“لايمكن لصورة قبيحة أن توحي بالخيال الجميل، فإن لمنظرها القبيح في النفس خيالاً أقبح، والمجتمع الذي ينطوي على صور قبيحة، لابد أن يظهر أثر هذه الصور في أفكاره، وأعماله، ومساعيه … فبالذوق الجميل الذي ينطبع فيه فكر الفرد، يجد الإنسان في نفسه نزوعاً نحو الإحسان في العمل، وتوخياً للكريم من العادات”[1].
عندما يُغَيَّب الهدى عن عباد الله ، وتصبح حتى رفرفات الأرواح التواقة إلى السداد والهدى أسيرة الظُلمة، فإن كل أثر صالح سوف يحيي موات أمة ويبعث العزائم بعد طول ضياع وسُبات.
ومن ألزم اللوازم إعادة إحياء العناصر الجمالية في تفكير المسلمين، فأكثرهم يستهلك وبسرعة مذهلة، معظم الرصيد الجمالي للأمة عبر نزوع بعضهم إلى الفكر الدموي، أو الخشبي، أو النفاقي، أو الرضى بالذوبان، وبعضهم يعيش الإسلام شكلاً سلوكياً متوحشاً لم ينزع منه حس الجمال فقط، بل نزعت منه كل وشائج الرحمة والإنسانية.
حُدثت عن داعية! قدم ديارنا من بلاد بعيدة، لكنه بري الطباع همجي التفكير كان يبحث عن طبيب مسلم لعلاج زوجته المريضة، فلما أخبره بعض الإخوة بوجود طبيبة حاذقة، رفض الذهاب إليها، وأصر على أن عمل المرأة حرام، ولن يعين هو على معصية!.
ومنتسب آخر إلى الدعوة يحس الإنسان من كلامه ومنطقه أنه يحمل فكراً أقرب إلى التوحش منه إلى المدنية، تزوج من فتاة صالحة فكان يصفعها على خدها فتنقلب من يمين الغرفة إلى يسراها، لعنف اللطمة التي تلقتها.
وآخرون يحملون فكراً تكفيرياً مغرقاً في البدائية (يزعمون الانتساب إلى أهل السنة والجماعة) ذبحوا من الجماعات السنية في العراق مالم يقتله الشيعة ولا الأميركان، وقتلوا بفتاوى أئمة لا تزيد أعمارهم عن العشرين خيرة الدعاة بل والمجاهدين، وانطبق عليهم حقاً ماقاله أحد العلماء يوماً من أن البعض يلتحق بعصابة إسلامية لأنه لم يجد عصابة قطاع طرق يلتحق بها.
وهناك أصحاب عمائم لم يؤثر عنهم ذكر الحق مرة، وكأنهم عاهدوا الشيطان أن يكونوا لكل طاغوت سدنة ولكل فرعون أعوان، فما تسمع منهم إلا الثناء الممجوج والمديح المقزز، والتبرير المتهالك لكل ما يقوم به أولياء نعمتهم من الظالمين!
وقد شاهدت مسجداً جميلاً أبدعته يد مهندسين مهرة، ثم شوهته منارتان بدائيتان خرجتا به عن كل وقار معماري، وعاتبت مسؤولاً يعمل في الآثار، على ذلك القبح الذي أفسد جمال لا المسجد فقط! بل جمال المدينة كلها، وأهدر كل ذوق! فهز رأسه بأسى، وقال: إن الشيخ الذي يتحكم في المسجد رأى أن هاتين المنارتين وبهذا التصميم البدائي المتنافر هو أنسب مايمكن، ووضع كل ثقله في الموضوع فما استطاعت المحافظة ولا الأوقاف والآثار أن تتدخل في الموضوع!
وبحثت مرة عن كتيب لتعليم الأطفال الصلاة فوجدت كتيباً بطباعة رديئة، وصور الطفل وهو يتوضأ في مكان أشبه بمخيم للاجئين، وقد سترت بعض الحاجات بقطعة قماش لم تقدر على إخفاء كل عيوب المكان ففرت بعض الأغراض مطلة برأسها من جهة اليمين واليسار! معلنة أن انعدام الإحساس بالجمال هو الرائد والموجه.
أحب أن أقف قليلاً عند مهرجان للنشيد الإسلامي عقد في دمشق، لم يذكر فيه المقدم كلمة الإسلام ولا مرة واحدة مستخدماً كلمة (الإنشاد الديني) ولعل هناك حكمة رآها الأخ المقدم وخفيت على كل عباد الله، ثم افتتح المهرجان وكان أول المنشدين الأستاذ منذر السرميني (أبو الجود) فأبدع فيما أنشد، وحلق ثم حلق فنقل الحضور إلى عالم أخاذ ومزج الفكر بالعاطفة ومد جسر السلوك لينهل من صفاء الإيمان، وأنطق قلوبنا بالاعتذار من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما ذكره من رفيع شمائله ثم عظيم تقصيرنا في حقه عليه الصلاة والسلام… فجزاه الله كل خير ..
ثم … بدأ الديسكو الإسلامي! (وأستغفر الله) .. ورأيت وسمعت مالم أره وأسمعه قط .. وقلت لعالم جالس بجانبي .. إنني ممن يتبع رأي العلامة القرضاوي والغزالي المعاصر والقديم وابن حزم في إباحة أنواع من الموسيقا … (وخصوصاً إذا كانت لغايات نبيلة ونظيفة) .. ولكن هذا الديسكو شيء لا أعتقد أنه مقبول في أي مذهب، ثم تركت الحفل وخرجت .. (وقيل لي أنه بعد عدة فقرات من الديسكو رجع الأمر إلى نصابه …).
عدت إلى منزلي وسألت نفسي: لماذا ينشغل أساتذتنا وعلماؤنا في المساجد والمعاهد الشرعية بتحريم أو تأكيد الكراهة الشديدة للموسيقا، ثم نرى أنفسنا حضوراً في ديسكو كامل تهون معه كثير من (الفيديو كليبات الفضائية) … وقد داعبت (وكلي حزن) أحد العلماء الحاضرين، وقلت له: هذه فتوى قاطعة في جواز حضور الديسكو .. وانظر إلى العمائم الموجودة! (من باب الأمانة فقد ذكر لي أن العديد منهم قد انسحب لاحقاً).
لم يكن الأمر موضوعاً فقهياً فقط، بل الأمر أخطر بكثير.. فهو ذوبان للهوية، واستدراج للنشوز في الفكر والتصور والأداء، واستنساخ مشوه لقيم فنية غريبة .. وأعلم أن عند البعض ملاحظات على أعمال الفنان المسلم الموهوب سامي يوسف، ولكنه باختصار استخدم الموسيقا ليوصل رسالة إسلامية، وأعتقد انه قد نجح في هذا نجاحاً لا يخفى، ولكن الديسكو (الإسلامي) المعاصر جعل الهمجية والتوحش الفني يركبان عنق الإسلام، ثم الهدف البعيد هو محو الجمالية الخاصة بكل حضارة وثقافة، وطمس خصوصية الفن، لتعميم النموذج الغربي المشوه، وللعلم فإن الطبقات المثقفة والمحبة للجمال لا تذهب إلى الديسكو في المجتمعات حتى الغربية، بل تتمع بالأعمال ذات البعد الجمالي الفلسفي .. من بحيرة البجع وحتى عزف البيانو ووصولاً إلى العزف المنفرد وموسيقا الحجرة.
استمع إلى الموسيقا الهندية فترى أن عليها بصمة وروح الثقافة الهندية مهما غرقت في الموسيقا الغربية، واستمع إلى نشيد (Si Ji) البوسني (وقد وضعناه في قسم دوحة النشيد في الموقع كنموذج فني للإطلاع)، والذي تنشده فرقة أوركسترا كاملة ستحس بالفرق بين من يوظف الموسيقا لخدمة الثقافة والهوية، وبين من يتاجر بكل شيء، وتغيب عنه آفاق الذوبان ومكر الزحف الثقافي الغريب.
الأمر أكبر من حكم فقهي محدود، بل هو جزء من محاكمات حضارية .. وأبعاد جمالية، وطريقة تفكير وانتماء.
عندما يحرم المسلم من الحس الجمالي فلا بد أنه قد ارتكب خطأ شنيعاً بحق الإسلام، ولا يعني الإحساس الجمالي الذوبان بكل مايطرح باسم الفن أو الجمال، وعلى المسلم أن يكون ذا إدراك وتذوق بحيث يقرأ الجمال في كل صعيد، وفي نفس الوقت ذا حس نقدي، يجعله يدرك المفارقات والتباينات والوظائف والخلفية لكل عمل، فيقبله أو يرفضه لا ليبوسة في طباعة أو جهل منه بالمدارس الجمالية، بل لوضوح الوظيفة الجمالية وخصوصيتها الإسلامية والشرعية، والتي لا يمنع من أن تتلاقى أو تفترق مع الأنماط المطروحة، ولكن تبقى لها رسالتها ودورها الخاص والمتميز.
“هناك على الخصوص صلة بين المبدأ الأخلاقي وذوق الجمال ، تكون في الواقع علاقة عضوية ذات أهمية اجتماعية كبيرة، إذ أنها تحدد طابع الثقافة كله، واتجاه الحضارة حينما تضع هذا الطابع الخاص على أسلوب الحياة في المجتمع، وعلى سلوك الأفراد فيه”[2] .
وقد كان أحد كبار الدعاة يصر على أن تزين كل اجتماع باقة من الورود تعيد التذكير بضرورة العنصر الجمالي، وأن ينعكس الإحساس به في كل موقف وقرار.
ويذكر عن إقبال أنه قال: “إن طريق معرفة الحق في المذاهب والفلسفات والأديان والثقافات والحضارات هو أن تنظر إلى نموذج الإنسان الذي أنتجه هذا الدين أو الثقافة”.
وبالتالي فإن كل تصرف يقوم به الفرد إنما يَثبُتُ به حق أو يرتفع به باطل … تماماً مثل المشاركة في الانتخابات فإن صوتاً واحداً قد يقلب الحق باطلاً والباطل حقاً .. وقد يعين على طاعة أو معصية! وحقيقة الجمال أن تعرف متى تضع صوتك ومتى تحجبه ..
صعوبة إدراك الجمال أنه قيمة مطلقة ونسبية في نفس الوقت، وإدراك معادلاته لايأتي إلا من خلال علم ومشاهدة ومجاهدة وتذوق، وقد يهيم الخيال برجل فلا يتذوق موقف سعيد بن جبير رحمه الله في وجه الحجاج، مع أنه ذروة مشهودة من ذرى الجمال الإيماني البديع والأخاذ.
وقد تغيب عن العجول الأعماق الجمالية في موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث يقول: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً … أو منهجيته العظيمة: رحم الله امرأ أهدى إليَّ عيوبي .. وقد يخطر ببال الجبان أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحتى الجهاد في سبيل الله شيء لاينبغي أن يقوم به المعاصرون، ويطوي بذلك جمالية عظيمة حُفت بهذا الدين لا تظهر إلا على أيدي نبلاء الأمة، ومازال كثيرون يقرؤون حرفية الخطاب والموقف .. دون تمعن في مايحفه من جمالية ويقترن به من وظائف! وقد سمعت من المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري أنه كان عنده رجلان من الدعاة، وكانوا يستمعون إلى الأخبار ثم خرج برنامج للمصارعة الحرة، فقال المسيري لهما: هل تظنان أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام كان سيسر بذلك؟ فقالا: لا! فقال: ولم؟ فقالا: لأنهما يلبسان سراويل قصيرة!!
إن كل التوحش الذي تنطوي عليه تلك الرياضة العنيفة لم يستدع منهما النظر إلى الموضوع كمنكر إنساني وحضاري وأخلاقي، ونظرا إلى أصغر جزئية في الموضوع …
ومصطفى العقاد ذلك المخرج الفذ لم يدرك الإسلاميون ماذا كان يصنع للأمة! بل أجهزوا عليه في انفجار أرعن … ولم يدركوا أنه بعمليه الرائعين: الرسالة (والذي لايزال غير مفهوم سبب منعه في بعض الدول العربية التي تزعم العلمانية!) وعمله الفذ الآخر:عمر المختار، قد مد بساط الإسلام إلى نفوس الملايين، وقد قرأت عن أخت بريطانية أسلمت والتزمت بالإسلام بعد رؤيتها لعرض الرسالة! [بالمناسبة النسخة العربية أضعف فنياً بكثير من النسخة الإنكليزية! فهل هناك تعاهد على أن يبقى كل شيء يصدر من قبل العرب محفوفاً بقلة الإتقان].
لقد بسط العقاد جمالية الإسلام وعناصر الثبات والقوة والسمو فيه بشكل مازال أغلبنا لايدرك عميق آثاره، وأظن أن المال الذي أنفق على بعض العمليات الرعناء، وفي التفجيرات التي آذت المسلمين في الأرض أكثر مما آذت غيرهم، لو أنفق ذلك المال على مثل مايفعل العقاد لأثمرت مداً للإسلام لا يمكن حسره عن نفوس البشر.
كل البؤس الذي تعيشه الأمة وكل المكر الذي يحيط بنا ليس سبباً بحال لأن ندمر حس الجمال فينا، ونحن عندما نتحرك في الأرض فإننا نزرع الجمال في كل مفصل ونهز بإيماننا أقسى القلوب، أما كان واحد الصحابة يستقبل الموت بركعتين، ولا يمنعه القدوم على الموت من أن يعلن عظمة الإيمان الذي يحمله، وسموه فوق الطغيان والأوثان والفراعين.
وذلك الداعية الذي حكم عليه بالإعدام، ولف حبل المشنقة على عنقه، فكان الحبل مهترئاً فلم يقو على حمل الداعية وانقطع، فابتسم الداعية للموت القادم وقال لجلاديه: ما أردأ الحبال التي تشنقوننا فيها، إنكم لا تتقنون شيئاً في الحياة، حتى في لف الحبال حول أعناقنا.
لقد أبى إحساسه بجمالية الإتقان أن يغادر الدنيا دون أن يسطر فيها فضيحة للظالمين، تري الناس كلهم هبوط أذواقهم وقلة إتقانهم وحرمانهم من نعمة الذوق والجمال.
إن حب الجمال في الحياة يفترض أن يعانق كل ذرة فينا، وعلينا أن نأخذ منه بالحظ الأوفى؛ فالمُشاهد أن أغلب الانحرافات تأتي ممن حرم نعمة تذوقه ، فهو قمة التناغم والتوافق والتألق والعطاء، و”إن الله جميل يحب الجمال”[3]، وعلى هذا فالإيمان هو ذروة الجمال، والكفر هو غاية القبح، وتذوق الجمال الإيماني مدعاة لكل بر ومعروف، وفي ديننا يعلمنا الرسول r أن “كل معروف صدقة”[4]، وهذا يمتد فيشمل حتى الحيوان البهيم فـ”بينما كلب يطيف بركية ، كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل ؛ فنزعت موقها فسقته ، فغُفِر لها به”[5].
يشير قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[6] إلى منهجية دعوية لابد من اعتمادها لصيانة البلاغ المبين وتقوم على تعليم المدعو القراءة من آيات الآفاق والأنفس ، وتذوق جمالية الخلق، وهو ماسوف يعطيه توازناً بين المناهج الثلاثة العقلية والعاطفية والحسية، ويؤدي إلى تواجد رصيد إيماني يمنع من الذوبان والتآكل.
“إن المعرفة تأتي من التفكير (ومن أدام الفكرة كان له بكل شيء عبرة) ، وحولنا الكثير من الآيات والنعم التي يجب أن نتدبرها ، فلنفكر بها ولنترك أرواحنا تنال حظها من غذائها ؛ وقد كنت يوماً مع بعض الإخوة في الغابة ، وكانت زقزقات الطيور ساحرة، وفجأة قال أحد الإخوة: إن الله تعالى يقول في القرآن الكريم: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)[7] ؛ وإذا تابعنا الكلام فلن نستطيع سماع وفهم تسبيح باقي الكائنات! وبدأنا نصغي باهتمام ؛ لقد كان أمراً أخَّاذاً وبدأت أرواحنا تصغي وتتفاعل مع تلك اللغات العلوية المذهلة.
إنه ليس ضرورياً الذهاب إلى مكان بعيد من أجل التفكر والتعلم ؛ فإن الله تعالى يقول: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)[8].
الآيات من حولنا كثيرة جداً ، يمكن أن نسمعها ونحسها ونراها؛ في ماء الجدول الرقراق، وفي تسبيحات الطيور؛ وفي ابتسامات الأطفال الرائعة؛ وعناق الأشجار الملتفة؛ في أجنحة الفراشات المرفرفة، وفي أعماق نفوسنا ؛ سنحس بعظمة الله ، وتشهد كل ذرة من كياننا أنه لا إله إلا الله.
إن ذلك التفكر سوف يؤدي إلى زيادة الإيمان، ولنقرأ معاً هذه الآيات التي حملت من الإيمانيات مالا تحيط بجميعه المعاني البشرية المحدودة: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ(60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(64))[9] .
من التفكر العميق والإيمان الصافي ستنبعث العبادة الصادقة ، والتي ستمد الإنسان بالمزيد من التفكر والإيمان”[10].
من جمال المنهج إدراك اختلاف طبائع المجتمعات البشرية وثقافاتها وعاداتها، والمنهج الجامع في العلاقة معها هو قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[11]، وفي كل مجتمع روابط ثقافية واجتماعية، يحافظ الأفراد والجماعات من خلالها على هوية خاصة .
ويلاحظ أنه “لم يأخذ أكثر فقهائنا عالمية الإسلام بعين الاعتبار -محددا منهاجياً- في تنظيرهم الفقهي لعلاقة المسلمين بغيرهم ، بل عبروا عن نوع من الانطواء على الذات لايتناسب مع خصائص الرسالة الخاتمة والأمة المخرجة الشاهدة، كما حدث نوع من التركيز على المحيط الجغرافي والاجتماعي بدرجة قد توحي إلى البعض بارتباط الإسلام بذلك المحيط الذي بلغه في فترة انتشاره الأولى”[12]. وفي بعض الأحيان تتصادم بعض تلك العادات والأبنية الثقافية والإجتماعية مع السلوكيات والتعاليم الشرعية ، والمشكلة أن الحلول المطروحة بعضها صدامي لدرجة أنه كفيل بإغلاق الأبواب في وجه الإسلام، ويحسن التعامل مع تلك الأوضاع الثقافية بالصبر والاستيعاب ماأمكن، مع غض النظر مؤقتاً عن بعضها، ريثما تستدرك اختلالات أعظم، ببنائها يصبح من الميسور تغيير سلبيات كثيرة.
يقول المفكر الأستاذ عبد الكريم بكار: “وحدثني أحد الدعاة في ماليزية ؛ أنه قرأ نحواً من مئتي كتاب حول الثقافة الصينية حتى يُكَوِّن خلفية تمكنه من دعوة الصينيين إلى الإسلام بنجاح”[13]، فكلما اتسعت المعرفة بني جمال المنهج والطريق بشكل أشد إحكاماً، والأمة التي يقول لها نبيها r : “لا تمنعوا إماء الله مساجد الله”[14] عندما ضاع التذوق الجمالي عند بعض أبنائها خرج منها في الولايات المتحدة الأميركية طالب مسلم “هدد أنه إذا وجد امرأة في المسجد فسوف يلقيها في الشارع ، وأما هؤلاء النسوة الجدد فقد سئمن المحاولة للصلاة في المركز [الإسلامي] بعد أن سببت محاولتهن تلك نقاشاً وجدالاً عنيفين، وهكذا فقد امتنعن عن أداء الصلوات في المساجد ، وسرعان ماعادت الجالية إلى طبيعتها ، ولكن حسب علمي لم تبق ولا واحدة من أولئك النسوة على إسلامها اليوم”[15]!
إن بعض الدعاة لايفهمون ثقافة الأمم التي يريدون الدعوة فيها ولذلك يخفقون ، ويكفي توجيهاً في هذا المقام قوله r : “ياعائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أُخرج منه وألزقته بالأرض”[16].
في مقابل ذلك المثال النافر عن جماليات الدعوة وآفاقها نجد المثال التالي: ذكر الإمام عبد القادر القرشي في كتاب الجواهر المضية في تراجم الحنفية ؛ في ترجمة فاطمة بنت محمد بن أحمد السمرقندية، بنت الإمام السمرقندي صاحب تحفة الفقهاء، وزوجة الإمام علاء الدين الكاساني صاحب بدائع الصنائع، أنها تفقهت بأبيها، “وأن الفتوى كانت تخرج من البيت وعليها خطها وخط أبيها ، ولما تزوجت بالكاساني صارت الفتوى تخرج من بيتها وعليها خطها وخط أبيها ، وخط زوجها ، وأن زوجها ربما كان يَهِمُ فترده إلى الصواب ، وتعرفه وجه الخطأ ، فيرجع إلى قولها.
وقال [القرشي] أيضاً : وقد بلغنا عن بلاد ماوراء النهر [شمال إيران الحالية، والتي كانت كلها على مذهب أهل السنة والجماعة] أنه في الغالب لاتخرج فتوى من بيت [عالم ] إلا وعليها خط صاحب البيت وابنته أو امرأته أو أخته”[17].
ولا يخفى التدهور الحاصل بين الفهم الشرعي الواسع، والفهم المعاصر الضيق الذي يكاد يستل من الإسلام عافيته بتخشبه وبدائيته وحرفيته.
من تأمل كلام الإمام الغزالي علم إلى أي حد وصل التعصب الذي غطى جمال الإسلام على كل صعيد، بحيث دعا رجلاً مثل الغزالي (وهو من أئمة الأشاعرة) إلى أن ينعى على كل متعصب طريقه: “فإن زعم [صاحبك] أن حد الكفر مايخالف مذهب الأشعري أومذهب المعتزلي أو مذهب الحنبلي ، أو غيرهم ؛ فاعلم أنه غِرٌ بليد ، قد قيده التقليد ، فهو أعمى من العميان ، فلا تضيع بإصلاحه الزمان …. ولعلك إن أنصفت علمت أن من جعل الحق وقفاً على واحد من النظار بعينه ، فهو إلى الكفر والتناقض أقرب ، أما الكفر فلأنه نزَّلَه منزلة المعصوم من الزلل الذي لايثبت الإيمان إلا بموافقته ، ولا يلزم الكفر إلا بمخالفته …. “[18].
لعل من أكبر الأزمات غياب البعد الأخلاقي والذي هو ثمرة لضعف الإحساس بجمال الإسلام بمعناه الواسع، فتؤدي آفات القلوب إلى نتائج لا تخطر على بال، فإن المتصدي لهداية الخلق ربما نسي نفسه ، وصار يظن أنه يداويهم وهو عليل ، وقد تتعسر الأمور فينسب تعسرها إلى فساد الناس ، وينسى أن يفتش عما في قلبه ، وربما ظن لآفات فيه أنه من أهل الطريق، وماشم بعدُ رائحتها، ومن أعظم العيوب أولئك الدعاة الذين تخلو حياتهم من الذكر والاستغفار والابتهال والتضرع والافتقار، فلا تحس معهم إلا بأنك تخاطب جذوع أشجار قد جف فيها ماء الحياة. وإن “العلم كالغيث ينزل من السماء ، حلوا صافيا ، فتشربه الأشجار بعروقها ، فتحوله على قدر طعومها، فيزداد المر مرارة والحلو حلاوة”[19].
ومن أعظم الآفات التكبر، وقد قال تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)[20] ، والتكبر ينقسم إلى باطن وظاهر: ” فالباطن هو خلق في النفس، والظاهر هو أعمال تصدر عن الجوارح … وآفته عظيمة، وغائلته هائلة، وفيه يهلك الخواص من الخلق)[21]، “ومن اعتقد جزما ، أنه فوق أحد من عباد الله فقد أحبط بجهله جميع عمله”[22].
وقال تعالى في كتابه العظيم: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ)[23]، قال “الحسن وقتادة: نيته”[24] ، ويؤكد الإمام الجيلاني على الإصلاح القلبي: “اشتغل بطهارة قلبك أولاً فإنه فريضة ثم تعرض للمعرفة . إذا ضيعت الأصل لايقبل منك الإشتغال بالفرع ؛ لاتنفع طهارة الجوارح مع نجاسة القلب. طهر جوارحك بالسنة وقلبك بالعمل بالقرآن؛ احفظ قلبك حتى تنحفظ جوارحك. كل إناء ينضح بما فيه”[25].
ومن لم يعلم أثر التكبر في الدعوة فلدينا مثال صريح ذكره الإمام السبكي: “فمن القبائح أن بلادنا ملأى من علماء الإسلام، ولا نرى فيها ذمياً دعاه إلى الإسلام مناظرة عالم من علمائنا، بل إنما يسلم من يسلم إما لأمر من الله تعالى، لامدخل لأحد فيه، أو لغرض دنيوي، ثم ليت من يسلم من هؤلاء يرى فقيهاً يمسكه ويحدثه ويعرفه دين الإسلام، لينشرح صدره لما دخل فيه؛ بل –والله- يتركونه هَمَلاً لايُدرى ماباطنه: هل هو كما يُظهر من الإسلام، أو كما كان عليه من الكفر؟ لأنهم لم يُروه من الآيات والبراهين مايشرح صدره”[26].
وقطع الإمام الغزالي شوطاً أوسع في تقدير الظرف الذي تعيشه الأمم من خلال غيابنا عن الساحة فقال: “وأنا أقول: إن الرحمة تشمل كثيراً من الأمم السالفة ، وإن كان أكثرهم يعرضون على النار، إما عرضة خفيفة حتى في لحظة أو ساعة، وإما في مدة حتى يطلق عليهم بعث النار، بل أقول: إن أكثر نصارى الروم والترك في هذا الزمان تشملهم الرحمة إن شاء الله تعالى؛ أعني الذين هم في أقاصي الروم والترك، ولم تبلغهم الدعوة …. “[27]، وكثير من أهل الأرض الآن لا يقلون جهلاً عن أسلافهم، بل إن الإعلام المعاصر زاد جهلهم بالإسلام، ومايقترفه المسلمون بحق دينهم من الإساءات والتقصير يزيد الأمم بعداً وضلالاً، بل كما يذكر الغزالي المعاصر أن عديدين منا أصبحوا وثائق إدانة للإسلام.
وللإمام ابن تيمية نص ذهبي يجب تدارسه بعمق من قبل الدعاة، وهو نص يحيط بمسألة التعليم والدعوة والهداية من جوانب عديدة تظهر جماليات الفقه، وسعة الشريعة، وسبيل الداعية والعالم حيث يقول رحمه الله: “التائب من الذنوب والمتعلم والمسترشد ، لايمكن في أول الأمر أن يؤمر بجميع الدين ويذكر له جميع العلم ، فإنه لايطيق ذلك ، وإذا لم يُطقه لم يكن واجباً عليه في هذه الحال ، وإذا لم يكن واجباً لم يكن للعالم أو الأمير أن يوجبه جميعه ابتداءً ، بل يعفو عن الأمر والنهي بما لايمكن علمه وعمله إلى وقت الإمكان ، كما عفا الرسول عما عفا عنه إلى وقت بيانه ، ولا يكون ذلك من باب إقرار المحرمات وترك الأمر بالواجبات ، لأن الوجوب والتحريم مشروط بإمكان العلم والعمل ، وقد فرضنا انتفاء هذا الشرط ، فتدبر هذا الأصل فإنه نافع. ومن هنا يتبين سقوط كثير من هذه الأشياء وإن كانت واجبة أو محرمة في الأصل ؛ لعدم إمكان البلاغ الذي تقوم به حجة الله في الوجوب أوالتحريم ، فإن العجز مسقط للأمروالنهي وإن كان واجباً في الأصل ، والله أعلم”[28].
كل عمل نقوم به يثبت جمال الإيمان ويبعث الاعتقاد الحق، أو ينأى بالبشرية كلها عن الطريق، وصياغة بديع الزمان لذلك المفهوم جد صريحة: “إن سيئة واحدة إذا ألقاها واحد منا في ساحة هذا الوجود، يوشك أن تصبح بعد سنوات من الزمن جريمة لاتنسب إلى فرد معين ولاتنحصر في شخص، بل تنصبغ بها ملايين من النفوس الإسلامية، وستكشف لكم الأيام والأعوام القادمة عن أمثلة كثيرة لصدق هذه الحقيقة )[29]، والأصل في كل ذلك (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرو شراً يره)[30]. وليس لنا طريق سوى المنهج الذي أمر به الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)[31]، وبه وحده نكمل نقص أهل الأرض من إيماننا ، ونهديهم الصراط المستقيم.
[1] – مالك بن نبي، شروط النهضة (مشكلات الحضارة)، ترجمة عمر كامل مسقاوي/عبد الصبور شاهين، دمشق، دار الفكر، 1399هـ/1979م، 91.
[2] – مالك بن نبي، شروط النهضة، مرجع سابق، 100-101.
[3] – يحيى بن شرف النووي ، شرح صحيح مسلم ، مرجع سابق ،كتاب الإيمان ، باب تحريم الكبر ، 172.
[4] – ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري ، مرجع سابق ، كتاب الأدب (78) ، باب كل معروف صدقة (33) ، الحديث (6021) ، 10 ، 462.
[5]- ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري ، المرجع نفسه ، كتاب أحاديث الأنبياء (60) ، باب (54) ، الحديث (3467) ، 6، 591.
[6] – فصلت ، 53.
[7] – الإسراء ، 44.
[8] – الذاريات ، 21.
[9] – النمل ، 60-64.
[10] – بتصرف من محاضرة حول: كيف يعيش المسلم في مجتمع غير مسلم ؛ ألقاها الكاتب في جامعة مدينة نايميخن Nijmegen الهولاندية بدعوة من إتحاد الطلبة المسلمين ؛ بتاريخ الخميس 21 نيسان 2005م.
[11] – الحجرات ، 13.
[12] – طه جابر العلواني ، المجلة العلمية للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث ، العددان الرابع والخامس ، حزيران 2004م/ربيع الثاني 1425هـ ، دبلن ، إيرلندا ، 56.
[13] – عبد الكريم بكار ، مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي (الجزء الثالث من سلسلة المسلمون بين التحدي والمواجهة) ، دمشق-بيروت/دار القلم- الدار الشامية ، 1420هـ/1999م ، 55.
[14] – ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري ، مرجع سابق ، كتاب الجمعة (11)، باب (13) ، الحديث (900) ، 2 ،444.
[15] – جيفري لانغ ، حتى الملائكة تسأل ، المرجع نفسه ، ص 299.
[16] – ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، مرجع سابق، كتاب الحج (25)، باب فضل مكة وبنيانها (42) ، (1586) ،3، 514.
[17] – صالح يوسف معتوق ، جهود المرأة في رواية الحديث (القرن الثامن الهجري) ، بيروت ، دار البشائر الإسلامية ، 1418هـ/1997م ، 10.
[18] – محمدالغزالي (أبو حامد) ، (505هـ/1111م) ، فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ، حققه : محمود بيجو ، دمشق ، 1413هـ/ 1993م ، ص 19-23.
[19] – صالح أحمد الشامي ، المهذب من إحياء علوم الدين ، دمشق ، دار القلم / بيروت ، الدار الشامية ، 1413هـ/1993م ،2 ، 205.
[20] – الأعراف ، 146.
[21] – صالح أحمد الشامي ، المهذب من إحياء علوم الدين ، المرجع نفسه ، 202 ، 205- 206.
[22] – صالح أحمد الشامي ، المهذب من إحياء علوم الدين ، المرجع نفسه ، 2 ، 206.
[23] – الإسراء ، 84.
[24] – محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، ط2 ، القاهرة ، دار الكتب المصرية ، 1359هـ/1940م، 10 ، 322.
[25] – عبد القادر الجيلاني ، الفتح الرباني ، مرجع سابق ، 207.
[26] – عبد الوهاب ، تاج الدين السبكي (771هـ) ، معيد النعم ومبيد النقم ، حققه وضبطه : محمد علي النجار ، أبو زيد شلبي ، محمد أبو العيون ، القاهرة ، الناشر: جماعة الأزهر للنشر والتأليف ، دار الكتاب العربي ، (1367هـ/1948م) ، ص 76.
[27] – محمد الغزالي ، أبي حامد ، فيصل التفرقة ، مرجع سابق ، 84.
[28] – أحمد بن تيمية ، مجموع الفتاوى ، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ، الرباط ، المكتب التعليمي السعودي بالمغرب ، دت ، 20 ، 60.
[29] – سعيد النورسي (بديع الزمان) ، الخطبة الشامية (سلسلة رسائل النور) ، ترجمة محمد سعيد رمضان البوطي ، دم ، دن ،
دت، 21. [وقد ألقى النورسي خطبته الشهيرة أثناء زيارته لدمشق عام 1911م]
[30] – الزلزلة ، 7-8.
[31] – سورة الأنبياء ، 107.