عن فترة مابعد الإستقلال ..هالرجال يلي مثل الذهب كانوا لسوريا .. يعني هل في طالب سوري يعرف ترجمة شكري القوتلي؟ فارس الخوري؟ هاشم الأتاسي؟ لطفي الحفار؟ هالناس يلي كانوا حقيقة محترقين على البلد بمستوى راقي و عظيم جداً، سوريا في الخمسينات كانت دولة راقية جداً، إقتصادها من أعظم … .. مثلا خالد العظم يعد مجرم عند النظام! هذا الرجل الذي كان ثريّاً جداً، كان يدفع من جيبه الخاص وقت تنكسر الميزانية السورية، ماكان يمد يده، شكري القوتلي أيضاً … ذكرلي الأستاذ هيثم المالح (رغم ناس يعجبهم ما يعجبهم) الذي كان المحامي الخاص له .. أن شكري القوتلي كان يبيع أراضيه بالغوطه ليعطي الناس الذي يقصدونه ، محسبين الناس رئيس الجمهورية مثل رؤساء جمهورية هذا الزمن عندهم بحر مصاري و يسكب على حساب … (أخي) ماكان ينفق إلاّ من الميزانية المسموحة له و بعد ذلك من جيبه الخاص و بعد ذلك مات و هو مديون!!  شيء عجيب جداً ..

هناك قصة أذكرها إلى الجيل هذا – ليعرف أين كنا – هاشم الأتاسي (رحمه الله) رجل مسن و يعتبر الأب الروحي للسوريين. في القصر الجمهوري البارد في الشتاء و الذي يقع في المهاجرين (منطقة مرتفعة من مناطق دمشق) .. فطلب أن يحضروا له مدفأة، اشتروا مدفأة، كم كان ثمن المدفأة يا أستاذ أيمن؟ ثلاثمائة ليرة سورية في أوائل الخمسينات، فهذا الرجل فزع!! و قال ان الناس ستقول عنا لصوص و نسرق الدولة! أرجعها الآن، لك ياسيدي شو رجعها! لا أستطيع هل تريد مدفأة شخص يعيش في الصحراء! هذه مدفأة تليق بالقصر الجمهوري! و حتى من الناحية الشرعية (أنزلوا الناس منازلهم) و هذا قصر جمهوري!! و مع كل هذا رفض الرئيس أمر الصرف (رفض و رفض) و أُرجعت المدفأة، و صار يأتي إلى القصر بربع حرام مقصوص من بيته من أجل ان يضعه على ركبه حتى ما يصقع و هو جالس من البرد! هذه الرموز أطفأها النظام إطفاءً حتى ينقل للجيل الجديد و يقول له مافي غيري! و أنه الملهم الأساسي بنظام بدائي و متخلف كمستحاثات ماقبل التاريخ!

بلدنا غنية .. بلدنا غنية بالرجال .. سابقاً و لاحقاً و سينبع الخير مرة ثانية فيها، وليس لدينا تطرف، التطرف يوجده النظام و هو الذي يحقن الناس، هو الذي يدعوهم بصراحة إلى التوترات وردود الأفعال .. و عندي ثقة أن هناك أزمة طبعاً قد يكون لها هامش أخطاء معينة، ونحن سنسعى – بكل جهدنا و مع أي إنسان و من أي تيار و من أي طرف – للحد من هذ الآثار و سيرجع الناس جميعا ليكونوا يدا واحدة ، هذه بلد فيها خير شديد جداً و لن تضيع ..

  • المذيع : هل تظن أننا نحن سائرين إلى دولة دينية بعد الثورة
  • معاذ الخطيب : أخي دولة دينية  بالمعني الذي يخيف الغرب …… (انتهى التسجيل)

 

مع الشكر الجزيل لكل من قام بهذا العمل…

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف صوتيات ومرئيات, مقابلات إعلامية. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.