الهجوم على القرضاوي إلى متى؟

ليس غريباً أن تتباين الأفكار ، ولكن المدهش أن هناك من يقفون دائماً على أشلاء الجماعات الإسلامية ورموزها ويوزعون الاتهامات والافتراضات ، وقد ساءنا أن ينبري بعضهم للحط مما يقوم به العلامة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله من دور رائد في لم شمل علماء الأمة (مما قد نتحدث عنه في مقال منفصل) وتقوية مرجعيتها ، ونعبر عن رفضنا للأسلوب غبر اللائق الذي يتحدث به البعض عن القرضاوي ، ومن فوق المنابر … اللهم إليك المشتكى …

القرضاوي.. مرتكزات دعوته وجبهاته الدعوية
20-10-2008
موقع الاتحاد

عرض / شريف علام
في هذا الكتاب سنتعرف على المرتكزات الدعوية للعلامة الدكتور يوسف القرضاوي التي انطلق بها عبر خمسة عقود من الزمن يثقف ويربي، ويفتي ويفقه، وينظر ويحاضر، كما سنتجول مع فضيلته في جبهاته التي تعددت وتكاثرت، يرمي في كل جبهة منها بسهم، يدحض الباطل ويعلي كلمة الحق.
وعبر صفحات كتاب ” القرضاوي.. مرتكزات دعوته وجبهاته الدعوية” – الذي صدر في القاهرة مؤخرًا عن مكتبة وهبة بقلم الشيخ أكرم كساب – سنرى كيف يعيش الشيخ القرضاوي الدعوة إلى الله قلبًا وقالبًا، منطلقا من مرتكزات ثابتة، هي فقهه الصادق لحقيقة الدعوة، حيث ينادي بفقه جديد، ليس هو الفقه بمعناه الضيق الذي تعارف عليه المتأخرون ولكنه الفقه بمعناه القرآني الذي يشتمل على ألوان الفقه، ويشمل قبل ذلك فقه آيات الله في الكون والمجتمع والأسرة، وفقه الموازنات وفقه الأولويات وفقه المقاصد، وفقه الاختلاف. كما سنرى بصمات القرضاوي واضحة في الدفاع عن الإسلام في جبهات متعددة كان – وما زال – في كل جبهة منها فارسًا من فرسانها معليًا راية الدين، منافحًا عن الحق، مكافحًا عن الشريعة ، ذائدًا عن العقيدة.
ينقسم الكتاب إلى فصلين: الأول بعنوان: مرتكزات الدعوة عند القرضاوي (9-125) والثاني: القرضاوي وجبهاته الدعوية (129-205).

مرتكزات الدعوة عند القرضاوي
وهي مرتكزات ست: فقه الموازنات، فقه الأولويات، فقه الاختلاف، فقه النصوص الجزئية في ضوء المقاصد الكلية، فقه الواقع، فقه السنن. يعرض لها الكاتب مبينًا أدلة الشيخ على كلاً منها لافتا إلى أنه ليس بدعًا في ذلك، كما يعرض لنماذج من فتاواه التي استندت إلى بعض هذه المرتكزات.

فقه الموازنات
ويعني القرضاوي بهذا الفقه الموازنة بين المصالح بعضها وبعض والموازنة بين المفاسد بعضها وبعض من حيث عمقها وتأثيرها، بقائها ودوامها، التقديم والاعتبار، الإسقاط والإلغاء. والموازنة كذلك بين المصالح والمفاسد إذا تعارضتا بحيث يعرف متى يقدم درء المفسدة على جلب المصلحة؟ ومتى تغتفر المفسدة من أجل المصلحة؟
ويرى القرضاوي أن غياب فقه الموازنات هو سد لأبواب السعة وغلق لأبواب الرحمة، وفرار من مواجهة المشكلات.

فقه الأولويات
ويعني القرضاوي به: وضع كل شيء في مرتبته بالعدل، من الأحكام والقيم والأعمال، ثم يقدم الأولى فالأولى؛ بناء على معايير شرعية صحيحة؛ يهدي إليها نور الوحي، ونور العقل.
ويقول في ذلك: إن آفة كثير من فصائل الصحوة الإسلامية هو غياب فقه الأولويات عنها، فكثيرًا ما تهتم بالفروع قبل الأصول، وبالجزئيات قبل الكليات، وبالمختلف فيه قبل المتفق عليه. كما يقرر أن هذا هو الحال عند عموم المسلمين أيضًا.

فقه الاختلاف
حاول القرضاوي أن يؤصل لفقه الاختلاف تأصيلاً شرعيًا مستدلاً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما اجتمع عليه أكابر علماء الأمة، وذلك في 19 ركيزة هي: الاختلاف ضرورة، الاختلاف رحمة وتوسعة للأمة، الاختلاف ثروة، رفع الخلاف غير ممكن، احتمال صواب المخالف، تعدد الصواب ممكن، المخطيء في الاجتهاد مأجور، لا إنكار في المسائل الخلافية، العدل مع الموافق ونقده بالحق، إنصاف المخالف، التعاون في المتفق فيه، التسامح في المختلف عليه، التحاور حول المختلف فيه، اعتبار المذاهب كلها على خير وهدى، الترحيب باختلاف التنوع لا التضاد، صلاة المختلفين في الفقه وراء بعضهم، اجتناب المراء واللدد في الخصومة، الأدب مع الكبراء والعلماء، التحذير من التأثيم والتفسيق والتكفير.

فقه النصوص الجزئية في ضوء المقاصد الكلية
ويعني القرضاوي به عدم وقوف الناس عند جزئيات الشريعة ومفرداتها وحدها، بل النفاذ منها إلى كلياتها وأهدافها في كل جوانب الحياة. ويتأتي ذلك بأمور منها: سعة الاطلاع على النصوص وخاصة الأحاديث والآثار، التعمق في أسباب ورود هذه النصوص وملابسات وقوعها والغايات المتوخاة منها، التمييز بين ما هو عام خالد فيها وبين ما بني منها على عرف قائم أو ظرف زمني موقوت أو مصلحة معينة. وغياب فقه المقاصد في نظر القرضاوي هو بعد عن روح الشريعة وعادة ما يؤدي إلى خلل الفهم وبعد عن الهدف.

فقه الواقع
ويعني به الفقه المبني على دراسة الواقع المعيش دراسة دقيقة مستوعبة لكل الجوانب، معتمدة على أصح المعلومات وأدق البيانات والإحصاءات، يقول: ولابد أن يتكامل فقه الشرع وفقه الواقع حتى يمكن الوصول إلى الموازنة العلمية السليمة، البعيدة عن الغلو والتفريط.
وغياب فقه الواقع معناه التخبط في الحكم، والخطأ في الفتوى والجمود في الفكر، والاستعجال في الثمرة، ما يؤدي إلى تعسر الداعية في دعوته وعدم النجاح في رسالته.

فقه السنن
ويعني به مراعاة سنن الله الكونية والشرعية والاجتماعية التي أقام الله عليها عالمنا هذا، وقضى بأنها لا تتبدل ولا تتحول. وتتميز هذه السنن – كما يقول القرضاوي- بالعموم فهي تنطبق على الناس جميعًا، بغض النظر عن آبائهم وجنسياتهم، فأي مجتمع أخطأ أو انحرف لقى جزاء خطئة أو انحرافه، ولو كان هو مجتمع الصحابة أو مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم، وحسبنا في هذا ما دفعه الصحابة ثمنًا لخطئهم في غزوة أحد. ومن السنن التي أفاض القرضاوي الحديث عنها في كثير من كتبه: سنن النصر ، سنة التغيير، سنة التدرج.

القرضاوي وجبهاته الدعوية
خاض الشيخ القرضاوي جبهات دعوية عديدة مكافحًا عن الشريعة، ذائدًا عن العقيدة، ومن أهم هذه الجبهات: مع العلمانيين، مع القوميين والوطنيين، مع أهل الكتاب، مع الحكام.

مع العلمانيين
انبرى القرضاوي للرد على هؤلاء في كثير من كتبه ومقالاته وخطبه ومحاضراته وأشعاره، مؤكدًا أن طبيعة الإسلام أن يكون قائدًا لا مقودًا، لأنه كلمة الله، ” وكلمة الله هي العليا”، يقول: والإسلام بطبيعته يرفض أن يكون له مجرد ركن في الحياة، وهو موجه الحياة وصانعها. يرفض أن يكون مجرد ضيف على العلمانية، وهو صاحب الدار.. وقد فند شبهات هؤلاء، ولعل أشهر كتبه في الرد على هذه الفئة:
الإسلام والعلمانية وجهة لوجه.
بينات الحل الإسلامي وشبهات العلمانيين.
التطرف العلماني في مواجهة الإسلام.
أعداء الحل الإسلامي.

مع القوميين والوطنيين
كان القرضاوي من أبرز دعاة الإسلام وقوفًا في وجه دعاة القومية العربية، لكنه مع هذا لم يكن ليسلب العروبة منزلتها ولا العربية مكانتها؛ فيقول: فالعروبة وعاء الإسلام وسياجه، والعربية لغته ولسانه، والعرب عصبته وحماته، وأرضهم معقله وحرمه.
ويُرجع أسباب رفضه للقومية للأسباب التالية:
دعاة القومية يعتبرون القومية دينًا وعقيدة.
ينادي دعاتها بدولة علمانية.
فكرة القومية تدعو لتفتيت الأمة الإسلامية.
القومية فكرة جاهلية رجعية تنكر الدين وينكرها الدين.
موقف العداء الصارم من التيار الإسلامي.
على أن القرضاوي لم يغلق باب الحوار بينه وبين القوميين، بل كان مشجعًا لهذا الحوار وداعيًا إليه، بل مشاركًا فيه.

مع أهل الكتاب
يعتبر القرضاوي أن الحوار صورة من صور التسامح مع أهل الكتاب يهودًا أو نصارى، وقد شارك فعليًا في عدد من الحوارات مع المستشرقين يهودًا ونصارى.
وحين يتوجس البعض من ذلك يقول لهم: “ومن إخواننا من علماء الشريعة من يتوجس خيفة أو يتوقع شرًا، من وراء هذه اللقاءات، ويرى أنها نوع من الغزو لنا، ومحاولة التأثير فينا، وكأننا نحن الطرف الضعيف الذي يخاف على نفسه، ولم لا يكون العكس؟ لما لا نكون نحن المؤثرين لا المتأثرين، والغزاة لا المغزوين، ونحن أصحاب الدين الخاتم، والكتاب المعجز.. ” أما الذين ” ظلموا وتجاوزا من أهل الكتاب – مثل اليهود الآن والنصارى في عهد الحروب الصليبية مثلاً – لا جدال بيننا وبينهم، إنما نجادل أهل الكتاب الذين لم يظلمونا ولم يتعدوا علينا، ولم يتجاوزا الحدود معنا”.
ويرفض الشيخ أدنى تنازل يأتي من هذا الحوار سواء في العقائد أو العبادات، ويضع أسسًا لهذا الحوار أهمها:
أن يكون الحوار بالحسنى.
التركيز على القواسم المشتركة بيننا وبينهم كالإيمان بالغيب، ووجود الله، والدعوة إلى مكارم الأخلاق.
ألا يسقط الحوار فريضة الدعوة التي كلفنا الله بها، والتأكيد على عالمية هذه الدعوة الخاتمة.
الوقوف معًا لمواجهة أعداء الإيمان الديني ودعاة الإلحاد والإباحية.
وبالنسبة لموقف الشيخ من ما يسمى بالتقريب بين الأديان فإنه من أشد الناس رفضًا لهذه الفكرة، أما بالنسبة لأعمال التنصير، والتهويد في ديار الإسلام فقد كان صوتًا للحق ينادي المسلمين أينما كانوا بالوقوف صفًا واحدًا تجاه هذه الهجمة الشرسة على أمتنا، كما أن كتاباته عن مكر وأفعال الصهيونية غطت على غيرها، وخطبه ودروسه في ذلك مليء السمع والبصر.

مع الحكام
يري القرضاوي أن الحكام الذين تسلطوا على رقاب الأمة اليوم فاقوا كل الطغاة على مر التاريخ. وهم في نظره ثلاثة أنواع: المرتدون، والمنافقون، والذين يعترفون بالإسلام دينًا للدولة وبالشريعة مصدرًا للقوانين مع التفريط في تطبيقها في بعض الجوانب.
وهنا يعرض الكاتب لرأي القرضاوي في مسائل منها: المطلوب من الحكام، تكفير الحكام، محاكمة الحاكم، الخروج على الحاكم وأسباب رفضه للخروج علية بالقوة ومتى يجيز ذلك.
وللشيخ كلمات قوية وجهها إلى الحكام منها:
يجب أن يؤمن حكامنا بأنهم يعيشون في أوطان الإسلام، ويحكمون أناسًا مسلمين، ومن حق كل قوم أن يُحكموا وفقًا لعقيدتهم، وأن تأتي دساتيرهم وقوانينهم معبرة عن معتقداتهم وقيمهم وتقاليدهم، وأن تصاغ مناهج التربية والتعليم وفقًا لها، وأن تسير أجهزة الإعلام والثقافة في اتجاه حمايتها وتثبيتها ونشرها، وأن توضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والداخلية والخارجية في إطارها، وفي خدمة أهدافها. أما أن يَدَّعوا الإسلام ويرفضوا حكمه، ويعرضوا عن قرآنه وسنة نبيه، ويتنكروا لشعائره، فهذا ما لا يقبله عقل، ولا يرضاه دين.

انظر ” http://www.iumsonline.net/articls/2008/10/17.shtml وهو موقع الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الذي يرأسه العلامة القرضاوي.

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف المناهج. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.