في الزمن القديم لم يكن يوجد في الدنيا رجل أفقر من دينار ، وهو عجوز عمره أكثر من ثمانين عاماً ، وكانت فيه علة معيبة جداً وهو أنه كان لا يعبد الله !
توقف دينار عند رجل تبدو في وجهه علامات الإحسان والكرم ، وقال :
هل يمكن لسيدي الفاضل أن يعطيني شيئاً من الطعام فإنني أكاد أموت من الجوع!
نظر الرجل إلى دينار متفحصاً شكله الغريب ، وسأله : من أين أنت؟
قال دينار : من بلاد النار !
دهش الرجل وقال : لعلك لست على دينهم الفاسد ، فقد سمعت أنهم كفار هناك!
باحترام شديد قال دينار : يؤسفني يا سيدي أن أضايقك ، ولكن الحقيقة أنني من الكافرين1
اقشعر جلد الرجل من كلام دينار ، وارتجفت شفتاه وهو يقول: أستغفر الله … أستغفر الله ..
ثم تابع بحذر : إنني آسف أيها الكافر أيضاً ، فإنني لا أرغب أن أعطي طعاماً لغير المؤمنين الصالحين!
شحب وجه دينار وقال بيأس وكأنه يعرف الجواب : أرجوك يا سيدي ، إنني أكاد أموت من الجوع!
أجاب الرجل وهو يشيح بوجهه : لايمكن أبداً حتى تؤمن بالله!
انصرف دينار حزيناً ، دون أن يظفر بلقمة واحدة !
في المساء رأى الرجل المؤمن في حلمه ملاكاً قال له : إن الله عاتب عليك جداً ، ويقول لك : أنت تفعل أموراً عجيبة اليوم ، ولم ترض أن تطعم ذلك العجوز الكافر لقمة واحدة حتى يؤمن ، مع أنني أطعمه منذ ثمانين عاماً .
دمشق : أحمد معاذ الخطيب الحسني