الداعية التركي فتح الله غولين من أكثر الدعاة تأثيراً

الكثيرون لا يعرفون عن جماعة النور في تركية شيئاً ، وهذه مقالة تتحدث عن شخصية الداعية الأستاذ فتح الله غولين ، وهو زعيم أكبر أجنحة جماعة النور التي أسسها بديع الوزمان النورسي رحمه الله، ومن المفيد الاطلاع على ماتقوم به، وكل أحد يؤخذ منه ويترك إلا صاحب المقام صلى الله عليه وآله وسلم. ولها آثار دعوية عالمية ومنهج خاص في التربية والدعوة.

مقالة كتبتها سها الريشة نقلاً عن موقع البي بي سي العربية / الأحد 03 أغسطس 2008

ركزت الأنظار في أواخر تموز/ يوليو على قرار المحكمة الدستورية في تركيا في القضية التي رفعها الإدعاء في البلاد ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم بتهمة تعريضه الجمهورية العلمانية إلى خطر لم تشهده من قبل.
نجا الحزب في النهاية من قرار الحل، ونجا معه عدد كبير من الأسماء الكبيرة من البلاد كرئيس الجمهورية عبد الله غول ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من الحرمان من العمل السياسي.
وسط التنبؤات والتحليلات التي شغلت الأسابيع السابقة على هذا القرار، كانت العلمانية تحارب ـ وتخسر ـ معركة قضائية أخرى ضد الداعية الإسلامي التركي الأشهر فتح الله غولين
وجهت لغولين قبل نحو عشرة أعوام تهمة تقويض الأسس العلمانية للجمهورية، غادر البلاد إثر ذلك إلى الولايات المتحدة، إلا أن المحكمة برأته في نهاية حزيران/يونيو الماضي من هذه التهمة، مما أثار التكهنات بقرب عودته إلى تركيا، وطرح تساؤلات حول ما قد يترتب على عودته.
ففتح الله غولين هو الشخص الأكثر نفوذا في العالم كما وجدت ـ لدهشتهما ـ مجلتا “بروسبكتس” و”فورين بوليسي” السياسيتان الرصينتان، بعد استطلاع للرأي تبعته في النهاية اتهامات لصحيفة “زمان” التركية بتزوير التصويت كي تضمن فوزه.

فمن هو فتح الله غولين؟
الداعية الإسلامي في منتصف العقد السابع من عمره، رائد دعوة الحوار بين الأديان والمؤلف لعشرات الكتب أغلبها حول التصوف في الإسلام ومعنى التدين والتحديات التي تواجه الإسلام اليوم.
ولد غولين في قرية صغيرة بالأناضول، في بيت يحب الأدب والعلم والدين، في فترة كانت العلمانية التي نشرها الزعيم التركي كمال أتاتورك تجعل الناس يتشوقون لممارسة الشعائر الدينية في النور.
لم يقتصر تعليم غولين على الدين والثقافات الشرقية فحسب بل امتد إلى الإطلاع على الثقافة الغربية بأفكارها وفلسفتها، وإلى العلوم الطبيعية أيضا.
وكان الأهم في التأثير على شخصيته تعرفه برسائل النور وبحركة طلاب النور، التي أسسها عالم إسلامي هو بديع الزمان سعيد النورسي.
ومع بلوغ غولين العشرين من العمر عين إماما ثم واعظا متجولا فجاب البلاد، وتحلق حوله الكثيرون مأخوذين بشخصيته ومغزى رسالته، وكانت لقاءاته هذه نواة حركته التي يتراوح عدد أعضائها بين ثلاثة وأربعة ملايين شخص من بين 72 مليون نسمة هم عدد سكان تركيا اليوم.
ويقول الباحث التركي محمد كارلي في جامعة أكسفورد إن حركة غولين، الذي يعتبره البعض مواليا للولايات المتحدة الأمريكية، كانت في إبان انتشارها معادية للشيوعية تدعو إلى إجراء بعض الإصلاحات التي لا تهدد الإسلام، وقويت شوكتها بعد الانقلاب الذي حدث في 12/9/1980 حيث استخدمت الاتجاهات الإسلامية من قبل الغرب لقمع اليسار .
غير أن جماعة غولين أصبحت أشد قوة واستقلالا مما أثار قلق السلطات التي أصبح بإمكانها الاستغناء عن هذه الجماعات مع الضعف الشديد الذي شاب الحركة اليسارية (قبيل انهيار الاتحاد السوفييتي).
وكان تقديم زعيم الحركة للمحاكمة بتهم أهمها التخطيط بسرية لوضع أتباعه في مراكز قوة داخل أجهزة الدولة مما يهدد بتقويض دعائم الجمهورية العلمانية، وهي القضية التي دامت في أروقة المحاكم لعشرة أعوام حتى كان قرار البراءة قبل شهر والذي يفتح الباب امام غولين للعودة إلى تركيا دون محاسبة أو مساءلة.

مظاهر قوة غولين
نجح فتح الله غولين في بناء شبكة من الأعمال لتمويل نشاطاته، وخاصة الكليات التركية المعروفة بمدارس النور والتي انتشرت بشكل واسع خاصة في دول الاتحاد السوفييتي بعد انهياره.
وقد دفع تخوف السلطات التركية من مدى انتشار نفوذ غولين إلى سحب الاعتراف بالشهادات التي تمنحها.
كما تمكن من تأسيس شبكة خدمات إعلامية وأهم وسائلها قناتا “سمانديول” أو “درب التبانة” العامة والإخبارية.
مظاهر السلطة هذه أثارت اتهامات لحركة غولين بأنها تشكل دولة داخل الدولة، وأثارت المخاوف من أن تشكل عودته نقطة انطلاق لاحتجاجات كالتي رافقت عودة الإمام الخميني إلى إيران وكانت العلامة على انهيار نظام حكم الشاه في إيران في أواخر السبعينات.
غير أن هذا التشبيه في نظر الكثيرين قاصر ومن بينهم ضيا ميرال الباحث الاجتماعي والذي يقول في صحيفة تيركيش ديلي نيوز الصادرة بالإنجليزية إن تركيا ليست بالهشاشة التي كانت عليها إيران ما بين أعوام 1977 ـ 1979.
كما لا يوجد هناك اتحاد قوى معارض لحكام البلاد كاتحاد قوى اليسار والشيوعيين ورجال الدين وتجار الطبقة الوسطى في إيران والذي خلقه سوء حال الاقتصاد وفساد الحكم والتدخل الخارجي في الشؤون الإيرانية، وإجماع هؤلاء على من يرون أنه أس البلاء في البلاد.
كما يرى ميال أن إمساك حزب العدالة والتنمية بمقاليد الحكم في البلاد بأغلبية 47% من الأصوات يجعل من المستحيل قيام ثورة أو تغيير فوري في تركيا، فالرأي العام منقسم ولا توجد هناك سلطة تستطيع الهيمنة وحدها على الحكم.
أورخان بياتلي الكاتب التركي الذي عرف غولين عن قرب يؤكد أن الإشاعات هذه والضجة الإعلامية التي ثارت حوله قد أخرت قرار عودته، وإنه إذا دخل لن يعلن عن دخوله وإنه لن يقابل أي صحفي كي لا يكون سببا في إثارة أي نوع من القلاقل.

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف ركن الدعوة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.