هذه الكلمات مهداة إلى الأجساد الممزقة وأشلاء الأطفال المبعثرة في غزة وقانا.
إلى أرواح شهدائنا الأطهار .
إلى مساجدنا ومنازلنا وجسورنا المدمرة ، وبلادنا المحترقة بقنابل اليهود والإدارة الأميركية البلهاء.
إلى دموع أمهاتنا الثكلى وزوجاتنا المترملات وأخواتنا الطاهرات الصابرات.
وإلى كل مجاهدي أمة الإسلام .
سيناء والجولان والضفة الغربية سقطت عام 1967 خلال أيام ، ولكن نفس الجيش الذي لا يقهر تكسرت أنيابه المتوحشة عند أقدام أول قرية في الجنوب الصامد.
فهنيئاً لكم ياحكام العرب بفضيحتكم وذلكم وجبنكم ، يامن محقتم شعوبكم وأخرستموها ، فلما طاش بعض الشباب الغيارى (لفرط ظلمكم) أمنتم لكل مخلص تهمة ، وملأتم السجون بأهل العزائم والجهاد .
هنيئاً لكم يامن نهبتم الشعوب وأبحتم أعراضها لذراريكم الفاجرة حتى ضجت من مخازيكم الأرض والسماء.
هنيئاً لكم مؤتمراتكم الوقحة وأحاديثكم الكاذبة وكل هراء الشجب والاستنكار وإدانة العدوان!
هنيئاً لكم تنعل أسيادكم لكم فعشتم عبيداً وستصيرون إلى ما هو أذل وأخزى يوم يأتي يوم الحساب.
هنيئاً لكم تكديس السلاح والعتاد ، وأيديكم أيدي الخونة التي ما كان لها إلا أن ترتعش يوم اللقاء.
هنيئاً لكم ألفُ ألفِ لعنة تنزل عليكم من عيون الأطفال التي جف فيها ماء الحياة ، وعلى كل من يطوف بقصوركم الدنسة في كل صباح ومساء.
هنيئاً لكم أصحاب العمائم المنافقة تسقون بعضكم كؤوس الكذب والرياء. وملايين الأيدي مرفوعة إلى السماء تدعو عليكم وعليهم بفناء عاجل ، دعوة مظلوم لايخيب له عند الله الرجاء.
آمل من الإخوة والأخوات الكرام قراءة مابين السطور ببصائرهم ، والتفكير الدقيق ، وبعدها فجزى الله خيراً كل من يهدي إليّ عيوبي !
وبعد : فإنني أكره أن أتكلم نصف ما اعتقده من الحق ، وقد سئلت مئات المرات عن موضوع شديد الحساسية ، ولست ممن يتتبع مدارس الهروب ، لذا كتبت ما أعتقده الصواب والله أعلم.
أولاً : إن من الخطير جداً أن يصبح التفسير الصهيوني للأمور هو المنطلق في التحليل ، وكثيرون رغم كل مافعلته إسرائيل لم يدركوا روح الظلم السارية في أعماقها ، ويمكن لأي مثقف عادي أن يراجع أي كتاب عن فلسفة إسرائيل للحياة ونظرتها إلى باقي الأمم والشعوب ليعلم أنه مهما طالت الزمان معها فإن سياستها في الهيمنة لايمكن أن تقف بها عند حد ، وأنه مهما تشدقت عن السلام فإنها تعني (وفقط تعني) أمنها الخاص وتمتعها بالسلم هي مهما اغتالت ودمرت وكادت لمن حولها وخربت كل شيء.
ثانياً : لقد تواطأ العالم كله على إبادة شعب فلسطين ، وكل الناس رأت كيف أن حكومة حماس التي اختارها الشعب قد تم تقديم غطاء دولي لمحقها بتدمير البنية التحتية بشكل شرس ثم اعتقال وزرائها ونوابها ، وذلك بعد التدمير والقصف والنسف والاعتقال والاغتيال ومصادرة الأراضي وتجريف المزارع وهدم الآبار .
ثالثاً : ليس الموضوع موضوع حركة مسلحة تقف في وجه إسرائيل ، بل المشكلة أن تلك الحركة إسلامية الراية ، وهناك قرار دولي بعدم السماح لأي طرف إسلامي بالوصول إلى الحكم مهما كلف الثمن ، وخصوصاً في دول الطوق ، لأن أي طرف إسلامي مهما كان مرناً وقدم تنازلات فإنه لن يكون على مستوى العمالة التي تطلبها إسرائيل .
رابعاً : هناك خشية دولية من أي انبعاث إسلامي ، لذا فإن هناك مخططات لم تعد خافية على أحد يراد منها تجزئة أي كيان قوي ، لأن تلك الكيانات ولو كانت مرتبطة بالسياسات العالمية ، فإنه يخشى من تحولها بطريقة ما إلى الإسلام ، وعندها فستصعب السيطرة عليها ، ومن الأفضل تجزئتها من الآن لإضعافها ، ثم إنهاكها بمشاكل لا تنتهي ، وبالتالي فهناك تقسيم فعلي للعراق ، وخطة لإنشاء كردستان الكبرى ، وقضم جزء من الباكستان وإيران لإنشاء دولة بلوشستان ، وهناك خطة لتقسيم السعودية وقضم أطرافها ، كما أن ما يجري في دارفور ومحاولة حشر قوات دولية بأية طريقة هو نموذج عملي ، لمخطط تفعله الدول الكبرى بالراحة لشطر السودان في النهاية إلى ثلاث دول ، مع إبقاء مناطق نزاع دائمة في كل مكان .
خامساً : لم يعد خافياً ولا سرياً أن الولايات المتحدة أعلنت نفسها رباً للعالم (أستغفر الله) وهي تتصرف على هذا الأساس ، وهي تريد احتلال العالم والهيمنة عليه إن لم يكن جغرافياً فاقتصاداً وسياسة ونفطاً وماء ، وثقافة وحضارة ومجتمعاً ، والكل سمع كونزاليسا رايس تتحدث مسرورة عن آلام لبنان وأنها آلام المخاض لولادة شرق أوسط جديد!
سادساً : إن اتفاق الدول على أمر ما لا يعني عدم وجود أهداف فرعية خاصة ، وعلى سبيل المثال ، فمن مصلحة الولايات المتحدة في العراق أن يحصل استقرار سياسي لتتمكن من إتمام النهب الذي جاءت من أجله ، بينما من المهم جداً لإسرائيل أن تبقي العراق في فتنة داخلية لا تنتهي ، لتكون هي المستشار ، واللاعب الأساسي ، رغم اتفاق الطرفين على تقسيم العراق ، وليس سراً أن المخابرات الإسرائيلية تعمل بجد لحرق الأخضر واليابس وإشعال الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة ، بطريق مباشر أو إيحائي ،وهناك من يجزم أن كثيراً من المذابح والتفجيرات التي تحصل يتم بعضها بتنفيذ مباشر من العملاء أو بالدعم الخلفي والاختراق التخطيطي والأمني.
سابعاً : رغم كل الانتقادات التي توجه إلى النظام السوري ، ورغم كل الأخطاء التي ارتكبها في لبنان ، فإنه كان عائقاً في وجه التغول الطائفي الذي تحاول إسرائيل تفعيله بكل الطرق ، والذي لم ينجح لحد الآن وفق ما تريد فقررت الدولة العبرية أن تتدخل في لبنان بشكل عسكري ومباشر لتحقيق ما تريد. .
ثامناً : ربما كان هناك قصور مخابراتي عند حزب الله جعله لا يدرك أن إسرائيل ستنتهز أول فرصة لتقوم بهجوم صاعق ومدمر ، متخذة من أية حركة يقوم بها الحزب ذريعة لتبرير ماتفعل أمام المجتمع الدولي ، ولكن هذا لا يلقي اللوم على حزب الله لعدة أسباب منها : أن هناك مأساة الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين والعرب والمسلمين في السجون الإسرائيلية وهذه مشكلة سياسية واجتماعية وإنسانية يجب أن تحل ، ثم إن ردة الفعل الإسرائيلية العنيفة توضح بجلاء أنها كانت تنتظر تلك الفرصة ولم تقم بها رداً على اختطاف الجنديين ، كما إن حزب الله قدم خدمة شرعية إلى حماس عندما خفف الضغط الماحق الذي كانت تقوم به الدولة العبرية في قطاع غزة والذي كان معرضاً لدمار مشابه لدمار الضاحية الجنوبية الآن ومقدمة لمحق حماس وأجهزتها الحكومية والتنظيمية.
تاسعاً : لقد قال الأمين العام لحزب الله إن إسرائيل كانت تعد لذلك الهجوم الماحق حوالي شهر تشرين الأول القادم ، وأكد الأمر القائد العام لحماس الأخ خالد مشعل، ومعنى هذا أن قصد حزب الله باختطاف الجنديين قد حقق أمراً آخر (وإن لم يكن بتخطيط حزب الله) وهو أنه أربك إسرائيل فجعلها تبدأ مشروعها دون استعداد كافٍ ، وهذا يوضحه تماماً مايجري حيث أن القصف العنيف هو تدمير أرعن ، ولم تستطع إسرائيل من خلال انقضاضها لا تدمير حزب الله ، ولا قتل روح المقاومة ، ولا إقناع أحد (بعدالة قضيتها) ، بل حركت طوفاناً في العالم العربي والإسلامي ضدها وضد الحكام العرب وضد الإدارة الأميركية وهو شيء ستظهر له آثار مستقبلية خطيرة قد نتكلم عنها لاحقاً.
عاشراً: لقد نجحت إسرائيل بالتدمير فقط ، ولكنها خسرت سياسياً ، وعسكرياً وإعلامياً ، وقد انهزمت بشكل مذل ، وخصوصاً أنها لا تقاتل جيشاً نظامياً ، بل مجموعات مسلحة مهما بلغت جاهزيتها فإنها محرومة تماماً من الغطاء الجوي ، والدعم اللوجستي ، ورغم ذلك فبعد ثلاثة أسابيع من الهجوم المتوحش والتواطئ الأميركي الإنكليزي على تقديم القنابل الذكية لم تستطع القوات الإسرائيلية أن تتقدم ولو بضعة كيلو مترات في الجنوب.
حادي عشر: لقد صرح المحللون أن مايقارب الأربعين بالمائة من طاقة حزب الله وإمكانياته سببها التدريب الفني والاستعداد العسكري ، ولكن ستين بالمائة يعود إلى المستوى الإيماني والروحي.
ثاني عشر: إن انكسار حزب الله هو مقدمة للإجهاز على حماس وبقية الفصائل الفلسطينية ، وبالتالي إضعاف أي كيان مقاوم ولو بالحدود الدنيا ، ونتيجة ذلك هو الاجتياح الكامل للمنطقة ، والذي أبسط آثاره هو الاحتلال العسكري ، أما مايتلوه من اجتياح ثقافي واجتماعي وحضاري فهو أخطر بكثير.
إن تقدير المصالح والمفاسد ليس سهلاً ، واختيار أقل المفسدتين قد يكون شاقاً وعسيراً ، وعلى سبيل المثال ( وبكل صراحة) فأهل العلم وكثير من المتدينين في سورية يعيشون تحت وطأة ليست بالقليلة ، وهناك جهات هوايتها التصنيف للمتدينين من أجل حد نشاطهم ، فمن كان من الإخوان المسلمين فيواجهه القانون 49 الذي يقضي بالإعدام (وحالياً تخفف إلى السجن) ، وحزب التحرير محظور ، أما جماعة الدعوة والتلبيغ التي تمنع كوادرها من الاشتغال بالسياسة فممنوعة ومضيق عليها ، ومن كانت لحيته طويلة قليلاً أو يلبس )كلابية( قصيرة فهناك خطورة أن يحشر في زمرة الوهابيين ، فإن كان لا يحضر الموالد أو يقاوم البدع فيشك في أنه موالٍ لتنظيم القاعدة .. والمسالمون من مجموعة داريا قضوا من أسابيع إلى سنوات في السجن لأنهم كنسوا الشارع وخرجوا بمظاهرة سلمية ترفع الآية الكريمة : إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وحتى موقع إسلام أون لاين فمن رابع المستحيلات الدخول إليه ، ولم يفهم أحد سبب الإصرار الشديد على حظره ، أما قناة الجزيرة فمشبوهة وعميلة رغم كل الهم الإسلامي الذي تحمله ، وذلك لأن فلاناً ( ..) .. قال لأحد العلماء ذلك فصار ذلك العالم يؤكد ويقرر ذلك سراً وجهراً ، كما أن هناك تفريغاً للدين وتدميراً لمرجعياته ، ومن أبسط أمثلته أن الجامع الأموي الذي كان لا يعين خطيبه إلا بأمر من السلطان العثماني ، أصبح ميداناً رحباً للوسائط ونهبة لأصحاب النفوذ حتى بلغ عدد خطبائه اليوم أربعة عشر خطيباً!!! (أي والله العظيم) بعضهم من العلماء الكبار ، وبعضهم ليس في العير ولا النفير إلا أن فلاناً من المسؤولين قد اصطفاه ، وإن كان على حساب المسجد وعراقته ومرجعيته ، ولكن يشترك الكل في أنه ليس لأحدهم صلاحية (إن اضطر للغياب) لتوكيل أحد زملائه الأربعة عشر الآخرين إلا أن يتصل بموظف صغير!!! هو الذي يقرر اسم الخطيب ! أفبعد هذا ذل واحتقار! وهل هذا الأمر إلا تحطيم للمرجعية الشرعية وتغييب لها.
ومنذ أشهر صدر قرار عن أحد الوزراء بمنع التسجيل في المعاهد الشرعية للمرحلة الإعدادية ، ولم يفهم أحد لماذا يسمح للسفارات أن تدرس مناهجها الخاصة ، ولماذا يسمح لمدارس أبناء المسؤولين أن تقرر ماتريد ، ولا يسمح للمعاهد الشرعية بالبقاء ، وقد وعدني أحد العلماء أن تحل الأمور خلال أسبوع واحد ، واليوم قد مضى شهر كامل ويومين ، ولا زلت أنتظر قبل أن أبق حصاة في فمي!
هناك أمور كثيرة ، ولن نسكت عنها ولكننا سنتابع حلها ضمن طرق مناسبة من الضغط الداخلي ، وتحريك الرأي العام وما يتيحه لنا القانون ، ولكننا (ومهما كانت الظروف) لن نسمح أبداً أن يكون ذلك على حساب وحدة البلاد وسلامتها ، ونرفض تماماً أن نستعين بقوة خارجية مهما كانت الأسباب.
ومن أجل ذلك لم نجد مناسباً أن يتحالف بعض الإسلاميين مع الأستاذ خدام رغم شعورنا الشديد بما يحملون من آلام وهموم ، ومعاناتهم مما مرت به الحركة الإسلامية في سورية من حيف ، وما فتح لشبابها من السجون وما شرد من خيرة الكفاءات ، إضافة إلى الإعدامات التي جرت في تدمر ، ومجازر حماة وغيرها! ولكن يبقى كل ذلك مؤجلاً ، والأستاذ خدام ليس له أي رصيد عملي تحتي ، وسوف يعتمد على دعم الولايات المتحدة والقوى الخارجية ، ورغم كل الملاحظات حول الحكم في سورية (ومهما كانت نية النظام) فيكفيه أنه حجر عثرة متعب في وجه الاجتياح الأميركي القادم ، وهو معيق لمخططات العولمة ، واستبداله الآن عن طريق الرضى بالتعامل مع النظام العالمي الجديد بداية احتلال ، وعلينا جميعاً أن لانسمح به ، وأن نقف مع النظام السوري في وجهه مهما كانت الظروف ، ولقد كانت قولتنا دائماً : رعي جمال ابن تاشفين ولا خنازير الأذفونش.
كما يستطيع النظام في سورية بآليات بسيطة أن يعيد كسب شعبه ، وأن يتجاوز الكثير من المآزق ، ويستطيع أن يفشل المخططات الأميركية والتوراتية في المنطقة ، وذلك بمزيد من الحريات والانفتاح على الشعب وإقصاء بعض العقليات الاستبدادية الستالينية التي تسيء إلى الجميع.
ومن تقدير المصالح والمفاسد أيضاً رفضنا القاطع للهجوم على برجي نيويورك ، رغم كل عسف الولايات المتحدة ، لأن في ذلك قتلاً للأبرياء وتشويهاً لصورة الإسلام وتنفيراً لشعوب الأرض منه!
وكما رفضنا ذلك رفضنا نقل الحرب إلى غير مكان الحرب ، وأعلنا أن الأنظمة غير الشعوب ، ولا يجوز إيذاء الشعوب (والتي هي مستضعفة وجاهلة بالإسلام) فرفضنا تفجيرات قطارات إسبانية ، وأنفاق المترو في لندن ، وكل مايشابهها ، لما يؤدي إليه ذلك من قتل للأبرياء ، وصد عن الدعوة إلى الله ، وإساءة إلى الأقليات المسلمة ، وزيادة الضغط عليها.
ولكن بمقابل ذلك قلنا ومازلنا نقول : إن كل جيش احتلال في بلاد المسلمين يجب أن يدمر أويزول.
ماسبق سقناه لشرح ما اعتقدناه من صواب في تفسير المفاسد والمصالح .
ونأتي الآن إلى مشكلة مستعصية : فهناك جسم شيعي ضخم وجسم سني كذلك يقادون بالغرائز الطائفية ، بحيث تختنق أي فرصة لحوار عاقل بعيد عن التشنج ويبتغي مد الجسور والبحث عن جذور المعضلات ، وإصلاح ذات البين! وقد كتب العلامة المودودي يوماً كتابه : الخلافة والملك ، كمدخل لبداية فهم مشترك ، وخط أستاذنا العلامة محمد الغزالي كتابه : دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين ، كما أن المفكر الكبير الدكتور علي شريعتي قد غاص إلى الأعماق محاولاً البحث عن علل النزاع … وكان لسماحة الشيخ مهدي شمس الدين رؤية شديدة الاتساع.
وبالمقابل فإن هناك خطراً مقبلاً علينا أن نخطط لنتجاوزه ، ويجب الحذر الشديد من إثارة الغرائز الطائفية تجاهه ، وهو مايراد من فتنة سنية شيعية ، والتركيز على موضوع الهلال الشيعي! وسنسأل الحكام الذين صرحوا به : لماذا بدأتم الكلام عن الهلال الشيعي؟ هل صدرت إليكم أوامر أميركية وإسرائيلية الآن ، وإذا كان الشيعة يعملون بحق لإنشاء هلال شيعي بالتعاون بين إيران وامتدادها العراقي ثم حلفها السوري ثم حزب الله في لبنان! فأين عملكم أنتم في بلادكم لإنشاء هلال وقمر وشمس سنية تملأ الدنيا هدى! أين عملكم وأنتم تحكمون البلاد والعباد ، لنقل إنكم تتاجرون ، وفقط تتاجرون بنا وبغرائزنا الطائفية ، وإلا فقد كان يجب عليكم من الناحية السياسية (وليس الشرعية فقط) أن تدعموا أبا مصعب الزرقاوي لأنه كان يريد الإجهاز على أي جسم شيعي يتواطأ مع المحتلين! (ملاحظة: استثنى الزرقاوي مدرسة الخالصي الشيعية من التهديد لأنها ضد الاحتلال الأميركي – ونحن نرفض طريقة تفكير الزرقاوي ، ولكننا ذكرناه كحجة على الحكام) وقد تم اعتقال أربعة نواب ذهبوا إلى عزاءه (ومهما كان تأييدهم له فقد لقي الرجل وجه ربه ولا شماتة في الموت) ولماذا يعفى جواسيس إسرائيل من العقوبات القانونية أو يطلق سراحهم ضمن فترات قصيرة ، وآلاف الدعاة والمجاهدين والمحترقين على بلادهم ملأتم بهم السجون ، وعلقتم لهم المشانق .
وقلت لأخ يغلي بالغيظ ضد الشيعة وإيران : لست أحب أن أعيش تحت وصاية إيرانية ولا هلال شيعي ، وعندي ملاحظات كثيرة على تصرف الدولة الإيرانية تجاه أهل السنة ، ومن ذلك أن طهران على جلالة قدرها ليس فيها لأهل السنة مسجد واحد (ذكر لنا ذلك كثير من الإخوة الذين زاروا طهران) وهناك مجموعات متعصبة تغتال كل فترة كل من يعارضها من أئمة السنة ، و عند البعض قومية فارسية اتخذت من الإسلام غطاء تتحرك به كما اتخذ بعض البعثيين الإسلام مطية يركبونها لمصالحهم ثم يحرقونه وأهله عندما لا يلين لهم ، إضافة إلى أنني لا أحب الطريقة المهينة التي عومل بها صديق والدي (آية الله المنتظري من عزله وإقصائه وإهانته وهو المنظر الأول للثورة الإسلامية في إيران) ….وغير ذلك كثير ..ولكني سأسألك بالله ، وأرجوك أن تجبني إجابة مخلص صادق : إن لم يكن هناك إلا خياران لا ثالث لهما : هلال شيعي تعيش في ظله أم نسر صليبي توراتي (أميركي – صهيوني) يظلل حياتك! فأيهما تختار؟ …
لايعني هذا الرضى بما تفعله بعض الميليشيات الحاقدة في أرض العراق من التصفية لأهل السنة ، بسبب أنها نشأت على ربط أهل السنة بصدام ، وصدام بكل آلام الشيعة المعاصرة ، وكما لايعني أن الرد يكون بمثل ذلك لأنها فتنة مخيفة إذا اشتعلت لايعلم إلا الله كيف تنطفئ! وإن الأخطاء التي ترتكب هنا وهناك لا يجوز جرها إلى كل مكان لتحرقه ، بل ينبغي أن نعمم التجربة الناجحة لتكون عامل إنهاء لكل التجارب السلبية.
وبالمناسبة فكل من يجاهد في وجه أعداء حقيقيين للأمة فإنه يكون أرحب أفقاً وأوسع صدراً ، ولا يستطيع أحد أن يذكر أن حزب الله اللبناني قد أيد مثل ذلك، بل إن الأمين العام قد طلب عدة مرات من السنة والشيعة الكف عن ذبح بعضهم لأن هذا عين ماتريده إسرائيل!
وفوق كل ذلك هناك تحويل ماكر أشغل به الحكام الناس عن حقيقة الوضع ، وسنقلب الأمور في وجههم و نسأل الحكام العرب : هل كل تلك الأسلحة التي تشترونها هي فقط لقمعنا (خلال الأيام الماضية عقدت دولة خليجية صفقة أسلحة مع الولايات المتحدة بما يزيد عن أربعة مليارات دولار!) أم هي لتعتدوا على بعضكم؟ حبذا لو أنكم تركتمونا بوجه اليهود في العراء إذاً لوفرتم على الأقل أموال الأمة المسلمة!
وإذا كان السلام هو خياركم الاستراتيجي ! فسنقول لكم : وماذا أعددتم لذلك الخيار، بلاداً منهوبة وشعوباً ذليلة محكومة بالحديد والنار ، ماذا أعددتم للخيار الإستراتيجي؟ والذي إن قبلنا به جدلاً (واعتبرنا أنه من العار الحضاري أن نتحدث عن المقاومة والجهاد والتحرير لأنها أدوات متخلفة عفا عليها الزمان ، ونحن في مرحلة الحوار و إثبات الوجود الحضاري ، وضمن منظومات راقية!) فسنجد أنكم لم تبنوا في بلادنا شيئاً ، وحكام إسرائيل يستحقون أن توضع لهم الأوسمة لأنهم مخلصون لبلادهم ، مازالوا بها حتى جعلوها قوة مركزية في المنطقة ، وبنوا فيها زراعة وصناعة واقتصاداً يضاهي أرقى ماتصنعه الدول الكبرى بل إن صناعاتهم الحربية بلغت من التطور مالا يمكنكم ياحكامنا أن تصنعوه ولوبقيتم فوق رؤوسنا ألف عام ، لأنكم مجرد دمى تحركها حبال ما صنعتها في ربوع بلادي يدان!
ومن أعجب ماسمعناه أن البعض قال بأن التوقيت غير مناسب ، ومتى التوقيت المناسب ، وقد حكمتم الأمة عقوداً بعد عقود ولم تنته نهمتكم للمناصب ، فلم تفعلوا شيئاً ، ومن أخبركم أنه قد بقيت لكم في نفوس الشعوب ذرة احترام ، ومن أخبركم أن لكم مرجعية أو شرعية في نفوس الناس ، ومامنكم أحد أتى إلى الحكم إلا بقوة الجيوش والدبابات والقرارات الدولية.
لقد قلب حزب الله الطاولة على الأنظمة العربية ، وسببت الحركة التي قام بها إيجابيات منها مايلي:
1- فضيحة الأنظمة بشكل لم يعد معه مكان للرتق أو الالتفاف (ستتآكل)
2- بعث الأمل بالتحرير والنصر بعد الهزائم الطويلة
3- تقريب الفصائل الإسلامية من بعضها
4- إشعار الأمة بالخطر الغائب وأنه يشملها جميعاً
5- إبراز أهمية البناء الإيماني في الثبات (وهو الأمر الذي عافى الله منه الأنظمة العربية)
6- توضيح أهمية الإعداد المسبق ، والبناء والعمل الطويل
7- تحطيم أسطورة البعبع الإسرائيلي والجيش الذي لا يقهر
8- تستطيع الأمة أن تحقق النصر السياسي والعسكري
9- الإعلام أداة أساسية في صراع الحياة
10- رفع معنويات الشعوب العربية والإسلامية
11- وضع الأمة أمام المكر العالمي والتواطئ الدولي.
12- كشف تقاطع الولاءات والمصالح بشكل ممتاز
وهناك أمور أخرى لا مجال للإفاضة فيها …. وحاشا لحزب الله وحاشا لحماس ، وحاشا لأي جسم جهادي مخلص أن يرضى بالآلام والعناء لأهل الأرض ، ولكنها ضريبة للحرية ، وباب للخلاص.
إن حزب الله في النهاية حزب إسلامي جهادي تقتضي المصلحة الشرعية مؤازرته (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) الأنفال 72.
وقد قرر كبار العلماء ذلك ومنهم على سبيل المثال : العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ، والعلامة القاضي فيصل المولوي ، وسماحة مفتي مصر الدكتور علي جمعة ، واتحاد علماء المسلمين ، وكثير من الهيئات الشرعية … ولقد شهد التاريخ مواقف مؤلمة ظن البعض فيها أنه ينتصر للحق فترك أخاه في وجه العدو فخسر الجميع ، ومادول الطوائف في الأندلس عنا ببعيدة : (إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ..) الأنفال 72.
وينبغي العلم أن هناك ضغوطاً شديدة ستمارس على حزب الله ثم حماس ، وتقدير المصلحة فيها ليس بالأمر الهين ، وليس من أحد إلا ويبحث عن الاستقرار المستقل ، والسلم الذي ليس معه ذل ، والتعامل الحر الذي لا يفرض من الدول الكبرى بل يحقق المصالح الشرعية والوطنية.
لذا فإن دعم الإخوة الذين يسدون الثغور (سنة كانوا أم شيعة) ليس مباحاً فقط بل واجباً ، سواء كان دعماً بشرياً أم مادياً أم معنوياً ، كما أن الدعاء لهم بالنصر من أوجب الواجبات ، ولا أحد يقول أن دعمك أيها المسلم السني لأخ لك مجاهد شيعي سيغير عقيدتك وينسف مذهبك ، وأخوك الشيعي إن نصرك فكذلك ، ولو أن كافراً ظالما عدا على كافر مظلوم لوجبت عليك نصرة المظلوم ، فكيف بمن يقول لا إله إلا الله ..وحلف الفضول الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام أنه لودعي له في الإسلام لأجاب ، لم يكن لنصرة مسلم على غير مسلم ، بل هو لنصرة المظلوم ولو كان مشركاً … فكيف بمن يقول لا إله إلا الله ، محمد رسول الله … وفوقها هو مظلوم.
وهناك أربعة أسئلة أخرى: الأول : نقل عن بعض العلماء قوله أنه إذا قال له الله يوم القيامة : لماذا لم تجاهد؟ فإنه سيقول له إن السيد حسن نصر الله قد جاهد عنه! فما القول في هذا الكلام؟
– إن هذا الكلام مرفوض ويوحي بالضعف والفكر الجبري ، ولوطالب هذا العالم بالحرية للشعوب المسلمة وعمل لإقصاء الظالمين في الأرض ، لقدمت الأمة نماذج رفيعة من القادة والمجاهدين .. بل إنها أقدر في جو الحرية على إخراج القادة الفكريين وصناع الحياة القادرين على هزيمة أعتى دول الأرض لا بالسلاح وحده (إذا صار عاراً حمله للمستضعفين) بل بالقوة الحضارية والفعل المدني ، والتقدم المعرفي ، الذي عوفيت منه أمة العرب بفضل قادتها الأجلاء ، وأخشى أن يفهم البعض أنه إذا كان ذلك العالم على جلالة قدره لا يستطيع الجهاد فكلكم أيها التلاميذ الضعفاء عاجزون فلا تفكروا في الجهاد! …. ولا فيما أقل منه بكثير.
السؤال الثاني : نقل عن بعض العلماء قوله : أنه كان يقول للناس من قبل أن لايخرجوا على الحكام إلا أن يروا كفراً بواحاً! والآن حصل ماهو أعظم من الكفر البواح لذا فإنه يطلب من الشعوب أن تخرج على حكامها! فما الموقف من ذلك!
الجواب : هذه فتوى عجولة وخطيرة وغير منضبطة ، فهل يقصد جميع بلاد العرب والمسلمين أم بعضها ، فليحدد لنا البلاد التي يطلب فيها من الشعوب أن تثور على حكامها ، والبلاد التي يجب فيها على الشعوب أن تُقبِّل يد حكامها … كنت أود لو أن هذا العالم لم يطلق مثل تلك الفتاوى غير المنضبطة ، ووددت لو أنه طالب الحكام جميعاً بفتح أبواب الحرية في بلادهم ، وإعطاء البشر حقوقهم في الاجتماع والكلام والتعبير ورفع حالات الاعتقال التعسفي والمحاكم الاستثنائية ، وإلغاء قوانين الطوارئ وغيرها لكان أجدى .
السؤال الثالث : هل يجوز أن نقول عمن يموت من حزب الله أنهم شهداء (بالمعنى الشرعي)
الجواب : عقيدة أهل السنة والجماعة أننا لا نحكم لأحد بجنة أونار إلا من شهد له الله ورسوله بذلك ، ولكن الإنسان يشهد بما يعرف ، وقد قال الهادي عليه الصلاة والسلام أن الجنة قد وجبت لمن أثنى الناس عليه خيراً ، وقال: إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ، وظننا فيمن يموت من حزب الله أنهم من الشهداء (بإذن الله) والله أعلم بهم ولا نزكي على الله أحداً ، ومن قتل دون دينه أو دون نفسه أودون ماله فهو شهيد .
السؤال الرابع : هناك من منع من الدعاء لحزب الله بالنصر لا نحرافهم ، فما الرأي في ذلك؟
الجواب : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه به وأمثاله … والذي لم يجعل مفاتيح الجنان بين يديه.
ولونطق أحد أولئك المجاهدين لقال له تأدباً :
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب
من كان يخضب جيده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب .
وقليل الكلام يغني عن كثيره.
اللهم نصرك الذي وعدت لعبادك المؤمنين ، ممن سمعت منهم أنات الليل وتسابيح النهار وقعقعة الحديد في سبيلك .
اللهم نصرك لمن أحب أن يموت من أجلك … إعزازاً لراية لا إله إلا الله وإرغاماً لمن كفر بك..
اللهم آمين
وظيفة لكل الإخوة والأخوات : القنوت في الصلوات والدعاء للمجاهدين وخصوصاً في صلاة الفجر
إضافة إلى توزيع خمس نسخ على الأقل من دعاء لأهل الثغور (انظروا : منائر في الدرب : تذكرة)
من المواد الجديدة في موقعنا
منائر على الدرب : تذكرة :دعاء لأهل الثغور
ركن الدعوة : مقتطفات من غياث الأمم للجويني (2)
حديث الصور : نعمة النظام العالمي الجديد